قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: "إننا نواجه تحدياتٍ مشتركةً تُحتِّمُ علينا فتح قنوات الحوار المباشر مع بعضنا البعض لإيجاد حلولٍ للمشكلات التي يواجهها العالم"؛ موضحًا أن هذا العالم المترامي الأطراف بات قرية صغيرة بمعنى الكلمة؛ وأي حادثة مهما بدت عابرة شديدة المحلية تؤثر في أقصى مكان فيه.

مفتي الجمهورية: الإسلامُ يحث على العمل ويرغب فيه مفتي الجمهورية يتوجَّه إلى أذربيجان للمشاركة في اجتماع قادة الديانات بـ"باكو"

جاء هذا خلال كلمة المفتي الرئيسية في المنتدى العالمي السادس للحوار بين الثقافات في باكو بجمهورية أذربيجان، والذي يعقد في الفترة من 1 إلى 3 مايو تحت شعار "الحوار من أجل السلام والأمن العالمي"، ويحضره عدد كبير من قادة الأديان في العالم.

وأكد فضيلة المفتي خلال كلمته أن الناس قد يختلفون حول العقائد والأديان، ولكنهم يتفقون على الأخلاق، ويتعايشون فيما بينهم في أمن وسلام، ما دام بينهم عقد اجتماعي وعُرف أخلاقي واحد يسمو بهم نحو المعاني الراقية من الصدق والأمانة والتعاون على البر والخير والاحترام المتبادل، موضحًا أن أهم ما يعزز من قيمة التعايش السلمي والأمن هو السعي إلى التعارف بمعنى الاطلاع على الثقافات والأديان المختلفة من مصادرها الأصيلة المعتمدة، لا مما يشاع ويقال عنها من شائعات مغرضة هنا أو هناك، والله تعالى قد ذكر في القرآن الكريم أنه لم يخلق هذا التنوع والتعدد عبثًا ولا سدى فقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، وقال تعالى: {أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

وأضاف فضيلته أن ثبات القيم الأخلاقية كفيل بحفظ الأمن والأمان في المجتمع مهما اختلفت العقائد والأديان، وأي عبث بالمنظومة الأخلاقية التي تعارف الناس عليها سوف يؤدي إلى عواقب كارثية وخيمة؛ ولذلك فإننا بحاجةٍ إلى جهد كبير لترسيخ القيم والأخلاق وقواعد الذوق العام في المجتمع من خلال المؤسسات الدينية والإعلامية والتعليمية والفنية، وما أحوجنا -حقًّا- لتفعيل تلك القيم وتحويلها إلى واقع ملموس في عصرنا الحاضر، بعدما تفاقمت مخاطر قوى شريرة تزكي نيران الكراهية والتعصب والشقاق والطائفية والتطرف والإرهاب وتعتدي على الكرامة الإنسانية.

وأشار فضيلة المفتي إلى أن العالم بحاجة إلى إجراءات عملية تُفعِّل هذه القيم الراقية حتى نئِدَ الكراهية ونُحيي المحبة والسلام، وما أحوج إعلامنا المعاصر إلى أن يتعاون على الحب والإخاء وألا يتعاون على نشر الكراهية وإذكاء نار الفرقة، كما شدد على ضرورة اهتمام التعليم المعاصر بتدريب الطلاب صغارًا وكبارًا على أن يتكاملوا في اتفاقهم واختلافهم، وكذلك شدد على حاجة دعاة حقوق الإنسان في العالم إلى أن يكون منطلق دعوتهم العناية بالإنسان ومساندته بصرف النظر عن اعتبارات الجنس واللون والدين، والنظر بعين الاعتبار إلى المشترك الإنساني من ناحية، وإلى احترام الخصوصيات والتنوعات من ناحية أخرى، فضلًا عن حاجة مؤسساتنا أيضًا إلى أن تُفشي السلام والمحبة والحوار قولًا وفعلًا بينها.

وأوضح فضيلة مفتي الجمهورية أن الحوار لا ينقلب أبدًا إلى حديث أحادي لإلحاق الهزيمة بالمخالف؛ لكنه يجسد المحاولة لفهمه وبناء جسور التفاهم والتعاون معه تنفيذًا لمراد الله عز وجل؛ فقد خلقنا سبحانه وتعالى شعوبًا وقبائل ليتعرف بعضنا إلى بعض.

ولفت فضيلته النظر إلى سعي "دار الإفتاء المصرية" في الفترات السابقة بخُطًا حثيثة لجمع الشمل وتوطيد الأخوة ونبذ الكراهية في مجال الإفتاء، فأنشأت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم للتحاور والتعاون على البر والتقوى وجمع شمل المفتين على المحبة والسلام ونبذ الكراهية محليًّا وعالميًّا، وكذلك حرصت دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور الإفتاء في العالم على ترجمة هذه القيم في فاعلياتها وفتاويها وبياناتها ومبادراتها ومؤتمراتها العالمية المختلفة.

إنشاء دار الإفتاء مجموعة من المراصد البحثية

وأشار إلى إنشاء الدار مجموعة من المراصد البحثية وأطلقت مبادراتها لخدمة هذا المقصد النبيل، ومنها على سبيل المثال: "مركز سلام"؛ وهو مركز لدراسات التشدد ومواجهته، ومرصد لفتاوى الكراهية التي يحاول المتطرفون بثها في العالم وينسبونها زورًا وبهتانًا للإسلام، وذلك بالموازاة مع مرصد آخر يرصد ممارسات الكراهية في ثوبها الآخر، وهو مرصد الإسلاموفوبيا، ويُعنى بما يسمى الكراهية ضد الإسلام والمسلمين في العالم، كما تم إطلاق المؤشر العالمي للفتوى لقياس ثمار الوسطية والكراهية في مجال الإفتاء، مؤكدًا أن كل هذه المراكز آتت أُكلها طيبًا خلال فترة العمل السابقة، ولا زلنا نعمل على المزيد.

وتابع المفتي قائلًا: لا شك أننا في هذه المبادرات وبالإضافة إلى النيات الطيبة من هنا وهناك نحتاج إلى مناهج تعليم مساندة ومنابر إعلام مُعينَة، وأن تتبنى هذه المبادرات كل أسرة، بل يتبناها المجتمع بكل مؤسساته الحكومية والمدنية لكي تثمر الثمرة المرجوة.

وفي ختام كلمته أعرب المفتي عن أمنياته في نشر ثقافة التعايش والأمن والسلام بين أبناء الإنسانية جميعًا، واقتلاع جذور التعصب والتشدد والعنف من عقول أبناء الإنسانية جميعًا، مشددًا على أن الإنسانية بحاجة إلى العيش في أمن وسلام وتعاون لكي يعم الخير على الجميع من الجميع.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية شوقي علام هيئات الإفتاء قنوات الحوار ثقافة التعايش أبناء الإنسانية مفتی الجمهوریة فی العالم إلى أن

إقرأ أيضاً:

"القاهرة الإخبارية": استمرار دخول المساعدات إلى غزة وسط تحديات ومعوقات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكدت ريهام إبراهيم، موفدة قناة "القاهرة الإخبارية" أمام معبر رفح البري، أن العشرات من الشاحنات المحملة بالمنازل الخشبية المتنقلة، والمعدات الثقيلة والخفيفة، والجرارات الزراعية تصطف في ساحة المعبر، في انتظار السماح لها بالدخول إلى قطاع غزة.

وأوضحت، خلال رسالتها على الهواء، أن هذه الشاحنات تترقب العبور إلى الجانب الآخر حيث تجري عمليات إزالة الأنقاض ومخلفات الحرب، التي تعيق أساسًا حركة المساعدات الإنسانية. ورغم الجهود المبذولة، فإن هناك تعنتًا من الجانب الآخر وعقبات تعرقل دخول المساعدات.

وأشارت إلى أنه تم اليوم إدخال 74 شاحنة عبر معبر العوجة، محملة بالمواد الغذائية، والمستلزمات الطبية، ومواد الإيواء، والمحاصيل الزراعية، والخيام، بالإضافة إلى 14 شاحنة وقود مخصصة للمستشفيات، والمخابز، وغاز الطهي، والاحتياجات الأساسية.

وأضافت أن هناك عقبات تواجه هذه القوافل، منها تقليص ساعات العمل إلى نصف يوم، وكذلك تقييد إدخال المساعدات خلال عطلة المساعدات الإنسانية، وهو ما يعد أحد المعوقات التي تضعها سلطات الاحتلال أمام وصول الإمدادات إلى مستحقيها في غزة.

وأكدت أن الشاحنات المحملة بالمنازل الخشبية المتنقلة تهدف إلى توفير مأوى للمتضررين الذين فقدوا منازلهم، خاصة مع تعرض غزة لعواصف وسيول خلال المنخفض الجوي الأخير. وأشادت بجهود مصر المكثفة التي تمثل الركيزة الأساسية للعملية الإغاثية في قطاع غزة.

وفيما يتعلق بالمصابين والجرحى، أوضحت أن عددهم بلغ 46 مصابًا، يعانون من أمراض مزمنة أو إصابات تتطلب تدخلاً جراحيًا، حيث سيتم نقلهم إلى المستشفيات المجهزة لاستقبالهم، مع وجود وحدة أشعة متخصصة على الجانب الآخر لإجراء الفحوصات اللازمة فور وصولهم.

واختتمت موفدة "القاهرة الإخبارية" حديثها بالتأكيد على أن هذه التطورات تأتي في إطار الاستعدادات لاستكمال شروط اتفاق وقف إطلاق النار وعمليات تبادل الأسرى.

مقالات مشابهة

  • ملك الأردن لوفد الكونجرس: نرفض التهجير.. المفتي العام: نعتز بموقف السعودية الثابت من القضية الفلسطينية
  • قلق أوروبي من تقديم أمريكا الكثير من التنازلات لروسيا.. ومظاهرات خلال مؤتمر ميونخ
  • مظاهرات في ميونيخ ضد الكراهية تزامنا مع مؤتمر الأمن
  • مسلسلات رمضان 2025.. قنوات عرض مسلسل إش إش لـ مي عمر
  • مصطفى بكري: مصر الآن في قلب العاصفة ونواجه خطرا شديدا
  • بكري: مصر الآن في قلب العاصفة
  • استمرار دخول المساعدات إلى غزة وسط تحديات ومعوقات
  • "القاهرة الإخبارية": استمرار دخول المساعدات إلى غزة وسط تحديات ومعوقات
  • «المفتي» يرد على عدم الحاجة إلى الدين: الإنسان يحتاجه كالطعام والشراب
  • مسلسلات رمضان 2025.. هدى المفتي تكشف عن شخصيتها في «80 باكو»