استقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الكيان الصهيوني أهارون هاليفا، إقرارا بفشل جهازه في توقع طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر والاستعداد لمواجهتها، أو العمل على منع حدوثها، حيث تكمن مهمة المؤسسة التي كان يديرها بالدرجة الأساسية في تقييم قدرات العدو وفهم نواياه، وهو ما كان الإخفاق فيه مدويا.
ويمكن فهم حجم الفشل في قراءة نوايا حماس لدى هاليفا بصفته رئيس مؤسسة استخباراتية كبيرة لدى الاحتلال، من خلال العودة لمقابلته مع عاموس جلعاد في مؤتمر هرتسيليا المنعقد قبيل طوفان الأقصى بأربعة أشهر ونصف فحسب، حيث أكد أن كيانه يمتلك قدرات استخباراتية كبرى تعد إحدى أهم ركائز قوته، وتحدث بثقة كبيرة بأن أعداءه مردوعون، وعندما نبه إلى أنهم قد يخطئون في فهم قدرات كيانه الردعية فيذهبون لمواجهة معه، كان يشير إلى حزب الله بالدرجة الأولى، وذلك على خلفية عملية مجدو التي اقتحم خلالها مقاتل الحدود اللبنانية الفلسطينية وزرع عبوة ناسفة.
أما حماس فبيّن أنها لا تريد مواجهة في قطاع غزة، وقد خرجت مصابة من معركة سيف القدس 2021، بل إنها تتجه إلى ما أسماه بسياسة تعدد الجبهات حيث تعمل على إشعال المواجهة مع الاحتلال في الضفة والداخل، وتحاول تفعيل قدراتها في لبنان وسوريا، وتبحث عن فرص في الأردن، على حد قوله. ويبدو أنه استمد هذا الفهم من الرد الفلسطيني آنذاك على الاعتداء الصهيوني على سيدات فلسطينيات في المسجد الأقصى في شهر نيسان/ أبريل 2023، حيث أطلقت حماس من جنوب لبنان ثلاثين صاروخا، ثم أعقبتها بضعة صواريخ من الجولان بعد يومين، السابع من أكتوبر لم يكن مفاجأة للاحتلال وأجهزة أمنه فقط، بل كان مفاجئا لعموم المراقبين المهتمين بالشأن الفلسطيني، والحقيقة أن تلك المفاجأة لم تكن الأخيرة، فلقد تحدث نتنياهو عن تدمير حماس وأعلن عن ذلك، وهو ما أقنع البعض بحتمية تحقق وعيده فبدأوا بتصور مستقبل غزة دون حماس ودون المقاومةوتزامن ذلك مع عملية في الأغوار قُتلت فيها ثلاث مستوطنات، وهي الأحداث التي فهمت منها أجهزة استخبارات الاحتلال أن حماس لا تريد تفعيل ساحة غزة، وهو ما تكامل مع موقف حماس غير المشارك في معركة ثأر الأحرار التي اندلعت عقب اغتيال الاحتلال لثلاثة من قادة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري قبيل طوفان الأقصى بأشهر قليلة.
صمت حماس وجنوحها لوقف الفعل العسكري انطلاقا من غزة عقب معركة سيف القدس لم يكن خادعا للاحتلال فحسب، بل إن كثيرا من المراقبين والمهتمين خُدعوا بذلك، وأذكر أنني في مقابلة مع قناة يمنية أثناء معركة ثأر الأحرار؛ كان الضيف الآخر يهاجم حماس ويتهمها بالتخلي عن المقاومة، بينما قرأت تغريدة لأحد المحللين السياسيين العرب يتهم فيها نظراءه المدافعين عن موقف حماس والمتفهمين له بأنهم ينطلقون من منطلقات أيديولوجية وليست مهنية.
وهذا ما تناقض مع أصحاب تلك المعركة، حيث أعلن العديد من قيادات الجهاد الإسلامي تفهمهم لموقف حماس، وأنها حاضنة المقاومة في قطاع غزة، وهو ما كان واضحا لكل مهتم بالشأن الفلسطيني عن قرب، واطلاع حقيقي، وفهم راسخ لسلوك حماس طوال الفترات السابقة، فمما أدركه الناس من ملاحظاتهم الطويلة أن الفاعل السياسي لا يغير سلوكه بين عشية وضحاها، لذا فإن فهم سلوكه المستقبلي لا يمكن أن يتم إلا من خلال فهم سلوكه في الماضي بشكل دقيق.
ومما سبق يتضح أن السابع من أكتوبر لم يكن مفاجأة للاحتلال وأجهزة أمنه فقط، بل كان مفاجئا لعموم المراقبين المهتمين بالشأن الفلسطيني، والحقيقة أن تلك المفاجأة لم تكن الأخيرة، فلقد تحدث نتنياهو عن تدمير حماس وأعلن عن ذلك، وهو ما أقنع البعض بحتمية تحقق وعيده فبدأوا بتصور مستقبل غزة دون حماس ودون المقاومة.
وهو ربما ما يكون مفاجأة تتكشف أبعادها بعد انتهاء هذا العدوان، حيث سيفاجأ الاحتلال بالنتائج الضعيفة لحربه في تأثيرها على المقاومة وقدراتها العسكرية والبشرية، رغم ما أحدثه من قتل وتدمير غير مسبوق في غزة، كما سيفاجأ بقدرة حماس على الصمود والتحدي والإصرار، كما يظهر في إصرارها على مطالب الشعب الفلسطيني في جولات المفاوضات المتتابعة.
المفاجأة الأكبر في تقديري في حجم الالتفاف الشعبي الفلسطيني الواسع حول المقاومة عقب هذه الحرب والإصرار على مواجهة هذا الاحتلال وتكبيده ثمن جرائمه
كما سيفاجأ بسرعة عودتها إلى المواجهة مجددا بما يتناقض مع دعواه بالقضاء عليها وكسر إرادتها، كذلك سيفاجأ كثيرون من قدرة المقاومة على إزالة كل التغييرات التي أحدثها الاحتلال في غزة، سواء المنطقة العازلة وسط القطاع أو المناطق العازلة على حدوده، وتصوري أن زوال كل ذلك سيحدث بشكل سريع. وما ذلك التوقع إلا قراءة للماضي القريب، ذلك أن الاحتلال لم ينسحب عام 2005 من قطاع غزة إلا بعد أن انعدمت قدرته تماما على حماية مستوطناته بتكلفة بشرية معقولة، فكيف به والمقاومة تضاعفت قدراتها وخبراتها وأعدادها أضعافا عديدة.
لكن المفاجأة الأكبر في تقديري في حجم الالتفاف الشعبي الفلسطيني الواسع حول المقاومة عقب هذه الحرب والإصرار على مواجهة هذا الاحتلال وتكبيده ثمن جرائمه. لقد صنع هذا العدو طاقة مهولة ملأت أعماق غالبية الفلسطينيين تدفعهم للعمل على إزالته بكل جهد ووسيلة، ذلك أن المواجهة أثبتت أنه أصل كل الشرور والإشكالات والمآسي التي يعيشها الفلسطينيون، فمهما كانت معاناة الفلسطيني قبل الحرب من الأزمات المتعددة إلا أنها لا شيء مقارنة بما فعله هذا الكيان المجرم.
وهذا ما يدفع المراقب للشفقة على الذباب الإلكتروني الذي يعزف على أنغام السلبية والإحباط واليأس، وكأن المقاومة انتهت، وما هم بحريصين عليها، لكنها محاولة تدمير الروح المعنوية لحاضنتها الشعبية.. كم سيفاجأ ذلك الذباب بانهيار أكاذيبه قريبا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس الاحتلال غزة حماس غزة الاحتلال طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى وهو ما
إقرأ أيضاً:
طوفان الأقصى “يجرف” أركان الاحتلال العسكرية.. تعرف على المستقيلين
#سواليف
تسببت سلسلة الإخفاقات للاحتلال في العدوان على #غزة، على الرغم من الإبادة الجماعية المرتكبة، في هزة لجيش #الاحتلال، وصلت إلى حد إعلان رئيس الأركان هرتسي هاليفي، تقديم استقالته وإعلان فشله في الدفاع والهجوم كما قال.
ومنذ عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أطاحت العملية برؤوس كبيرة في #جيش_الاحتلال، وقياداته، بسبب الفشل الاستراتيجي الكبير وغير المسبوق، الذي تعرض له الاحتلال، والضربة العسكرية والاستخبارية القاسية التي وجهتها #كتائب_القسام لجيش الاحتلال والشاباك.
ونستعرض في التقرير التالي أبرز قيادات جيش الاحتلال التي أطاحت بها عملية طوفان الأقصى:
مقالات ذات صلة الجمعة .. أجواء باردة وغائمة وفرصة للأمطار 2025/01/24هرتسي #هاليفي:
رئيس أركان جيش الاحتلال، ضابط سابق في وحدة سييرت ميتكال، نخبة رئاسة الأركان السرية، رافقه #الإخفاق و #الفشل في محطات عديدة بحياته، كان أبرزها محاولة تحرير الجندي ناحشون فاكسمان من يد #كتائب_القسام، في تسعينيات القرن الماضي، والتي قتل فيها الجندي وقائد مجموعة الاحتلال المقتحمة لمكان احتجازه وكان بينهم هاليفي ذاته.
اللواء يارون #فينكلمان:
قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، والقائد العسكري المسؤول فعليا عن الجبهة مع قطاع غزة، وأبرز المتهمين بالفشل والإخفاق خاصة وأن ما يعرف بفرقة غزة التي تخدم تحت يده، تعرضت لضربة مدمرة في عملية طوفان الأقصى وقتل الكثير من ضباطها فضلا عن أسرهم.
اللواء تامير ياداي:
قائد القوات البرية السابق في جيش الاحتلال، تقدم باستقالته قبل أشهر، في خضم العدوان البري على القطاع، متذرعا بأسباب خاصة، فيما كشفت المواقع العبرية عن خلافات كبيرة بينه وبين هاليفي.
اللواء يوسي سارييل:
قائد الوحدة 8200 الاستخبارية، المسؤولة عن تحليل البيانات الاستخبارية وشن الهجمات السيبرانية وصياغة الخطط، وأعلن استقالته معترفا بحجم الإخفاق الذي قامت به وحدته في عدم اكتشاف خطط كتائب القسام للهجوم.
قائد المنطقة الجنوبية في جهاز #الشاباك:
ضابط كبير رتبته واسمه غير معلنين، ويرمز له بالحرف، استقال من منصبه الحساس، باعتباره المسؤول عن قطاع غزة استخباريا، وقال إن الفشل سيرافقه طيلة حياته، بسبب ما جرى في عملية طوفان الأقصى.
اللواء آفي روزنفيلد:
قائد فرقة غزة، المسؤولة عسكريا، عن تطويق القطاع، والمسؤول المباشر عن الفشل والإخفاق في صد عملية طوفان الأقصى، والتي دمرت كامل فرقته واحتلت كافة مواقعها في الساعات الأولى من الهجوم.
اللواء أهارون هاليفا:
رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، استقال من منصبه، معترفا بفشل شعبته الحساسة، في تحليل البيانات الاستخبارية، والمعطيات الخاصة بقطاع غزة، بعد نجاح المقاومة في تضليل استخبارات الاحتلال.
العميد عميت ساعر:
رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية، استقال من منصبه معترفا بالفشل أمام ما جرى في عملية طوفان الأقصى.
استقالات متوقعة:
رونين بار:
رئيس جهاز الشاباك، والمسؤول الأول عن مراقبة كافة التفاصيل في قطاع غزة، تعرض جهازه لضربة استخبارية، وعمى في المعلومات داخل القطاع بسبب تخلص المقاومة من الكثير من العملاء، فضلا عن عمليات التضليل الاستخباري التي وقع فيها جهازه، وكشف مقربون منه تفكيره منذ أشهر بالاستقالة اعترافا بالفشل.
تومير بار:
قائد سلاح جو الاحتلال، وأحد أبرز من وجهت لهم اتهامات داخلية، بالإخفاق والفشل في عملية طوفان الأقصى، بسبب طول مدة الاستجابة لتحريك الطائرات إلى المناطق المحيطة بغزة، والفشل في صد الهجوم.
ديفيد سالامي:
قائد سلاح بحرية الاحتلال، أحد المتهمين بالإخفاق في عملية طوفان الأقصى، بسبب نجاح القوة البحرية في كتائب القسام، في اختراق قاعدة زيكيم البحرية المجاورة لقطاع غزة، وتنفيذ عملية إنزال داخلها وقتل عدد من الجنود والمستوطنين.