الجزيرة:
2024-11-25@16:27:23 GMT

بلياردو شرق أوسطي.. جدل الصفقة والهوس بالسنوار

تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT

بلياردو شرق أوسطي.. جدل الصفقة والهوس بالسنوار

يشتعل مجددا الجدال في الصحف الإسرائيلية بشأن أيهما الأولى تحرير الأسرى أم اجتياح رفح؟ فيما ركز جزء منها في موضوعاتها على رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة يحيى السنوار وانشغال إسرائيل به.

ونبدأ من معاريف، فقد ناقش المحلل العسكري ران أدليست في مقال له بعنوان "بلياردو شرق أوسطي" الأزمة التي يعيشها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في ظل الخيارات الصعبة التي يواجهها.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أميركا تدرس استقبال فلسطينيين من غزة كلاجئينlist 2 of 4هكذا تعتمد إسرائيل على المقاتلين الأجانب في ارتكاب جرائم حربها في غزةlist 3 of 4هل تواجه إسرائيل موجة أخرى من رفض الخدمة في جيشها؟list 4 of 4هآرتس: على سموتريتش أن يدفع ثمن دعواته المتكررة للإبادة الجماعيةend of list

ويقول المحلل "يبدو وكأن ساعة الحقيقة حانت، سواء قرر نتنياهو قبول العرض المصري في صفقة الرهائن، والذي سيؤدي إلى إلغاء الهجوم على رفح ويثير موجة احتجاجات من معسكر اليمين، أم رفض ذلك العرض، والذي بدوره سيؤدي إلى موجة احتجاجات من معسكر الوسط- اليمين واليسار".

ويضيف أن نتنياهو نفسه ليست لديه فكرة واضحة عن الكيفية التي يجب أن يتصرف بها إزاء الضغوط التي تمارس عليه، كما ليس لدى بن غفير وسموتريتش فكرة عن الكيفية التي يجب أن يتصرفا بها، على افتراض أنهما يفهمان أن الهدف من وقف إطلاق النار هو إعادة المحتجزين.

ويتطرق أدليست إلى العوامل الخارجية التي تضغط بقوة على نتنياهو ويسميها "لعبة بلياردو تُلعب اليوم، واللاعبون فيها هم دول شرق أوسطية".

تفكيك ائتلاف نتنياهو

ويوضح المحلل ذلك بالقول "الإستراتيجية الأميركية هي تفكيك ائتلاف نتنياهو لأجل البدء في حوار إقليمي مع حكومة جديدة في صالح تعزيز المدماك الشرق أوسطي للرئيس الأميركي جو بايدن، والتكتيك هو رزمة إغراءات لإسرائيل".

وعن ذلك يشير أدليست إلى أن رزمة الإغراءات التي يتحدث عنها تتضمن تمويل بنية تحتية أمنية وأسلحة لجهاز الأمن، وتطبيعا مع دول عربية، ومفاوضات مع (حماس) على تحرير الكل لقاء الكل (مقابل وقف القتال في غزة)، وتأييد إلغاء خطة أوامر الاعتقال من المحكمة الجنائية في لاهاي بحق قادة إسرائيليين.

ويضيف أن الفكرة وراء تلك الخطوات هي دفع بن غفير وسموتريتش إلى الخروج من الحكومة، وإجراء انتخابات، وعقد محادثات بناءه أكثر مع الحكومة الجديدة، والوسائل هي تنسيق كامل بين جهاز الأمن الإسرائيلي والإدارة الأميركية لأجل إجبار نتنياهو على الحسم، إضافة إلى أمور أخرى.

