بقلم : فالح حسون الدراجي ..

أمس، كان عمال العراق وبلدان العالم على موعد مع أريج الاول من أيار الزكي، حيث يتسابق ورد الجوري والفل والنرجس وزهور الياسمين على اللقاء بصناع الحياة، والاحتفال بعيد أصحاب البدلات الزرق، والسواعد (السمر)، ومصافحة الأكف (الخشنة) التي تصنع لنا حرير الحياة رغم خشونتها، وتجمل حياتنا رغم قبح وقسوة الظروف الحياتية التي تعيشها في ظل استغلال الأنظمة والقوى الرأسمالية.

.

نعم، أمس كان الأول من أيار، وهذا يعني لي ولأمثالي الكثير، بل الكثير جداً.. فهو لم يكن عيداً للعمال فقط، بل كان ولم يزل عيداً لكل التقدميين والمثقفين وجميع الفئات والعناصر الوطنية .. لذلك حضروا جميعاً في المسيرة العمالية الكبيرة التي تقدمها سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، وعدد غير قليل من قيادات الحزب الشيوعي العراقي، وكوادر النقابات العمالية، والطبقات الاجتماعية المختلفة، تلك المسيرة التي انطلقت من ساحة الفردوس، وانتهت عند ساحة التحرير في بغداد .. حيث كان لـ(المنجل والچاكوچ)، والرايات الحمر، مع البدلات العمالية الزرق، حضور باهر ومؤثر وجميل..

لقد حضر العمال أمس في مسيرة الأول من أيار، ومعهم حضر الفلاح والطبيب والمهندس والطالب والعسكري والكاسب.. نساءً ورجالاً، وكلهم يهتف ويغني للبروليتاريا في عيدها المجيد .. أما أنا فلم أكتف بالهتاف والغناء والمسير مع الجموع الراجلة، إنما ذهبت مع خيالي أيضاً، فقد رحت أستذكر الكثير من التفاصيل الشخصية وغير الشخصية التي مرت في هذا اليوم العظيم. إذ تذكرت يوم الأول أيار من عام 1980، حيث اعتقلت سلطات البعث الصدامية شقيقي (العامل) الشهيد خيون حسون الدراجي ( ابو سلام)، في مطعم أكد في ساحة النصر ، أي على بعد أمتار من المكان الذي تمر منه مسيرتنا الآن، وهو المكان الذي لم يره شقيقي مرة ثانية، فقد حكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت بسبب انتمائه للحزب الشيوعي.. وقد يقول البعض: وكيف تحتفل في يوم اعتُقل – وأُعدم – فيه شقيقك؟!

وأقول: إن يوم اعتقال شقيقي وإعدامه هو يوم محزن حقاً، ولكنه الحزن الجميل الذي يبعث الفخر في النفوس المؤمنة بقضيتها العادلة، ويطيل القامة ويرفع الرأس حتماً.

لقد مضى شقيقي إلى أبدية الشرف التي سبقه اليها رفاقه من ضحايا (ساحة هيماركيت ) في شيكاغو وغيرها من الاحتجاجات والإضرابات العمالية التي شهدتها عام 1886.

ومضت اليها لاحقاً أيضاً قوافل العمال والأحرار والثوار امثال جيفارا وروزا لوكسمبورغ وفهد وسلام عادل وشهدي عطية وشفيع احمد الشيخ وفرج الله الحلو، وهندال وعبد الأمير سعيد وجواد العطية وفالح الطائي وصباح طارش وسحر أمين، وهادي صالح الزبيدي (ابو فرات)، ووضاح حسن عبد الأمير (سعدون)، والعاملة الشيوعية الشهيدة أميرة عبد عون، والشهيدة الباسلة رسمية جبر علي حسون الوزني (ام لينا)، وعشرات الآلاف من العمال والثوار الأحرار.

إن الاحتفال بيوم العمال العالمي يذهب بنا ايضاً إلى اولئك الشهداء الذين سقطوا ظلما بسيارات الإرهاب وأحزمة الموت الطائفية المفخخة في ساحات ومساطر عمال البناء في ساحة الطيران ومدينة الثورة والكاظمية وبغداد الجديدة والبياع والعلاوي والشورجة وأسواق الصدرية وغيرها من المناطق، وجميع هؤلاء الشهداء من أهلنا الفقراء والكسبة المظلومين الذين سعوا إلى رزقهم صباحاً، وانتهى بهم ذلك الصباح إلى أشلاء منثورة في الساحات والشوارع..
وليس سراً أذيعه، لو قلت إن الأول من أيار يثير في ذاكرة قلبي الف ذكرى وذكرى مؤلمة، ويوقظ في صدري شجوناً ساكنة – أو هكذا أظن – وفي بعضها شجون لذيذة ومبهجة وصاخبة، ولعل من بين تلك الذكريات الجميلة، ما كنا نفعله أنا والكثير من الرفاق و (الزملاء) والأصدقاء قبل حلول هذا العيد، حيث نعد الأهازيج ونكتب اللوازم الغنائية الملحنة، لكي نقدمها في الحفلات والسفرات، وكان للراحل كريم العراقي والراحل منعم الربيعي ولي أيضاً فيها حصة الأسد، كما كان للبعض الآخر من الأحبة مثل القاص داود سالم والقاص عبد جعفر، والصديق رحيم العراقي، دور مهم في اعداد وكتابة الشعارات السياسية على الأوراق الصغيرة الملصقة مع (الچكليت) وهي شعارات وطنية عمالية وشيوعية دون شك ..

وفي الأول من أيار أتذكر سفراتنا الثقافية والفنية والسياسية الرائعة إلى البساتين والقرى ( الصديقة) للحزب، والقريبة من بغداد، مثل بساتين الراشدية، وصدر القناة، وناحية (أبو صيدا)، حيث تكون هذه البساتين – عادة – محمية ومؤمّنة من قبل رفاقنا بالمنظمة الشيوعية في المنطقة ..وفي هذه السفرات، كان ثمة برنامج احتفالي متكامل لا تنقصه المتعة والترفيه والتثقيف والتوجيه نحو الالتزام الوطني والاخلاقي الكامل..

تشرف عليه لجنة مختصة بمثل هذه البرامج الفذة.

وفي الاول من أيار، أتذكر قصيدة الراحل الكبير كريم العراقي (مذكرات عامل منفي)، حيث أطلق فيها قَسماً هو لعمري واحد من أنبل الأقسام، إذ يقسم كريم العراقي قائلاً: ” وحق من يعرگ العامل على الآلة ثمن ساعات)..

فأي عرق طاهر ذاك الذي أقسم به وعليه كريم ؟

وفي ميدان الشعر ايضاً، قصيدة الشاعر الشيوعي الراحل خيون دواي الفهد حيث وجدت منها ما يبقى في ذاكرتي حتى هذه اللحظة رغم مرور نصف قرن على كتابتها، إذ يقول الشاعر الفهد :

” حبيت وحبيت هواي .. حبيت العامل من يتعب .. كلما يعرگ يكبر چفه ..” ..

وفي الختام، ونحن نمر على هذا الحشد الزكي من الأسماء الخالدة، يجدر بنا أن نجعله -الختام- مسكاً وعنبراً، وهل هناك أزكى من روائع قيثار الطبقة العاملة وفنان البروليتاريا الراحل جعفر حسن، وما خص به العمال وحزبهم الشيوعي، لاسيما رائعته العمالية التاريخية، التي كتبها الشاعر الغنائي الراحل كاظم السعدي، والتي صارت نشيداً وطنياً للعمال الشيوعيين وغير الشيوعيين، بمطلعها الذي يبدأ من

” عمي يا ابو چاكوچ خذني خذني وياك .. ذبني ويه العمال ..حلوة عيشتي هناك ..عمي يا بو چاكوچ .. عمي يا ابو چاكوچ ..” !!

فالح حسون الدراجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الأول من أیار

إقرأ أيضاً:

القسام تبث مناشدة أسير إسرائيلي: لا أحد يمكنه إخراجنا بالقوة

#سواليف

بثت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مقطع فيديو لأسير إسرائيلي يستغيث مطالبا بإطلاق سراحه، وقال إنه هو من طالب بتسجيل هذا الفيديو.

وظهر الأسير -الذي قال إنه يحمل رقم 22- وهو يصرخ “يا رئيس الوزراء، حماس لم تطلب مني تسجيل هذا الفيديو، هذه ليست حربا نفسية، الحرب النفسية الحقيقية بالنسبة لي هي أن أستيقظ بدون رؤية ابني وزوجتي، وهذا الأمر لا يجعلني بصحة جيدة”.

