نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين قولهم إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه لن يقبل باتفاق صفقة تبادل يتضمن إنهاء الحرب على غزة، وإنه في حال لم تتخلَ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن هذا الشرط فلن يكون هناك اتفاق وستقوم إسرائيل باجتياح رفح.

وأكد نتنياهو خلال لقائه بلينكن اليوم الأربعاء في مدينة القدس أن العملية البرية التي يريد القيام بها في رفح ليست مرهونة بأي شيء آخر.

وأضافت المصادر أن بلينكن في المقابل أبلغ نتنياهو أن بلاده تعارض حاليا شن عملية برية في رفح دون خطة قابلة للتنفيذ من أجل حماية المدنيين وإخلائهم بشكل منظم، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن هناك طرقا أفضل لهزيمة كتائب حماس الأربع المتبقية من شن عملية برية في رفح.

وقالت الخارجية الأميركية إن بلينكن ناقش مع نتنياهو في القدس الجهود الجارية للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة كجزء من صفقة الرهائن.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن بلينكن أشار خلال لقاء استمر ساعتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى تحسن فيما يتعلق بوصول المساعدات إلى غزة، وإنه "جدد التأكيد على أهمية تسريع وتيرة هذا التحسن والحفاظ عليه".

وتأتي زيارة بلينكن لإسرائيل وسط تكهنات متزايدة بأنها ستشن قريبا هجوما توعدت به منذ فترة طويلة على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث يوجد أكثر من مليون فلسطيني نزحوا من ديارهم في شمال القطاع.

وبينما يواجه نتنياهو دعوات دولية للتراجع عن شن أي هجوم على رفح، يواجه أيضا ضغوطا شديدة في الداخل من حلفائه المتطرفين الذين يعتمد عليهم في بقاء الحكومة الائتلافية.

وبدوره قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إنه أخبر بلينكن أن نتنياهو ليس لديه عذر سياسي لعدم إبرام صفقة لإعادة المحتجزين.

لقاء مع هرتسوغ

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد اجتمع اليوم أيضا بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في تل أبيب، قبيل اجتماعه مع نتنياهو.

وقال وزير الخارجية الأميركي إن واشنطن مصممة على التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحماس الآن يضمن وقف إطلاق النار وإعادة من وصفهم بالمخطوفين إلى ديارهم.

واعتبر الوزير الأميركي خلال اجتماعه بهرتسوغ وعائلات الأسرى بتل أبيب، أن حماس هي المسؤولة عن عدم التوصل لاتفاق حتى الآن، وقال إن على الحركة قبول المقترح "الجيد جدا" المطروح حاليا بشأن وقف إطلاق النار، مكررا تصريحات كان أدلى بها أمس الثلاثاء في العاصمة الأردنية عمّان.

كما تحدث عن تقدم واضح وملموس في إيصال مزيد من المساعدات لغزة، وقال عبر منصة "إكس" إن الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل لإيصال مساعدات للقطاع تشمل مياها وإمدادات طبية ومواد تنظيف إلى جانب الغذاء.

وقد وصل وزير الخارجية الأميركي إلى إسرائيل لإجراء محادثات بشأن الهدنة المحتلة والمساعدات لقطاع غزة بعد زيارته الأردن والسعودية، في جولة هي السابعة بالمنطقة منذ بداية الحرب على القطاع قبل نحو 7 شهور.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن اعتبر بدوره أمس الثلاثاء أن حركة حماس أصبحت الآن العقبة الوحيدة أمام التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وإغاثة المدنيين في غزة.

احتجاجات العائلات

وفي إطار الاحتجاجات التي ينظمّها أهالي الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، للمطالبة بالتوصّل إلى صفقة تبادل، نظّم عشرات من هؤلاء وقفة أمام المقرّ الذي اجتمع فيه الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مطالبين بوقف الحرب وإعادة أبنائهم.

وحمل المحتجون صور الأسرى ولافتات تتوجّه للرئيس الأميركي بوقف الحرب وإنقاذ الأسرى، كما رفعوا لافتات تعارض اجتياح رفح.