مهاجمة رفح أو قبول الصفقة

وفي "يديعوت أحرونوت" يفند الصحفي الإسرائيلي يوسي يهوشع جدوى فكرة مهاجمة رفح، ويقول إنه وفي إطار التنسيق قبيل مناورة محتملة في رفح، إذا ما حصلت، يجدر منذ الآن التشديد على أنها ستكون مختلفة جوهريا عما رأيناه حتى الآن في قطاع غزة، وذلك بسبب قيود الأميركيين غير المستعدين لأن يتحملوا الإصابات للأبرياء، إضافة إلى مطالب الإغاثة الإنسانية، أما المصريون من جانبهم فيطالبون بتنسيق أمني وثيق.

ويضيف يهوشع أن "قذيفة طائشة واحدة تقتل مدنيين دون قصد"، موضحا أن الخطوة المطلوبة يجب أن تتوخى الحد الأدنى من متطلبات الشرعية الدولية والحد الأقصى من الإنجازات العسكرية.

النصر المطلق

ومع كل ذلك، فإن الكاتب ظل متشككا في مصطلح "النصر المطلق" لنتنياهو بعد هذه العملية المفترضة، وختم مقاله بالقول "حتى لو نُفذت العملية بالفعل، هذا إذا لم يوقفها الأميركيون وحتى لو هُزمت كتائب (حماس) الأربع في المكان، فهذا لن يكون النصر المطلق. الأمر الأهم في رفح هو إغلاق محور التهريب. ولا يمكن لهذا أن يحصل إلا بتنسيق كامل مع المصريين"، وفق تعبيره.

وأيده في فكرة عدم جدوى اجتياح رفح محلل شؤون الشرق الأوسط آفي يسخروف، الذي قال إن المشكلة هي أنه حتى نتنياهو يدرك أن العملية في رفح لن تغيّر الصورة.

وأضاف "لن يتغير شيء في رفح.. سيتعيّن علينا التعامل مع حماس التي ستعزز قوتها مجددا في خان يونس وشمال قطاع غزة، ومع احتفاظها بالمحتجزين الإسرائيليين الذين ربما تم نقلهم إلى رفح في ديسمبر/كانون الأول الماضي خوفا من أن يقوم الجيش الإسرائيلي بتحريرهم".

اجتياح رفح ضرورة

ولكن في المقابل، فإن المؤرخ العسكري من الجامعة العبرية في القدس البروفيسور داني اورباخ خلص في مقال له بهآرتس إلى أن إسرائيل يجب أن تدخل إلى رفح في أسرع وقت ممكن، وأن تقطع أنبوب تزويد (حماس) من مصر، وتدمر أنفاق التهريب الاستراتيجية التي توجد تحت محور فيلادلفينا وتقوم بتحرير المخطوفين إذا استطاعت، وكل ذلك حسب ما يعتقد.

واستعرض المؤرخ الإسرائيلي حجج الداعين إلى عدم اجتياح رفح القائلين إنها خطوة ليس لها أي جدوى أو فائدة وستكلف الكثير من الضحايا وستتسبب بعزلة دولية وقطيعة مع الولايات المتحدة، ولن تفيد بأي شيء، خاصة عندما لا تضع الحكومة خطة لليوم التالي في غزة.

وحاول تفنيد هذه الحجج من خلال استعراض نماذج تاريخية للقتال في مناطق مختلفة مثل فيتنام وأفغانستان وتنظيم الدولة في العراق، وأن المقاومة في هذه البلدان كانت لها ملاجئ تعيد من خلالها تنظيم صفوفها، فيما أن (حماس) في رفح لا تملك ذلك.

الحجة الثانية التي يفندها، وهي أن الضغط العسكري على حماس لن يجعلها تقوم بإطلاق الأسرى، بقوله: "الصفقة السابقة مع حماس في 25 نوفمبر/تشرين الثاني حتى الأول من ديسمبر/كانون الاول 2023 كانت في ذروة الضغط العسكري من قبل إسرائيل. ففي تلك الفترة كانت حماس مستعدة للتنازل عن طلبها الأساسي وهو وقف الحرب تماما، ووافقت على إطلاق سراح حوالي نصف المخطوفين مقابل هدنة مؤقتة لم تضر بأهداف إسرائيل من الحرب. والآن، منذ اللحظة التي تحول فيها تهديد إسرائيل باقتحام رفح إلى تهديد فوري وموثوق فإن خطوات حماس بدأت تشير إلى ضغط آخذ في التزايد"، وفق زعمه.

