لعل من الدروس المهمة التي يمكن تعلمها من تجربة الثورة الفلسطينية المعاصرة، هو درس خطأ طرح الحلول لتسوية الصراع. وهو درس مهم جدا لتعلمه، والإفادة من عدم تكرار الخطأ بحلل جديدة.
بدأت الضغوط تتراكم على قيادة فتح منذ تسلمت قيادة م.ت.ف، وكانت في منطلقاتها قد أكدت على تحرير فلسطين كل فلسطين، باعتماد استراتيجية الكفاح المسلح.
تمثلت الضغوط من قِبَل نخب فلسطينية مهاجرة في الغرب، بضرورة التقدّم بحلّ إنساني وأخلاقي للصراع بعد التحرير، ابتعادا عن تهمة "رمي اليهود في البحر". وذلك لكسب الرأي العام الغربي، وإحداث اختراق في الكيان الصهيوني نفسه.
وبالفعل نجحت الاستجابة لهذه الضغوط، بالإعلان عن أن الحلّ الذي تتبناه فتح هو "إقامة دولة ديمقراطية علمانية يتساوى فيها المسلمون والمسيحيون واليهود"، طبعا بعد إنجاز التحرير، وتفكيك الكيان الصهيوني، بكل مؤسساته العسكرية و"الدولتية"، والسياسية والاقتصادية.
المرحلية تحوّلت إلى تنازل خطير من جانبنا، عندما رفع شعار إقامة دولة على قطاع غزة والضفة الغربية وشرق القدس، والذي حلّ عمليا مكان أولوية دحر الاحتلال من دون قيد أو شرط، أي أولوية تحرير الأراضي التي احتلت عام 1967، وصدرت قرارات دولية بعدم شرعية الاحتلال والاستيطان فيها
وما أن أعلن عن هذا الحلّ، حتى قوبِل بالترحيب على نطاق واسع، خاصة من بعض مثقفي الغرب، حتى من قِبَل بعض الأحزاب والدول، ولكن دام هذا "البرنامج" أو "مشروع الحل" أقل من سنتين، حتى انهالت الضغوط، من حيث كونه "غير عملي"، و"غير واقعي".
هنا بدأ يتدخل بعض اليسار والسوفييت للتقدّم بحلّ مرحلي، يتضمن تحويل الهدف إلى إقامة سلطة فلسطينية (دولة) على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967. وكان هذا التنازل الثاني، بعد التنازل الذي حمله برنامج "الدولة الديمقراطية العلمانية"، الذي قدّم تنازلا غير مرئي: وهو مساواة المستوطنين غير الشرعيين بالمسلمين والمسيحيين في فلسطين، ومن جانب واحد، جانبنا، فيما القيادة الصهيونية والغرب صفقوا لهذه المساواة المجانية، من دون أن يقابلها اعتراف صهيوني بأن المسلمين والمسيحيين متساوون مع اليهود في فلسطين. (انتبه إلى البُعد المجاني في التنازل من جانبنا، حتى نكون "إنسانيين" و"أخلاقيين"، فيما نتعاطى مع غزاة، استولوا على فلسطين، بدعم حِراب الاستعمار البريطاني، واقتلعوا ثلثي الشعب، واستولوا وحلوا فوق 78 في المئة من فلسطين، يعني أعطيت "شرعية" لمستوطنين غير شرعيين).
أما التنازل الثاني، فالقبول باقتسام فلسطين، وبإجحافٍ صارخ، كما إعطاء شرعية للوجود غير الشرعي للكيان الصهيوني الذي قام بالقوة، وبمخالفة صارخة للقانون الدولي، ولميثاق هيئة الأمم، وذلك حين قررت الجمعية العامة تقرير مصير فلسطين الذي هو حق حصري للشعب الفلسطيني، وفقا للقانون الدولي.
على أن هذه المرحلية تحوّلت إلى تنازل خطير من جانبنا، عندما رفع شعار إقامة دولة على قطاع غزة والضفة الغربية وشرق القدس، والذي حلّ عمليا مكان أولوية دحر الاحتلال من دون قيد أو شرط، أي أولوية تحرير الأراضي التي احتلت عام 1967، وصدرت قرارات دولية بعدم شرعية الاحتلال والاستيطان فيها.
هذا الحل المرحلي تغطّى في بداية طرحه بأنه لا يعني الاعتراف بالكيان الصهيوني، وإنما كما لفلفه بعض "اليسار" أنه مثل تحرير فيتنام، الذي بدأ أولا بدولة في الشمال، وأخرى في الجنوب بعد معركة ديان بيان فو 1954، ثم حُرّر الجنوب 1975. ولكن الجنوب هنا كان انقسام شعب واحد في فيتنام، أما في فلسطين، فعندنا كيان صهيوني يريد التهام كل فلسطين، وطرد كل أهلها، أو أغلبيتهم منها.
كان المقصود الأول من القبول بحلّ الدولتين، أو مطالبة الفلسطينيين بدولة وفقا لقرار التقسيم، أو وفقا لقرار حدود حزيران/ يونيو 1967، هو الإقرار واقعيا أو من حيث المبدأ بتقسيم فلسطين، من حيث إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس
المشكلة الجوهرية كانت بعد إقامة الكيان الصهيوني بالقوة، وهي إصباغ شرعية حقه بالوجود، والاعتراف به؛ لأن فرضه بالقوّة، أو بالاعتماد على قرار التقسيم رقم 181لعام 1967، لا يعطيانه الشرعية، التي يملكها الشعب الفلسطيني وحده، وفقا للقانون الدولي.
