كلمة السيد القائد الأسبوعية “جرعة وعي ومحرك تغيير”
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
علي أحمد جاحز
الجزء الأول
مقدمة:
تتسارع مؤخرا ومع دخول المائة يوم الثالثة من طوفان الأقصى الذي انطلق من غزة، وتيرة التسارع والتتابع للمتغيرات المتجددة في المنطقة الناتجة عن الطوفان وما تلقيه من ظلال على مسار الأحداث والمواقف والرأي العام العالمي، بل وعلى إحداث زلزال داخل بنية الوعي الجمعي في مساحة واسعة من العالم.
وليس ثمة خلاف حول فاعلية الموقف اليمني المساند لغزة وتصاعده وتطور أساليبه وما نتج وينتج عنه من آثار وارتدادات وتداعيات، في صناعة وتوجيه المواقف والمتغيرات الإقليمية وربما الدولية.
ومن على منصة مشرفة على كل ذلك، تأتي كلمة السيد عبد الملك الحوثي قائد الثورة في اليمن، بشكل أسبوعي منتظم لتكون حدثا بالغ الأهمية والتأثير سواء لجهة قراءة وتحليل الحدث وتداعياته أو لجهة توجيه الحدث وتحريكه.
لماذا الكلمة الأسبوعية؟
من المؤكد أن تساؤلا كهذا قفز إلى أذهان الكثيرين، ولفهم الإجابة لا بد أن نعرف ما هو الغرض منها ولكي نعرف الغرض لابد أن نفهم المنطلقات والمرتكزات للموقف اليمني الذي يقوده السيد القائد ويعتبره أولوية قصوى في هذه المرحلة.
باعتقادنا أن السيد القائد ينطلق عموم من المسؤولية الإيمانية والتوجيهات القرآنية الجهادية التي تعتبر التحرك واجبا وفريضة.
وترتكز خطواته وتحركاته وضمنها خطاباته وانتظامها على عدة مرتكزات أهمها:
امتلاك المشروع التحرري الجهادي، وتوفر الفرصة السانحة للاشتغال عليه وتقديمه.
التحرك الجاد والصادق والمبادرة واستثمار الموارد والسنن المتاحة لصناعة أسباب القوة وأدوات المنازلة، ومن ثم استحقاق التأييد الإلهي.
معرفة العدو ونقاط ضعفه وثغراته ودراسة سلوكه ومواقفه وأدواته باستمرار للتحرك وفق ذلك الفهم ومخاطبته بوعي.
الرهان على وعي وإيمان وشجاعة وحكمة الجمهور، وتنامي جاهزية الجيش وأدواته وتقنياته.
وعلي هذا الأساس نبني اعتقادنا أن كلمة السيد القائد بذلك الشكل المنتظم أسبوعيا ولغتها ومحتواها ورسائلها المتصاعدة باستمرار، تأتي بغرض التالي:
الحشد والتعبئة للنفير داخل اليمن والاستنهاض للشعوب والنخب في العالم العربي والإسلامي.
الاستمرارية والديمومة في الارتباط بالحدث والتحرك معه ومواكبته، والتحديث المستمر لمشهدية الحدث الأساسي وما يرتبط به وما ينتج عنه من أحداث وتوجيهها ومن ثم صناعة التداعيات والتأثيرات.
ضمان عدم الوقوع في مأزق الملل والتطبع على الوضع والذي ينتج عنه فتور الموقف وتراجعه وقد يؤدي إلى توقفه والاستسلام لما يريده العدو الذي لا يمل ولا يكل .
إعادة برمجة الوعي الجمعي الإقليمي والإنساني عموما بالمعلومة والمنطق، سواء بتقديم وكشف الوجه الحقيقي للعدو وتعريته وتكريس العداء له، أو بفضح وكشف ضعف وهشاشة العدو وتكريس القناعة بإمكانية مواجهته وسهولة هزيمته، وغير ذلك من الأمور التي تحدث زلزال في بنية الوعي.
