الولايات المتحدة – من أوروبا إلى الولايات المتحدة يثور عمال في عديد البلدان الصناعية والمتقدمة مطالبين بما يقولون إنها حقوق مالية ومعيشية؛ بالتزامن مع ارتفاع نسب التضخم والمخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.

في اليوم العالمي للعمال الموافق الأول من مايو/أيار من كل عام، تعد الأناضول تقريرا مجمعا عن أبرز الاحتجاجات العمالية في عديد الدول خاصة أوروبا والولايات المتحدة.

الولايات المتحدة

امس الأربعاء، يخوض سائقو خدمات النقل والتوصيل في العديد من الولايات الأمريكية إضرابا وطنيا، للمطالبة بأجور عادلة وحماية إلغاء تنشيط التطبيقات.

وجاء في تعهد الإضراب الذي حصلت الأناضول على نسخة منه: “في جميع أنحاء البلاد ترتفع تكاليف المعيشة، ويرى السائقون أموالاً أقل وأقل من كل رحلة.. لقد سئمنا رؤية المديرين التنفيذيين في وادي السليكون يصبحون مليونيرات بفضل عملنا الشاق”.

ومن المقرر تنظيم مظاهرات وإضرابات في مدن الولايات الكبرى ومنها نيويورك وشيكاغو وأورلاندو وأتلانتا وهارتفورد وتامبا، والتي سيتم تنظيمها من قبل “العدالة لعمال التطبيقات” The Justice for App Workers، وهو تحالف يمثل أكثر من 130 ألف سائق.

وفي العام 2023 شرعت النقابات العمالية الأمريكية في أكبر عدد من الإضرابات منذ 23 عاما، حيث طالبت بزيادة كبيرة في الأجور والمزايا، وظروف عمل أفضل لأعضائها.

وقال مكتب الإحصاءات عمل التابع لوزارة العمل في فبراير/شباط الماضي، إن العام 2023 شهد 33 توقفا كبيرا عن العمل، وهو أكبر عدد منذ عام 2000.

كذلك، أعلن سائقو القطارات في 16 شركة سكك حديدية في 24 أبريل/نيسان الماضي، إضرابات بين 7 و9 مايو/أيار الجاري؛ ومن المرجح أن يؤدي هذا الإجراء إلى إلغاء وتأخير وانقطاع الخدمات.

وتسعى نقابة سائقي القطارات إلى الحصول على أجور أفضل لأعضائها؛ وتقول إنه يُطلب من السائقين التضحية بظروف العمل مقابل زيادة الأجور.

النقل في أوروبا

أصبحت الإضرابات أمراً متكرر الحدوث في العديد من الدول، حيث يرفض الموظفون الاستمرار في أعمالهم قبل الحصول على أجور وظروف عمل أفضل.

وفي قطاع النقل الأكثر تأثرا في أوروبا، شهدت ألمانيا خلال العام 2024 إضرابات هي امتداد للعشرات في 2023، والتي تسببت بإلغاء الرحلات الجوية والقطارات وفوضى السفر.

وفي المملكة المتحدة، بدأ موظفون في مطار هيثرو إضرابات عمل اعتبارا من 29 أبريل الماضي وحتى 2 مايو الجاري بسبب خطط لتسريح موظفين.

ويستعد المطار كذلك لإضراب آخر لمدة أسبوع في مايو، حيث سينضم للإضراب نحو 800 موظف في مختلف الإدارات، خلال الفترة من 7 إلى 13 مايو، وقد يتسبب في اضطراب خطير.

كذلك، طالب عمال مترو أنفاق لندن بحظر العمل الإضافي من 29 أبريل إلى 5 مايو 2024، مما قد يتسبب في إغلاق جزئي للمحطات.

وفي ألمانيا، تأثر الملايين بسبب إضراب موظفي شركتي “دويتشه بان” و”لوفتهانزا” للمطالبة بزيادة الأجور في وقت سابق من مارس/آذار الماضي، مما تسبب في اضطرابات كبيرة في السفر.

وهذا هو الإضراب الخامس في نزاع الأجور المستمر منذ أشهر بين نقابة السائقين وشركة السكك الحديدية “دويتشه بان” إذ يطالب موظفوها بأجور أعلى؛ ومثلهم موظفو شركة الطيران الوطنية لوفتهانزا .

