هناء عبيد منذ صغري ولديّ شغف بمشاهدة أفلام السينما، سواء العربية أو العالمية منها، أتنقل بين المواضيع حست التسلسل العمريّ لي، ففي سن المراهقة مثلًا كانت تعجبني الأفلام المحفزة التي تستشرف المستقبل بصفتي ما زلت غضة التفكير، أتطلع إلى الأفق المجهول، ثم جاءت فترة الصبا التي يشدنا فيها عالم الجمال، فكنت أشاهد الأفلام التي تأخذني إلى مشاهدة الفنانات الجميلات وسحر أنوثتهن، وحين نضج العقل احتله عشق المواضيع الاجتماعية والفكرية والثقافية، وها أنذا اليوم أطرق باب الأفلام العالمية دون الاهتمام إلى مضمون الفكرة، فنحن نعيش في فترة زمنية غريبة، علينا الاطلاع فيها على كل خبايا العقل البشري الذي بات متخبطًّا عشوائيًّا ليس له هدف واضح منشود، فمن باب العلم بالشيء لا بد أن يكون لنا اطلاع على كل مواضيع هذا العصر الغامض، ولا شك أن السينما لها الدور الأكبر في رسم لوحات متكاملة الألوان تجسد واقعنا الّذي نعيشه؛ ومن هذا المنطلق حاولت التنويع في الأفلام التي أشاهدها،  فمن أفلام الإنومي إلى أفلام حرب الفضاء إلى أفلام المراهقة إلى أفلام السياسة.

 الطقس اليوم في شيكاغو كان ربيعيًا منعشًا، آثرت أن أذهب فيه إلى مشاهدة فيلم “أوبنهايمر” الّذي تم عرضه هذا الأسبوع في دور السينما؛ خاصة أن موضوعه مهم جدًا؛ فهو يتحدث عن أهم علماء هذا العصر؛ العالم الفيزيائي روبرت أوبنهايمر المسمى ب “أبو القنبلة الذرية”، يتحدث الفيلم عن فترة الحرب العالمية الثانية، وصراع الدول من أجل فرض السلطة والهيمنة والاستيلاء على مراكز القوى في العالم. يركز الفيلم كما هو واضح من عنوانه على العالم أوبنهايمر، حيث يتعرض إلى حياته الخاصة وعلاقاته ومدى نباغته في الفيزياء؛ الأمر الذي قاده إلى اعتلاء أهم المناصب العلمية والأكاديمية بل السياسية أيضًا، وقد تم تشجيعه خلال هذه الفترة على اختراع القنبلة الذرية للهيمنة على العالم، وبالفعل تمكن من ذلك، وتم استخدامها في ضرب مدينتيّ هيروشيما وناجازاكي في اليابان، الأمر الّي أسفر عن سقوط مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء ما بين قتيل وجريح. الفيلم من إخراج كريستوفر نولان الحائز على العديد من الجوائز العالمية، ومن تمثيل الممثل البارع كيليان ميرفي، وقد نال الفيلم على تقييم عال جدًّا من قبل المشاهدين والنقاد، وحقق مبالغ عالية من الأرباح خلال الأسبوع الأول من عرضه. الفيلم  متقن الصنع وعالي الجودة من جميع نواحي متطلبات العمل السينيمائي، حيث ذكاء السيناريو و إتقان الحوارات، أيضًا التأثيرات الصوتية والإضاءة وأداء طاقم التمثيل كان لهم دورهم الكبير في نجاح الفيلم.  وقد برع   كيليان مرفي في أداء الدور، ولعب المكياج دوره ببراعة ليظهر شبهًا كبيرًا بين الممثل كيليان مرفي والعالم أوبنهايمر؛ هذا من الناحية الفنية أما ناحية قصة الفيلم، فهي تتحدث عن فترة تاريخية حرجة ومهمة جدًّا، أدت إلى تغيير جذري في تاريخ الدول ومجريات الأحداث على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وهي قصة حقيقية تبين مدى بشاعة السياسة الّتي يمكنها أن تسحق الإنسان في سبيل تحقيق المصالح وفرض الهيمنة ونيل مراكز القوى؛ دون أدنى تفكير بأرواح البشرية ومصائرها، ودون وجود أدنى ذرة من الإنسانية والضمير الحيّ. الفيلم يسلط الضوء أيضًا على الصراع النفسي الذي عاشه العالم أوبنهايمر، فهو يفتخر بأنه كان سببًا في هيمنة أمريكا على العالم وسيطرتها على مراكز القوى، ولكنه كان يشعر في الوقت نفسه بتأنيب الضمير الذي جعل يديه -ملطختين بالدماء- كما صرح بذلك في كلامه. كما يتضح من الفيلم أن المصالح هي التي تهيمن على السياسة وسير الأحداث، فالإنسان لا قيمة له مهما كبر مركزه ومهما قدم من جهود، فمبجرد مخالفته لأنظمة القوى العظمى يمكن أن يجد نفسه منبوذًا ومسحوقًا، وهذا ما حصل مع أوبنهايمر الذي خدم بلده-رغم أنها خدمة ضد الإنسانية- إذ وجد نفسه بين أنياب المحاكم بتهمة تعامله مع النظام الشيوعي. الفيلم سياسي إلى حد كبير وهو أبعد ما يكون عن ميولي؛ لكن هناك بعض الأحداث التاريخية المهمة الّتي يجب علينا الاطّلاع عليها كما ذكرت. وبعيدًا عن جدية الفيلم، فقد أثار وجود أحد الممثلين في الفيلم ضحكي، إذ أن الممثل كان قد ظهر في فيلم كوميدي، وظهر في هذا الفيلم رغم صغر دوره بمشهد جدّي، فلم يكن موفّقًا، يبدو أنه لم يكن الشخص المناسب للدور. شعور غريب سيطر عليّ بعد انتهاء الفيلم، إنها الغرابة والاستهجان من بشاعة السياسة التي تسحق الإنسان وكأنه حشرة في سبيل سيطرة وهيمنة بعض القادة الّذين نصبوا أنفسهم آلهة على البشر. لا بد أن غدًا سيكون أجمل وأكثر عدالة بإذن الله. إلى اللقاء.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

