لجريدة عمان:
2024-11-21@20:38:18 GMT

خالي صلاح السعدني

تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT

خالي صلاح السعدني

شيء غريب يحدث لي حين يموت فجأة ممثل مصري شهير أحبه، أدمنت على أفلامه ومسلسلاته، شيء يشبه فقدان عزيز عشت قربه وعرفت عنه كل شيء.

كانت لدي في صغري عادة غريبة، في أواسط الثمانينيات، كانت تصل إلى فلسطين مجلات مصرية كثيرة، كنت مغرمًا بمجلة الكواكب وهي مجلة تعنى بحياة وأخبار الممثلين المصرين ومجلة أدب ونقد وهي مجلة تعنى بالأدب والثقافة، وكان أبي يستغرب كيف أجمع بين حب هاتين المجلتين اللتين تبدوان متناقضتين، إذ إن مجلة الكواكب كانت تنشر أخبار وعلاقات الفنانين بطريقة قريبة من النميمة والتدخل في الحياة الخاصة للفنانين، وهذا حسب رأي أبي (وهو شاعر) يتناقض مع مجلة رصينة وجدية تنشر قصصًا وشعرًا لعبد الحكيم قاسم ويوسف أبو رية والخراط وخيري شلبي وآخرين مهمين.

خمسة ممثلين مصريين تأثيرهم على روحي واضح: أولهم صلاح السعدني ونور الشريف، وعبدالله غيث، وسميحة توفيق، وفاتن حمامة، كنت أرسم قصصًا وأخيط حيوات عن هؤلاء الأعزاء الذين شاهدت معظم أفلامهم، وشاهدت حوارات كثيرة معهم، وأعرف عائلاتهم اسما اسما، وحفظت أدوارهم وراقبت كيف يبتسمون وكيف يغضبون، ماذا يحبون وما الذي لا يحبونه.

وكنت في سري، وأحيانا في علني، أتمنى لو أن الله خلقني قريبًا من عائلات هؤلاء النجوم، كجار أو ابن أخت أو حتى كصاحب بقالة في الجوار.

أدمنت مع عائلتي تحديدًا حب صلاح السعدني، شاهدت له عشرات المسلسلات، وتابعت أخباره، كانت أمي تحبه وتخاطبه بـ(أبو الصلح) وحين يحين موعد مسلسله، نجتمع حول التلفاز، ونسعد بدوره حتى لو كان شريرًا، كانت أمي تقول: (صلاح طيب بس هو بمثل دور الشر، أوع اتفكروه شرير)، كنت أقول لأمي: لماذا لم يكن صلاح شقيقك؟ أريده شقيقك لأخاطبه خالي صلاح، ضحكت أمي -رحمها الله- وصارت كلما حان مسلسل فيه صلاح تناديني: (يلا زياد خالك أجا).

ترك صلاح السعدني حيوات كثيرة داخلنا، حيوات من دم وجمال وخوف وخيانات وأعصاب وبكاء وفرح، حيوات عميقة صدقتها تمامًا، وعشت جزءًا منها واقعيًا فيما بعد، الأمر الذي شكّكني وشكك معلميّ وأهلي بإصابتي بانفصام في شخصيتي، وتصدع غريب في علاقاتي.

غيّرت أفلام صلاح ومسلسلاته، كانت مراهقتي عنيفة، المخيم محاصر بمنع التجوال أغلب الأيام، والمدارس مقابر جاهزة بطبيعتها الأوامرية والعقابية، ورام الله ثمينة وبعيدة، كان الوصول إليها يكلفني طابورًا من الحجج والأسباب، لإقناع أبي، ووقتًا يتخلله ركوع ودموع عند قدمي أب كان يخاف عليّ من رام الله، البعيدة والثمينة والغريبة. كانت أفلام صلاح نوافذنا للحلم والمتعة، بصدق الأداء وجماليات التصوير، كان الحب حبًا، والغضب غضبًا، والموت موتًا، والإغواء إغواءً.

وكانت سببًا كبيرًا لي لأنسى، بل وأتجاهل، طلقات الجنود في ليل المخيم المحاصر.

مات صلاح الحبيب بعد عزلة وابتعاد طويل عن الإعلام والفن، ابتعاد أرهقني وعائلتي ونحن نتساءل عن سبب اختفائه، وكنا نرسل الرسائل لأصدقائنا في مصر، نسأل عنه وعن أمراضه وسبب عزلته.

ما زلت مريضًا بالسينما المصرية تحديدًا بأفلام ومسلسلات صلاح، بصوته وطيبة قلبه التي يخفيها في أدوار الشر، باستقرار عائلته وحبه لأبنائه ومواقفه الوطنية تجاه فلسطين.