كلمة السيد القائد… مؤسسة وعمل منظم:
نادرا ما تجد زعيما يمتلك القدرة على إلقاء خطابات ومحاضرات طويلة منظمة المتن ومرتبة المحاور، مؤيدة بالمعلومات الكافية والموثقة، ومتسقة الرؤى والأفكار وعميقة الدلالات، ومدخرة بالرسائل الموجهة بعناية، ومن بين النادر بل ربما يأتي في المقدمة السيد عبد الملك الحوثي الذي تمكن من أن يجعل كلمته الأسبوعية عملية نوعية فاعلة ومؤثرة ضمن حزمة العمليات النوعية اليمنية في ساحة المعركة المحتدمة مع العدو الصهيوني.
ومن الواضح أن السيد القائد يبني كلمته وفق ديناميكية عمل مؤسسي وجهد منظم ربما يتفوق على أداء منابر وقنوات إعلامية مجتمعة، سواء من حيث الرصد الكفؤ والمواكب للمعلومة والإحصاءات والتحليل العميق لها، ثم التوظيف الذكي لها واستخدامها بعناية في الموضع والموعد المناسبين، أو من حيث القدرة على إيصال المحتوى والرسائل والدلالات، والسرعة العالية في التأثير والتوجيه.
غزة… الحدث الأساسي وتداعياته:
تظل الحرب الإجرامية على غزة أو بالأصح المحاولات الصهيونية الإجرامية لتركيع غزة ومقاومتها وأهلها، هي الحدث الأساسي والمركزي، وبرغم أن معظم الأحداث البارزة عالمي ترتبط وثيقا بغزة إلا أنها تبقى تداعيات وارتدادات للحدث الأساسي في غزة، وهي إما ارتدادات للإجرام الصهيوني المسعور الذي فاق الاستيعاب والمدعوم بشكل كامل عالمي، أو تداعيات وارتدادات للصمود الأسطوري لغزة ومقاومتها وأهلها والذي نستطيع أن نقول إنه يوازي مستوى الإجرام ويتصاعد معه طرديا، وعلى هذا الأساس، يبقى الحدث الأساسي في غزة متصدر التناول الإعلامي والسياسي والحقوقي والشعبي الى حد ما.
ولو تتبعنا كل خطابات السيد القائد عبد الملك الحوثي الأسبوعية، سنجدها تفتتح بقراءة متجددة وتحديث رؤيوي وتقييمي للحدث الأساسي بثنائيته المتمثلة في استمرار وتصاعد الإجرام الصهيوني، واستمرار وتصاعد الصمود والتصدي الفلسطيني في غزة، وحيث إنها تأتي نتاج عمل منظم مؤسسي كما أسلفنا فإن كلمة السيد القائد تحتوي أسبوعيا على تحديث نوعي لمستجدات الحدث في غزة سواء إحصاءات حصيلة الجرائم أو متابعة عمليات المقاومة وخسائر العدو في المعركة المحتدمة.
الكلمة الخميس الفائت وهذا الخميس بدت أكثر ثراء بالمعلومات وأكثر عمقا في التحليل لتلك المعلومات، وأكثر جاذبية وإقناع لجهة أسلوب وطريقة تقديم وإيصال المعلومات ودلالاتها للمتلقي، وفوق ذلك وهو الأهم هو القدرة على إعادة الحدث إلى قمة الأهمية في الوعي الجمعي، وتحريك التفاعل العاطفي والشعور بالمسؤولية تجاه الحدث لدى الرأي العام، وكل ذلك يعتبر نجاح في قتل حالة الملل، وهو كما أسلفنا من أهم أغراض الكلمة الأسبوعية.
الكيان… جرائم وهزائم:
بات من الواضح بعد تجاوز 200 يوم على الطوفان وحرب الإبادة في غزة أن ما حصده الكيان المجرم يتلخص في كلمتين “جرائم هزائم”، فالعدو الذي أعلن أهدافا واضحة لحربه على القطاع كان يبرر لداعميه وللأنظمة العربية المتواطئة معه أنه مضطر لارتكاب تلك الجرائم لأنه يراهن على نجاحه في اجتثاث المقاومة وتحرير الأسرى وضمان إزالة ما يسميه خطر حماس عليه، فبعد كل هذه الفترة الطويلة وجد نفسه أمام هزائم ووضع ميداني يزداد تعقيدا، ولم يكن هذا هو المأزق فعادة ما يخرج بهزائم من أي معركة مع المقاومة، لكنه هذه المرة خرج بهزائم غير مسبوقة وهو مثقل بأرصدة هائلة من الجرائم التي وضعته في مأزق أخلاقي وسحبت داعميه إلى جواره في المأزق، وأحرجت الأنظمة المتواطئة أمام شعوبها، بمعنى أنه ارتكب جرائم وحصد هزائم.