ويقول إزاء الحجة الثالثة التي تفيد بأن إسرائيل ستدفع ثمنا دوليا باهظا، وستتم إدانتها من قبل المجتمع الدولي إذا تجرأت على دخول رفح، إن الضرر الأساسي على إسرائيل كان بسبب مجرد الحرب في غزة، وليس بسبب دخول منطقة معينة، "وبصفتي مؤرخ عسكري يمكنني القول بأن الحروب الكثيفة تؤدي دائما تقريبا إلى الدمار والقتل الجماعي للسكان المحليين"، بحسب رأيه.

الهوس بالسنوار

وقد أخذ موضوع رئيس (حماس) في غزة يحيى السنوار مساحة مهمة من اهتمامات الصحف، ففي هآرتس كتب تسفي برئيل الخبير في شؤون الشرق الأوسط، أنه بسبب من وصفهما بالأزعرين العنصريين (بن غفير وسموتريتش) نجح يحيى السنوار في أن يفرق الحكومة الإسرائيلية حيث يتوقع "تفجير" صفقة المحتجزين.

ويؤكد برئيل أن (حماس) تراهن على الخلافات الإسرائيلية الداخلية لتحسين موقفها التفاوضي أمام حكومة الاحتلال. وأضاف بالقول "إن بتسلئيل سموتريتش، الذي يسمى وزير المالية، والمجرم المدان بن غفير، هما بوليصة التأمين لحماس ورئيسها"، وفق تعبيره.

ويضيف بأنه ومع هذه التهديدات "يمكن للسنوار الهدوء، ويمكنه الموافقة على أي صفقة مع المعرفة المؤكدة بأن سموتريتش سيفشلها".

انتظار ما يقوله السنوار

ويختم بالقول: "يوجد لحماس زعيم واحد، ولكن في إسرائيل الحراس السياسيين الذين يعملون مثل مليشيات يقومون بإملاء جدول الأعمال".

أما الكاتب شيلي يحيموفيتش، فيسلط الضوء على العجز الذي تعيش فيه حكومة الاحتلال بانتظار ما يقوله السنوار، ويقول في مقال له في "يديعوت احرونوت": "تقف أمة ممزقة القلب، لكن تتنفس، وتسمع تكرارا بأن إسرائيل تنتظر جواب السنوار وأن مجلس الوزراء سينعقد بعده فقط؛ السنوار يفكر، السنوار يقبل العرض، السنوار يعاين. أما إسرائيل فليست موجودة. كل شيء السنوار".

ويتساءل الكاتب في ختام مقاله "أين إسرائيل، أين الرؤيا التي تحل محل المماحكة السامة، التافهة، الغبية، غير المجدية، التي ثمنها حياة الإنسان: وقف الحرب الرهيبة هذه، التي توقفت على أي حال، وكل المحتجزين ينتظرون تسوية سياسية إقليمية، تسوية تبقي السنوار في الخارج".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات اجتیاح رفح بن غفیر فی غزة فی رفح یجب أن

إقرأ أيضاً:

العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت

في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الفترة من 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حتى 20 مايو/ أيار 2024.

تشمل التهم الموجهة إليهما استخدام التجويع كوسيلة حرب، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مثل: القتل والاضطهاد وأعمال غير إنسانية أخرى، بالإضافة إلى توجيه هجمات ضد المدنيين.

أولًا: خلفية القضية

جاءت هذه الخطوة بعد تحقيقات مكثفة أجرتها المحكمة، حيث وجدت أدلة كافية تشير إلى مسؤولية نتنياهو وغالانت عن هذه الجرائم. ورغم أن إسرائيل ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، فإن المحكمة استندت إلى عضوية فلسطين في نظام روما الأساسي لممارسة اختصاصها الجغرافي والموضوعي.

