لجريدة عمان:
2025-02-02@17:00:37 GMT

خالي صلاح السعدني

تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT

خالي صلاح السعدني

شيء غريب يحدث لي حين يموت فجأة ممثل مصري شهير أحبه، أدمنت على أفلامه ومسلسلاته، شيء يشبه فقدان عزيز عشت قربه وعرفت عنه كل شيء.

كانت لدي في صغري عادة غريبة، في أواسط الثمانينيات، كانت تصل إلى فلسطين مجلات مصرية كثيرة، كنت مغرمًا بمجلة الكواكب وهي مجلة تعنى بحياة وأخبار الممثلين المصرين ومجلة أدب ونقد وهي مجلة تعنى بالأدب والثقافة، وكان أبي يستغرب كيف أجمع بين حب هاتين المجلتين اللتين تبدوان متناقضتين، إذ إن مجلة الكواكب كانت تنشر أخبار وعلاقات الفنانين بطريقة قريبة من النميمة والتدخل في الحياة الخاصة للفنانين، وهذا حسب رأي أبي (وهو شاعر) يتناقض مع مجلة رصينة وجدية تنشر قصصًا وشعرًا لعبد الحكيم قاسم ويوسف أبو رية والخراط وخيري شلبي وآخرين مهمين.

خمسة ممثلين مصريين تأثيرهم على روحي واضح: أولهم صلاح السعدني ونور الشريف، وعبدالله غيث، وسميحة توفيق، وفاتن حمامة، كنت أرسم قصصًا وأخيط حيوات عن هؤلاء الأعزاء الذين شاهدت معظم أفلامهم، وشاهدت حوارات كثيرة معهم، وأعرف عائلاتهم اسما اسما، وحفظت أدوارهم وراقبت كيف يبتسمون وكيف يغضبون، ماذا يحبون وما الذي لا يحبونه.

وكنت في سري، وأحيانا في علني، أتمنى لو أن الله خلقني قريبًا من عائلات هؤلاء النجوم، كجار أو ابن أخت أو حتى كصاحب بقالة في الجوار.

أدمنت مع عائلتي تحديدًا حب صلاح السعدني، شاهدت له عشرات المسلسلات، وتابعت أخباره، كانت أمي تحبه وتخاطبه بـ(أبو الصلح) وحين يحين موعد مسلسله، نجتمع حول التلفاز، ونسعد بدوره حتى لو كان شريرًا، كانت أمي تقول: (صلاح طيب بس هو بمثل دور الشر، أوع اتفكروه شرير)، كنت أقول لأمي: لماذا لم يكن صلاح شقيقك؟ أريده شقيقك لأخاطبه خالي صلاح، ضحكت أمي -رحمها الله- وصارت كلما حان مسلسل فيه صلاح تناديني: (يلا زياد خالك أجا).

ترك صلاح السعدني حيوات كثيرة داخلنا، حيوات من دم وجمال وخوف وخيانات وأعصاب وبكاء وفرح، حيوات عميقة صدقتها تمامًا، وعشت جزءًا منها واقعيًا فيما بعد، الأمر الذي شكّكني وشكك معلميّ وأهلي بإصابتي بانفصام في شخصيتي، وتصدع غريب في علاقاتي.

غيّرت أفلام صلاح ومسلسلاته، كانت مراهقتي عنيفة، المخيم محاصر بمنع التجوال أغلب الأيام، والمدارس مقابر جاهزة بطبيعتها الأوامرية والعقابية، ورام الله ثمينة وبعيدة، كان الوصول إليها يكلفني طابورًا من الحجج والأسباب، لإقناع أبي، ووقتًا يتخلله ركوع ودموع عند قدمي أب كان يخاف عليّ من رام الله، البعيدة والثمينة والغريبة. كانت أفلام صلاح نوافذنا للحلم والمتعة، بصدق الأداء وجماليات التصوير، كان الحب حبًا، والغضب غضبًا، والموت موتًا، والإغواء إغواءً.

وكانت سببًا كبيرًا لي لأنسى، بل وأتجاهل، طلقات الجنود في ليل المخيم المحاصر.

مات صلاح الحبيب بعد عزلة وابتعاد طويل عن الإعلام والفن، ابتعاد أرهقني وعائلتي ونحن نتساءل عن سبب اختفائه، وكنا نرسل الرسائل لأصدقائنا في مصر، نسأل عنه وعن أمراضه وسبب عزلته.

ما زلت مريضًا بالسينما المصرية تحديدًا بأفلام ومسلسلات صلاح، بصوته وطيبة قلبه التي يخفيها في أدوار الشر، باستقرار عائلته وحبه لأبنائه ومواقفه الوطنية تجاه فلسطين.

