د. عبد المنعم مختار

استاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية

تشير الوقائع إلى أن الحرب الجارية في السودان هي صراع سلطة وثروة بين جيشين في دولة واحدة. كذلك فإن الجرائم المثبتة في تاريخ وحاضر قوات الدعم السريع تكذب ادعاءات ذوده عن التحول المدني وحربه من أجل الانتقال الديمقراطي.

فقوات الدعم السريع تحارب من أجل مزيد من السلطة ومزيد من الثروة. أما اعلان الجيش بأنه لن يسلم السلطة للقوى المدنية أثناء الانتقال وسيدعم تولي المستنفرين للقتال لها فهو دليل قوي على ان حرب الجيش هي من أجل الاحتفاظ بالسلطة والتوسع في الثروة.

الجدير بالذكر أن اغلبية السودانيين لا تدعو لهزيمة الجيش لأنه أقل قبلية وأكثر مؤسسية وأقل خطرا على وحدة الدولة وتماسك المجتمع من قوات الدعم السريع. وفي نفس الوقت تدرك أغلبية السودانيين أن الجيش أكثر رغبة وقدرة من قوات الدعم السريع على إعاقة التحول المدني وتعطيل الانتقال الديموقراطي.

يختلف السودانيون في ايهما اجدى وأكثر نفعا على المدى القصير والمدى الطويل:
(أ) معارضة الحرب والضغط على طرفيها من اجل وقفها، ام

(ب) مواصلة الحرب من أجل التخلص من مليشيا قبلية أكثر جرما من الجيش، ام

(ج) مواصلة الحرب من أجل اضعاف الجيش المنقوص القومية والأكثر عداء للديمقراطية من قوات الدعم السريع.

تداعيات استمرار ووقف الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع

التداعيات على المدى القصير

استمرار الحرب سيقود على المدى القصير لمزيد من القتلى والنازحين واللاجئين والمرضى والجوعى. وسيشهد الاقتصاد مزيدا من الانهيار والاجتماع البشري مزيدا من التصدع والبنية التحتية مزيدا من التدمير.

وقف الحرب قريبا سيقود غالبا لزيادة سلطة وثروة قوات الدعم السريع ولاستمرار سلطة وثروة الجيش وان قلت طوال الفترة الانتقالية. السبب الرئيسي لذلك ينبع من تحكم الجيش وقوات الدعم السريع في عمليات وقف إطلاق النار ودمج وتسريح الجيشين وهي عمليات مركزية لوقف الحرب ولمنع تجددها وتشكل أولوية تفوق في أهميتها التحول المدني والانتقال الديمقراطي.

نسبة للعلاقة العدائية بين الجيش وقوات الدعم السريع فمن المتوقع أن وقف الحرب بينهما ستكون عملية شاقة وذات انتكاسات وستعمل على استهلاك جهودهما وجهود معظم الأطراف الأخرى. سيقود ذلك إلى إضعاف فرص السعي وبذل الجهد للتفاوض على سلام مع حركات التمرد المسلحة، مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور وبالتالي سيقود لإضعاف فرص إنهاء حالة تعدد الجيوش وبناء جيش موحد في السودان.

التداعيات على المدى الطويل

استمرار الحرب لمدة طويلة سيقود لكل ما ذكر أعلاه من خسائر بشرية ومادية على المدى القصير. بالإضافة لذلك سيقود استمرار الحرب لمدة طويلة إلى مزيد من التدخلات الإقليمية والدولية. جنوب السودان وإثيوبيا مرشحتان لفتح خطوط إمداد جديدة لقوات الدعم السريع وروسيا والصين مرشحتان لدعم الجيش.

يتوقع أيضا أن يقود استمرار الحرب لمدة طويلة إلى انقسامات كاملة وسط قوات الدعم السريع وتصدعات غير مكتملة وسط الجيش. غالبا ستكون هذه الانشقاقات على أساس جهوي وقبلي. وبذلك سيزيد عدد الجيوش وعدد الحروب.

ويتوقع كثير من المراقبين ان استمرار الحرب سيقود لفصل دارفور وتفاقم الصراع حول كردفان وفي النيل الازرق وبعد حين ايضا في شرق السودان.

خلاصة

أثبتت الحرب الجارية في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع استحالة وجود جيشان في دولة واحدة بسلام. ويلحظ المراقب تقارب الجيش وقوات الدعم السريع في القدرات العسكرية الكلية. فبينما يتفوق الجيش على قوات الدعم السريع بالطيران الحربي، تتفوق قوات الدعم السريع على الجيش في قوات المشاة. لذا فإن انتصار ساحق وكامل لأحد طرفي القتال على الاخر أمر مستبعد على المديين القصير والطويل. لذا فإن الحرب الجارية يمكن إيقافها عاجلا ام آجلا فقط عبر التفاوض.

تختلف تداعيات وقف الحرب عاجلا عن وقفها اجلا. غالبا سيقود الوقف العاجل للحرب الى انتقال بقيادة عسكرية وسيقود الوقف الآجل لانفصال دارفور.

moniem.mukhtar@googlemail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بین الجیش وقوات الدعم السریع قوات الدعم السریع على المدى القصیر استمرار الحرب فی السودان وقف الحرب من أجل

إقرأ أيضاً:

قائد قوات درع السودان للجزيرة نت: نحتفل بالنصر والحسم يقترب بدارفور

الخرطوم- كشف قائد قوات درع السودان اللواء أبو عاقلة كيكل عن قرب هزيمة قوات الدعم السريع في دارفور وجنوب كردفان، مشددا على أن السيطرة الكاملة على الخرطوم تعني تخطي المرحلة الأصعب في الحرب كون "العدو" كان يستغل المدن ذات المباني العالية في استخدام القناصين.

وأكد كيكل، في حوار خاص مع الجزيرة نت، أن الجيش السوداني يمتلك خبرة طويلة في القتال في المناطق المكشوفة، معتبرا أن الحرب انتهت والآن مرحلة الاحتفال.

ويرى كيكل، الذي كان قائدا في قوات الدعم السريع قبل أن ينشق وينضم للجيش السوداني، أنه اتضح له بعد الانضمام للدعم السريع زيف شعارات هذه المليشيا، مما دفعه إلى العودة إلى الصواب والانضمام إلى جانب الجيش السوداني.

وفيما يلي نص الحوار:

بعد سيطرة الجيش والقوى المساندة له على الخرطوم.. برأيك هل تجاوز الجيش المرحلة الأصعب في الحرب، أم أن القتال في دارفور لن يكون سهلا؟

نحن نثق بالله ثم في أنفسنا وقواتنا المسلحة وكل القوات المساندة، وقد تخطينا الأصعب في قتال المدن ذات المباني العالية التي يستغلها العدو في استخدام القناصين.

والجيش له خبرة طويلة في القتال في المناطق المكشوفة، وقد بشرنا أهلنا في الوسط والخرطوم بالانتصار، وقد حدث، الآن نقول لأهلنا في دارفور: ستعود كل دارفور إلى حضن الوطن، وذلك ليس ببعيد، إن شاء الله.

إعلان ما سر القوة والانتصارات المتتالية لكيكل عندما كان يقاتل بجانب قوات الدعم السريع، وعندما عاد لحضن الجيش السوداني؟

كيكل كشخص لا يملك عصا سحرية، لكنها البيئة التي تربيت فيها، ومؤسسة الدرع القائمة على البسالة والثبات والفداء، والحمد لله الذي أعطانا الفرصة لنشارك الشعب السوداني والقوات المسلحة الانتصارات التي تحققت.

كيف تفسر الهزائم المتلاحقة لقوات الدعم السريع في محاور القتال المختلفة منذ خروجك منها قبل أشهر؟

أعتقد أننا جزء من حلقة كاملة، وكما قال القائد العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، كنا جزءا من "الكماشة"، فقد أكملنا الحلقة والقبضة، وبحمد الله، أثبتنا في محورنا شراسة قتالية، فأنا أعرف بنية الدعم السريع وطرق قتاله، وتوفرت لنا معدات مهمة، وحماس كبير، ودعم شعبي غير محدود، وقد شهدنا انهيار المليشيا ونحن نقاتلها في كافة المحاور: محور شرق النيل، ومحور الجزيرة، والمحور الغربي، ومحور جبل أولياء، الذي كان قاصمة الظهر للمليشيا والسيطرة على آخر معاقلها في معسكر طيبة.

كيف أصبح كيكل فجأة قائدا ضمن قادة الدعم السريع؟

هناك تفاصيل كثيرة، لكننا عندما بدأنا كنا منحازين لقضايا بلدنا ومنطقتنا، ووثقنا علاقات خلال فترة الثورة مع كافة الأطراف، ومن بينها الدعم السريع، وبعد قيام الحرب، كنا وما زلنا نتمسك بأهدافنا، وسمعنا شعاراتهم، التي اتضح لاحقا أنها كانت شعارات زائفة.