تعود الولاية القضائية للمحكمة على فلسطين إلى العام 2014، وقد زار مدعي عام المحكمة كريم خان معبر رفح قبل نحو خمسة أشهر، مما يعكس جدية التحقيقات.

ثانيًا: ردود الفعل على مذكرات الاعتقال

انتقدت إسرائيل بشدة هذه المذكرات، حيث وصف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر المحكمة بأنها "فقدت كل مشروعيتها". في المقابل، رحَّبت حركة حماس بهذه الخطوة، داعية المحكمة إلى توسيع دائرة المحاسبة لتشمل جميع قادة الاحتلال الإسرائيلي. كما عقد نتنياهو اجتماعات طارئة مع وزراء ومستشارين؛ لبحث تبعات هذا القرار، وطلب من ألمانيا، وفرنسا التدخل للضغط على المحكمة لعدم إصدار المذكرات.

أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت ردود فعل دولية متباينة. أعربت الولايات المتحدة عن رفضها الشديد للقرار، وأبدت قلقها بشأن سرعة إصداره، بينما دعا الاتحاد الأوروبي ودول مثل هولندا، وأيرلندا إلى احترام استقلال المحكمة وتنفيذ قراراتها. من جانبها، أبدت فرنسا وإيطاليا تحفظات قانونية وأكدتا دراسة الموقف بالتنسيق مع الحلفاء. أما أيرلندا، فقد اعتبرت الخطوة مهمة، ودعت إلى دعم المحكمة في تحقيق العدالة.

ثالثًا: التداعيات على إسرائيل وقادتها

إذا صدرت هذه المذكرات، فإنها ستشكل إدانة معنوية كبيرة لأولئك الذين تشملهم. ستصبح إسرائيل في قفص الاتهام مرة أخرى، مما سيؤثر على صورتها الدولية ويجعل قادتها غير قادرين على السفر بحرية. كما ستؤثر هذه المذكرات على الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة في مجالات الطيران والسياحة والاستثمار في التكنولوجيا العالية وتجارة الأسلحة.

رغم أنه قد لا يكون من السهل رؤية هؤلاء القادة المتهمين في قفص الاتهام قريبًا، فإن إدانتهم كمطلوبين دوليًا تحمل أثرًا كبيرًا. سيتحول خوف القادة المتهمين إلى رفيق دائم يحاصرهم في كل خطوة، ولن يتمكنوا من السفر بحرية سوى إلى عدد محدود من العواصم التي ترفض التعاون مع الإرادة الدولية الحرة.

أما دولة الاحتلال، فقد وُصمت اليوم بالإرهاب والإبادة الجماعية في نظر الشعوب ومعظم دول العالم. كما أن احترام الدول الأوروبية الرسمية لقرار المحكمة، كونها إحدى المؤسسات القضائية التي ساهمت أوروبا في إنشائها، يُعدّ مؤشرًا على قبول هذا التطور القانوني.

رابعًا: الجنائية الدولية بين الشكوك والمصداقية

تعرضت المحكمة الجنائية الدولية لانتقادات حادة؛ بسبب تأخرها في فتح تحقيقات فعالة وإصدار مذكرات اعتقال بحق قادة متهمين بارتكاب جرائم حرب. ومع ذلك، فإن إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين سيكون خطوة مهمة نحو تعزيز مصداقية المحكمة وإثبات جديتها في محاسبة المسؤولين عن الجرائم الدولية بغض النظر عن جنسياتهم أو مناصبهم.

يُعد إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت تطورًا مهمًا في مسار العدالة الدولية، ويعكس التزام المحكمة بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم الخطيرة. إن نجاح المحكمة في إصدار هذه المذكرات، سيعزز من موقفها كهيئة قضائية دولية محترمة، وسترسل رسالة قوية بأنه لا أحد فوق القانون.

