موقع بريطاني: الدعم البريطاني لجرائم (إسرائيل) في قطاع غزة مخطط مسبقاً
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
لندن-سانا
لا ينحرف دعم بريطانيا العلني لما ترتكبه “إسرائيل” من جرائم في قطاع غزة ولو لبعد ضئيل عن اتفاقيات وخطط وضعت مسبقاً في إطار ما وصفه موقع “دي كلاسيفايد” الاستقصائي بخريطة طريق للعلاقات الوثيقة بين الطرفين والتزام لندن الثابت بمؤازرة كيان الاحتلال بجميع ما يرتكبه من انتهاكات وفظائع.
الاتفاق الذي وقع في آذار عام 2023 وضع وفقاً للموقع البريطاني قيد التنفيذ الفوري وظهرت تفاصيله واضحة في حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” على قطاع غزة المحاصر مع مجموعة الدعم العسكري البريطاني لكيان الاحتلال والتي شملت عشرات مهام التجسس والمراقبة وتدريب العسكريين الإسرائيليين على الأراضي البريطانية وتوجه طائرات عسكرية بريطانية رفضت لندن الإفصاح عما تحملها إلى “إسرائيل”.
الموقع أوضح أن خريطة الطريق الجديدة للعلاقات بين كيان الاحتلال وبريطانيا تتجاوز في تفاصيلها ما سبق من اتفاقيات شراكة مبرمة بين الطرفين على مدى العقود الماضية وتشمل بنوداً متعلقة بشكل مباشر بما تقدمه لندن من تبريرات غير عادية للفظائع التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة بالمحافل الدولية والعمل على تعطيل أي محاولة في الأمم المتحدة لإدانة كيان الاحتلال أو اتخاذ إجراءات ضده وحمايته في منظمات دولية أخرى مثل منظمة العفو الدولية.
الموقع أشار إلى أن دفاع بريطانيا المتكرر عن “إسرائيل” وتبرير مسؤوليها ووسائل إعلامها لما ترتكبه من جرائم وتصويت لندن مراراً ضد قرارات مجلس الأمن الدولي التي تطالب بوقف إطلاق النار كلها تأتي تماشياً مع خريطة العلاقات بين الطرفين.
وفي الوقت الذي تتجاهل فيه وسائل الإعلام البريطاني أي ذكر للاتفاق المذكور وتستمر ماكينتها في ضخ الرواية الإسرائيلية المتحيزة بامتياز فإن موقع “دي كلاسيفايد” أشار إلى وجود اتفاقات عسكرية أخرى بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وبريطانيا لكنها تبقى سرية وطي الكتمان.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: کیان الاحتلال
إقرأ أيضاً:
السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
لا يُمكن فصل السّيَاسات الدولية اليوم تجاه فلسطين أو تجاه كافة دول العالم الإسلامي عن الموقف من الإسلام في حد ذاته. تحكم السياساتِ الدولية بشكل عامّ مصالح وصراعاتٌ اقتصادية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي يُلاحَظ أن هناك عاملا خفيا يُغلِّف كل هذه السياسات له علاقة بكون هذه الدولة بها غالبية من المسلمين أم لا، بغضِّ النظر عن المذهب أو طبيعة نظام الحكم أو التاريخ أو الجغرافيا لتلك الدولة.
في آخر المطاف تجد اتفاقا بين الدول الغربية في أسلوب التعامل مع أي منها يقوم على فكرة مركزية مفادها ضرورة إذعان هذه الدولة للنظام العالمي الغربي والقَبول بهيمنة القواعد المتحكِّمة فيه وعدم الخروج عنها بأيِّ صفة كانت، وإلا فإنها ستُحارَب بكافة الوسائل والطرق. لا يهم إن كانت هذه الدولة فقيرة مثل الصومال أو غنيّة مثل السعودية أو تركيا أو إيران. جميعهم في نظر السياسات الغربية واحد، فقط هي أساليب التعامل مع كل منهم التي تختلف. بعضهم يحتاج إلى القوة وآخر إلى الحصار وثالث إلى التّهديد ورابع إلى تحريك الصراعات الداخلية إلى حد الاقتتال وسادس إلى إثارة خلافات حدودية مع جيرانه… الخ، أي أنها ينبغي جميعا أن تبقى في حالة توتر وخوف وقلق من المستقبل.