عندما أعلن الدعم السريع يوم 8 أغسطس/آب 2023 انضمامك له، هل كان لديك تنسيق مسبق مع الجيش أم أن ذلك جاء في وقت لاحق؟

علاقتنا مع قيادة الدعم السريع نشأت بسبب تعامل بعض قيادات القوات المسلحة وعدم استجابتها لمطالبنا العادلة الخاصة بالمنطقة بعد اتفاقية سلام جوبا، مع العلم أن محمد حمدان دقلو "حميدتي" كان يمثل الرجل الثاني في الدولة السودانية، وكنا نشعر بأن الاتفاق ظلم أقاليم الوسط والشرق ظلما كبيرا.

رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، قال إنه بدأ الحديث معك قبل الحرب.. حول ماذا كان الحديث؟ إعلان

كان حديث الرئيس البرهان معنا ومع القيادات الأهلية والمجتمعية في المنطقة، حيث تحدثنا عن مخاوفنا من تعدد الجيوش والمليشيات، وطلبنا منه التسليح وانضمام أبناء الجزيرة والبطانة إلى الجيش.

هل صحيح أن الدعم السريع اكتشف تواصلك مع الجيش فسارعت بالخروج عنه والإعلان عن قتالك بجانب الجيش رسميا؟

كانت لديهم شكوك، وطبيعتهم قائمة على الشك في أي قيادة ليست من مجتمعاتهم، وتحدثوا معنا، وكنا نحاول كسب الوقت حتى نجنب أهلنا ردة فعلهم الإجرامية.

بالنظر إلى دوركم السابق كقائد في قوات الدعم السريع، هل ترون أن ذلك يستوجب الندم والاعتذار وربما طلب المغفرة؟

الاستغفار عبادة، والتوبة مطلوبة في كل وقت، لكننا مشينا في طريق كنا نظنه صحيحا، ورجعنا منه، وهذا أكبر معنى للتوبة، ولعبنا دورا مهما في هزيمة هذه المليشيا حينما تبين لنا خطأ موقفنا.

هل يمكن أن تمثل أمام المحكمة إذا تمت مقاضاتك في الحق الخاص؟

الجميع سواسية أمام القانون، وأتمنى أن تتسع دائرة تطبيق القوانين دون حرج، ولا مانع لدي من المثول أمام أي محكمة متعلقة بالحق الخاص.

كيف تنظر إلى ما يتردد عن محاولة الاتحاد الأوروبي فرض عقوباته عليك بجانب قائد قوات الدعم السريع حميدتي وشقيقه؟

ليس لدينا ما نخشاه، نحن قوة عسكرية منضبطة، وما نقدمه لشعبنا وأمتنا من حراسة لأرضنا وحماية لعرضنا، لا نخشى فيه شيئا، شبابنا قدموا أرواحهم في سبيل وطنهم وقضيتهم، فلن يُخيفنا فرضُ عقوبات أو غيره.

متى كانت آخر مرة تواصلت فيها مع حميدتي؟

انقطع التواصل منذ انضمامي للقوات المسلحة، وقبل ذلك كنت على تواصل دائم معه.

قبل الانضمام للدعم السريع، أين كان يعمل كيكل؟

تاجر ومزارع.

ما السيناريو الذي يتوقعه كيكل لنهاية الحرب، وهل يتوقع لها نهاية وشيكة ربما؟ إعلان

الحرب انتهت.. نحن نحتفل الآن.. وقريبا جدا سيتم حسم المليشيا في دارفور وجنوب كردفان.

كيف ترى مستقبل درع السودان، ومستقبل كيكل بعد انتهاء الحرب؟

نحن أبناء الوطن وتحت إمرة القوات المسلحة والقائد العام، وما يسري على غيرنا يسري علينا، شاركنا في هذه المعركة لا نرجو مكافأة ولا نطلب مكسبا، وعندما تنتهي الحرب ويحل السلام، سنتفرغ لمعركة البناء الوطني وإزالة آثار الحرب.

مقالات مشابهة

  • أبرز محطات الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يتقدم في الفاشر والدعم السريع يقصف المدينة
  • السودان بعد استعادة الخرطوم.. تحديات استقرار البلاد وسط استمرار التوترات والفصائل المسلحة
  • البرهان: لا مصالحة مع "الدعم السريع".. وحميدتي: الحرب لم تنته بعد
  • الجيش السوداني يعلن السيطرة على سوق كبيرة في منطقة الخرطوم  
  • الجيش السوداني يوسع سيطرته على الخرطوم
  • كيف جهّزت قوات الدعم السريع للحرب قبل اندلاعها؟
  • السودان: مطالبة بإنقاذ طالبة من الإعدام لاتهامها كذباً بالتعاون مع الدعم السريع
  • قائد قوات درع السودان للجزيرة نت: نحتفل بالنصر والحسم يقترب بدارفور
  • أين اتجهت قوات الدعم السريع بعد الخروج من الخرطوم؟