على الرغم من التباطؤ الذي شاب عمل المحكمة سابقًا، والاستهداف المباشر الذي واجهته عبر العقوبات والتهديدات، كما حدث في فترة المدعية العامة السابقة فاتو بنسودة، فإن المحكمة أقدمت على هذه الخطوة الجريئة. ورغم الصعوبات، أثبتت المحكمة اليوم قدرتها على اتخاذ قرارات تاريخية تعيد لها مصداقيتها ودورها المبرر كجهة قضائية دولية محايدة.

لقد حاولت بعض القوى الغربية، منذ نشأة المحكمة، توجيهها لتكون أداة لمعاقبة أفراد من دول العالم الثالث أو خصوم سياسيين، مثل: القادة الأفارقة، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما وصفها دبلوماسي أوروبي في حديث مع المدعي العام. ومع ذلك، يعد إدراج قادة الاحتلال في قائمة المطلوبين بمثابة خطوة مفصلية تُظهر إمكانية المحكمة في تجاوز التسييس والانتصار للعدالة الدولية.

خامسًا: خطوات وتحديات تنفيذ مذكرات الاعتقال

تشكل مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت اختبارًا حقيقيًا لالتزام العالم بالعدالة الدولية، حيث تُلزم المادة 89 من نظام روما الأساسي الدول الأطراف بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ أوامر الاعتقال.

هذا الإجراء ليس فقط انتصارًا للعدالة، بل أيضًا رسالة حاسمة لإنهاء الإفلات من العقاب، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني. العدالة ليست شعارات تُرفع، بل هي أفعال تتطلب التزامًا حقيقيًا من المجتمع الدولي.

بعد إصدار المذكرات، تُحال إلى الدول الأطراف في نظام روما الأساسي، البالغ عددها 124 دولة، لتنفيذها. يتطلب ذلك اعتقال الأشخاص المطلوبين حال وجودهم على أراضيها وتسليمهم إلى المحكمة.

يبدأ بعدها مسار الإجراءات القانونية أمام المحكمة الجنائية الدولية لضمان محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة. هذه الخطوات تمثل مرحلة حاسمة نحو تحقيق العدالة الدولية. ويعتمد تنفيذ هذه الخطوات بشكل كبير على تعاون الدول الأطراف والتزامها بالعدالة الدولية.

سادسًا: دروس من أفغانستان

شهدت المحكمة الجنائية الدولية في تحقيقها المتعلق بالجرائم المرتكبة في أفغانستان ضغوطًا أميركية مكثفة، تجلّت في عدة أشكال أثّرت على مسار التحقيقات، وأبرزت التحديات التي تواجهها المحكمة في تحقيق العدالة الدولية. ومن الممكن أن تنطبق هذه السيناريوهات على أي تحقيقات مشابهة تشمل قادة إسرائيليين.

الضغوط السياسية والدبلوماسية: مارست الولايات المتحدة، خاصة خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب، ضغوطًا سياسية ودبلوماسية كبيرة على المحكمة الجنائية الدولية لثنيها عن التحقيق في الجرائم التي ارتكبتها القوات الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في أفغانستان. تضمنت هذه الضغوط تهديدات مباشرة بفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة إذا استمروا في التحقيقات، مما عكس تصميمًا على حماية مصالحها وقادتها من أي ملاحقة قانونية دولية. العقوبات الاقتصادية: في سابقة خطيرة، فرضت إدارة ترامب عقوبات اقتصادية على المدعية العامة السابقة للمحكمة، فاتو بنسودة، ومسؤولين آخرين في المحكمة. تضمنت العقوبات تجميد أصولهم وحظر سفرهم إلى الولايات المتحدة. هذا التصعيد أثار انتقادات دولية واسعة لكونه استهدافًا لهيئة قضائية دولية مستقلة، وشكّل ضغطًا يهدف إلى ترهيب مسؤولي المحكمة ومنعهم من متابعة التحقيقات. تضييق نطاق التحقيق: في تحول لافت، قرر المدعي العام الحالي للمحكمة، كريم خان، تضييق نطاق التحقيق في الجرائم المرتكبة بأفغانستان ليشمل فقط تلك التي ارتكبتها حركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية، مستبعدًا بذلك الجرائم التي ارتكبتها القوات الأميركية. أثار هذا القرار استياءً واسعًا من منظمات حقوق الإنسان، التي اعتبرت الخطوة بمثابة محاولة لإفلات الولايات المتحدة من المساءلة.