لهذا كان المقصود الأول من القبول بحلّ الدولتين، أو مطالبة الفلسطينيين بدولة وفقا لقرار التقسيم، أو وفقا لقرار حدود حزيران/ يونيو 1967، هو الإقرار واقعيا أو من حيث المبدأ بتقسيم فلسطين، من حيث إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس.
هنا ارتكبت قيادة م.ت.ف (فتح أساسا) ولا سيما من خلال قرار المجلس الوطني 1988 في الجزائر، خطأها الفادح، وتفريطها الفاضح لثابت الحق الفلسطيني بكل فلسطين، وحق تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.
وكان ذلك خطأ وتفريطا لو جاء مقابل إعطاء دولة فعلا، فكيف إذا جاء مجانا، بل من خلال تنازل بلا مقابل واقعي، فيما الكيان الصهيوني، وبدعم غربي ودولي، يعمل على تنفيذ مشروعه، بالاستيلاء على كل فلسطين، وتهويدها، واقتلاع أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين منها.
والأنكى أن هذا القرار تحوّل إلى أولوية، فيما كانت الأولوية هي تحرير الأرض من الاحتلال والاستيطان (دحر الاحتلال، وتفكيك المستوطنات، بلا قيد أو شرط) كخطوة راهنة على أرض الصراع، كما هو مفروض واقعيا من 1967 إلى اليوم، وذلك على طريق تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وإبقاء الكيان الصهيوني فاقدا لشرعية حق الوجود، والوجود نفسه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية الصهيونية فلسطين حل الدولتين الصهيونية منظمة التحرير مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد رياضة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی إقامة دولة وفقا لقرار کل فلسطین من حیث
إقرأ أيضاً:
محافظ البيضاء يفتتح معرض صور جرائم العدو الصهيوني ضد الطفولة في فلسطين ولبنان
الثورة نت| محمد المشخر
افتتح محافظ البيضاء عبدالله علي إدريس، اليوم، معرض الصور والمجسمات الخاص بجرائم العدو-الصهيوني والإسرائيلي ضد أطفال فلسطين ولبنان، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل الذي يصادف الـ20 نوفمبر من كل عام للعام 2024م،وتحت شعار “أطفال غزة ولبنان واليمن حقوق منتهكة وحياة مسلوبة””طفل اليوم رجل الغد”
وخلال الإفتتاح أستمع المحافظ إدريس، ومعه وكيل وزارة الإدارة والتنمية المحلية والريفية أحمد محمد الشوتري ووكيل المحافظة عبدالله الجمالي من مديره روضة الحياة للأطفال بمدينة البيضاء منى العزاني، إلى شرح حول محتويات المعرض من لوحات فنية وصور فوتوغرافية ومجسمات عن جرائم العدو -الصهيوني والإسرائيلي ضد أطفال غزة ولبنان واليمن، وكذلك دول العدو الصهيوني وأدواته في قتل الأطفال وتشريد الألاف من أبناء فلسطين و لبنان واليمن وتدمير مقدراته إضافة إلى صور وبيانات تبين حجم الدمار الذي طال البنية التحتية والمنشآت التعليمية في مختلف المحافظات..
ويجسد المعرض معاناة أطفال وتعرضهم للقصف والتدمير بمختلف أنواع الأسلحة التي طالت الأطفال وكل المدنيين الأبرياء واستهدفت البنية التحتية في فلسطين ولبنان واليمن.
وخلال الإفتتاح أشار محافظ البيضاء، إلى أهمية المعرض ودور الصورة في توثيق جرائم العدو-الصهيوني والإسرائيلي ضد أطفال غزة ولبنان واليمن، وكذلك تحالف دول العدوان السعودي ضد الطفولة الذي اهلك الحرث والنسل وراح ضحيته الألاف من أبناء الشعبين الفلسطيني و اللبناني معظمهم من الأطفال والنساء.
وهناء، الأطفال بمناسبة اليوم العالمي للطفل الذي يصادف الـ20 نوفمبر من كل عام.
وأبدى، إعجابه بمستوى الإعداد والتنظيم للمعرض الذي يوثق جرائم العدوان ضد الطفولة في فلسطين ولبنان واليمن..مندداً باستمرار العدوان الامريكي والبريطاني الغاشم على أطفال
واضاف، إلى أن المعرض يحمل رسالة للمجتمع الدولي و يوثق للأجيال القادمة الجرائم الوحشية التي ارتكبها و يرتكبها النظام الصهيوني والأمريكية والبريطاني بحق أطفال الفلسطيني و اللبناني واليمني، معبره عن واقع الطفولة في فلسطين ولبنان واليمن وتجسيد المعاناة والألم من العدو -الصهيوني والإسرائيلي والعدوان الغاشم على فلسطين ولبنان واليمن.
وأكد محافظ البيضاء، اهتمام قيادة المحافظة بالأطفال والحرص على رعايتهم والتخفيف من معاناتهم نتيجة استمرار العدوان الامريكي والبريطاني والحصار الجائر.. مشيداً بجهود إدارة روضة الحياة النموذجية للأطفال بمدينة البيضاء في تنظيم هذا المعرض وكل من ساهم في دعمها وشارك في هذه الفعالية الهامة.