تحليل: هل سيرفع العليمي علم الجمهورية على جبال مران؟
تاريخ النشر: 2nd, May 2024 GMT
قبل أيام قليلة، وأثناء زيارته الأولى لمحافظة مأرب، تعهد رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي بتحرير العاصمة صنعاء وبقية المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن.
وصف الرئيس العليمي مناطق سيطرة المليشيا الحوثية بالمنكوبة، بسبب الظلم الذي نزل بسكانها من قبل المليشيا التي اتبعت سياسة إفقار المواطنين وتجويعهم وسرقة ممتلكاتهم وأموالهم تحت مسميات مختلفة.
تعهُّد التحرير بين رئيسين
تعهُّد الرئيس العليمي بتحرير صنعاء يذكّر بما أعلنه الرئيس السابق عبدربه منصور هادي قبل تسع سنوات، حيث تعهّد في مارس 2015 أنه سيرفع علم الجمهورية اليمنية على جبال مران بدلا من العلم الإيراني. كان ذلك أول خطاب تلفزيوني للرئيس هادي منذ وصوله إلى عدن بعد إفلاته من الإقامة الجبرية التي وضعته المليشيا الحوثية تحتها في صنعاء، وقد أعلن أن عدن ستكون "عاصمة مؤقتة" لليمن حتى تحرير العاصمة صنعاء وإنهاء الانقلاب الحوثي. ثم تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات لدعم السلطة الشرعية وإنهاء الانقلاب، لكن بعد ثماني سنوات من الحرب ضد المليشيا الحوثية، سلّم الرئيس هادي السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي بناء على مشاورات الرياض مطلع أبريل 2022.
في ذلك الخطاب دعا الرئيس هادي الحوثيين إلى الرحيل عن صنعاء وإخلاء مقرات الحكومة في العاصمة، كما حث كافة الأطراف السياسية على المشاركة في محادثات سلام في العاصمة السعودية الرياض. وشدد على أن الوضع السياسي في اليمن يجب أن يعود إلى ما كان عليه قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء بإعادة العمل بالدستور، وتنفيذ قرارات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية. كما خيّر الحوثيين بين القبول بتحقيق عدد من مطالبهم أو مواجهة موقف رئاسي وشعبي حازم. ثم اتضح خلال سنوات الحرب أن مطالب المليشيا الحوثية لم تكن غير رماد قامت بذرّه على عيون الشعب اليمني لتمرير مشروعها الطائفي في السيطرة على كافة الأراضي اليمنية، انطلاقا من اعتقاد خرافي بأحقية الهاشميين في حكم اليمن. ولتحقيق هذا المشروع، تحالف الحوثيون مع إيران التي تستغل الجماعات الشيعية في المنطقة العربية للحصول على موطئ نفوذ تنافس به القوى الغربية.
ظل الرئيس هادي يكرر تصريحه عن رفع العلم الجمهوري على جبال مران في أكثر من مناسبة، إحداها في فبراير من العام 2017، عندما زار جزيرة/ محافظة سقطرى، حيث قال: "سنبني اليمن الاتحادي الجديد ونرفع علمنا الغالي فوق جبال مران". وأضاف إن بناء اليمن الاتحادي وإنهاء الانقلاب الحوثي هو مشروعه في الحكم، مذكّرا بتضحيات الشهداء من خيرة رجال وشباب اليمن من أجل هذا المشروع. وتابع حديثه بثقة قائلا: "لن تحكمنا إيران وأدواتها مهما كلفنا ذلك".
صنعاء "خط أحمر"
في ديسمبر من العام 2022، وبعد أربع سنوات من توقيع اتفاق ستوكهولم الذي أعاق معركة تحرير محافظة الحديدة، قال رئيس مجلس النواب سلطان البركاني في إحدى الفعاليات الجماهيرية، إن أمريكا هي التي أعاقت معركة تحرير العاصمة صنعاء بعد أن وصلت القوات الحكومية إلى فرضة نهم. لم يحظ تصريح البركاني باهتمام كبير رغم أنه ذكر تفاصيل الإعاقة الأمريكية لتحرير صنعاء، مؤكدا أن السفير الأمريكي لدى اليمن، آنذاك، ماثيو تيلر، قال لرئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيد بن دغر عندما كانت القوات الحكومية تتقدم عبر فرضة نهم: "صنعاء خط أحمر".
