الهند بلد الانتخابات الاضخم وصراع واقع الحال
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
زهير عثمان حمد
من منتصف أبريل وحتى أوائل يونيو القادم، على مدار عدة أسابيع، ستُعقد أكبر انتخابات في العالم. يحق لأكثر من 960 مليون هندي - من بين عدد السكان البالغ 1.4 مليار نسمة - التصويت في الانتخابات البرلمانية التي تشير استطلاعات الرأي بقوة إلى أنها ستعيد رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحزبه بهاراتيا جاناتا إلى السلطة لولاية ثالثة على التوالي.
ربما يكون مودي الزعيم الأكثر شعبية في العالم. ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة Morning Consult مؤخراً، فإن 78% من الهنود يوافقون على قيادته. (الزعماء الثلاثة الأعلى مرتبة، من المكسيك، والأرجنتين، وسويسرا، يحصلون على معدلات موافقة تبلغ 63، و62، و56%، على التوالي). وليس من الصعب أن نرى سبب الإعجاب بمودي. فهو زعيم يتمتع بشخصية كاريزمية، وخطيب بارع باللغة الهندية، ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه مجتهد وملتزم بنجاح البلاد. ومن غير المرجح أن يلجأ إلى المحسوبية أو الفساد، وهو ما يعزى في كثير من الأحيان إلى حقيقة أنه رجل يبلغ من العمر 73 عاما وليس لديه شريك أو أطفال. لدى مودي عدد قليل من المنافسين الحقيقيين. فسلطته داخل حزبه مطلقة، وخصومه منقسمون وضعفاء وسلاليون، وهي صفة عادة ما تعادل الكسب غير المشروع. وسواء كان ذلك من خلال تعظيم فرصته في استضافة مجموعة العشرين أو من خلال زياراته رفيعة المستوى إلى الخارج، فقد نجح مودي في توسيع حضور الهند على المسرح العالمي، ومعه شعبيته. كما أصبحت نيودلهي أكثر حزماً في سياستها الخارجية، حيث تعطي الأولوية للمصلحة الذاتية على الإيديولوجية والأخلاق - وهو خيار آخر لا يخلو من جاذبية محلية كبيرة. في الانتخابات الهندية، هناك العديد من القضايا الرئيسية التي تشغل أذهان الناخبين وتؤثر على اختياراتهم. دعونا نلقي نظرة على مواقف حزبي المؤتمر وبهاراتيا جاناتا من بعض هذه القضايا:الفساد , وحزب المؤتمر: يعارض الفساد ويعد بتحسين النزاهة في الحكومة. وحزب بهاراتيا جاناتا: يتبنى نهجًا صارمًا ضد الفساد ويعد بتطبيق إجراءات صارمة لمكافحته.البطالة:حزب المؤتمر: يسعى لخلق فرص عمل جديدة للمواطنين.
بهاراتيا جاناتا: يعمل على تعزيز النمو الاقتصادي لتحقيق فرص عمل أفضل. , ارتفاع مستويات التضخم:حزب المؤتمر: يسعى للحد من التضخم وتحسين القوة الشرائية. وحزب بهاراتيا جاناتا: يعمل على تحقيق استقرار اقتصادي ومكافحة التضخم.
تعثر الاقتصاد ,حزب المؤتمر: يسعى لتحسين الأوضاع الاقتصادية وتعزيز النمو.بهاراتيا جاناتا: يركز على الإصلاحات الاقتصادية وتحفيز الاستثمار.سلامة المرأة:حزب المؤتمر: يعمل على حماية حقوق المرأة وتعزيز سلامتها.بهاراتيا جاناتا: يسعى لتعزيز أمان المرأة وتحقيق المساواة .الأمن القومي: حزب المؤتمر: يركز على تعزيز الأمن القومي والتعامل مع التهديدات الداخلية والخارجية. وحزب بهاراتيا جاناتا: يعمل على تعزيز الأمن والدفاع عن البلاد.
تُجرى الانتخابات في سبع مراحل على مدى ستة أسابيع، ومن المقرر أن تنتهي في الأول من يونيو/حزيران، على أن تظهر النتائج في الرابع من نفس الشهر , و الهند تعد من أكبر دول العالم من حيث عدد السكان، وعلى الرغم من التحديات والادعاءات بعدم تكافؤ الفرص، يُجرى الانتخابات في أجواء تسودها السلبية، وتواجه لجنة الانتخابات تساؤلات بشأن استقلالها
إن نجاح مودي قد يربك منتقديه. فهو يتمتع بميول استبدادية متزايدة: نادرا ما يحضر مودي المؤتمرات الصحفية، وقد توقف عن الجلوس لإجراء المقابلات مع العدد القليل المتبقي من الصحفيين الذين قد يطرحون عليه أسئلة صعبة، كما تجنب إلى حد كبير المناقشات البرلمانية. لقد قام بمركزية السلطة وبنى عبادة الشخصية بينما أضعف النظام الفيدرالي في الهند. وتحت قيادته، أصبحت الأغلبية الهندوسية في البلاد هي المهيمنة. وهذا البروز لدين واحد يمكن أن يكون له آثار قبيحة، إذ يضر الأقليات ويثير الشكوك حول التزام البلاد بالعلمانية. وقد تآكلت الركائز الأساسية للديمقراطية، مثل الصحافة الحرة والسلطة القضائية المستقلة.
ومع ذلك، يفوز مودي ديمقراطيا. زعم عالم السياسة سونيل خيلناني في كتابه الصادر عام 1997 تحت عنوان "فكرة الهند"، أن الديمقراطية، وليس الثقافة أو الدين، هي التي شكلت ما كان يبلغ من العمر آنذاك خمسين عاما. التجسيد الأساسي لهذه الفكرة، وفقاً لخيلناني، كان أول رئيس وزراء للهند، جواهر لال نهرو، الذي تلقى تعليمه في جامعة كامبريدج، والذي أطلق عليه لقب "جو" عندما كان في العشرينات من عمره. كان نهرو يؤمن برؤية دولة ليبرالية وعلمانية من شأنها أن تكون بمثابة النقيض لباكستان، التي تشكلت بشكل واضح كوطن مسلم.
تشير التوقعات الحالية للانتخابات الهندية إلى تقدم حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحلفاؤه1. ومع ذلك، يواجه الحزب الحاكم منافسة قوية من قبل التحالف الوطني التنموي الشامل الهندي (INDIA)، الذي يضم أكثر من عشرين حزبًا معارضًا بما في ذلك حزب المؤتمر1. وفي أفضل الأحوال، قد يعود حزب الشعب مع الأحزاب المتحالفة معه بأغلبية بسيطة في البرلمان، مع إمكانية أن يستعيد حزب المؤتمر بعضًا من المقاعد التي خسرها في الجولتين السابقتين من الانتخابات.
تُجرى الانتخابات في سبع مراحل على مدى ستة أسابيع، ومن المقرر أن تنتهي في الأول من يونيو على أن تظهر النتائج في الرابع من نفس الشهر وبالرغم من التحديات والادعاءات بعدم تكافؤ الفرص، تُجرى الانتخابات في أجواء تسودها السلبية، وتواجه لجنة الانتخابات تساؤلات بشأن استقلالها1. في الهند، تُعتبر مشاركة الشباب والنساء في عملية صنع القرارات أمرًا حيويًا لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. إليك بعض النِّقَاط المهمة ونبدا التواصل والحوار , يجب تشجيع الحوار المفتوح والصريح بين الشباب والجهات المعنية باتخاذ القرارات.توفير برامج تدريبية لتطوير مهارات الشباب في مجالات القيادة والتفاوض وحل الأزمات.إنشاء منصات للمشاركة: و يمكن إقامة ورش العمل والمنتديات والمجالس الاستشارية التي تسمح بالتفاعل المباشر وتبادل الخبرات.يجب أن تكون هذه المنصات مفتوحة للشباب والنساء للتعبير عن آرائهم والمساهمة في صنع القرارات ومن من جانب آخر، يجب أن يتم تعزيز دور المرأة في صنع القرارات السياسية والاقتصادية. يجب تشجيع تمثيل المرأة في المجالس النيابية والهيئات الحكومية والقضائية. كما يجب تعزيز دور المرأة في المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية لتحقيق التوازن والتنمية المستدامة.
في الانتخابات الهندية، هناك العديد من القضايا الرئيسية التي تشغل أذهان الناخبين وتؤثر على اختياراتهم. ونجد هذه القضايا , الفساد: يعد مكافحة الفساد وتحسين النزاهة في الحكومة من أبرز القضايا. حزب المؤتمر الحاكم وحزب بهاراتيا جاناتا يتبادلان الاتهامات بشأن الفساد.
البطالة: يشكل البطالة تحديًا كبيرًا في الهند، ويسعى الناخبون للتصويت للأحزاب التي تعد بخلق فرص عمل جديدة. , وارتفاع مستويات التضخم: يهم الناخبون أن تتخذ الحكومة إجراءات للحد من التضخم وتحسين القوة الشرائية. وكذلك تعثر الاقتصاد: يتطلع الناخبون إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية وتعزيز النمو الاقتصادي.
سلامة المرأة: تعد سلامة المرأة وحقوقها قضية مهمة، والناخبون يتوقعون من الحكومة حماية المرأة وتعزيز حقوقها. , الأمن القومي: يعتبر الأمن القومي والتعامل مع التهديدات الداخلية والخارجية قضية حيوية في الانتخابات.
هذه بعض القضايا التي يقاتل المرشحون من أجلها، والتي تشكل جزءًا من النقاشات والحملات الانتخابية في الهند. في الهند، يتعامل حزبا المؤتمر وبهاراتيا جاناتا مع قضية التعثر الاقتصادي بطرق مختلفة: , حزب المؤتمر: يركز على البرامج الاجتماعية والرعاية الاجتماعية للفقراء والطبقات الأقل حظًا.
يعمل على تعزيز النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في البنية التحتية والصناعات الرئيسية. , ويسعى لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
وحزب بهاراتيا جاناتا: يركز على الإصلاحات الاقتصادية وتحفيز الاستثمار. , ويعمل على تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الشركات والصناعات. , ويسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاعات الرئيسية مثل الزراعة والصناعة. , بالإضافة إلى ذلك، يتعامل كلا الحزبين مع قضايا أخرى مثل البطالة والتضخم والفساد. يعتبر الناخبون هذه القضايا عند التصويت في الانتخابات، ويتوقعون من الحكومة الجديدة تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. مستقبل الهند السياسي يبدو معقدًا ومتأثرًا بعدة عوامل داخلية وخارجية. الصراعات الإقليمية، خاصة مع باكستان حول كشمير، والتوترات مع الصين، تشكل تحديات كبيرة للسياسة الخارجية الهندية و كما أن الديناميكيات الداخلية مثل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، والتحديات الأمنية، وقضايا الهوية القومية، تؤثر أيضًا على السياسة الداخلية.
التحديات الاستراتيجية مثل الحاجة إلى الانخراط في منطقة آسيا الوسطى والتعامل مع القوى العظمى الأخرى تضيف طبقة أخرى من التعقيد. الهند تسعى للحفاظ على مكانتها الإقليمية وتعزيز دورها على الساحة الدولية، وهذا يتطلب منها التنقل بحذر بين الحفاظ على علاقات استراتيجية مع الدول الكبرى والتعامل مع التحديات الإقليمية.
في النهاية، يبقى مستقبل الهند السياسي مرتبطًا بكيفية إدارتها لهذه التحديات والتوازن بين النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي والسياسي
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: حزب بهاراتیا جاناتا جرى الانتخابات فی النمو الاقتصادی فی الانتخابات الأمن القومی تعزیز النمو والتعامل مع حزب المؤتمر على تعزیز فی الهند یعمل على یرکز على
إقرأ أيضاً:
الانعكاسات الإيجابية للمشهد السوري على واقع الأمة
عبد الإله عبد القادر الجنيد
لا شك أن مسؤولية أصحاب العقول الراجحة والفهم السديد تتضاعف أمام المحن والمآسي التي تُحيط بأمتنا الإسلامية والعربية. لذا، ينبغي على كل مسلم أن يقف بجدية ومسؤولية، وينظر بعين الحكمة إلى العواقب الوخيمة التي تواجه الشقيقة سوريا، والتي يسعى الكيان المحتل لاستغلالها بعد سقوط نظام وسيطرة نظام جديد على الحكم فيها.
لقد تمكّن العدو من استهداف مقدرات الشعب السوري بشكل ممنهج، من خلال تدمير البنية الدفاعية والعسكرية والأسطول البحري للجيش العربي السوري، إضافة إلى مراكز البحوث العلمية واغتيال العلماء. كما أنه احتل أجزاء واسعة من الأراضي السورية في الجولان، وصولًا إلى تخوم دمشق، جهارًا نهارًا، بكل جرأة ووقاحة، دون أن يُقابل هذا العدوان الصهيوني الغادر بإدانة واستنكار من المجتمع الدولي أو المؤسسات الأممية.
والأدهى من ذلك، هو الصمت المطبق للنظام الجديد في سوريا على الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب السوري. هذا الصمت يطرح تساؤلات عدة عن المسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية الملقاة على عاتق كل مسلم عاقل تجاه قضايا الأمة عامة، وسوريا على وجه الخصوص.
في هذا السياق، برز اليمن قيادةً وشعبًا بموقف مشرف ومستشعر للمسؤولية، حيث أعلن قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، حفظه الله، بوضوح وقوف اليمن إلى جانب الشعب السوري، واستعداده للمشاركة في الجهاد إذا اقتضى الأمر.
ومع ذلك، فإن القيادة السورية الجديدة تتحمل المسؤولية الشرعية عما يجري، وعليها أن تعلن الجهاد في سبيل الله لردع العدو المجرم، ومنع تماديه في استهداف مقدرات سوريا وأطماعه التوسعية داخل أراضيها. هذا بالإضافة إلى ضرورة التصدي للأطماع الأمريكية التي تسيطر على منابع النفط، والأطماع التركية في الشمال السوري.
أما الموقف العربي والإسلامي تجاه ما يجري في سوريا، فيبقى باهتًا وضعيفًا، حيث لا تُرفع عناوين العروبة والجهاد إلا في سياق الصراعات الداخلية والفتن التي يُغذّيها الأعداء. وعندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، تُغيب هذه العناوين، وتُشطب من قائمة الأولويات، كما حدث مع العدوان الإجرامي على غزة والضفة وسوريا ولبنان.
وهنا تُطرح أسئلة مصيرية:
هل تحرير سوريا من نظام مستبد يبرر الصمت على جرائم الكيان الغاصب؟
هل يسمح هذا الصمت بتدمير مقدرات الشعب السوري واحتلال أراضيه؟
هل تحقق هذه الممارسات الإسرائيلية حلم الشعب السوري في الحرية والاستقلال؟
إن ما يحدث في سوريا اليوم هو نموذج للمخطط الأكبر المسمى “الشرق الأوسط الجديد”، الذي يسعى لجعل إسرائيل القوة العظمى في المنطقة، من خلال تمزيق الدول العربية إلى دويلات متناحرة وضعيفة.
ولطالما حاول “الشيطان الأكبر” تطبيق هذا النموذج في اليمن خلال أحداث “الربيع العربي”، لولا ثورة 21 سبتمبر التي أفشلت هذا المخطط بفضل حكمة القيادة اليمنية وصمود الشعب اليمني.
وفي هذا السياق، حذر السيد عبد الملك الحوثي، حفظه الله، في خطابه الأخير قوى الطاغوت من مغبة الاستمرار في استهداف اليمن. كما دعا أبناء الأمة، وخاصة المخدوعين، إلى قراءة المشهد السوري بتمعن، حتى لا يكونوا أدوات لتنفيذ مشاريع الهيمنة الأمريكية والصهيونية، التي لا تخدم إلا أعداء الأمة.
دعوة للحوار والوحدة الوطنية:
إن اليمن وطن الجميع، ويجب أن نتكاتف لبنائه وحمايته، وأن نتشارك في صنع مستقبله بما يحقق الكرامة والعزة لكل أبنائه. يجب أن تكون فلسطين هي القضية المركزية للأمة، وأن نواصل دعمها بكل الإمكانيات.
وفي الختام، لننتصر لعزتنا وكرامتنا بالاعتصام بحبل الله المتين والتمسك بوحدتنا في مواجهة الأعداء.
“ولا عدوان إلا على الظالمين، والحمد لله رب العالمين.”