إلى ذلك، بات معلوما لدى الرأي العام والغرف السياسية والمجتمع الدولي كيف تحول السلوك الإجرامي للكيان وسلوك داعميه المتصلب، إلى مأزق أخلاقي وقانوني وسياسي ليس للكيان وحسب، بل للوبي الصهيوني العالمي وأذرعه وأدواته الأمريكية والأوربية، وهذا ما نجحت كلمة السيد القائد الخميس الماضي في تشخيصه وبلورته باحترافية ودقة عالية.
نجحت غزة المحاصرة التي تعيش داخل سجن مغلق بإحكام تحت نيران الكيان بلا طعام ولا دواء، نجحت في أن تشعل العالم وتزلزل الأرض تحت أقدام الصهيونية في أمريكا وأوربا، فالمظاهرات والاعتصامات التي تتصاعد يوميا في جامعات الولايات المتحدة وتداعياتها في أوربا وما تواجهه من قمع ومحاولات إسكات، تأتي لترسم صورة لما يجري في غزة، تعري الأنظمة الديموقراطية والنظام العالمي وقيمه الزائفة.
الملف الإنساني والحقوقي في يد الشارع… من يحرك الاحتجاجات؟
لأجل استمرار الكيان في حرب الإبادة في غزة، تنصلت المؤسسات الأممية أمام الإجرام الصهيوني في غزة عن القيام حتى باليسير من دورها القانوني والسياسي والإنساني، سواء مجلس الأمن الذي ظهرت منظمة مرتهنة للصهيونية، أو منظمات الأمم المتحدة الإنسانية الإغاثية منها والحقوقية التي اتضح أنها ليست إنسانية ولاتتجلوز كونها أدوات تخدم أجندات صهيونية، أو المحكمة الدولية التي لم تصمد في واجهة الحدث لشهر كامل ثم اختفت وتعرت حقيقتها لأول مرة بشكل فاضح أنها مجرد أكذوبة كبيرة، وكل هذا التنصل وهذا التعري طوال هذه المدة الطويلة لم ينجح في جعل الكيان يحقق أهدافه، ولم ينجح في طي الملف الإنساني والحقوقي ورميه في بئر النسيان، بل نجحت غزة وجراحها ووجعها ومآسيها ودماؤها أن تشعل اكبر تحركا حقوقيا وقانونيا في التاريخ، وتملأ اثقل ملف انساني بما يكفي لاجتثاث الكيان من على وجه الارض.
لابيدو أن الملف الإنساني والحقوقي هذه المرة محتاجا لمؤسسات أو منظمات أممية لتحمله أساسا فقد وضعت غزة المؤسسات والمنظمات الأممية الإنسانية على هامش الوقت بعد أن تورطت في مستنقع التواطؤ مع الكيان القاتل، فقد فرض ذلك الملف الثقيل نفسه على الشعوب الحرة، وحمله الأحرار، وباتت المحاكمة والمساءلة مفتوحة منعقدة يوميا على أرصفة الشوارع وفي أروقة الجامعات وفي الساحات.
من وقت مبكر ركزت كلمة السيد القائد عبد الملك الحوثي الأسبوعية على استنهاض الشعوب ودعت شعوب أوروبا وأمريكا للخروج والضغط على أنظمتها التي تزج بها في مأزق دعم الكيان المجرم، ومن متابعتنا للكلمة التي كما أسلفنا تأتي ملمة ومحيطة بالأحداث، لم تعول على الدور الأممي الإنساني ولم تدع أيا من تلك المنظمات للضغط أو للتدخل، بل غالبا ما تستشهد بصمتها إن لم تكن كلمة السيد القائد قد أسهمت بشكل فاعل في تعرية المؤسسات والمنظمات الأممية ونقلها إلى خانة العار في الوعي الجمعي، بل إن تأثير ومفعول الكلمة الأسبوعية للسيد القائد فاعل وعميق في صناعة وتوجيه الرأي العام والمواقف الشعبية من جهة، وهو ما يؤكده الاتهامات الأمريكية التي تقول إنه ضالع في تحريك الاحتجاجات الجامعية مؤخرا، وبالنظر إلى المتابعة المركزة وما يشبه التبني العالي للتحركات الجماهيرية في كلمة السيد القائد الأسبوعية، فان من الطبيعي الاعتقاد انه ضالعا بأي مستوى في تحريك السخط الشعبي والطلابي والحقوقي تجاه جرائم الكيان وداعميه، على غرار تأثير الموقف اليمني السياسي والعسكري في تحريك وتفعيل المواقف السياسية والعسكرية عموما وهو ما سوف نتطرق اليه لاحقا.
اليمن… خارج قوالب الخطاب السياسي العربي:
الخطاب السياسي الرسمي العربي طوال عقود مضت أصيب بحالة تبلد وأصبح مجرد قوالب جاهزة كرستها الوصاية الصهيونية في بروتوكولات النظام العربي الرسمي، واتضح جليا أمام هول ما جرى ويجري في غزة إلى مدى أصبح الخطاب السياسي معلبا وإلى أي حد لا تستطيع الأنظمة الخروج من تلك القوالب، في مقابل خطاب سياسي صهيوني غربي أمريكي وأوربي منفلت وقح يتعاطى بتعال واستخفاف مع الزعامات والأنظمة العربية، ويعلن ويجاهر بدعمه ومشاركته مع الكيان المجرم في إبادة شعب كامل أمام كل المحافل الدولية بلاسكوف ولا حدود ولا اعتبارات بروتوكولية.
أمام كل هذا، يأتي الخطاب السياسي في كلمة السيد عبد الملك الحوثي مختلفا عاليا، لاسكوف والقوالب تقزمه وتحده، خطاب يؤسس لقواعد جديدة في اللغة السياسية، فقط سقف القيم والأخلاق الإنسانية التي تفرضها الهوية الإيمانية والشخصية القيمية التي يتحلى بها القائد، يضبط مستوى الخطاب السياسي الجديد الذي يؤسس السيد الحوثي لتكريسه في المنطقة متجاوزا النمطية الدبلوماسية التي جعلت الخطاب السياسي العربي والإسلامي معلبا وباردا حد التبلد.
تعودت الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية التي تمثل أذرع أساسية للوبي الصهيوني على توجيه وتحريك موقف النظام العربي الرسمي والإسلامي “عدا أنظمة الممانعة” إلى هذا المستوى غير المستوعب منطقيا الذي جعل الشارع يقف مذهولا أمام عدم قدرة الأنظمة أن تتحرك للضغط باتجاه إدخال شاحنة غذاء أو دواء لغزة، أما التعبير عن الغضب والسخط والاحتجاج، أو التهديد باستخدام حقها في الدفاع عن عرضها وشرفها، فهذا بدا مستبعدا كليا.
أمام غزة ومأساتها وصمودها كان الامتحان الفاضح للمواقف السياسية، فقد سقطت أوراق التوت عن عورة النظام العربي والإسلامي الموالي للصهيونية، بل كان الامتحان قاسيا في تعرية وفرز الأنظمة والتيارات التي ظلت تختبئ خلف قناع الوقوف مع المقاومة طوال عقود لتظهر عارية في طابور المصطفين مع الكيان المجرم كل وفق الدور المرسوم من الحياد الذي يخدم الكيان بالصمت وإسكات الشعب والجيش، إلى الحياد الذي يلعب دور الوسيط، إلى المتواطئ الذي يغلق المعبر وصولا إلى الذي يدعم جيش الكيان بالغذاء والسلاح وفق عقود توريد حصرية، فضلا عن المواقف المؤيدة للعدو صراحة، وانتهاء بالموقف الممجوج الذي يقول إنه يسعى للتطبيع إنقاذ لغزة، فيما يفضحه الأمريكي ويؤكد أنه اشترط القضاء على المقاومة مهرا للتطبيع.