وكانت عائلات الأسرى قد طلبت اجتماعا عاجلا مع نتنياهو للاطلاع على مستجدات المنحى الجديد لصفقة تبادل.

بلينكن يتحدث مع عائلات المحتجزين بغزة خلال زيارته لإسرائيل (الفرنسية) ترقب لرد حماس

وفي غضون ذلك، قال مسؤول إسرائيلي كبير لوكالة الصحافة الفرنسية أمس الثلاثاء إن الحكومة الإسرائيلية ستنتظر بحلول مساء اليوم الأربعاء رد حركة حماس على المقترحات الأخيرة لإبرام هدنة وتبادل الأسرى قبل إرسال وفد إلى القاهرة لإجراء محادثات حول وقف إطلاق النار.

وأكد القيادي البارز في حركة حماس سهيل الهندي الأربعاء أن حماس سترد على مقترح الهدنة الإسرائيلي "خلال فترة قريبة جدا"، مشددا على ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وأضاف الهندي في حديث عبر الهاتف لوكالة الصحافة الفرنسية أن "هناك ملاحظات حول ما تم تقديمه للحركة من قبل مصر، والحركة بيّنت هذه الملاحظات وهناك مزيد من النقاشات داخل أروقة الحركة لا نريد أن نتحدث هل هناك تقدم أم لا فالأمر سابق لأوانه".

وعبّر الهندي عن أمله في "الوصول إلى إنهاء هذه الحرب"، لكنه رأى أن ذلك يتعارض مع إصرار إسرائيل الاستمرار فيها.

وتدرس حماس مقترحا لوقف إطلاق النار لمدة 40 يوما وصفقة لتبادل اسرى لدى حماس مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

وذكر مصدر مطلع على المفاوضات أن الوسطاء القطريين يتوقعون ردا من حماس خلال يوم أو اثنين.

وكان وفد من حركة حماس أجرى محادثات في القاهرة، ثم غادرها لدراسة المقترحات الأخيرة.

وفي السياق، أفاد موقع قناة "القاهرة الإخبارية" المصرية بأن وفد حماس سيعود إلى القاهرة مع رد مكتوب على المقترحات الأخيرة.

وردا على تصريحات وزير الخارجية الأميركي التي تلقي باللوم على حماس في تأخر التوصل للاتفاق، قال رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس في الخارج سامي أبو زهري اليوم الأربعاء إنها مخالفة للحقيقة.

ونقلت وكالة رويترز عن أبو زهري قوله "ليس غريبا أن تصدر من بلينكن المعروف عنه أنه وزير خارجية إسرائيل وليس أميركا، وهي محاولة لممارسة الضغط على حركة حماس وتبرئة الاحتلال".

وأضاف المتحدث باسم حماس أن الوفد المفاوض الإسرائيلي اعترف بأن نتنياهو هو من يعطل التوصل لاتفاق، مشيرا إلى أن الحركة لا تزال تدرس أحدث مقترح بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بعد أن تلقت قبل أيام ردا إسرائيليا رسميا بهذا الشأن.

وبينما تريد إسرائيل هدنة لبضعة أسابيع يتخللها تبادل الأسرى على أن تستأنف عملياتها العسكرية بعد ذلك، تؤكد حركة حماس أن أي اتفاق يجب أن يفضي إلى وقف الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة.

وفي إطار الحراك الدبلوماسي بالمنطقة، وصل وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه القاهرة اليوم الأربعاء، وبحث مع نظيره المصري سامح شكريالمفاوضات الجارية للتوصل إلى هدنة بين اسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.

وأفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية الأربعاء بأن المحادثات بين الوزيرين "شهدت تبادل التقييمات بشأن مفاوضات الهدنة الجارية بين حماس وإسرائيل بوساطة مصرية للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات وزیر الخارجیة الأمیرکی وقف إطلاق النار الیوم الأربعاء تبادل الأسرى حرکة حماس إلى وقف

إقرأ أيضاً:

عندما تتحوّل السجون إلى الخطوط الأولى لمواجهة العدو.. قراءة في كتاب

الكتاب: التجربة الثقافية لحركة حماس في السجون الإسرائيلية
الكاتب: محمد ناجي صبحة
الناشر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ط 1– بيروت، 2024.
عدد الصفحات: 175 صفحة


ـ 1 ـ

يمثل صعود يحيى السنوار إلى رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس بعد اغتيال إسماعيل هنية حدثا لافتا لا بد للمرء أن يقف عنده. فشخصيته القيادية قد تشكّلت في السجون الإسرائيلية خاصة. وسيرته الذاتية تبرز لنا أنه خصّص وقته بعد أحكام عديدة بالسجن مدى الحياة منذ 1989، للقراءة والتأليف. وممّا كتب: "المجد" و"حماس: التجربة والخطأ" ورواية "ورد وقرنفل". فضلا عن ذلك فقد درس العبرية وترجم منها كتاب "الشاباك بين الأشداء" وفيه يستعرض كاتبه كرمي غليون دور جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي في التصدّي للمقاومة الفلسطينية أو كتاب "الأحزاب الإسرائيلية" الذي يعرف ببرامج الأحزاب الإسرائيلية وتوجهاتها.

لقد جعلتنا تجربة يحيى السنوار نبحث في الدور التثقيفي والتعليمي الذي تتولاه حركة حماس في السجون الإسرائيلية. ووجهتنا للاطلاع على مؤلف محمد ناجي صبحة "التجربة الثقافية لحركة حماس في السجون الإسرائيلية" الذي يعرض تجارب الأسرى داخل السجون الإٍسرائيلية، فيكشف منها، رغم قسوة السّجن، التجربة الثقافية لأسرى حركة حماس.

ـ 2 ـ

يتبسط الأثر في عرض الأنشطة والمشاريع الثقافية التي تقيمها حماس في سجون الاحتلال. وينتهي بملاحق مهمّة تعرض الدورات والمحاضرات والكتب، إضافة إلى الإشارة إلى بعض إصدارات الأسرى ودراساتهم العلمية. ويحاول الأثر التأريخ للنشاط الثقافي في سجون الاحتلال الإسرائيلي عامّة. فيذكر بداياته الفعلية التي تحقّقت في مطلع سبعينيات القرن الماضي ثم يخصّ العمل الثقافي لحركة حماس في السجون بالدّراسة. فيشير إلى أنه نشاط ممتد منذ نشأتها، ومستمر بإصرار من قياداتها لمعرفتهم بأهميته في دعم النضال الوطني الفلسطيني. ويقدّر أنه جزء من هويتها وعنصر فاعل في حضورها. ويعرّفنا باللجنة الثقافية، وهي اللجنة الرئيسية المكلفة بإدارة العمل الثقافي في السجون. فيكون لها فرع في كل سجن وتعمل وفق تشعبات وأدوار. وهذا ما يجعل مختلف اللجان تنصهر ضمن منظومة متناسقة تجمع بين المحور السياسي والثقافة الأمنية والتعبوية والإشراف التربوي والأكاديمي.

ـ 3 ـ

تتسم هذه المناهج الثقافية بالشمول. فتغطي مختلف المحاور الثقافية والفكرية، وفق محمد ناجي صبحة، ذلك أن حماس تريد نشر الثقافة الموسوعية التي تلامس مختلف مناحي الحياة. ومع ذلك يرصد الكاتب ثلاثة محاور، تعتبر، عند الحركة، من الأولويات الثقافية. فهي تعمل على جعل هذه الثقافة:

تمثل تجربة السجن بالنسبة إلى الاحتلال محاولة لإذلال الفلسطيني ولتقييد حريته عقابا له على تمسكه بأرضه ومحاولة لكسر إرادة المقاومة لديه. غير أنّ التجربة الثقافية لحماس، ولمختلف الفصائل الفلسطينية، مثّلت عملا مضادا يدفع الأسير للصمود ويصنع منه إنسانا نافعا للوطن زمن الحرب والسلم في آن.أ ـ إسلامية، فتستلهم مختلف برامجها من تعاليم الإسلام، شأنها شأن الجماعة الأم "الإخوان المسلمون". ويتحقّق ذلك في الصبغة الشرعية للمنهاج وما يحويه من مشاريع وخطط ومواد اختيارية وكتب. وتعمل على تحفيظ الأسرى أجزاء من القرآن الكريم، وتجعل من تعلم أحكامه هدفا لها. يضاف إلى ذلك ما يقدّم من  المواعظ والمحاضرات الشرعية وبرنامج الأسر التربوية. وعليه "فإن الثقافة الإسلامية ـ وفق صبحة ـ هي السمة الأبرز والموضوع الأهم الذي يمثل المساحة الأوسع من ثقافة الحركة في سجون الاحتلال، والمحور الذي تدور في فلكه غالبية المواضيع والمحاور الثقافية الأخرى".

بـ ـ ثقافة مقاومة، فالقاسم المشترك بين مختلف البرامج :المقترحة، فضلا عن الخلفية الدينية، هو الهم الوطني والاتجاه نحو مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

ت ـ ثقافة حركية، أساسها تحويل السجون من فضاء عقابي ضد التحرر إلى فضاء للتعبئة ضد العدو والحث على المقاومة.

ـ 4 ـ

لا بد أن نأخذ ظروف السجن ومضايقات السجّان بعين الاعتبار ونحن نفكر في العمل الثقافي في السجون الإسرائيلية. ولا بدّ أن ندرك أنّ وسائل التثقيف تظل محدودة جدّا. ومع ذلك تفرض معظم التنظيمات الفلسطينية ساعة مطالعة إلزامية ضمن برامجها الثقافية. ويمثّل الكتاب المصدر الرئيسي: ضمن هذه المشاريع. فهو ينتزع الأسير من وحدته، ويوفر له المادة المفيدة ويزوده بالعلوم المختلفة.

جعلت هذه الأهمية حماس تعمل على توفير الكتب، ما أمكن في المكتبة العامة لكل سجن. وفرضت ذلك على المحتلّ الإسرائيلي عبر الخطوات الاحتجاجية والتصعيدية. ودفعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى إدخال الكتب، رغم أنها لا تمثّل كتباً نوعية وتميل أكثر إلى الأدبي منها. وعليه و"بعد أن تشكلت الجماعة الإسلامية بدأ عناصرها بتوفير كتب خاصة، وشكلوا مكتبات متواضعة داخل غرفهم تحوي مثل هذه الكتب فكانت بعد كتاب الله زادهم في فهم أحكام الشريعة الإسلامية، والتعرف إلى الفكر الإسلامي الأصيل، حتى قابلنا منهم من كان يحفظ صفحات ومقاطع طويلة من هذه الكتب، وأقوالا لمؤلفيها، وسمعنا منهم كيف أنهم تربوا على موائدها، واستقوا مما جاء فيها، فأسهمت في حقل شخصياتهم، وبناء فكرهم ومفاهيمهم".

ويمثّل السجناء أنفسهم مصدرا مهمّا للتثقيف. فمنهم من يمتلك من الشهادات العليا ومنهم الإطارات الثقافية والتعليمية والإدارية والوظيفية، وأصحاب التجارب الحياتية والزراعية والأكاديمية:. وفي النهاية يمثل الأسرى صورة مصغّرة من المجتمع الفلسطيني الذي يتميّز بتنوع الخبرات والكفاءات.

ويمثّل التلفزيون والراديو والصحافة المكتوبة مصدرا متاحا للتثقيف الذّاتي للأسير الذي يظل معزولا عن العالم ويعسر عليه التأقلم مع محيطه بعد التحرر. ولا يتمكّن الأسير  لا من التنقل بين المحطات أو رفع الصوت أو خفضه أو حتى إطفاء الجهاز أو إشغاله إنما تقوم إدارة السجن. وبصرف النّظر عن هذه القيود أو عن الخطوط التحريرية  لوسائل الإعلام، الإسرائيلية أساسا، وبرغم البرامج الموجهة والحرية المحدودة تظل هذه المصادر وسيلة مهمة لوصل الأسير بالعالم الخارجي ومصدرا لربط صلة ما بعالمنا الرّاهن. وعليه كان توفير التلفزيون في السجون مطلبا أكيدا منذ حقبة السبعينيات وأمام رفض المحتل لهذا المطلب، خاض الأسرى إضرابات منها إضراب سنة 1984 الذي قاده أسرى سجن جنيد: الذي انتهى بالموافقة على توفير الراديو والتلفزيون. وأمام مماطلة بعض إدارات السجون في تنفيذ الاتفاقية اضطر الأسرى إلى خوض إضراب آخر سنة 1986.

وللصحف أهمية خاصّة في تحصيل المعارف.  فرغم منع الصحف العربية، والاقتصار على صحيفة القدس  قبل منعها على أسرى حركة حماس، بعد أسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط بحجة حرمانه من الاطلاع على الصّحف الإسرائيلية، ورغم وصولها متأخرة عن تاريخ صدورها بأيام، فإن.الاطلاع عليها يجعل الأسير على معرفة بمجتمع الاحتلال من جهة اهتماماته، وإشكالاته، وصناعاته ، ومواطن قوته ونقاط ضعفه.

ـ 5 ـ

مما يمنح التجربة الثقافية في السجون قيمتها المضافة عملها على توفير فرصة الدراسة الجامعية: للأسرى وتحويل التعلّم إلى عمل وطني مقاوم. فأسر الشباب يمثّل عائقا أمام تحصيلهم للمعارف واندماجهم في الحياة المهنية بعد التحرر. لذلك أوجدت حركة حماس لجنة يعهد لها أن تتابع منح شهادات التوجيهي والدبلوم والبكالوريوس، وشهادات متخصصة أخرى من خلال المنهاج الرسمي للجامعة والوزارات. وفي هذا السياق يعرض الكاتب تاريخ التدريس الجامعي في السجون وهيكلته ومناهجه والأثر النفسي والثقافي للدراسة الجامعية على الأسرى.ثم يفصّل القول في نماذج من عمل جامعة الأحرار وجامعة الصدّيق الإسلامية أو مركز عبد الصمد حريزات لدراسات الأسرى. ويشير إلى أن نحو ربع أسرى حماس مشتركون بالمناهج الأكاديمية.

لقد نجح المشروع في منح الآلاف من الأسرى عبر السنوات الماضية فرصة الاشتراك في الدراسة أو الحصول على إحدى الشهادات التي عرضناها أعلاه. وفي الآن نفسه تبذل الهيئة القيادية العليا ولجنتها الثقافية الجهد الدؤوب لفتح آفاق جديدة وتوسيع البرامج بحيث تشمل منح شهادات الماجستير والدكتوراه إن أمكن..

يمثّل السجناء أنفسهم مصدرا مهمّا للتثقيف. فمنهم من يمتلك من الشهادات العليا ومنهم الإطارات الثقافية والتعليمية والإدارية والوظيفية، وأصحاب التجارب الحياتية والزراعية والأكاديمية:. وفي النهاية يمثل الأسرى صورة مصغّرة من المجتمع الفلسطيني الذي يتميّز بتنوع الخبرات والكفاءات.وليس هذا المشروع بالأمر الهيّن. فأمامه الصعوبات الجسام. منها ما يتعلّق بمصادر التعلّم لدى الأسرى. فلا يمتلك جهاز لابتوب وما يحويه من موسوعات وإصدارات ووسائل تعليمية. وهو محروم من الوسائل الإلكترونية يستطيع عبرها الدخول إلى الإنترنت، ولا يمكنه تصفح المواقع العلمية والإعلامية والثقافية، ولا يمكنه التواصل المباشر مع الخبراء والعلماء والمختصين ليعلموا ويحاضروا ويقدموا ما يطلبه ويحتاجه، وأكثر من ذلك هو محروم من حرية اختيار الجامعة التي يرغب أو المعهد التعليمي الذي يعد الدورات في العلوم والفنون والمعارف، مقيد في إدخال الكتب إلى السجن، ويظل التحدّي المطروح هو تلقي الأسير التعلّم الذي يريد بحكم المنع. فلا يملك الكثير من الخيارات.

ـ 6 ـ

تمثل تجربة السجن بالنسبة إلى الاحتلال محاولة لإذلال الفلسطيني ولتقييد حريته عقابا له على تمسكه بأرضه ومحاولة لكسر إرادة المقاومة لديه. غير أنّ التجربة الثقافية لحماس، ولمختلف الفصائل الفلسطينية، مثّلت عملا مضادا يدفع الأسير للصمود ويصنع منه إنسانا نافعا للوطن زمن الحرب والسلم في آن. فإذا بالفضاء السّجني يتحوّل إلى مؤسسة تعليمية وتثقيفية وتعبوية. فيعدّ القيادات إداريا وتنظيميا ويحصّن المعتقلين من العمالة والاستقطاب من قبل العدو ويعمل على تحسين الواقع الاعتقالي.

ـ 7 ـ

ما يميّز هذا الأثر كونه من تأليف أسير محرر. ومن محنة الأسر ومن التجربة الذّاتية يأخذنا إلى عالم السجون الإسرائيلية. فيكشف لنا جانبا من المعركة الفلسطينية مع الكيان المحتلّ. وفي الآن نفسه يكشف لنا التنظيم الدقيق لحركة حماس. فللجان مهام محدّدة بصرامة وبتسقيف زمني صارم. منها متابعة الجلسات والإشراف على المسابقات والمحاضرات ومتابعة الإصدارات والمجلات ومتابعة مكتبات السجون والعمل على إثرائها. ويتحقّق ذلك كله بعيدا عن الارتجال.

ومما يسم هذه التجربة الثقافية مركزية التدين. فمن المهام الثقافية متابعة الأذان، وخطبة الجمعة وصلاتها، وعموم الصلوات. فإذا الديني يصهر ضمن  الثقافي والتعبوي يسير معه جنبا إلى جنب. ومما ذكر الكاتب "وقد شهدنا بأنفسنا مئات الإخوة وقد أتموا حفظ كتاب الله عز وجل في سجنهم وعشرات الآلاف ممن حفظوا أجزاء من كتاب الله بالإضافة إلى الذين حفظوا آلاف أحاديث الرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك ضمن برامج وأنشطة مركز النور، فقد تخرج من محاضنه مئات الحفظة لكتاب الله عز وجل، وآلاف الحاملين لأجزاء منه، وقد خصصت الهيئة في مركز النور موازنة تفوق باقي فروع الثقافة بالإضافة إلى التبرعات التي يتلقاها المركز فرفعت من رصيده، وأصبح يخصص جائزة مالية قيمة لكل من يحفظ جزءاً من كتاب الله عز وجل أو أحاديث رسول الله و تشجيعاً للمجاهد أن يشترك في برامج الحفظ ".

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يعلق على اغتيال نصر الله.. تحدث عن نقطة تحول تاريخية
  • كيف يتهرب نتنياهو من مساعي وقف الحرب في غزة ولبنان؟
  • حماس: نتنياهو يواصل سياسة الكذب المفضوح بشأن تجويع غزة
  • حماس ترد على خطاب نتنياهو
  • "حماس" تعقب على كلمة "نتنياهو" أمام الأمم المتحدة
  • نتنياهو: الحرب على غزة تنتهي فور استسلام حماس والإفراج عن المحتجزين
  • نتنياهو: مستعدون لدعم إدارة مدنية محلية في غزة ولن نعود للاستيطان
  • وزير الخارجية: استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان يهدد السلم والأمن الدوليين
  • عندما تتحوّل السجون إلى الخطوط الأولى لمواجهة العدو.. قراءة في كتاب
  • بلينكن: الحرب الشاملة ستكون سيئة لكل الأطراف المشاركة فيها