تكفي نظرة شاملة إلى المساحة الجغرافية التي ينتشر بها المسلمون عبر العالمتكفي نظرة شاملة إلى المساحة الجغرافية التي ينتشر بها المسلمون عبر العالم للتأكد من ذلك، فحيث لا يوجد إخضاع تام من خلال القواعد العسكرية المباشرة والقَبول كرها بخدمة المصالح الغربية، يوجد إخضاع غير مباشر من خلال الحروب الأهلية أو اصطناع الجماعات الإرهابية أو إثارة النّعرات القبلية والعرقية أو تحريك مشكلات الحدود الجغرافية.. نادرا ما تُترك فرصة لِدولة من دولنا لتتحرّك بعيدا عن هذه الضغوط. السيناريوهات فقط هي التي تتبدّل أما الغاية فباستمرار واحدة: ينبغي ألا تستقلّ دول العالم الإسلامي بقرارها، ومن الممنوعات الإستراتيجية أن تُعيد التفكير في مشروع وحدة على طريق جمال الدين الأفغاني في القرن التاسع عشر مثلا!
وهنا تبرز فلسطين كحلقة مركزية في هذا العالم الإسلامي، ويتحدد إقليم غزة بالتحديد كمكان يتكثف فيه الصراع.
ما يحدث في غزة اليوم ليس المستهدَف منه سكان فلسطين وحدهم، إنما كل كتلة العالم الإسلامي المفترض وجودها كذلك. أيّ إبادة لسكان هذا القطاع إنما تحمل في معناها العميق تهديد أي دولة من دول العالم الإسلامي تُريد الخروج عن هيمنة النظام العالمي الغربي المفروض بالقوة اليوم على جميع الشعوب غير الغربية، وبالدرجة الأولى على الشعوب الإسلامية.. وكذلك الأمر بالنسبة للحصار والتجويع والقهر بجميع أنواعه. إنها ممارساتٌ تحمل رسائل مُوجَّهة لكافة المسلمين ولكافة دول الجنوب الفقير وليس فقط للفلسطينيين في قطاع غزة بمفردهم. محتوى هذه الرسائل واحد: الغرب بمختلف اتجاهاته يستخدم اليد الضاربة للصهيونية في قلب أمة الإسلام، ليس فقط لإخضاع غزة إنما إخضاع كل هذه المساحة الجيوستراتيجية الشاسعة لسيطرته الكاملة ثم إخضاع بقية العالم.
يُخطِئ من يحاول إقناع نفسه بأنه بمنأى عن هذا الخطر! أو أن الغرب هو ضد حماس فقط
وعليه، فإن السلوك المُشتَّت اليوم للمسلمين، وبقاء نظرتهم المُجزّأة للصراع، كل يسعى لإنقاذ نفسه، إنما هو في الواقع إنقاذٌ مؤقت إلى حين تتحول البوصلة نحو بلد آخر يُحاصَر أو يُقَسَّم أو تُثار به أنواع أخرى من الفتن… ويُخطِئ من يحاول إقناع نفسه بأنه بمنأى عن هذا الخطر! أو أن الغرب هو ضد حماس فقط أو ضد حركة الجهاد في فلسطين، ذلك أن كل الاتجاهات الإسلامية هي في نظر الاستراتيجي الغربي واحدة، تختلف فقط من حيث الشكل أو من حيث الحدة والأسلوب. لذلك فجميعها موضوعة على القائمة للتصفية يوما من الأيام، بما في ذلك تلك التي تعلن أنها مسلمة لائكية حداثية أو عصرية!.. لا خلاف سوى مرحليًّا بينها، لا فرق عند الغربيين بين المُعمَّم بالعمامة السوداء أو البيضاء أو صاحب ربطة العنق أو الدشداش أو الكوفية أو الشاش، ولا فرق عندهم بين جميع أشكال الحجاب أو الخمار أو ألوانها في كل بقعة من العالم الإسلامي، جميعها تدل على الأمر ذاته.
وفي هذه المسألة بالذات هم متّحدون، وإن أبدوا بعض الليونة المؤقتة تجاه هذا أو ذاك إلى حين.
فهل تصل الشعوب والحكومات في البلدان الإسلامية إلى مثل هذه القناعة وتتحرّك ككتلة واحدة تجاه الآخرين كما يفعل الغرب الذي يتصرّف بشكل موحد تجاه المسلمين وإنْ تنافس على النيل منهم؟
ذلك هو السؤال الذي تحكم طبيعة الإجابة عنه مصير غزة وفلسطين.. ومادام الغرب يعرف الإجابة اليوم، فإنه سيستمرّ في سياسته إلى حين يقضي الله تعالى أمرا كان مفعولا وتتبدَّل الموازين.
(نقلا عن صحيفة الشروق الجزائرية)