إن الضغوط التي مورست على المحكمة في ملف أفغانستان تقدم نموذجًا لما قد يحدث في حال استهدفت المحكمة قادة إسرائيليين بمذكرات اعتقال. من المحتمل أن تستخدم الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل الكبرى، الأدوات نفسها التي استخدمتها في الماضي، مثل: تهديد مسؤولي المحكمة بعقوبات مشابهة، وإجراءات دبلوماسية تهدف إلى تحييد أو تعطيل عمل المحكمة، والتأثير على نطاق التحقيقات لتجنب استهداف قادة إسرائيليين.

تثير هذه الممارسات تساؤلات حول قدرة المحكمة الجنائية الدولية على الحفاظ على استقلاليتها وتحقيق العدالة بشكل حيادي. كما أنها تسلط الضوء على التحدي الكبير الذي تواجهه المحكمة عندما يتعلق الأمر بمساءلة قادة الدول الكبرى أو حلفائها. ومع ذلك، فإن نجاح المحكمة في تجاوز هذه الضغوط، قد يعيد الثقة الدولية في فاعليتها كمؤسسة عدلية عالمية قادرة على تطبيق مبدأ "لا أحد فوق القانون".

التجربة مع ملف أفغانستان تُظهر بوضوح أن الطريق إلى العدالة الدولية مليء بالعقبات السياسية.

سابعًا: خطوة تاريخية نحو العدالة الدولية

صدور القرار اليوم يعتبر تحولًا تاريخيًا في عمل المحكمة الجنائية الدولية، ويمثل نقطة تحول غير مسبوقة في مسار العدالة الدولية. أن يكون قادة الاحتلال، الذين لطالما تمتعت أفعالهم بحصانة غير معلنة ودعم سياسي وعسكري وإعلامي دولي، في موقع المتهمين المطلوبين للمساءلة أمام القضاء الدولي، يعدّ إنجازًا كبيرًا ومؤشرًا على بداية محاسبة المسؤولين عن الجرائم الخطيرة.

هذا القرار يمثل الخطوة الأولى في طريق طويل يتطلب عملًا مشتركًا مع جميع القوى الحرة حول العالم لتحقيق العدالة الكاملة لضحايا الشعب الفلسطيني. لا يزال هناك الكثير من العمل لضمان مثول جميع المسؤولين عن الجرائم، من القادة السياسيين والعسكريين والأمنيين، أمام العدالة الدولية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تقتل قياديا في حماس.. و4 أشخاص في رفح
  • حدث ليلا: تصعيد أوكراني خطير على روسيا.. وشمال إسرائيل يحترق.. وذكرى أربعين السنوار| عاجل
  • لإرضاء بن غفير وسموتريتش.. نتنياهو عطل "أهم اتفاق"
  • سر الـ6 أيام.. كيف أفشل «السنوار» خطة إسرائيل للهجوم على غزة قبل 7 أكتوبر؟
  • نتنياهو يعطل اتفاقا مع حماس إرضاء لبن غفير وسموتريتش
  • حماس: لا تفاهمات مع إسرائيل حتى تحقيق شروطنا
  • ما هي الرسالة التي وجهها نتنياهو لسكان غزة؟
  • بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
  • بنيامين نتنياهو مطلوب للعدالة
  • العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت