نهيان بن مبارك يفتتح مهرجان إشراقات بمعرض أبوظبي للكتاب
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
افتتح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، فعاليات مهرجان إشراقات، الذي تنظمه وزارة التسامح والتعايش ضمن أنشطة معرض أبوظبي الدولي للكتاب، يرافقه عدد كبير من الكتاب والمبدعين المشاركين بالمهرجان، وسعادة عفراء الصابري المدير العام بوزارة التسامح والتعايش.
ووجه معاليه بأهمية أن تصل رسالة المهرجان التي تؤكد على أهمية التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية من أجل الوصول إلى مجتمع محلي وعالمي يستطيع التقدم والازدهار، مثمنا دور المبدعين في هذا المجال.
وشهدت فعاليات وبرامج مهرجان إشراقات، إقبالا كبيرا من جانب طلاب المدارس الحكومية والخاصة وأولياء الأمور خلال الفترة الصباحية والذين ازدحم بهم جناح إشراقات، وشملت الأنشطة الصباحية "لإشراقات" جلسة تفاعلية باللغة الإنجليزية شارك بها عدد كبير من طلاب المدارس وتحمل عنوان " Emotions and feelings " وركزت الجلسة على العواطف والمشاعر الإنسانية، وكيف يمكن أن يحولها الصغار إلى طاقة إيجابية تساعدهم على التفاعل مع الآخرين وتحقيق أهدافهم .
كما ضم البرنامج عرض الدمى الذي يحمل عنوان "لنحلق معاً إلى عالم الخيال" ونفذته ضحى خصاونة ودينــا نصر وتناولت العديد من الرسائل المتعلقة بالمعرفة والتسامح وأثرها على الإنسان من خلال حكايات وقصص ومواقف عالم الدمي المحبب لطلاب المرحلة الأولى.
أما "وقت الحكاية" مع الكاتبة سحر نجا محفوظ، فتناول أسس الحوار الذي يصنع التسامح لطلاب مدارس الحلقة الأولى والثانية، فيما تناول "وقت الحكاية" باللغة الإنجليزية موضوع "أبطال البيئة" وقدمه كل من " Colete Barr & Leona Anne"، كما كان "لإشراقات الذكاء الاصطناعي" مكانا ضمن برنامج اليوم الأول من خلال "هيا نصنع ربوتنا الخاص" وقدمها خبير الذكاء الاصطناعي محمد زياد لطلاب الحلقة الثالثة، وتناول فيها أهمية الذكاء الاصطناعي ودوره في تطور وأنماط الحياة وصناعة المستقبل، وأهمية برمجته بما يليق بالقيم الإنسانية الاصيلة، كما ضم البرنامج ورشة فنية بعنوان "الألوان تزين إشراقات" نفذتها الفنانة حصة المهيري لطلاب الحلقة الأولى والثانية.
أخبار ذات صلةأما الفترة المسائية من "إشراقات" فضمت العديد من الجلسات والندوات والحلقات النقاشية ومنها لقاء مع الدكتورعبدالله الشرهان وحاورته الدكتورة لمياء توفيق، أما "إشراقات نقاشية" فتناولت "أثر المعرفة في تعزيز التسامح" وقدمها الكاتب والرياضي كريستيان وليم، وأدارت الجلسة الدكتورة زينب القيسي، فيما استضافت "إشراقات جماهيرية" الروائي العربي جلال برجس الذي تناول الرواية العربية بين الهوية والقيم.
وذكرت الكاتبة سحر محفوظ أن مهرجان إشراقات سيظل منصة هامة تسمح بالتواصل بين المبدع وجمهوره خاصة إذا كان هذا الجمهور من الصغار وطلاب المدارس، وثمنت جهود وزارة التسامح والتعايش التي تحرص على تنفيذ هذه المبادرة سنويا، موضحة أنها شاركت الأطفال ورشة قراءة عن قصتها "غابة الألوان" التي تناولت أهمية التسامح والتعايش والسلام، معبرة عن سعادتها بالتفاعل الإيجابي من جانب الأطفال مع الكتاب، لدرجة ان كل منهم حاول ان يصنع قصته الخاصة.
وعن دور الكاتب والفنان التشكيلي في إيصال فكرة النص إلى القارئ ضمن كتاب متكامل، أكدت سحر محفوظ أن كلاهما لابد أن يكون على قناعة تامة بالفكرة، حتى يجدا معا الطريق إلى رؤية مشتركة يمكنها حمل أفكار وأهداف الكتاب إلى الصغار والكبار معا، وهو عمل شاق وفي حاجة إلى جهد كبير ومستمر، ولكن إذا تمتع الكاتب والفنان التشكيلي بالشغف اللازم لأي عمل، فإنه ينجح بسهولة في الوصول على المتلقي.
ولفت محمد زياد خبير الذكاء الاصطناعي إلى التفاعل الكبير من جانب طلاب المدارس المشاركين في الورشة التي قدمها من خلال المهرجان، مؤكدا أهمية تعريف الأجيال الجديدة بهذا المجال الذي يتطور كل ساعة، حتى يكونوا مشاركين في صناعة المستقبل، مثمنا دور وزارة التسامح والتعايش في تنظيم مهرجان إشراقات.
المصدر: وامالمصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: نهيان بن مبارك معرض أبوظبي الدولي للكتاب التسامح والتعایش الذکاء الاصطناعی مهرجان إشراقات
إقرأ أيضاً:
حَوكمة الذكاء الاصطناعي: بين الابتكار والمسؤولية
يشهد العالم اليوم تطورا مُتسارعا في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت تطبيقاته تتغلغل في مختلف القطاعات، من الرعاية الصحية إلى التعليم والصناعة والخدمات المالية وغيرها من القطاعات. ومع هذا التوسع الهائل، تتزايد الحاجة إلى وضع أطر تنظيمية تضمن الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التقنية، وهو ما يُعرف بحوكمة الذكاء الاصطناعي.
إن التحدي الرئيس الذي تواجهه الحكومات والمؤسسات يتمثل في إيجاد توازن بين تشجيع الابتكار التكنولوجي من جهة، وضمان الامتثال للمبادئ الأخلاقية والقانونية التي تحمي الأفراد والمجتمعات من المخاطر المحتملة من جهة أخرى. وقد عرفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) حوكمة الذكاء الاصطناعي بأنها «مجموعة من السياسات والإجراءات والمعايير القانونية التي تهدف إلى تنظيم تطوير واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وشفافة، مع ضمان احترام القيم الإنسانية وحماية الحقوق الأساسية».
ووفقا لتوصية منظمة اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي لعام 2021، فإن الحوكمةَ الفعالةَ للذكاء الاصطناعي ينبغي أن تستند إلى مبادئ الشفافية والمساءلة والأمان لضمان تحقيق الفائدة للمجتمع دونَ المساس بالحقوق الفردية. تهدفُ هذه الحوكمة إلى ضمان العدالة والشفافية وحماية البيانات واحترام حقوق الإنسان في جميع مراحل تطوير واستخدام هذه التقنيات. وتبرز أهمية الحوكمة في ضوء المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، مثل التحيز الخوارزمي وانتهاك الخصوصية والتأثير على سوق العمل، الأمر الذي يستدعي وضع تشريعات صارمة لضمان عدم إساءة استخدام هذه التقنية.
وفي سياق الجهود الدولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي، صدر التقرير الدولي حول سلامة الذكاء الاصطناعي في يناير 2025 عن المعهد الدولي لسلامة الذكاء الاصطناعي (International AI Safety Report)، الذي شارك في إعداده 30 دولة من بينها منظمات دولية بارزة مثل هيئة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث تناول الحالة الراهنة للفهم العلمي المتعلق بالذكاء الاصطناعي العام، وهو ذلك «النوع من الذكاء الاصطناعي القادر على تنفيذ مجموعة واسعة من المهام». وقد هدف التقرير إلى بناء فهم دولي مشترك حول المخاطر المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي المتقدم، مع تقديم تحليل شامل للوسائل العلمية والتقنية المتاحة لإدارتها والتخفيف منها بفعالية، وتوفير معلومات علمية تدعم صانعي القرار في وضع سياسات تنظيمية فعالة. وعلى الرغم من الفوائد العديدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي العام، فإن التقرير يحذر من المخاطر المتزايدة المرتبطة باستخدامه.
