علي جمعة: أول بصيص نور في القلب إدراك اليقظة
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ان تصحيح البدايات يؤذن بتصحيح النهايات ، والخطوة الأولىٰ في قسم البدايات هي "اليقظة" وهذا يعني: «قم من غفلتك يا غافل»..؛ حيث لا يستطيع أحدٌ أن يخاطبك ويهز وجدانك إلا إذا استيقظت؛ لأن خطاب الميت أو خطاب النائم لا فائدة فيه، ولذلك سماه أهل الأصول «خطاب المُحَال»، يعني هناك حائل بيننا وبينه، ومحال أي مستحيل أن يستجيب النائم والمغمىٰ عليه والمجنون والصبي الصغير إذا ما خاطبته وقلت له -مثلًا-: قم فَصَلِّ.
فأول شيء: اليقظة، فإذا لم تتيقظ وظلت الدنيا جالسة في قلبك ومتربعة علىٰ عرشه، وآخذة بوجدانك وعقلك وتصرفاتك كلها..؛ فلا فائدة في هذا الكلام الذي سوف يتلوه عليك فيما بعد.
فلابد من اليقظة؛ فمن تيقظ فبها ونعمت، ومن لم يتيقظ فلا فائدة فيه البتة، فتصحيح البدايات يؤذن بتصحيح النهايات، فلابد أن تبدأ بداية صحيحة حتىٰ لا تبكي بعد ذلك وتقول: أنا أذكر ولا فائدة. أنا أذكر ولا أجد لذة الذكر. أنا أذكر وما زلت أفعل المعصية. أنت لا تريد أن تتيقظ.
كيف تتيقظ؟ اعلم الحقيقة.. افهم أن الدنيا إلىٰ فناء، ولا يكفي أن تعلم أن هناك موتًا، ولا يكفي أن تعلم أن الموت حق آتٍ فكل الناس يعلم هذه الحقيقة، المؤمن والكافر، إنما يجب أن تعيش هذا، يعني أن تكون مستحضِرَهُ في تصرفاتك، ومستحضره بالكتاب والسُنَّة، وليس باليأس والكآبة بحيث أنه يسيطر علىٰ عقلك فتترك الدنيا والدين، فالسُنَّة ليست هكذا، ولكن السُنَّة أنك تعمل لأن هذه دار عمل، وأن معرفتك لهذه الحقيقة وعيشك فيها يجعلك تعمل ليل نهار؛ لكن كل أعمالك تكون مخلصة للّٰه رب العالمين.
إذن اليقظة نوع من أنواع الإدراك والمعرفة؛ فبيدك أن تتيقظ، بيدك أن تقنع نفسك أنه يكفي هذا الوقت الذي ضاع في الغفلة ونبدأ من الآن.
قال تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} انتبه إلىٰ هذه الكلمة {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ} قد قرأناها كثيرًا، ألم يأت بفكر أحدنا أن معناها أن تقوم للّٰه عملًا وأن تفيق بذلك من غفلتك؛ والتي فيها إعراض بالقلب عن اللّٰه..؛ فتقبل عليه بهمة! {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ} يعني من أجل اللّٰه لا من أجل غيره، أي: إخلاص النية للّٰه، أو يعني: تفعلون الأشياء التي يرضىٰ اللّٰه عنها، أو { تَقُومُوا لِلَّهِ} يعني: في سبيل اللّٰه. كل ذلك محتمل.
قوله تعالىٰ: { قُلْ} يعني: هناك من يأمر وآخر يتلقىٰ، يعني: خالق ومخلوق، إله وإنسان، { إِنَّمَا } تفيد الحصر { أَعِظُكُمْ } أي: هناك موعظة، والموعظة هذه موعظة حسنة، وهذه الموعظة الحسنة من شأنها أن تؤثر في القلوب؛ فالمخاطِبُ هنا رب العالمين يخاطب عباده المؤمنين، ويحصر خطابه فيه لقلوبهم، كل كلمة لها معنىٰ.. { بِوَاحِدَةٍ } يعني: هناك ثانية وثالثة.. إلخ، معناها أن هذا أول شيء، وأول الغيث قطرة ثم ينهمر، فأولها {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ} أي: أن أول الطريق اليقظة.. تأمل.. انظر من أين جاء بها!