أربعون عامًا من تصديق الكذبة الصادقة الرائعة، ما زلت لا أسمع طلقات الأعداء في الخارج ووقع «بساطيرهم» في الأزقة، ما زلت غير مكترث لمنع التجوال الذي يعلنه الآن (حسبما يقول شقيقي)، بلغة ركيكة، جندي يظن أنه قادر على خطفي من دنياي التي اخترتها، ما زلت غائبًا عن وعيي، هاذيا بالعائلة الخرافية وقصص الحب والموت والانتقام. رحمة الله عليك يا خالي يا صلاح السعدني.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صلاح السعدنی ما زلت

إقرأ أيضاً:

من الملكية إلى الجمهورية الجديدة.. «المصور» تكشف عن كنوزها في 100 عام

أصدرت مجلة المصور بمؤسسة دار الهلال الصحفية عدد تذكاري احتفالا بمرور 100 عام على صدورها، حيث صدر العدد الأول منها في 24 أكتوبر 1924، وعلى مدى قرن كامل من الزمان كانت ومازالت صفحات مجلة المصور سجلا صحفيا يوثق كل أحداث الوطن، والأمة العربية، وتفتح أبواب النقاش حول مختلف القضايا لرفع الوعى وزيادة المعرفة، مع نشر الفكر السليم ومواصلة طريق التنوير والتثقيف في كل الملفات من أجل الصالح العام.

من جانبه أكد الكاتب الصحفي عبد اللطيف حامد رئيس تحرير مجلة المصور، أن العدد التذكاري كان حلما فتحول إلى حقيقة، بداية من وضع خطة العمل في أول شهر مايو الماضي وحتى الانتهاء من طباعته، وبذل فريق العمل في إنجازه مجهود كبير على مدى 6 أشهر من البحث والأرشفة في أكثر من نصف مليون صفحة و5220 عددا، ومليوني صورة، وتكاتف كل أبناء المصور ودار الهلال حتى يخرج هذا العدد التاريخي بما يليق بالصحافة المصرية عموما ودار الهلال ودرتها مجلة المصور خصوصا.

ويقول "حامد" إن مجلة المصور ستفرج عن كنوزها في هذا العدد التاريخي، فهو يستعرض مسيرة الأحداث الفاصلة خلال 100 عام، ويسجل بالكلمة والصورة أهم 100 قضية وطنية كانت حاضرة على صفحات مجلة المصور، إلى جانب أهم 100 قضية تنويرية وفكرية، والشخصيات المؤثرة في مسار الأحداث وصناعها خلال قرن من الزمان.

ويشمل هذا العدد الاستثنائي نشر أكثر من 1000 صورة نادرة ضمن أرشيف المجلة تجسد حكاية الوطن وسجل المصريين بالصور في قرن كامل، بحكم أن مجلة المصور تعتمد طوال عمرها المديد على الصورة في المقام الأول، بالإضافة إلى قسم المنوعات من نوادر المجتمع إلى الرياضة والفن والكاريكاتير.

العدد المئوي لمجلة «المصور» يتجاوز كونه مجرد إصدار صحفي، بل هو وثيقة تاريخية ترصد الأحداث الكبرى التي شهدتها مصر.

ويضم حوارات نادرة مع أبرز الشخصيات التي أثَّرت في مختلف المجالات، إلى جانب مقالات نادرة لكبار الساسة والمفكرين، ومن خلال هذا العدد المميز، تؤكد مجلة «المصور» على مكانتها الرائدة في تاريخ الصحافة العربية، وعلى عزمها في الاستمرار كأداة تنويرية ومرآة تعكس حياة الأمة في ماضيها وحاضرها».

اقرأ أيضاًفي عيدها الـ 130.. «دار الهلال» تكرم الصداقة الروسية على دورها في دعم وتطوير العلاقات بين البلدين

مقالات مشابهة

  • جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فرنسا لأجل فلسطين
  • من الملكية إلى الجمهورية الجديدة.. «المصور» تكشف عن كنوزها في 100 عام
  • من الذي يعذب يوم القيامة الروح أم النفس.. الإفتاء تجيب
  • صواريخ حزب الله أصابت مبنى في إسرائيل... شاهدوا حجم الدمار الذي لحق به (فيديو)
  • حزب الله يكشف تفاصيل الكمين الذي أوقع به “لواء جولاني”
  • تنفيذ عملية استهداف لسفينة في البحر الأحمر ومتحدث القوات المسلحة يؤكد : كانت الإصابة دقيقة ومباشرة (تفاصيل)
  • خبير: أمريكا عليها وقف حرب لبنان إذا كانت تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل
  • خبير: إذا كانت أمريكا تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل فعليها وقف الحرب في لبنان
  • أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه لوجه الله تعالى
  • ما هو صاروخ" فاتح 110" الذي استهدف تل أبيب؟