فمن الناحية الأمنية، قد يُستغل الذكاء الاصطناعي في تنفيذ هجمات سيبرانية متقدمة أو في تسهيل عمليات الاحتيال الإلكتروني، من خلال إنتاج محتوى مزيف (Fake content) يصعب تمييزه عن الحقيقي. كما أن هناك مخاطر اجتماعية تتمثل في إمكانية تعميق التحيزات الموجودة في البيانات التي تُستخدم في تدريب هذه الأنظمة. إضافة إلى ذلك، مخاوف تتعلق بفقدان السيطرة على أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة، حيث يمكن أن يؤدي التطور المتسارع لهذه الأنظمة إلى سلوكيات غير متوقعة قد يصعب التحكم بها. أما على المستوى الاقتصادي، فإن الذكاء الاصطناعي قد يتسبب في اضطرابات كبيرة في سوق العمل، حيث يؤدي إلى استبدال العديد من الوظائف التقليدية بالأنظمة الآلية، ففي قطاع خدمة العملاء مثلا، تعتمد الشركات الكبرى مثل أمازون وجوجل على روبوتات الدردشة (Chatbots) لتقديم الدعم الفني والتفاعل مع العملاء بكفاءة عالية، مما يقلل الحاجة إلى الموظفين البشريين.
أما في مجال التصنيع والتجميع، فقد أصبحت الروبوتات الصناعية تقوم بمهام الإنتاج بدقة وسرعة تفوق القدرات البشرية، كما هو الحال في مصانع تسلا وفورد التي تستخدم أنظمة مؤتمتة لتنفيذ عمليات اللحام والتجميع، مما يقلل التكاليف ويرفع كفاءة الإنتاج. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، يُتوقع أن يمتد تأثيره إلى المزيد من القطاعات.
ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، أصبح من الضروري تبني استراتيجيات وحلول لمواجهة تحديات فقدان الوظائف التقليدية. ويُعد إعادة تأهيل القوى العاملة من أهم هذه الحلول، إذ يجب الاستثمار في برامج تدريبية تُمكن الموظفين من اكتساب مهارات رقمية وتقنية جديدة، مثل تحليل البيانات وتطوير البرمجيات، مما يساعدهم على التكيف مع متطلبات سوق العمل المتغير. إلى جانب ذلك، يمثل تعزيز ريادة الأعمال والابتكار حلا فعالا، حيث يُمكن تشجيع إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يخلق فرص عمل جديدة.
كما يعد تبني نموذج العمل الهجين ضرورة مُلحة، إذ يُمكن دمج الذكاء الاصطناعي مع القدرات البشرية بدلا من الاستبدال الكامل، مما يعزز الإنتاجية مع الحفاظ على دور العنصر البشري. كما أن تطوير الأطر القانونية والتنظيمية يعد خطوة مهمة، حيث ينبغي صياغة قوانين تضمن الاستخدام العادل والمسؤول للذكاء الاصطناعي، وتحمي العمال من التمييز الناتج عن الأتمتة. بالإضافة إلى ذلك فإن التعليم المستمر يُسهم في تأهيل القوى العاملة الوطنية لمواكبة التحولات في سوق العمل، حيث ينبغي تعزيز ثقافة التعلم المستمر لضمان قدرة القوى العاملة على التكيف مع المتطلبات المستقبلية للتكنولوجيا المتقدمة. وغيرها من الاستراتيجيات الجديدة لدمج الإنسان مع الآلة في بيئة العمل.
من جانب آخر، هناك مخاطر تتعلق بالخصوصية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات الشخصية، مما يزيد من احتمالات انتهاك الخصوصية وسوء استخدام المعلومات. ولتقليل هذه المخاطر، من الضروري تبني مجموعة من الاستراتيجيات التقنية والتنظيمية التي تعزز شفافية وأمان أنظمة الذكاء الاصطناعي. ومن أبرزها، تطوير تقنيات تتيح فهما أعمق لآليات اتخاذ القرار لدى الذكاء الاصطناعي، مما يسهل عملية المراجعة والمساءلة. بالإضافة إلى ذلك، تبرز أهمية تعزيز الأمن السيبراني عبر تصميم بروتوكولات حماية متقدمة لمواجهة التهديدات المحتملة.