كان من الممكن أن يبدو كل هذا المشهد السياسي العربي اعتياديا لو لم يكن ثمة أنموذج مغاير نجح السيد عبد الملك الحوثي أن يكرسه في الوعي الجمعي، حين وجه السلطات أن تعلن رسميا الدخول في المعركة منذ البداية واعتبر العدوان على غزة تهديدا للأمن القومي العربي ولليمن، وهو ما جعل الأنظمة تخاف من الانتقال إلى الخطوة التي تريدها الصهيونية وهي تصفية القضية نهائيا والإجهاز على المقاومة بشكل حاسم، ولذلك واستمرارا لهذا التوجه يأتي ضمن كلمة السيد القائد أسبوعيا محور خاص بتشخيص وتقييم الموقف السياسي العربي والإسلامي الرسمي، ومع أنه يلتزم النصح والتحذير والتنبيه والتذكير إلا أنه يحمل رسائل قوية للأنظمة وللجماهير ويحاصر التحرك الرسمي في زاوية الخوف والتردد، وباعتقادي سينجح في استنهاض الشعوب للضغط وربما اسقاط الانظمة.
سنواصل معكم بإذن الله في الجزء الثاني قراءة التداعيات السياسية والاقتصادية والعسكرية للطوفان، وفي الجزء الثالث قراءة في الموقف اليمني وتأثيره في صناعة التحولات…
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: السید عبد الملک الحوثی کلمة السید القائد العربی والإسلامی الخطاب السیاسی السیاسی العربی الکیان المجرم الوعی الجمعی فی غزة
إقرأ أيضاً:
بعد فوز ترامب وقبل مغادرة بايدن، ما الذي تعنيه مرحلة “البطة العرجاء”؟
بعد فوز ترامب بمقعد الرئاسة، وبخلاف العرف المتبع في العديد من دول العالم، لن يتوجه دونالد ترامب إلى البيت الأبيض على الفور، بل سيتعين عليه الانتظار حوالي 11 أسبوعًا بعد هذا الفوز لتولي مهامه، وفقًا للقوانين الأمريكية.
ورغم أن هذه الفترة قد تبدو طويلة للبعض، إلا أنها أقصر من المدة الأصلية التي حددها الدستور، والتي كانت أربعة أشهر لتسليم السلطة من الرئيس الحالي إلى الرئيس المنتخب.
تم تحديد هذه المدة في البداية بين شهري نوفمبر ومارس في القرن الثامن عشر، عندما كانت عملية نقل المعلومات وتنقل الأفراد تستغرق وقتًا طويلاً.
وعلى عكس العديد من الديمقراطيات البرلمانية، حيث يتم اختيار أعضاء الحكومة من قبل البرلمان الذي يعمل في العاصمة، فإن الكفاءات السياسية في الولايات المتحدة تتوزع على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد.
كما ساهمت التحديات التي واجهتها الولايات المتحدة خلال فترة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين في دفع القادة إلى أداء القسم للرؤساء المنتخبين بسرعة أكبر، مما أدى إلى تقليص هذه الفترة إلى أقل من ثلاثة أشهر.
وتسمى الفترة الانتقالية بين يوم ظهور نتائج الانتخابات والتنصيب بفترة “البطة العرجاء” (Lame duck) إشارة إلى الأيام الأخيرة لبقاء الرئيس في الحكم وهو في هذه الحالة جو بايدن، واستلام الرئيس المنتخب مهامه رسميا.
ويشير مصطلح “البطة العرجاء” إلى مسؤول منتخب أصبح في وضع ضعيف سياسيا بعدما تم انتخاب خليفته، وفقا لما ذكره موقع “شير أميركا”، التابع لوزارة الخارجية الأميركية.
وحدد التعديل العشرون، الذي تم التصديق عليه عام 1933، تاريخ التنصيب الجديد في 20 يناير، ولكن الانتخابات الرئاسية لا تزال تجري في أوائل نوفمبر.
وقال مدير مركز التاريخ الرئاسي في الجامعة الميثودية الجنوبية، جيفري ايه إنجل، للموقع الأميركي، إن تشكيل الحكومة وكبار المسؤولين في الولايات المتحدة يستغرق “بعض الوقت”.
ثم تابع “في كل مرة تأتي حكومة جديدة، يتعين عليك أن تضع طبقة التجميل النهائية على الكعكة، والكعكة هي البيروقراطية الدائمة، بينما الطبقة النهائية هم المعينون الجدد وأعضاء مجلس الوزراء”.
وأضاف “كما يعرف أي خباز، بوسعك أن تضع الطبقة النهائية في غضون ثلاثين ثانية، لكنها لن تبدو عظيمة”.