في خطوة لافتة، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان اليوم الأربعاء أن بلاده قررت الانضمام إلى جنوب أفريقيا في القضية التي رفعتها على إسرائيل في محكمة العدل الدولية، في ضربة جديدة للعلاقات التركية الإسرائيلية.

وقال فيدان في مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي في أنقرة "بعد استكمال السياق القانوني لعملنا، سنقدم إعلان الانضمام الرسمي أمام محكمة العدل الدولية
تنفيذا للقرار السياسي الذي اتخذناه".

وجاء إعلان فيدان الانضمام إلى جنوب أفريقيا في أعقاب انتقادات حادة من المعارضة التركية، التي لامت الحكومة لعدم مبادرتها برفع دعوى مماثلة ضد إسرائيل مستندين إلى أن تركيا، بفاعلية استخدامها للقانون الدولي، يمكن أن تعزز سمعتها الدولية وتسهم بشكل مؤثر في تخفيف المعاناة في غزة.

وكانت تركيا رحبت منذ اليوم الأول، برفع جنوب أفريقيا دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، على خلفية انتهاك التزاماتها في إطار "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة"، وأكدت على ضرورة ألا تمر جرائم إسرائيل دون عقاب، وأنه يجب محاسبة المسؤولين أمام القانون الدولي.

ولم تكتف تركيا التي أعلنت دعمها الدائم لموقف جنوب إفريقيا بالترحيب، بل أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تقديم تركيا وثائق للمحكمة الدولية من شأنها التأثير على مسار القضية وتوثيق ارتكاب إسرائيل لجرائم إبادة إنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

كما قال رئيس الوفد البرلماني التركي الذي توجه إلى لاهاي لمتابعة جلسات الاستماع في الدعوى، إن تركيا بحكومتها ومؤسساتها المدنية لن تكون طرفا في الظلم الذي يعيشه الفلسطينيون، وأكد أنها "ستساهم بشكل فعال في كافة الجهود الرامية للتوصل إلى حل، كما أنها مستعدة لتحمل المسؤولية بوصفها ضامنا في مرحلة تنفيذ الاتفاق النهائي".

وفي إطار الدعم القانوني، تقدّم 3061 محاميا تركيا بدعوى قضائية إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي تضمنت دلائل تثبت قيام إسرائيل بجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية وجرائم حرب في قطاع غزة.

فيما قامت مجموعة أخرى من المحامين الأتراك برفع دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمام المحكمة الجنائية الدولية، تتهمه بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

محكمة العدل أمرت إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع ارتكاب إبادة جماعية بغزة لكنها لم تأمرها بوقف إطلاق النار (الأناضول) لماذا الآن؟

وعن سبب توقيت إعلان تركيا الذي يعده مراقبون متأخرا بعد مرور عدة أشهر على الدعوى رفعتها جنوب أفريقيا، يوضح المحلل السياسي أحمد أوزغور أن تركيا ليست طرفا حتى الآن في نظام روما الأساسي الذي أُنشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية وهي المحكمة المعنية بمحاكمة ومحاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

ويقول أوزغور في حديثه للجزيرة نت، "على الرغم من أن تركيا لا تستطيع أن تطلب رسميا إجراء تحقيق إلى مكتب المدعي العام، إلا أنها تستطيع الإدلاء ببيان وإرسال أدلة حول الجرائم المرتكبة، أو حتى الانضمام كشريك في دعوى".

وأشار أوزغور إلى بيان المحكمة الجنائية الذي قالت فيه أنها "لن تحاكم" الهجوم الذي نفذه جنود إسرائيليون على سفينة "مافي مرمرة" التي كانت مبحرة إلى فلسطين في 31 مايو/أيار 2010. والتي لقي على متنها 9 مواطنين أتراك حتفهم وأصيب أكثر من 50 آخرين، مما يعكس طبيعة العلاقة بين تركيا والمحكمة.

وفي السياق، قال مصدر في وزارة الخارجية التركية للجزيرة نت، أن ملف انضمام تركيا إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية كان دائما على طاولة النقاش لتحديد مدى أهميته وفعاليته والوقت المناسب لتقديمه، مؤكدا أن تركيا لم ولن تتأخر في بذل كل الجهود اللازمة لخدمة القضية الفلسطينية والعمل على وقف الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.

وأكد المصدر، أن تركيا ستبدأ بجميع الإجراءات اللازمة للمضي قدما بشأن ما يمكن القيام به بخصوص القضية.

جنوب أفريقيا رفعت قضية أمام محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة (الأناضول) التداعيات

وقال الباحث في القانون الدولي يوجال أجير أنه نظرا للانتهاكات الجماعية والخروقات المتكررة للقوانين الدولية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، فقد قررت تركيا مؤخرا اعتماد نهج مشابه لذلك الذي اتبعته جنوب أفريقيا من خلال الطرق القانونية. مؤكدا على أن هذا النهج يُظهر بشكل واضح الدور المحوري والأهمية الاستراتيجية لتركيا في الساحة الدولية.

ويشير أجير في حديثه للجزيرة نت، إلى أن انضمام تركيا إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل لا يُظهر فقط التزامها بالقضايا الإنسانية، ولكنه أيضا يُعزز موقف جنوب أفريقيا من الناحية القانونية، تماما كما كان تدخل دول مثل رواندا والبوسنة والهرسك.