أربعون عامًا من تصديق الكذبة الصادقة الرائعة، ما زلت لا أسمع طلقات الأعداء في الخارج ووقع «بساطيرهم» في الأزقة، ما زلت غير مكترث لمنع التجوال الذي يعلنه الآن (حسبما يقول شقيقي)، بلغة ركيكة، جندي يظن أنه قادر على خطفي من دنياي التي اخترتها، ما زلت غائبًا عن وعيي، هاذيا بالعائلة الخرافية وقصص الحب والموت والانتقام. رحمة الله عليك يا خالي يا صلاح السعدني.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صلاح السعدنی ما زلت

إقرأ أيضاً:

سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل

الثورة نت/..

عبّر المكتب السياسي لأنصار الله، عن أحر التعازي للأمة والشعب الفلسطيني وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” وكافة فصائل المقاومة الفلسطينية في استشهاد القائد الكبير محمد الضيف ورفاقه الشهداء.

وأوضح المكتب السياسي لأنصار الله في بيان، أن استشهاد هذه الكوكبة المؤمنة من المجاهدين والأبطال مقبلين غير مدبرين، يبعث على الفخر والشموخ، حيث كان هؤلاء القادة في مقدمة الصفوف وسطروا ملاحم الانتصار والصمود، وهم يشتبكون مع قوات العدو من المسافة صفر بكل شجاعة وثبات وإيمان ورباطة جأش.

وقال البيان “بقلوب يعتصرها الألم والأسى تلقينا نبأ استشهاد شهيد الأمة الكبير قائد هيئة أركان كتائب القسام المجاهد محمد الضيف، الذي ارتقى شهيدًا مع كوكبة من القادة المجاهدين في حركة حماس وكتائب القسام على يد العدو الصهيوني المجرم، في خضم معركة “طوفان الأقصى” وعلى طريق تحرير القدس الشريف”.

وأضاف “قدّم الشهيد القائد محمد الضيف ورفاقه الشهداء الأبرار أرواحهم في أقدس المعارك وهي معركة الدفاع عن شرف الأمة ومقدساتها في وجه العدوان الصهيوني المدعوم أمريكيًا وغربيًا وحققوا بفضل الله وتضحياتهم ودمائهم الزكية انتصارًا تاريخيًا للمقاومة ولفلسطين ولكل أحرار الأمة”.

وأكد بيان المكتب السياسي لأنصار الله أن دماء القادة الشهداء، هي مشعل المقاومة ووقود حركتها، وأنها الطوفان المتجدد الذي لن يتوقف إلا بزوال الكيان الصهيوني، وتحرير كل شبر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبارك للمقاومة الإسلامية الفلسطينية هذه التضحيات الجسيمة، وهذا الصبر الجميل واحتساب الأجر الكبير، مضيفًا “عزاؤنا أن هذه الخسارة الفادحة والفقد الأليم لن يفت في عضد المقاومة، بل سيزيدها قوة وصلابة وعزيمة وجهادًا حتى النصر والتحرير”.

وأكد المكتب السياسي لأنصار الله على ثبات الموقف اليمني الداعم والمساند للأشقاء في المقاومة الإسلامية “حماس” وبقية الفصائل الفلسطينية المقاومة والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والانتصار لقضيته العادلة كتفا بكتف، مهما كانت الظروف أو التحديات أو التضحيات.

مقالات مشابهة

  • الأوقاف تصدر العدد الرابع من مجلة «وقاية» للتوعية بخطورة التعدي على المال العام
  • شبيه النبي الذي رآه ليلة الإسراء والمعراج وأوصاه بـ 5 كلمات
  • لازم تقيف ..طالما استخدمت قحتقدم هذا الشعار بالتزامن والتناسق مع الإرهاب الذي يمارسه حلفاؤهم
  • مسلسلات رمضان 2025.. «WATCH IT» تكشف عن ملامح شخصية أحمد السعدني في «لام شمسية»
  • خطاب حميدتي الأخير بارد باهت خالي حتى من الوجع والغبينة
  • بينهم القبطان الذي خُطِفَ في البترون.. هل يُطلق سراح إليزابيث تسوركوف مقابل أسرى حزب الله؟
  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • خالد الجندي: الصلاة كانت موجودة قبل الإسراء والمعراج «فيديو»
  •  الداعية خالد الجندي: الصلاة كانت موجودة قبل الإسراء والمعراج «فيديو»
  • الشيخ خالد الجندي: الصلاة كانت موجودة قبل الإسراء والمعراج