ثورة البرتغال وأول أفلام جيمس بوند.. أبرز أحداث 5 أكتوبر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تمتلئ صفحات التاريخ منذ قرون وحتى العصر الحديث، بالأحداث التي وقعت في مثل هذا اليوم، الخامس من أكتوبر، الذي صادف العديد من المناسبات الاجتماعية والسياسية المهمة.

وتستعرض “البوابة نيوز” في السطور التالية، مجموعة من أبرز الأحداث المهمة التي شهدتها العديد من دول العالم في مثل هذا اليوم، كالتالي:

في عام 1789، تظاهرت النساء الفرنسيات أمام قصر فرساي الملكي، مطالبات بالخبز والغذاء في خضم أزمة اقتصادية خانقة، كانت هذه الاحتجاجات تعبيرًا عن الغضب من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وسوء الأحوال المعيشية، وقد شكلت هذه المظاهرات جزءًا من الثورة الفرنسية، حيث ساهمت في الضغط على الملك لويس السادس عشر وفتح الطريق أمام التغيير السياسي والاجتماعي في فرنسا. 

في عام 1910، اندلعت «ثورة 5 أكتوبر» في البرتغال، حيث قاد الثوار حملة ضد الحكم الملكي الذي استمر لقرون، وان ذلك استجابة للفساد السياسي وسوء الإدارة، اجتاحت المظاهرات المدن الكبرى، مما أدى إلى فرار الملك مانويل الثاني، وفي اليوم التالي، تم إعلان قيام الجمهورية، ما أسفر عن تغييرات جذرية في النظام السياسي والاجتماعي في البلاد، وأسس لعصر جديد من الديمقراطية في البرتغال.

