جيشان في دولة واحدة: تداعيات استمرار ووقف الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان على المديين القصير والطويل
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
د. عبد المنعم مختار
استاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية
تشير الوقائع إلى أن الحرب الجارية في السودان هي صراع سلطة وثروة بين جيشين في دولة واحدة. كذلك فإن الجرائم المثبتة في تاريخ وحاضر قوات الدعم السريع تكذب ادعاءات ذوده عن التحول المدني وحربه من أجل الانتقال الديمقراطي.
الجدير بالذكر أن اغلبية السودانيين لا تدعو لهزيمة الجيش لأنه أقل قبلية وأكثر مؤسسية وأقل خطرا على وحدة الدولة وتماسك المجتمع من قوات الدعم السريع. وفي نفس الوقت تدرك أغلبية السودانيين أن الجيش أكثر رغبة وقدرة من قوات الدعم السريع على إعاقة التحول المدني وتعطيل الانتقال الديموقراطي.
يختلف السودانيون في ايهما اجدى وأكثر نفعا على المدى القصير والمدى الطويل:
(أ) معارضة الحرب والضغط على طرفيها من اجل وقفها، ام
(ب) مواصلة الحرب من أجل التخلص من مليشيا قبلية أكثر جرما من الجيش، ام
(ج) مواصلة الحرب من أجل اضعاف الجيش المنقوص القومية والأكثر عداء للديمقراطية من قوات الدعم السريع.
تداعيات استمرار ووقف الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع
التداعيات على المدى القصير
استمرار الحرب سيقود على المدى القصير لمزيد من القتلى والنازحين واللاجئين والمرضى والجوعى. وسيشهد الاقتصاد مزيدا من الانهيار والاجتماع البشري مزيدا من التصدع والبنية التحتية مزيدا من التدمير.
وقف الحرب قريبا سيقود غالبا لزيادة سلطة وثروة قوات الدعم السريع ولاستمرار سلطة وثروة الجيش وان قلت طوال الفترة الانتقالية. السبب الرئيسي لذلك ينبع من تحكم الجيش وقوات الدعم السريع في عمليات وقف إطلاق النار ودمج وتسريح الجيشين وهي عمليات مركزية لوقف الحرب ولمنع تجددها وتشكل أولوية تفوق في أهميتها التحول المدني والانتقال الديمقراطي.
نسبة للعلاقة العدائية بين الجيش وقوات الدعم السريع فمن المتوقع أن وقف الحرب بينهما ستكون عملية شاقة وذات انتكاسات وستعمل على استهلاك جهودهما وجهود معظم الأطراف الأخرى. سيقود ذلك إلى إضعاف فرص السعي وبذل الجهد للتفاوض على سلام مع حركات التمرد المسلحة، مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور وبالتالي سيقود لإضعاف فرص إنهاء حالة تعدد الجيوش وبناء جيش موحد في السودان.
التداعيات على المدى الطويل
استمرار الحرب لمدة طويلة سيقود لكل ما ذكر أعلاه من خسائر بشرية ومادية على المدى القصير. بالإضافة لذلك سيقود استمرار الحرب لمدة طويلة إلى مزيد من التدخلات الإقليمية والدولية. جنوب السودان وإثيوبيا مرشحتان لفتح خطوط إمداد جديدة لقوات الدعم السريع وروسيا والصين مرشحتان لدعم الجيش.
يتوقع أيضا أن يقود استمرار الحرب لمدة طويلة إلى انقسامات كاملة وسط قوات الدعم السريع وتصدعات غير مكتملة وسط الجيش. غالبا ستكون هذه الانشقاقات على أساس جهوي وقبلي. وبذلك سيزيد عدد الجيوش وعدد الحروب.
ويتوقع كثير من المراقبين ان استمرار الحرب سيقود لفصل دارفور وتفاقم الصراع حول كردفان وفي النيل الازرق وبعد حين ايضا في شرق السودان.
خلاصة
أثبتت الحرب الجارية في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع استحالة وجود جيشان في دولة واحدة بسلام. ويلحظ المراقب تقارب الجيش وقوات الدعم السريع في القدرات العسكرية الكلية. فبينما يتفوق الجيش على قوات الدعم السريع بالطيران الحربي، تتفوق قوات الدعم السريع على الجيش في قوات المشاة. لذا فإن انتصار ساحق وكامل لأحد طرفي القتال على الاخر أمر مستبعد على المديين القصير والطويل. لذا فإن الحرب الجارية يمكن إيقافها عاجلا ام آجلا فقط عبر التفاوض.
تختلف تداعيات وقف الحرب عاجلا عن وقفها اجلا. غالبا سيقود الوقف العاجل للحرب الى انتقال بقيادة عسكرية وسيقود الوقف الآجل لانفصال دارفور.
moniem.mukhtar@googlemail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: بین الجیش وقوات الدعم السریع قوات الدعم السریع على المدى القصیر استمرار الحرب فی السودان وقف الحرب من أجل
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع تستعيد السيطرة على قاعدة في دارفور
قالت قوات الدعم السريع السودانية، إنها استعادت السيطرة على قاعدة لوجستية رئيسية في شمال دارفور، الأحد، بعد يوم من استيلاء قوات منافسة متحالفة مع الجيش السوداني عليها.
وقال الجيش والقوات المشتركة في بيانين إنهما سيطرا، السبت، على قاعدة الزرق، التي استخدمتها قوات الدعم السريع خلال الحرب المستمرة منذ 20 شهرا ًقاعدة لوجستية لنقل الإمدادات من الحدود القريبة مع تشاد وليبيا.
وقالا إن قواتهما قتلت العشرات من جنود قوات الدعم السريع، ودمرت مركبات، واستولت على إمدادات في أثناء الاستيلاء على القاعدة.
ويقول محللون إن الحادث قد يؤجج التوتر العرقي بين القبائل العربية، التي تشكل قاعدة قوات الدعم السريع، وقبيلة الزغاوة، التي تشكل معظم القوات المشتركة.
واتهمت قوات الدعم السريع مقاتلي القوات المشتركة بقتل المدنيين وحرق المنازل والمرافق العامة القريبة خلال الهجوم.
وقالت القوات المشتركة إن القاعدة "شكلت نقطة انطلاق لعمليات بربرية ضد الأبرياء" من قوات الدعم السريع، في مناطق منها الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وأحد أكثر الخطوط الأمامية نشاطا في القتال.
وأفاد تقرر للأمم المتحدة بأن ما لا يقل عن 782 مدنياً قتلوا منذ تجدد القتال في الفاشر في منتصف أبريل (نيسان)، وذلك نتيجة الهجمات "المكثفة" التي تشنها قوات الدعم السريع بالمدفعية الثقيلة والطائرات المسيرة الملغومة وضربات الجيش الجوية والمدفعية.
وقال ناشطون في تنسيقية لجان مقاومة الفاشر بولاية شمال دارفور الأحد إن أنحاء مختلفة من المدينة تعرضت لهجمات بما لا يقل عن 30 صاروخاً.
ويقول محللون إن السيطرة على المدينة ستعزز محاولة قوات الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية في بورتسودان.