وأضاف أجير، أن المحكمة الدولية ستقرر أولا ما إذا كانت ستقبل التدخل التركي، وفي حالة الموافقة، سيكون ذلك داعما قويا لموقف جنوب أفريقيا، ويُعززه من الناحية القانونية. وأكد أجير على أهمية الدعم المادي والمهني الذي يمكن أن يقدمه التدخل التركي ليس فقط لجنوب أفريقيا ولكن للمجتمع الدولي في سعيه نحو العدالة وحقوق الإنسان.

وفي تصريحات للجزيرة نت، أكد الرئيس السابق للمخابرات الجوية التركية والخبير الأمني، غورسال توكماك أوغلو، على أن الوضع الجيوسياسي الحالي يتطلب تدخلا دقيقا ومدروسا من جانب المجتمع الدولي لضمان تحقيق السلام.

واعتبر أوغلو أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة استخدمت التأجيل السياسي كأداة للابتعاد عن تنفيذ حلول دائمة، فيما أضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى هذا التأجيل طبقة إضافية من الظلم.

وأشار إلى أن الأزمات الإنسانية في غزة تحتاج إلى تدخل عاجل، وأن الجهود التركية الحالية تهدف إلى تسريع الاعتراف الدولي بفلسطين وتطبيق وقف إطلاق النار في غزة، مستغلة الضعف الظاهر في ثقة المجتمع الدولي والداخلي تجاه نتنياهو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات المحکمة الجنائیة العدل الدولیة جنوب أفریقیا إبادة جماعیة محکمة العدل فی قطاع غزة للجزیرة نت ضد إسرائیل أن ترکیا فی غزة

إقرأ أيضاً:

المعارضة في جنوب أفريقيا تسعى لإحياء إجراءات عزل الرئيس

رفع حزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية" في جنوب أفريقيا قضية إلى المحكمة العليا في البلاد اليوم الثلاثاء في محاولة لإحياء إجراءات عزل الرئيس سيريل رامافوزا بشأن الفضيحة التي أطلقت عليها وسائل الإعلام المحلية اسم فضحية المزرعة.

وتركزت الفضيحة على سرقة مزعومة لملايين الدولارات مخبأة في أثاث بمزرعة ألعاب فالا فالا التابعة لرامافوزا، والتي كشف عنها مسؤول مخابرات سابق للشرطة.

ووجد تقرير لجنة مستقلة أدلة على أن رامافوزا ربما ارتكب سوء سلوك بشأن الحادث.

متظاهرون من حزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية" يطلبون اعتقال الرئيس رامافوزا (رويترز)

لكن في أواخر عام 2022، صوت المشرعون من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي يتزعمه رامافوزا، والذي كان يتمتع بأغلبية في الجمعية الوطنية في ذلك الوقت، لصالح رفض التقرير ومنعوا تشكيل لجنة عزل للتحقيق في هذه المزاعم. ويقول حزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية" إن الجمعية الوطنية تصرفت بشكل غير قانوني من خلال عدم مساءلة الرئيس.

ويقول رامافوزا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي إن التقرير لم يقدم أدلة كافية لدعم النتائج التي توصل إليها واعتمد على الإشاعات، بحسب ملخص القضية الذي نشرته المحكمة الدستورية في جوهانسبرغ. وبدأت الجلسة الأولى صباح اليوم الثلاثاء.

وظهرت القضية إلى العلن عندما أدلى رئيس المخابرات السابق في جنوب أفريقيا، آرثر فريزر، بمعلومات لأحد مراكز الشرطة في يونيو/حزيران 2022 متهما الرئيس رامافوزا بغسل الأموال والفساد والتستر على سرقة كبيرة للأموال.

وقال فريزر للشرطة إن اللصوص داهموا مزرعة ألعاب رامافوزا في فبراير/شباط 2020، وعثروا على ما لا يقل عن 4 ملايين دولار من النقد الأجنبي مخبأة في الأثاث، وسرقوها.

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا خلال قمة البريكس في كازان الروسية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي (رويترز)

ونفى رامافوزا ارتكاب أي مخالفات، وبرأته هيئة مكافحة الفساد في جنوب أفريقيا في يونيو/حزيران 2023 من تضارب محتمل في المصالح يتعلق بتلك الأموال.

وخسر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أغلبيته البرلمانية في انتخابات مايو/أيار هذا العام، لكنه يواصل الحكم كجزء من ائتلاف واسع مع أحزاب أخرى.

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال: أضعفنا حزب الله الذي هو مشروع إيراني
  • الجمعية الدولية DIA تقيم مؤتمرها للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالقاهرة
  • كل ما تريد معرفه عن تداعيات وقف إطلاق النار في لبنان
  • انضمام 19 اتحادًا وطنيًا جديدًا للاتحاد الدولي للهجن
  • انضمام 19 اتحادًا وطنيًا جديدًا للاتحاد الدولي للهجن خلال انعقاد الجمعية العمومية الرابعة في اليونان
  • «العربية لحقوق الإنسان» تدعو للانضمام الجماعي لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل
  • جنوب أفريقيا ترفض وصف محاسبة الاحتلال على جرائمه بـمعاداة السامية
  • المعارضة في جنوب أفريقيا تسعى لإحياء إجراءات عزل الرئيس
  • رداً على استهداف إسرائيل المتواصل للجيش... شكوى جديدة أمام مجلس الأمن
  • وزير العدل بحث مع العفو الدولية سبل مواجهة الاعتداءات على لبنان دولياً