د. حمد الرقعي ما كان عند جدي سوى ثوبين اثنين، ثوب خاطته جدتي ذات يوم، وأخر ابتاعته له زوجته الثانية. منذ وعيت الدنيا لم ألحظه يلبس سوى ثانيهما، ولطالما سمعت في صغري عماتي وهن يتهامسن بأن زوجة جدي الثانية اخفت عنه الثوب الذي خاطته جدتي، وأصرت أن تُلبسه الثوب الذي ابتاعته له. كان في تلك الهمسات مدعاة كرهي لزوجة جدي مبكراً، وقد عشش في ذهني أنها دخيلة، هذا الشعور الذي لم يفارقني قط، رغم محاولاتي المتكررة التخلص منه.
كان بالثوب فتق كبير طالما حاول جدي أن يخفيه، لكن هيهات له أن يختفي. كان مصدر لأمراض جدي لما يُحِل في عظامه من برد الشتاء، وكان فيه مدعاة استهزاء الصغار وتهكم الكبار على جدي، لكن جدي كان يعتمل الصبر رغم ثوراته بين الفينة والفينة على زوجته الثانية، التي كانت تُسكته بوعودها بثوب جديد في العيد القادم، فكان جدي يسكت على مضض. ذات يوم خرج جدي ليخيط ذلك الفتق في ثوبه، دخل عوالم لم يدخلها من قبل، خطى خطواته الأولى دالفاً شارع الخياطين الذي لم تسمح له زوجته الثانية بزيارته يوماً. حذره الخياط إن خياطة الثوب تحفها المخاطر، فالثوب لا يحتمل. كان عند جدي الكثير من الثقة في ثوبه فهو من خامة جيده، هذه الثقة جعلته يصر على الخياط أن يغرز مخيطه في الثوب. لم يقتنع الخياط لكنه تناول الثوب من جدي، وهو يتمتم: ما لجرح بميت إيلام. ارتدى جدي ثوباً بلا ثقوب فرحاً مستبشراً حامداً وشاكراً. لكن كل هذه المشاعر لم تدم سوى أيام معدودة، إذ بدأت ثقوب صغيرة تجتاح الثوب من كل جوانبه. هناك من أشار على جدي بأن يشتري ثوباً جديداً، وغيرهم فضل عودته لثوب جدتي القديم. لكن جدي دون أن يخبرهم بما ينوي فعله، واصل بإصراره المعهود رتق ثوبه المهلهل، كلما رتقه رتقة كان يظهر فتق جديد. على حبل الغسيل كان يتدلى ثوب جدتي القديم يعكس ببياضه الناصع ما يطاله من أشعة الشمس.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
المواطن الذي صرخ بوجه العرموطي يعتذر (فيديو)
#سواليف
تقدم المواطن #مشهور_زريقات، والذي يعمل موظفًا في أمانة عمّان، بتقديم اعتذار لرئيس كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي #صالح_العرموطي، بعدما ظهور وهو يصرخ بوجهه قبل بضعة أيام، وبالتحديد باحتفالية يوم العلم.
المواطن الذي صرخ بوجه العرموطي يعتذر pic.twitter.com/4RJN5FNNTr
— fadia miqdadai (@fadiamiqdadi) April 22,
2025 مقالات ذات صلة

إهمال طبي وتعذيب.. هكذا يقتل الاحتلال الأسرى الفلسطينيين 2025/04/22