وفي فرانكفورت أكثر المطارات ازدحاما في ألمانيا، أعلنت شركة “فرابورت” المشغلة، إلغاء 650 رحلة من أصل 1750 رحلة مقررة بتاريخ 7 مارس.

وفي بلجيكا، سيضرب موظفو مطار شارلروا لمدة 24 ساعة خلال الأسبوع الجاري، ما قد يتسبب بتعطيل كبير في حركة الطيران من وإلى ثاني أكبر مطار في البلاد.

وأكدت نقابة العاملين في المطار لوكالة أنباء بلجيكا أن بعض الموظفين في المطار (جنوب البلاد) سيتوقفون عن العمل لمدة 24 ساعة في 2 مايو.

وكانت النقابة قدمت بالفعل إشعارا بالإضراب لخدمات الأمتعة والمطاعم في وقت سابق من أبريل الماضي.

وتتصاعد التوترات الاجتماعية بمطار شارلروا؛ إذ قدم الموظفون مرارا شكاوى بشأن مضايقات المديرين ومطالبات بحقوق عمالية.

كذلك، شهدت كل من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا واليونان إضرابات متقطعة خلال العام الجاري، للمطالبة بزيادات أجور وتأمينات عمالية، امتدادا لموجة احتجاجات غير مسبوقة شهدتها تلك الدول في 2023.

والخميس الماضي، ألغيت مئات الرحلات الجوية في فرنسا، بسبب إضراب هدد به مراقبو الحركة في ذات اليوم، قبل أن يتراجعوا عنه.

وفي باريس، تم إلغاء حوالي 75 بالمئة من الرحلات الجوية في أورلي، و55 بالمئة في مطار شارل ديغول الخميس الماضي، بحسب ما أعلنت هيئة الطيران المدني لشركات الطيران.

وأضافت أنه تم أيضا إلغاء حوالي 65 بالمئة من الخدمات في مطار مرسيليا و45 بالمئة في أماكن أخرى في فرنسا، رغم تراجع النقابة عن إضرابها في اللحظات الأخيرة.

مزارعو أوروبا

خلال الربع الأول من العام 2024، شهدت عدة دول أوروبية من إيطاليا إلى فرنسا ثم ألمانيا وصولا إلى بولندا وهولندا وبلجيكا، احتجاجات للمزارعين، للمطالبة بتنفيذ “حقوق مالية ومعيشية، ووقف سياسة الإغراق بالمنتجات الأوكرانية الرخيصة”.

المظاهرات، شارك فيها مئات آلاف المزارعين، واتخذت أشكالا أبرزها إعاقة الحياة الطبيعية في مراكز المدن، مثل باريس وبرلين، وبروكسل، كتأخير حركة المرور وعرقلة التواصل بين المدن الرئيسة.

وتتشابه مطالب المزارعين في غالبية هذه البلدان، أبرزها، دعوة الحكومة لمساعدتهم بتحسين أوضاعهم المعيشية، وتنفيذ إعفاءات ضريبية على المحاصيل المحلية، وفرض ضرائب على المحاصيل المستوردة.

وكانت السلع الزراعية القادمة من أوكرانيا، إحدى أبرز أسباب نزول المزارعين إلى الشوارع، إذ أدت الواردات رخيصة الثمن إلى إغراق أسواق التكتل الأوروبي على حساب المنتج المحلي.

وفي فرنسا، احتج عشرات آلاف المزارعين في العاصمة باريس وأمام المباني الحكومية في أكثر من مرة، بسبب إغراق السوق المحلية بالمنتجات الزراعية المستوردة، والتوجه إلى خفض الدعم الموجه للمزارعين.

وخلال الاحتجاجات التي بلغت ذروتها في فبراير، أغلقت الجرارات الزراعية شوارع رئيسة في باريس، وألقى مزارعون فضلات الحيوانات وأسمدة كيماوية أمام مقار حكومية.

وفي بلجيكا، أغلق مزارعون الطرق بالجرارات وأحرقوا إطارات فارغة، لتحقيق ذات المطالب المرتبطة بتسهيلات وحوافز ومنع الإغراق، وهو ما تحقق جزئيا اعتبارا من مارس.

بينما قام مزارعون من ألمانيا وإيطاليا واليونان بإلقاء البيض على مقرات البرلمان الأوروبي، وإشعال النيران، حتى أنها أطاحت بتمثال جون كوكيريل، رجل الصناعة البريطاني في القرن التاسع عشر.

 

الأناضول

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

العيديات في الأردن…فرحة تتراجع تحت ضغوطات معيشية.

حنين البطوش
استشارية نفسية أسرية وتربوية

لم تكن العيدية في بيتنا مجرد ورقة نقدية تُمنح في صباح العيد، بل كانت طقسًا دافئًا يقرّب القلوب، يربط الأجيال، ويزرع الفرح في النفوس، وعلامة حب واهتمام، كان أبي رحمه الله، يردّد دائمًا: “العيدية مش بس مصاري، هي تذكير إننا مع بعض، إننا عيلة، وإن الفرحة بتكبر لما نشاركها” ،كان يمنحنا إياها وهمس الدعاء يرافقها، وكأنها رسالة محبة تُقال بلا كلمات، كانت العيدية طريقته في وصل ما انقطع، في أن يُشعرنا صغارًا كنّا أو كبارًا، أننا جزء من الحكاية، من الفرح، من العائلة، لم يكن ينتظر مقابلًا، يكفيه تلك النظرة البريئة، وذلك الامتنان العفوي، ليشعر بأن العيد أتى فعلًا، أما اليوم غابت العيدية عن كثير من البيوت، ومعها غاب طيف تلك اللحظة التي كان فيها العطاء أداة للمحبة لا للمظاهر، وغابت تلك اللحظات الحماسية التي كانت تميز صباحات العيد.

يشهد تقليد العيديات تراجعًا ملحوظًا في قيمتها وانتشارها، الأمر الذي يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا الخفوت اللافت للتقليد الجميل؟ وكيف أثّر هذا التغيّر على سلوك الأسر الأردنية وطريقة احتفالها بالعيد؟؟

الأسعار ترتفع، والرواتب كما هي، والهموم تتراكم بين فواتير السكن والكهرباء والمدارس، في ظل هذا الغلاء المستمر، أصبحت العيدية عبئًا إضافيًا على ميزانية مثقلة أصلًا، لم تعد تلك الورقة النقدية الصغيرة رمزًا للفرح فقط، بل تحولت في نظر الكثيرين إلى نوع من الرفاهية المؤجلة، خيار يُؤجل لصالح الضروريات التي تستهلك معظم دخل الأسرة، ومع ضيق الحال تقلّصت العيدية أو اختفت من بعض البيوت، في مشهد يعكس تأثير الواقع الاقتصادي القاسي على تقاليد كانت يومًا ما من الثوابت.

مقالات ذات صلة الاغتراب العشقي: التيه بيني وبيني . 2025/04/02

ارتفاع البطالة وخاصة بين الشباب و أرباب الأسر، جعل من العيديات رفاهية لا يقدر عليها الكثيرون، فالعيد لم يعد كما كان، والفرح بات يحسب بالحساب، يتقلص أمام الضروريات، هذا التغيّر في المشهد لا ينبع من تغيّر في القيم، بل من واقع اقتصادي ضاغط، جعل من تقليد جميل مثل العيدية شيئًا يُؤجَّل لصالح البقاء والاحتياجات الأساسية.

وفي ظل هذا التحوّل، وجدت الأسر الكبيرة نفسها أمام تحدٍّ من نوع آخر، عدد الأطفال بات يشكّل عبئًا ماليًا يجعل من تقديم مبالغ مجزية أمرًا صعبًا، فيلجأ الكثيرون إلى تقليص القيمة أو توزيع مبالغ رمزية، لا لشيء سوى لمجاراة الظروف، دون أن يغيب عنهم الهدف الأهم: زرع الفرح في قلوب الصغار، ولو بوسائل أبسط.

لم تعد المناسبات تُستقبل بفرح خالص، بل يُرافقها دائمًا حساب دقيق لما يمكن إنفاقه، وما ينبغي تأجيله، كانت العيدية يومًا ما، رمزًا للكرم والبذل في أيام الفرح، لكنها الآن تقف على مفترق الطرق بين الرغبة في إدخال السرور على قلوب الأطفال، والخوف من المستقبل المجهول، فالخوف والقلق من طارئ صحي، أو أزمة معيشية، أو حتى فقدان مصدر الدخل، جعل الأسر تتبنى سلوكًا أكثر تحفظًا، الادخار أصبح أولوية، والإنفاق على ما يُعد “كماليات” بات مؤجلًا أو مُقلصًا، والعيدية – للأسف – أصبحت من ضمن هذه الكماليات التي تراجع حضورها تحت ظل هذا الترقب الثقيل لمجهول اقتصادي يُخيّم على الكثير من البيوت.

لقد فرضت التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي نفسها بقوة على تفاصيل حياتنا، حتى في طريقة احتفالنا بالأعياد، وأثرت بشكل واضح على تقاليد متجذرة كالعيديات، فقد أدى الاعتماد المتزايد على الرسائل النصية، والمكالمات، ومقاطع التهنئة الرقمية إلى تراجع الزيارات العائلية، التي كانت تمثل فرصة رئيسية لتبادل العيديات بين الأهل والأقارب، التكنولوجيا غيّرت كل شيء، العيد لم يعد كما نعرفه، حتى الأطفال، حين يأتون يبدون منشغلين بشاشاتهم، لا يلتفتون كثيرًا للمغلفات الصغيرة، بعضهم ينتظر “بطاقة شحن”، أو اشتراكًا في لعبة إلكترونية، الهدايا صارت رقمية، والعيديات تحوّلت إلى رموز تُرسل عبر تطبيقات الدفع.

في الحقيقة صلة الأرحام لا تقتصر على العيديات أو التهاني السريعة، بل تتجلى في الحضور، في المواساة عند الحزن، وفي المشاركة بالفرح، زيارة مريض، حضور جنازة، مواساة في مصاب، كلها صور من صور الوصل الصادق، الذي يُشعر الآخر أنه ليس وحده، وأن بين القلوب خيطًا لا تقطعه الخصومات ولا تُضعفه المسافات.

كم من الناس اليوم يحرم نفسه من أجرٍ عظيم لأنه ينتظر أن يُزار قبل أن يزور، أو أن يُقدَّم له المعروف قبل أن يقدّمه؟ ننسى أن الأصل في الصلة هو المبادرة، وأن الأجر في التغافل والتجاوز، لا في العتاب والانتظار، وقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بوضوح حين قال: “ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قُطعت رحمه وصلها”، ولذا في زمن كثرت فيه الانشغالات، أصبح من أعظم القربات أن نصل من قطعنا، وأن نتجاوز عن الزلل، ونمدّ يد الوصل، ولو بكلمة، ولو بخطوة، فهكذا نُحيي القلوب، ونقتدي بأخلاق من علّمنا أن الإحسان لا يُقابَل بالمثل، بل يُمنَح خالصًا لله تعالى.

مقالات مشابهة

  • عبارات للاب في عيد العمال
  • بسبب غرينلاند.. فرنسا باتت تخشى على أقاليمها الخارجية من مطالبات الولايات المتحدة
  • النقد الدولي: نناشد الولايات المتحدة وشركائها العمل على حل التوترات التجارية
  • 120 ألف عامل يشاركون في احتفالات العيد
  • الصين تدعو الولايات المتحدة إلى إلغاء الرسوم الجمركية الجديدة
  • بشرى سارة | كيفية انضمام العمالة غير المنتظمة لمنظومة وزارة العمل.. تفاصيل
  • طالب وناشط مؤيد لفلسطين في جامعة كورنيل يغادر الولايات المتحدة بعد إلغاء تأشيرته
  • الفنان سامح حسين يوضح حقيقة طلبه إلغاء الإجازات بعد الهجوم عليه
  • العيديات في الأردن…فرحة تتراجع تحت ضغوطات معيشية.
  • اتحاد العمال: الوعي السياسي للمصريين أقوى سلاح لمواجهة أعداء الوطن