استمرت سيطرة القوات الحكومية على فرضة نهم ثلاثة أشهر فقط، من ديسمبر 2015 إلى فبراير 2016، ثم بدأت المعارك تحتدم على هذه الجبهة الاستراتيجية، وصولا إلى أغسطس من نفس العام، حين انتهت مفاوضات الكويت دون تحقيق أي تقدم في الحل السياسي. بعدها قادت الأمم المتحدة مساعي للتهدئة طبقا للخط الأحمر الأمريكي، وانسحبت القوات الحكومية من جبهة نهم لتسيطر عليها مليشيا الحوثي.
معركة الحديدة
بعد سيطرة المليشيا الحوثية على فرضة نهم، فتحت الحكومة الشرعية جبهة أخرى كبيرة لتحرير محافظة الحديدة، ومرة أخرى تدخل الخط الأحمر الأمريكي والبريطاني لإعاقة هذه المعركة بفرض اتفاق ستوكهولم على الحكومة في ديسمبر 2018. ورغم أن الاتفاق قضى بانسحاب الطرفين من مدينة الحديدة، إلا أن مليشيا الحوثي عززت قبضتها على المدينة وسط تخاذل من قبل اللجنة العسكرية الأممية (أونمها) المشكّلة للإشراف على تنفيذ اتفاق ستوكهولم سيئ الذكر.
تم إطلاق اسم "الرمح الذهبي" على معركة تحرير الحديدة وكان يمكن أن تنجح مثلما نجحت عملية "السهم الذهبي" في تحرير مدينة عدن ودحر ذراع إيران منها، إلا أن الخط الأحمر الأمريكي والبريطاني استمر في تمكين مليشيا الحوثي من السيطرة على عدد من المناطق المحررة، وأهمها المناطق الواقعة في العمق الاستراتيجي لمحافظة مأرب. وقد انتظرت مليشيا الحوثي لمدة عامين لتجهيز قواتها بالأسلحة والمقاتلين الذين معظمهم من الأطفال والشباب تحت عمر العشرين، وبدأت هجومها بإطلاق صاروخ بالستي على تجمع للقوات الحكومية مما أسفر عن مقتل ما يقارب 116 جنديا وإصابة العشرات. كان يمكن أن ينسف هذا الهجوم كل اتفاقات التهدئة مع المليشيا الحوثية الغادرة، لكن المجتمع الدولي اكتفى بالإدانات فقط. وبالتزامن مع انشغال العالم بوباء كورونا عام 2020، أطلقت هجوما متعدد المسارات على مديريات مأرب الشرقية والشمالية والجنوبية، ولم يوقفها الخط الأحمر الأمريكي عن السيطرة على مدينة مأرب، بل أوقفها صمود المقاتلين الجمهوريين من جنود ورجال قبائل مخلصين، مسنودين بغارات طيران التحالف العربي.
عجز الحوثي عن السيطرة على مأرب، كما عجز عن السيطرة على مدينة تعز ومديرياتها الجنوبية والغربية، ولم يكن أمام الخط الأحمر الأمريكي والبريطاني سوى أن يقبل بهذه المعادلة. ويعتقد مراقبون ونشطاء أنه كان يمكن أن تضع الحكومة الشرعية ودول التحالف العربي خطوطها الحمراء أيضا في مقابل هذا الخط، وأن تتحدث مصادرها الرسمية عن الضغط الأمريكي والبريطاني لإعاقة حربها لتحرير اليمن من هذه المليشيا السرطانية. لكن المصادر الرسمية للحكومة ودول التحالف العربي التزمت الصمت حتى جاءت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحرين الأحمر والعربي، لتؤكد الكارثة التي تسببت بها واشنطن ولندن لليمن مقابل حمايتها الملتوية لمليشيا أصبحت تشكل خطرا على المصالح الإقليمية والدولية.