هكذا كلام أهل اللّٰه؛ قد تجد في التفسير معنىً -أو معاني- أُخَر لا مانع؛ فهذا اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، فكله يصح مادام اللفظ يحتمله، وهذا إعجاز القرآن كلام اللّٰه، «وَلاَ يَخْلَقُ -لا يبلىٰ- عَن كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ» فالقرآن غير مخلوق، خارج الزمان والمكان، فكأنه نزل الآن.
إذن فأول بصيص نور في القلب أنك تدرك هذه اليقظة، وأن يتنبه قلبك وأن يلتفت إلىٰ الحقيقة وهي تتلخص في أنه "لا حول ولا قوة إلا باللّٰه"، وتعلم الحقيقة وهي: أنه لا خالق إلا اللّٰه، ولا رازق إلا اللّٰه، ولا محيي إلا اللّٰه، وأن هذا الوجود إنما يستمد وجوده ومدده وبقاءه من اللّٰه، وأن اللّٰه عز وجل بخلاف العالم وهو مخالف لكل الحادثات؛ فاللّٰه قديم والعالم حادث، واللّٰه باقٍ والعالم فانٍ، واللّٰه لا أول له ولا آخر له والعالم له أول وله آخر، واللّٰه حيُّ بيده القوة لا يحتاج إلىٰ أحد؛ فهو قيوم السماوات والأرض، والناس تحتاج إليه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: لا فائدة
إقرأ أيضاً:
جامعة سوهاج تشارك في ملتقى إدراك لطلاب الجامعات والمعاهد المصرية
شاركت جامعة سوهاج بوفد طلابي فى فعاليات ملتقى "إدراك" للقاءات الحرارية لطلاب الجامعات والمعاهد المصرية، الذي نظمه معهد إعداد القادة بالتعاون مع قطاع الأنشطة الطلابية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وذلك برعاية الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي، وإشراف الدكتور كريم همام مدير المعهد.
وقال الدكتور حسان النعماني رئيس الجامعة، إن الملتقى جاء فى إطار حرص القيادة السياسية على توعية الشباب وتنمية مهاراتهم القيادية، لإعداد جيل قادر على مواجهة التحديات بفكر ووعي مستنير.
وأوضح الدكتور عبدالناصر يس نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، أن الجامعة حريصة على المشاركة في كافة الفعاليات والأنشطة الطلابية التى تهدف إلى توسيع آفاق الطلاب للحوار المثمر، وتساعدهم على بناء شخصياتهم، وتساهم فى تعزيز ثقافة الإنتماء للوطن وترسيخ قيم التسامح وقبول الآخر لديهم، إضافة إلى خلق روح التعاون والمشاركة بين طلاب الجامعات المختلفة ومد جسور التواصل فيما بينهم.
وقال الدكتور محمد كمال منسق عام الأنشطة الطلابية، ان الملتقى استمر لمدة 3 أيام وشمل العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والرياضية المتنوعة، وذلك إلى جانب الجلسات الحوارية مع كبار المفكرين والكتاب والشخصيات الاجتماعية المؤثرة، واهمها الجلسة الحوارية مع أبطال العملية البحرية "ايلات"، لتعريف الطلاب بتضحيات رجال الجيش المصري البواسل.
وأشار الدكتور أحمد عاطف مدير عام الإدارة العامة لرعاية الشباب، إلى أن الملتقى تضمن عدد من المحاضرات التثقيفية ومنها محاضرة عن الأمن القومي المصري وارتباطه بالقضايا المجتمعية، ومحاضرة أخرى عن الانترنت المظلم والمراهنات الإلكترونية، وأيضاً محاضرة بعنوان وسطية الخطاب الديني ومحاربة الأفكار المتطرفة.
وذكر محمد يوسف مدير إدارة الاتحادات والأسر الطلابية، أن الجامعة شاركت بوفد طلابي مكون من 4 طلاب، وقد رافق الوفد الدكتور حسين جمال المعيد بكلية الآداب.
وقد اختتم الملتقى بتنظيم جولات ميدانية إلى منطقة مصر القديمة لتعريف الطلاب بالتراث الحضاري والثقافي، مثل شارع المعز، الغورية وبيت السحيمي.