وأضاف “أنتم لا تفهمون، أريد أن أخرج من هنا، لا يوجد عندي طعام، وأنا أتوجه لنقابة العمال العامة، أنا أختنق، أريد أن أخرج من هنا، من فضلكم ساعدوني، أنا مشتاق لزوجتي وابني وللجميع”.

مقالات ذات صلة تفاعل واسع مع هاشتاغ ” #عيدنا_لغزة “.. ” #لا_فرحة_في_ظل_المجازر “ 2025/03/30

وواصل الأسير حديثه “أخرجوني من هنا، أنا أعمل منذ 15 عاما تحت إطار لجنة العمال ولم أطلب منها شيئا، إنكم تدافعون عن عمالكم المعتبرين، لماذا لا تدافعون عني؟”.

"أعيش حربًا فوق طاقتي كل يوم وأنا بعيد عن ابني".. القسـ.ـام تبث رسالة أسير إسرائيلي يصرخ مناشدًا نتنياهو وحكومته إبرام صفقة لإطلاق سراحه pic.twitter.com/klmSsVmr0J

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) March 29, 2025

لا أحد سيخرجنا بالقوة

وناشد الأسير الحكومة بقوله “أخرجوني من هنا، لقد وقّعتم صفقة وأخرجتم المجندات وكبار السن، وأخرجتم الجميع، ماذا عنا؟ لماذا زوجتي وحدها؟ لماذا ابني لا يمكنه قول كلمة: بابا؟”.

وتابع حديثه باكيا “لماذا؟ لماذا؟ أخرجونا من هنا”، مضيفا “هذا صعب، أنا أتوسل إليكم، كفى، أنا أعمل تحت إطار نقابة العمال منذ 15 عاما، ألا أستحق ذلك؟ اخرجوا من أجلي، اسمعوا صوتي وصرخاتي”.

وختم بالقول “أنا لا أطلب منكم شيئا سوى هذا، فقط أخرجوني من هنا، هذا طلبي الوحيد، هذا ما أطلبه من نقابة العمال، اعملوا من أجلي، أنا أستحق، أنا مقاول أعمل منذ 15 عاما”، مضيفا “يجب أن تعرفوا أنه لا يوجد أحد في مثل وضعنا، نحن تحت القصف على مدار 24 ساعة”.

وتابع “كل يوم هناك انفجارات، هم يخبروننا أنهم يحاولون إخراجنا بالقوة، من سيخرجنا من هنا بالقوة؟ لا أحد يستطيع ذلك، هذا سيقتلنا وستكون نهايتنا، أنتم لا تدركون ذلك، أنا أخشى أن أموت هنا، ساعدونا من فضلكم، من يستطيع المساعدة فليساعد”.

وكان الأسير يتحدث وخلفه شاشة الجزيرة يظهر عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وهو يتحدث عن مشاهد الأسرى التي تبثها المقاومة، والتي قال إنها تزيده إصرارا على استعادتهم.

وختمت القسام الفيديو بعبارة “لن يخرجوا إلا بصفقة، الوقت ينفد” التي كتبت بالعربية والعبرية والإنجليزية.

وهذه ليست المرة الأولى التي تنشر فيها المقاومة مقاطع لأسرى إسرائيليين أحياء بعد عودة إسرائيل إلى استئناف الحرب قبل أسبوعين.

مقالات مشابهة

  • أكسيوس: ترامب يعتزم زيارة السعودية في منتصف أيار
  • القسام تبث مناشدة أسير إسرائيلي: لا أحد يمكنه إخراجنا بالقوة
  • أبناء عمران يحتشدون في 65 ساحة إحياءً ليوم القدس العالمي
  • متصدراً دول العالم.. اليمن يحيي يوم القدس العالمي
  • أبناء محافظة عمران يحتشدون في 65 ساحة لإحياء يوم القدس العالمي
  • أبناء الحديدة يحتشدون في 133 ساحة إحياءً ليوم القدس العالمي
  • أبناء تعز يحتشدون في 33 ساحة لإحياء يوم القدس العالمي
  • أبناء محافظة تعز يحتشدون في 33 ساحة لإحياء يوم القدس العالمي
  • اليمن يحيي يوم القدس العالمي
  • أبناء الحديدة يحتشدون في 133 ساحة إحياء ليوم القدس العالمي