هل يفعلها الرئاسي؟
هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس مجلس القيادة الرئاسي عن استعادة مؤسسات الدولة وتحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيا الحوثية، فقد تحدث عن ذلك في أكثر من مناسبة، كما تحدث عنه أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في مناسبات عدة.
يرى مراقبون وخبراء أن القوات الحكومية لا ينقصها العتاد والمقاتلون ولا الشجاعة لتحرير صنعاء وجميع المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية، بل ينقصها التخطيط الجيد وحسن الإدارة للعمليات العسكرية وللموقف الإقليمي والدولي لدعم عملية التحرير التي طال انتظارها. وفي كلمته التي تعهد فيها بتحرير صنعاء وبقية المناطق "المنكوبة" بالانقلاب الحوثي، قال الرئيس العليمي، إن هذا التوجه يتطلب قبل كل شيء، قدرا كبيرا من التوافق الوطني وتسخير الإمكانيات لتحقيق هذا الهدف.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: مجلس القیادة الرئاسی الأمریکی والبریطانی القوات الحکومیة التحالف العربی ملیشیا الحوثی السیطرة على فرضة نهم
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: دماء الشهداء سطورٌ محفورة في تاريخ الأمة ومفاتيح عزتها التي لا تذبل
وجه فضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في الذكرى الـ 56 ليوم الشهيد، أسمى آيات الشكر والعرفان إلى أرواح الشهداء الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداءً لوطنهم، مؤكدا أن دماء الشهداء هي سطورٌ محفورة في تاريخ الأمة، وشواهد عزتها التي لا تذبل.
وأعرب المفتي في بيان اليوم عن فخره واعتزازه بتضحيات هؤلاء الأبطال الذين سطروا بدمائهم الطاهرة أروع قصص البطولة والشرف في تاريخ أمتنا.
وأكد أن دماء الشهداء هي سطورٌ محفورة في تاريخ الأمة، وشواهد عزتها التي لا تذبل، فهذه الدماء التي تجسدت فيها أسمى معاني الوفاء والتضحية، ستظل مشعة في قلوبنا وعقولنا، لتضيء دروب الأجيال القادمة وتحثهم على التمسك بقوة الوطن وكرامته، فلم يترك هؤلاء الأبطال مجرد ذكريات، بل تركوا إرثًا من العزة، التي لا تضعف مع مرور الزمن، وعزيمةً لا تهزم أمام عواصف التحديات، معتبرًا فضيلته، أن الاحتفاء بيوم الشهيد هو دعوة لنا جميعًا لإعادة التفكير في قيم العطاء والتضحية، وتذكرة لنا بأن كرامة الوطن وازدهاره لا تتحقق إلا بالإخلاص والتفاني في العمل من أجل رفعة هذه الأرض المباركة.
كما توجه فضيلته، بخالص التحية والتقدير إلى أمهات وأسر الشهداء والمصابين، الذين ضربوا وما زالوا أروع الأمثلة في الصبر والثبات، مؤكدًا تقديره العميق للتضحيات الجليلة التي يقدمها رجال القوات المسلحة البواسل وأبطال الشرطة الأوفياء، الذين يواصلون العمل بكل إخلاص لضمان استقرار مصر وحفظ أمنها.
وقال فضيلته إن ذكرى يوم الشهيد المصري مناسبة نستلهم منها القوة والإيمان، ونتذكر من خلالها أن الوطن يستحق منا كل التضحية والفداء، ونسأل الله تعالى أن يتغمد شهداءنا بواسع رحمته، وأن يجعلنا من الذين يستلهمون من بطولاتهم عزيمةً وإصرارًا على المضي قدمًا في بناء وطننا العزيز مصر وحمايته، وأن يحفظه من سوء ومكروه، وكل عام ونحن جميعًا بخير.
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: المرأة شريك في بناء الحضارة والتاريخ شاهد على بصماتها الراسخة
مفتي الجمهورية: القرآن الكريم معجزة باقية إلى يوم القيامة وهو صالح لكل زمان ومكان
مفتي الجمهورية: غياب الاقتداء بالنموذج النبوي في الحياة الزوجية سبب رئيسي للمشكلات الأسرية