زنقة 20. الرباط

يمثل فاتح ماي من هذا العام محطة تاريخية في حياة التكتل الأوروبي. فقبل عشرين عاما، حقق الاتحاد الأوروبي أكبر عملية توسع منذ تأسيسه ودفع بحدوده نحو الشرق. ومع انضمام عشرة أعضاء جدد، ليصبح عدد الدول ما مجموعه 25، جسد الاتحاد في 2004 الفكرة التأسيسية لإعادة توحيد أوروبا وكرس مركزية الحتمية الجيوسياسية في بنائه.

واليوم، بينما تستمر الحرب الروسية-الأوكرانية في تغذية “الفوضى الجيوسياسية” خارج حدود القارة العجوز ومناطق تأثيرها، تعود مسألة التوسع الأوروبي الجديد لتحتل صدارة المشهد السياسي. وقبل ما يزيد قليلا عن شهر من الانتخابات الأوروبية، تحضر هذه القضية في المواضيع الرئيسية للولاية التشريعية المقبلة، بدءا بالاقتصاد ومرورا بالأمن، الديمقراطية وسيادة القانون.

وإذا كان الشك قد خيم في العام 2004 على كل من البلدان الأعضاء والرأي العام بشأن الأعضاء المستقبليين، فإن واقع الحال يشير إلى أن أنصار التوسع أضحوا أكثر عددا أو على الأقل أكثر تجليا من ذي قبل. فبحسب آخر استطلاع أوروبي “يوروبارومتر”، الذي نشرت نتائجه في منتصف أبريل، أجاب ستون في المائة من المواطنين الأوروبيين بنعم عند سؤالهم عما إذا كانت عضوية الاتحاد الأوروبي أمرا جيدا. وعند استفسارهم حول ما إذا كان الوجود في الاتحاد الأوروبي يفيد بلادهم، أجاب 71 في المائة من المواطنين الأوروبيين بالإيجاب.

وتتأرجح التفسيرات المطروحة حول استجابة الاتحاد الأوروبي “الفعالة” للأزمات الاقتصادية، الاجتماعية، الصحية والأمنية العديدة التي شهدها العقدان الماضيان. ففي أوقات “المخاطر الجيوسياسية” والتهديدات المتعددة، يبدو أن المظلة الأوروبية تستقطب أكثر فأكثر.

وليس رؤساء المؤسسات الأوروبية الرئيسية (المفوضية، المجلس والبرلمان) وغيرهم من مناصري أوروبا هم الذين يقولون عكس ذلك. وحجتهم هي أن الاتحاد الأوروبي، رغم كل الإحباطات ومكامن النقص، يظل الضمانة الأفضل، كما أن آثار التغيير التي قد يخلفها توسع الاتحاد الأوروبي على حياة أجيال من الأوروبيين لا لبس فيه.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الأسبوع الماضي أمام البرلمان الأوروبي بستراسبورغ، إن “فاتح ماي 2004، شكل بداية حقبة جديدة من الوعود. منها الوعد بأن يتمكن جميع الأوروبيين من أن يصبحوا أسيادا لمصيرهم. ووعد بالحرية، الاستقرار، السلام والازدهار”.

وأضافت “في عشرين عاما، تم الوفاء بالوعد. فقد ازدهرت اقتصادات الدول الأعضاء الجديدة، وتضاعف الإنتاج الفلاحي ثلاث مرات، وانخفض معدل البطالة إلى النصف. هذه هي قوة أوروبا: لقد حققنا معجزة اقتصادية حقيقية في هذه البلدان”.

وبالنسبة لرئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، أحد كبار أنصار الوحدة الأوروبية، فإن توسع التكتل شكل “نجاحا لا غبار عليه”. واعتبر أنه بالنسبة للدول الأعضاء العشر التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في العام 2004 “كان الانضمام إلى هذا الكيان الأوروبي بمثابة تحدي وجودي”.

ونقلت وسائل إعلام أوروبية عنه قوله: اليوم “في مواجهة الفوضى الجيوسياسية، أصبح خيارنا الاستراتيجي مرة أخرى هو التوسع. تخيلوا ما هو الوضع الذي كنا سنجد أنفسنا فيه، في فبراير 2022 (بداية الحرب في أوكرانيا)، لو كنا خمسة عشر فقط، مع وجود دول أضعف في جوارنا على المستوى المؤسساتي والاقتصادي ؟”.

ومن الواضح بحسب العديد من التحليلات، أن الحرب في أوكرانيا منحت دفعة جديدة لاستراتيجية التوسع. ومن غير المتوقع أن يتغير هذا الأمر خلال السنوات القادمة.

وهنا أطلق شارل ميشيل نداءه: “يجب أن يكون لدينا الطموح المشترك للاستعداد لعام 2030. أنا على ثقة من أن الدورة المؤسساتية المقبلة ستؤكد إرادتنا السياسية إزاء التوسع. أنا لا أقول إننا سنتوسع في العام 2030، بل أقول إننا يجب أن نكون مستعدين. ما هو البديل ؟ المماطلة لعقود من الزمن كما فعلنا من قبل ؟ سيكون ذلك خطأ فظيعا وغير مسؤول”.

أما رومانو برودي، الذي تولى رئاسة المفوضية الأوروبية خلال الفترة ما بين 1999 و2004، والذي أشرف على وضع اللمسات الأخيرة على مفاوضات انضمام الدول الأعضاء العشر الجديدة، فهو أكثر دقة. بسبب العديد من التحديات، لاسيما تعقيد القواعد والآلية المؤسساتية.

وقال في هذا الصدد “نحن الهيئة الجماعية الوحيدة في العالم التي تستخدم قاعدة الإجماع. نحن سخيفون. خاصة وأن الولايات المتحدة والصين تخنقاننا اقتصاديا وتكنولوجيا. شيئا فشيئا، يستوعب الناس أن حق النقض يمكن أن يكون خطيرا، حتى بالنسبة للدول التي توظفه”.

وبحسبه، فإن الاتحاد الأوروبي سيجد نفسه مضطرا لتغيير القواعد. وقال: “ليس فقط بسبب التوسع: لقد أصبح الأمر مستحيلا الآن. لا يعني ذلك أن الأعضاء الجدد يتصرفون بشكل مختلف عن سابقيهم، بل إن النظام معقد فحسب. كانت القواعد تعمل عندما كنا ستة، لكن ليس أكثر. أبعد من ذلك، بعدد خمسة عشر أو خمسة وعشرين، أضحى الأمر معقدا ! أما بعدد 35 أو 40 تقريبا، سيصبح الأمر مستحيلا”.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی

إقرأ أيضاً:

وزيرة التعاون الدولي والمدير العام للمفوضية الأوروبية يعقدان مائدة مُستديرة مع المؤسسات الدولية وشركاء التنمية

عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، والسيد/ جيرت كوبمان، المدير العام لسياسات الجوار والتوسع في المفوضية الأوروبية، مائدة مستديرة رفيعة المستوى بمشاركة شركاء التنمية والمؤسسات الدولية، للتعريف بآلية ضمانات الاستثمار التي تبلغ قيمتها 1.8 مليار يورو، والتي يتيحها الاتحاد الأوروبي لمصر ضمن حزمة تمويلية بقيمة 7.4 مليار يورو، في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، ومناقشة الخطوات المستقبلية لتفعيل تلك الضمانات بالتعاون مع مختلف شركاء التنمية الأوروبيين وغيرهم بما يعزز جهود حشد الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تم الاتفاق على الإعداد لعقد ورش عمل فنية بمشاركة الجهات المعنية من مختلف الأطراف لوضع أولويات الاستفادة من ضمانات الاستثمار في إطار المجالات ذات الاهتمام المشترك لمصر والاتحاد الأوروبي.

ومثّل بنك الاستثمار الأوروبي EIB في المائدة المستديرة السيدة/ جيلسومينا فيجيلوتي، نائب رئيس البنك، والسيد/ جويدو كلاري، رئيس المركز الإقليمي للبنك لشمال أفريقيا والشرق الأدنى بالقاهرة، كما شارك من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD، السيد/ يورجن ريجتيرينك، النائب الأول لرئيس البنك، والدكتورة هايكي هارمجارت، المدير الإداري لمنطقة جنوب وشرق المتوسط، ومن مجموعة البنك الدولي WB، شاركت السيدة/ آنا بيردي، نائب رئيس البنك لشئون العمليات، والسيد/ ستيفن جيمبرت، المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوتي، ومن مؤسسة التمويل الدولية IFC، شاركت السيدة/ سوزان لوند، نائب رئيس المؤسسة لتنمية القطاع الخاص، وشيخ عمر سيلا، المدير الإقليمي لشمال أفريقيا والقرن الأفريقي، كما مثل بنك التنمية الأفريقي AFDB، السيدة/، ماري لاوري، نائب رئيس البنك للتنمية الإقليمية والتكامل، والسيد/ عبد الرحمن دياو، المدير القطري، وكذلك السيدة/ سيسيل كوربي، المدير الإقليمي للوكالة الفرنسية للتنمية AFD، والسيدة/ كيلمينس دي لا بلاش، المديرة القطرية، من ألمانيا شارك السيد/ كريستوفر شافر، المدير القطري لبنك التعمير الألماني، السيد/ هولجر إيلي، رئيس التعاون الإنمائي بالسفارة الألمانية بالقاهرة.

وفي مستهل اللقاء وجهت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي الشكر للاتحاد الأوروبي على الجهود المبذولة والتنسيق المستمر خلال الفترة الماضية في إطار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، كما أشادت بشركاء التنمية والمؤسسات الدولية، على الشراكات المثمرة والدعم المتواصل للحكومة لتعزيز أولوياتها التنموية، خاصة في فترات التحديات الاقتصادية.

وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى أهمية ضمانات الاستثمار التي يتيحها الاتحاد الأوروبي بقيمة 1.8 مليار يورو من خلال الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة EFSD، والتي تعزز الشراكة الاستثمارية مع مصر وتعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحفز استثمارات شركات القطاع الخاص المحلية والدولية.

وذكرت وزيرة التعاون الدولي، أن تلك الضمانات لن تكون متاحة فقط من خلال مؤسسات التمويل الأوروبية ولكن أيضًا من خلال مؤسسات التمويل الدولية الأخرى، مؤكدة أن التكامل بين شركاء التنمية وتعدد الآليات المتاحة من المؤسسات الدولية المختلفة لدعم وتمكين القطاع الخاص من شأنه أن يفتح آفاق الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويدعم جهود الدولة من أجل زيادة مشاركة القطاع الخاص في مختلف مجالات التنمية.

وجدير بالذكر أنه من المتوقع أن تعزز تلك الضمانات، تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة 11 مليار يورو في القطاعات ذات الأولوية والاهتمام المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي، وهي الطاقة، والعمل المناخي، والمياه، والأمن الغذائي، والاستثمار في رأس المال البشري.

من جانبه تحدث السيد/ جيرت كوبمان، حول حرص الاتحاد الأوروبي على توفير كافة آليات الدعم للقطاع الخاص في مصر لتحفيز استثمارات الشركات في القطاعات ذات الأولوية، لاسيما تلك التي تعزز التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتقلل انبعاثات الكربون، موضحًا أن مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي، وترفيع مستوى العلاقات بين البلدين، يعكس استراتيجية الشراكة لدعم استقرار الاقتصاد الكلي في مصر، والمضي قدمًا نحو خلق نهج متكامل لتلبية أولويات ومتطلبات التنمية بمشاركة رئيسية من القطاع الخاص.

وخلال المائدة المستديرة، استعرض شركاء التنمية والمؤسسات الدولية، الجهود التي تم تنفيذها خلال الفترة الماضية بالتعاون مع الحكومة خلال الفترة الماضية لدعم وتنمية قطاعات التنمية المختلفة وآليات دعم القطاع الخاص.

كما أشادوا بانعقاد مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي، والذي يرسخ لشراكة ممتدة ويعد دافعًا قويًا للجهود التي يقوم بها شركاء التنمية لزيادة مشاركة القطاع الخاص في التنمية، وتحفيز الاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية.

كما أبدى شركاء التنمية التزامهم باستمرار التكامل والتنسيق من أجل تعظيم الآليات والخطوات المنفذة لدعم القطاع الخاص في مصر.

وأثنى شركاء التنمية على الجهود والعمل المشترك مع وزارة التعاون الدولي، في تنفيذ برامج دعم الموازنة وتمويل سياسات التنمية، والتي تتم في إطار من التكامل لتنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية التي تنعكس أيضًا على تنمية وتهيئة البيئة الاستثمارية للقطاع الخاص، وقد أبدوا استعدادهم للتنسيق من أجل تعظيم الاستفادة من آلية الضمانات الاستثمارية التي يتيحها الاتحاد الأوروبي.

مقالات مشابهة

  • من المجر إلى هولندا.. هل يؤدي توسع نفوذ اليمين الراديكالي في أوروبا إلى التأثير على قرارات الاتحاد؟
  • الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يحقق مع لاعب المنتخب التركي
  • اليويفا يحقق مع نجم تركيا بعد حركة الذئاب الرمادية
  • سفير الإتحاد الأوروبي يبحث مع رئيس أركان القوات البرية اللواء حفتر سبل مكافحة تهريب البشر
  • اتفاقية الاتحاد الأوروبي واليابان لتدفقات البيانات تدخل حيز التنفيذ
  • المجر تستلم الرئاسة الدورية الأوروبية خلفاً لبلجيكا
  • احتفال الأعضاء التناسلية.. تحقيق أوروبي بفعلة نجم إنكلترا
  • وزيرة التعاون الدولي والمدير العام للمفوضية الأوروبية يعقدان مائدة مُستديرة مع المؤسسات الدولية وشركاء التنمية
  • رئيسة المفوضية الأوروبية: أوروبا أكبر شريك تجارى ومستثمر لمصر
  • المجر تستلم الرئاسة الدورية الأوروبية