كما يجب العمل على تصفية البيانات وتقليل التحيز لضمان دقة وعدالة أنظمة الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات. ومن أجل حماية بيانات المستخدمين، يتوجب استخدام تقنيات التشفير القوية وآليات الحماية الحديثة التي تضمن الامتثال لمعايير الخصوصية. بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على دور الإنسان في عمليات اتخاذ القرار، لضمان عدم الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في الأمور الحساسة، مما يقلل من المخاطر المحتملة الناجمة عن التحكم الذاتي للأنظمة. إن التطور السريع لهذه التقنية يتطلب نهجا شاملا يجمع بين البحث العلمي والسياسات التنظيمية والتقنيات المتقدمة لضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه الأنظمة، بحيث تتحقق الفائدة المرجوة منها دون التعرض للمخاطر المحتملة.
وقد اعتمدت العديد من الدول سياسات مُتقدمة لتنظيم الذكاء الاصطناعي، حيث اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات رائدة في هذا المجال عبر قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ عام 2024م والذي يُعدُ أول إطار قانوني شامل يهدف إلى تَنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي وفق معايير صارمة تحمي الخصوصية وتحد من التحيز الخوارزمي. وفي المقابل، تبنت الولايات المتحدة الأمريكية نهجا يعتمد على توجيهات إرشادية لتعزيز الشفافية والمساءلة، مع منح الشركات حرية الابتكار ضمن حدود أخلاقية محددة. أما الصين، فقد ألزمت الشركات التقنية بمراجعة وتقييم خوارزميات الذكاء الاصطناعي المُستخدمة في المنصات الرقمية، لضمان الامتثال لمعايير الأمان السيبراني.
عليه فإنه يُمكن الإشارة إلى مجموعة من التوصيات والمُبادرات التي يُمكن أن تُسهم في تعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي بشكل فعال، ومن أبرزها: وضع أطر قانونية مَرنة تُتيح تطوير الذكاء الاصطناعي دون عرقلة الابتكار، مع ضمان حماية حقوق الأفراد والمجتمع وتعزيز الشفافية والمساءلة من خلال فرض معايير تضمن وضوح كيفية عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي، وإتاحة آليات لمراجعة القرارات التي تتخذها هذه الأنظمة وتعزيز التعاون الدولي لإنشاء منصات مشتركة لمراقبة تطورات الذكاء الاصطناعي وتبادل المعلومات بين الدول حول المخاطر المحتملة وتشجيع البحث والتطوير المسؤول عبر دعم الأبحاث التي تركز على تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي أكثر أمانا واستدامة وتعزيز تعليم الذكاء الاصطناعي الأخلاقي من خلال دمج مقررات حوكمة الذكاء الاصطناعي في مناهج المؤسسات الأكاديمية والتعليمية، لضمان وعي المطورين الجدد بالمسؤوليات الأخلاقية المترتبة على استخدام هذه التقنية.
إن حوكمة الذكاء الاصطناعي تُشكل ركيزة أساسية لضمان تحقيق أقصى الفوائد من هذه التقنية، مع الحد من المخاطر المرتبطة بها. وبينما يستمر الابتكار في التقدم بوتيرة غير مسبوقة، فإن المسؤولية تقتضي وضع سياسات وتشريعات تنظيمية تضمن الاستخدام العادل والمسؤول لهذه التقنيات، بما يتوافق مع القيم الأخلاقية والقوانين الدولية. ويُعد تحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومات وصناع القرار، لكن من خلال التعاون الدولي ووضع سياسات متقدمة، يمكن بناء مستقبل مستدام للذكاء الاصطناعي يعود بالنفع على البشرية جمعاء.
عارف بن خميس الفزاري كاتب ومتخصص في المعرفة