في عام 1944، أصدرت فرنسا قانونًا يمنح النساء حق التصويت، مما كان نقطة تحول تاريخية في مسيرة حقوق المرأة في البلاد، وجاء هذا القرار بعد جهود طويلة من الناشطات النسويات والمطالبة بالمساواة، خاصة في ظل الظروف التي فرضتها الحرب العالمية الثانية، وتم تطبيق هذا الحق لأول مرة في الانتخابات البلدية عام 1945، مما سمح للنساء بالمشاركة الفعّالة في الحياة السياسية وتعزيز دورهن في المجتمع الفرنسي.

في عام 1962، تم عرض فيلم «دكتور نو»، الذي يُعتبر أول فيلم في سلسلة أفلام جيمس بوند الشهيرة، أخرج الفيلم تيرينس يونغ، وقام بدور العميل 007 الممثل شون كونري، وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر، حيث قدم مزيجًا من الإثارة، المغامرة، والأناقة، مما أرسى الأسس لواحدة من أنجح السلاسل السينمائية في التاريخ، وقد ساهم «دكتور نو» في تشكيل هوية جيمس بوند كرمز ثقافي، ولا يزال يؤثر على صناعة السينما حتى اليوم.

في عام 2003، تولى أحمد قديروف رئاسة جمهورية الشيشان بعد فوزه في الانتخابات، كان قديروف شخصية بارزة في السياسة الشيشانية، وقد دعم بشدة روسيا خلال النزاعات السابقة، وتحت قيادته، سعى إلى إعادة بناء الشيشان وتعزيز الاستقرار في المنطقة، لكنه واجه انتقادات بسبب سياساته القمعية وحقوق الإنسان، وقد أسهمت رئاسته في تشكيل مستقبل الشيشان ضمن الاتحاد الروسي.

في عام 2020، منحت جائزة نوبل في الطب لكل من تشارلز رايس وهارفي ألتر ومايكل هوتون تقديرًا لاكتشافهم فيروس التهاب الكبد سي، وقد ساهمت أبحاثهم في فهم آلية انتقال الفيروس وأثره على الصحة العامة، مما أدى إلى تحسين تشخيص وعلاج التهاب الكبد، وقد أحدث هذا الاكتشاف ثورة في طرق معالجة المرض، وأنقذ حياة ملايين الأشخاص حول العالم.

في عام 2023، تعرضت الكلية الحربية بحمص لهجوم بطائرة مسيرة استهدف حفلاً لتخريج طلاب الضباط، مما أسفر عن مقتل حوالي 90 شخصًا وإصابة نحو 280 آخرين، معظمهم من المدنيين الذين كانوا يحضرون الاحتفال، أثار الهجوم إدانات واسعة، وأعلنت الحكومة السورية الحداد العام على الضحايا، وأدى الحادث إلى تصاعد العنف في المنطقة، واستمرار النزاع المستمر على حياة المدنيين.

مقالات مشابهة

  • الريشة التي حركت ضمائر العالم
  • ثورة البرتغال وأول أفلام جيمس بوند.. أبرز أحداث 5 أكتوبر
  • "ما الذي ينمو في راحة يدكِ؟" يفوز بجائزة بمهرجان سلا لفيلم المرأة
  • الخارجية الفلبينية: لا فلبينيين على متن ناقلة النفط التي هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر
  • مريم كرم تقلد نبيلة عبيد وكيرلس طلعت يجسد دور محمود المليجي في «كاستنج»
  • 6 أفلام جديدة مأخوذة عن روايات
  • بسنت شوقي: دوري في «العودة» مختلف تمامًا وبعيد عن شخصيتي الحقيقية
  • لو بتحب السينما.. حكاية 3 أفلام في دور العرض خلال شهر أكتوبر
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة