د.مرتضى الغالي

أحدهم (وهو معروف لدى|) أطلق تسجيلاً صوتياً مليئاً بالسباب للحرية والتغيير. واتهمني أنا شخصياً بالعمالة. والحكاية أنه غاضب من الكلام الذي كتبته عن خطاب مندوب السودان بالأمم المتحدة.!

وأنا هنا يهمني ما أقوله عن نفسي، وليس الدفاع عن أحرار الحرية والتغيير. وأقول أولاً إن صاحب التسجيل قال عني مقولتين متناقضتين؛ الأولى إنني موقع تبجيل واحترام.

والمقولة الثانية اتهمني فيها بالعمالة.! و لابد إن إحدى المقولتين خاطئة؛ لأن الرجل الذي في موقع الاحترام والتبجيل لا يكون عميلاً. والرجل العميل الذي يقبل المال الحرام والرشاوى من الدول أو الأشخاص لا يمكن أن يكون أبداً موضع احترام وتبجيل.!! وهنا يتوجّب على صاحب التسجيل أن يختار الجانب الذي يريده حتى يتسق المنطق.!

الأمر الآخر أن الرجل يطالبني؛ لأنني موضع تبجيل واحترام أن أسحب كلامي الذي ذكرته عن السفير مندوب حكومة البرهان في الأمم المتحدة. وأنا أنتهز هذه السانحة لأؤكد كل ما قلته عن هذا الرجل، وخطابه أمام مجلس الأمن. وقد كتبت ما كتبت بإرادتي وأنا في كامل قواي العقلية، ولن أسحب منه حرفا واحداً…!

وصاحب التسجيل لم يذكر كلمة واحدة عن ما أخذته أنا على خطاب هذا الرجل. بما فيه قوله الفج بأن علاقة السودان بإيران لا تهدد أمن إسرائيل.! وقد كان مجمل خطابه أمام العالم مضحكة وتزييفاً وتشويه لواقع الحرب وحال الوطن. بل كان خطابه خطبة سياسية ينحاز فيها للاخونجية ومواقفهم وحربهم وهو يهاجم قوى سياسية مدنية وطنية لحساب الكيزان. وقد أظهرنا تهافت خطاب الرجل؛ لأنه يتحدث باسم السودان. وليس في الأمر قضية شخصية فأنا لا أعرف هذا السفير ولا هو يعرفني.!

والمعلوم للكافة أن الإنقاذ والانقلاب ملأوا وزارة الخارجية وسفاراتها بكثير من (الحبوب والحبوب) فهل تماري في ذلك.؟!

الأمر الثالث أنا أقول للحقيقة، وليس لصاحب التسجيل إنني كتبت ثلاثمائة مقال (300) منذ بداية عام الحرب وحتى الآن، وأتحدى بوقار صاحب التسجيل، وكل مواقع الفلول وترساناتهم وصحفهم وتسجيلاتهم أن يأتوني بسطر واحد أو نصف سطر أو كلمة واحدة أؤيد فيها الدعم السريع.!!

هيا فالأرشيف موجود، حتى يعلم الناس هذا التخليط المقصود والكلام السفيه الذي يحاول الافتئات على الناس بالكذب والتلفيق. إنما هي رياح فاسدة يطلقونها في العواء ويهربون.!

ألم تسمع تسجيلي في المقابلة المنتشرة صورة صوت، والتي سمعها السودانيون في الداخل والخارج، والتي أوضحت فيها رأيي الصريح عن جيش البرهان وعن الدعم السريع.؟! لا بد أنك سمعتها وأنت تعلم ما قلته؟! والآن يمكن الرجوع إلى هذه المقابلة إذا لم تسمعها حتى تتساقط كل ترهات الفلول وسخافاتهم وأكاذيبهم المقصودة لذاتها.!

ثم أقول لصاحب التسجيل إنني لا أسمح لنفسي إذا كنت موجوداً في دولة الإمارات أو غيرها أن يكون لأي دولة (كائنة ما كانت) أن تحدد لي موقفي تجاه ما يدور في وطني.! جفّت الأقلام وطويت الصحف.! وقد يرى بعض الناس الأمر غريباً، وأنا أراه من ألف باء ما تربيت عليه. وأرى أن ذلك ركناً محورياً من كرامتي الشخصية وكرامة عائلتي.!

ثانيا: أقسم لنفسي، وليس لصاحب التسجيل؛ والله العظيم وكتابه الكريم وبحرمة مرقد أبي وأمي وجدي “حاج العاقب” في دار الخلود إنني شخص (غير قابل للبيع والشراء.!

ثم أقول لصاحب التسجيل إن أسرتي وأبنائي وبناتي وإخواني وأهلي لا يقبلونني ولا يضعون أيديهم في يدي إذا قبلت لنفسي أن أكن عميلاً لدولة أو لأحد. أو إذا قبلت أن يدخل عليّ مال حرام أو رشوة، أو إذا حملت إلى بيتي مال سُحت.! أنا لا أتحدث هنا عن الضمير أو عزّة النفس. أنا أتحدث عن ضوابط عادية هي شأن كل أسرة متعففة في السودان تضع كرامة أبنائها فوق كل اعتبار.! يا رجل الحكاية عندنا ليست (مطلوقة) هكذا… هناك مجلس عائلة حتى لا يجلب الشخص لأسرته العار والعيب.! إنهم لا يقبلون مثقال ذرة من جنوح حتى إذا سوّلت لي نفس أن أحيد عن هذا الصراط يمنة أو يسارا. (وهيهات لي أن أخرج عن هذه النواميس. والله على ما أقول شهيد.!

ثم نحن يا سيدي نعيش منذ أكثر من أربعين عاما وسط أسرة صحفية ضخمة لنا فيها أساتذة وزملاء وتلاميذ. فهل يقبلون مني أن أكون عميلاً دنيئاً متاجراً بكرامتي ومواقفي أو قابض رشوة من دولة أو فرد أو تنظيم أو جماعة…؟؟. يا راجل.!!

.. ثم إن كاتب التسجيل يعلم أنني لست في حاجة إلى المال الحرام أو الحلال. ونحن والحمد لله في غنى عن كل حاجة تجعلنا نقع فريسة لمال عمالة أو مال سُحت وإذلال…!!

لقد بدأ صاحب التسجيل كلامه بأبيات شعر قال إنها منحطة عن الانتكاس و(الأناناس) قبل أن يبدأ شتيمة قيادات الحرية والتغيير، وقبل أن يعرّج على اتهامي بالعمالة. وقد قصد أن يخلط الأمر حتى لا يعلم السامع المقصود بهذه الشتيمة هل هو شخص محدد أو هو يقصد جماعة الحرية والتغيير، ومن يسميهم (ناس أديس أبابا.!! هذا الكلام عن الانحطاط والأناناس مردود، حتى يوضح صاحبه الجهة التي يقصدها (عديييل) وليس بإطلاق الدخاخين.!

ألطف ما في الأمر أن صاحب التسجيل يهددنا بأن الشعب سوف يهاجمنا ويقتلنا في الشوارع حتى إذا انتهت الحرب.! ونحن نترك مثل هذا الكلام. وهو لغو قديم سمعناه لسنين من فلول الإنقاذ وجماعة الانقلاب من باب الترهيب. ونقول لصاحب التسجيل إنها بضاعة كاسدة. ونحن عندما نتحدث في الشأن العام نعرف الضريبة. ونعرف المستوى الذي يمكن أن يهبط إليه إعلام الفلول. ولكن لن تجدي مصفوفة البذاءات والترهيب والترغيب، ولن تفلح في إسكاتنا وصرف النظر عن جرائم الانقلاب والكيزان. فقد عرفناهم وعرفونا لمدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمان.!

كثيرون من الإخوة نصحونا بعدم الرد على صاحب التسجيل؛ لأن الأمر واضح… فقلنا لهم لا والله لن نترك إعلام الفلول الذي يجلس في بؤرة العفن يتفسح، ولو قليلاً بترديد الأكاذيب واتهامات العمالة وسنكتم على الأنفاس النتنة بحكمة هندية وهي حكاية رمزية موجزة تقول: أن عصفوراً في متشجان كان مبتهجاً يتطاير هنا وهناك. وجاء الشتاء وكان عليه أن يتجه إلى الجنوب. ولكنه تكاسل وتباطأ إلى أن تجمدت أجنحته، وسقط على الأرض… فجاءت بقربه بقرة، وتبرّزت عليه برازاً ثقيلاً كثيفاً. فشعر العصفور بالدفء، وتحرر جناحاه من الصقيع. وأصبح يغرّد من تحت ركام البراز، ولكنه لم يستطع النهوض. واستمر يزقزق من داخل البراز. فجاءت قطة وسمعت الزقزقة، وكشفت غطاء البراز وافترست العصفور.!

تقول خلاصة الحكمة الهندية: ليس كل من يلقى عليك الروث هو عدوك. وليس كل من يخرجك من البراز صديقك. والأهم أنك عندما تكون تحت البراز عليك أن تغلق فمك.!

* الرجل صاحب التسجيل هو “محمد محمد خير”… إنا لله وإنا إليه راجعون.!

الوسومد. مرتضى الغالي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: د مرتضى الغالي

إقرأ أيضاً:

أستاذ علم نفس تربوي: تطوير مسيرة التعليم مرتبط بالثقافة السائدة في المجتمع

بعد تولي الدكتور محمد عبد اللطيف حقيبة وزارة التربية والتعليم، تتبادر إلى الأذهان تساؤلات كثيرة، حول كيفية إصلاح منظومة التعليم في مصر؟.

وتعليقا على ذلك، دعا الدكتور عاصم حجازى أستاذ علم النفس التربوي بكلية الدراسات العليا جامعة القاهرة، إلى حوار مجتمعي، قائلا، إن «إن الحوار المجتمعي، على رأس المطالب في الفترة القادمة المطلوبة من وزير التربية والتعليم الجديد، وأن يعطي اهتماما أكبر للثقافة السائدة في المجتمع، وبصفة خاصة في الأوساط التربوية، معلمين وطلاب وأولياء أمور»

وأشار إلى أنه من خلال الملاحظة الدقيقة لمسار التعليم المصري، فإنه يمكن رد معظم المشكلات الخطيرة التي يواجهها ملف التعليم في مصر إلى أسباب تتعلق بالثقافة السائدة لدى معظم الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور.

فالمعلم يسهل الغش ويساعد عليه بسبب ثقافته التي تعتبر أن هذا نوع من أنواع البر والرحمة، وحينما ينجح في اكتشاف طالب غشاش، فإنه لا يتخذ الإجراء القانوني المناسب في أحيان كثيرة لنفس الأسباب.. .والمعلم الذي لا يهتم بالشرح نظرا لانتشار ثقافة الشرح على قدر المقابل المادي وولي الأمر الذي يشجع على الغش بدعوى أنه مثل باقي الناس والطالب وولي الأمر الذي يهتم بالدروس الخصوصية لأن الجميع يقبل عليها ومثله مثل كل الناس.

وأضاف، أن معظم أسباب المشكلات مردها إلى الثقافة السائدة عند عدد كبير من الناس وليس الجميع بالطبع، ومردها أيضا إلى سمات الشخصية السائدة مثل الميل للمسايرة الاجتماعية وعدم الاستقلالية وضعف الثقة بالنفس.

موضحًا انه فى الفترة القادمة يجب التركيز على هذا الجانب من خلال التوعية والندوات لكافة الأطراف ذات الصلة بالعملية التعليمية وذلك بالتعاون مع المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية والتربوية في المجتمع.

مقالات مشابهة

  • الرئيس التونسي الوحيد الذي لم يقدم التعازي للملك محمد السادس
  • في نشرة السومرية.. زيارة بارزاني والتوغل التركي وانقلاب نينوى
  • مرض نادر يهدد حياة طفل بريطاني.. كيف نجا من الموت بمعجزة؟
  • أستاذ علم نفس تربوي: تطوير مسيرة التعليم مرتبط بالثقافة السائدة في المجتمع
  • سيحاصرك الموت غدا!!
  • سيحاصرك الموت غدا !!
  • ما الذي يُطَمْئِن حزب الله؟
  • هاني سعيد: الكرة المصرية مليئة بالحسابات ومن الصعب رحيل مصطفى فتحي للمنتخب الأولمبي والشيبي صاحب القرار في أزمته مع حسين الشحات
  • «ملوك الجدعنة».. صاحب مطعم مصري يستضيف 3 أصدقاء تايهين في فرنسا
  • حديث الاعتذارات الكثيرة.. والولادة المتعثرة للحكومة المصرية!