سيانس بو.. معهد فرنسي عريق يحتج طلبته على حرب غزة
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
جامعة أكاديمية بحثية، ومن أشهر المعاهد العالمية المختصة في العلوم الاجتماعية والعلاقات الدولية وتخصصات أخرى. ويطلق عليه اختصارا "سيانس بو". تأسس عام 1872 مباشرة بعد انتهاء حرب 1870 التي نشبت بين فرنسا وألمانيا.
تضامنا مع قطاع غزة، التحق طلاب المعهد يوم 27 أبريل/نيسان 2024 بركب طلاب كبريات الجامعات العالمية الذين انتفضوا ضد أي تعاون أكاديمي أو بحثي من جامعاتهم مع إسرائيل.
تأسس معهد الدراسات السياسية بباريس عام 1872 على يد إميل بوتمي، للرد على الأزمة السياسية والأخلاقية في فرنسا بعد الحرب الضروس التي نشبت بين الإمبراطورية الفرنسية الثانية بقيادة نابوليون الثالث وولايات الاتحاد الألماني الشمالي بزعامة مملكة بوروسيا، وانتهت بهزيمة كبيرة لفرنسا بسبب ضعفها العسكري.
ورغم أن الحرب لم تستمر إلا سنة فقط، فإن مخلفاتها العسكرية والسياسية كانت جسيمة، فقد تسببت بمقتل مئات الآلاف من الجنود والمدنيين، وسقوط الإمبراطورية الثانية وإعلان الجمهورية الثالثة.
في تلك المرحلة، بادر الشاب إميل بوتمي، الذي لم يكن عمره يتجاوز 35 ربيعا، إلى إنشاء مدرسة تحت اسم "المدرسة الحرة للعلوم السياسية"، وتغير اسمها لتصبح "معهد الدراسات السياسية بباريس"، مستفيدا من شبكة علاقات واسعة يسرتها وضعية أسرته الثرية، ومكنته من إرساء مشروعه التعليمي بتعاون مع أكاديميين فرنسيين بارزين.
وهكذا تحول المعهد إلى فضاء أكاديمي لإنتاج المعرفة وبحث سبل الخروج من الأزمة السياسية التي خلفها صراع حرب 1870.
معهد "سيانس بو" قرر برمجة متابعة عام دراسي إجباري خارج فرنسا لجميع الطلاب (سيانس بو) الأهدافبحكم السياق التاريخي والسياسي الذي رأى فيه معهد "سيانس بو" النور، كان يراد منه تحقيق عدة أهداف، في مقدمتها تخريج نخبة جديدة وتدريبها على إنتاج المعرفة من أجل فرنسا حديثة، وتميز المعهد بكونه من معاهد التعليم الخصوصية الأولى التي تمتعت بكامل الحرية في اختيار طلابها وأساتذتها، وأيضا مقرراتها الدراسية ومناهجها التعليمية.
أصبح المعهد قِبلة للطلاب من كل بقاع العالم، ومشتلا لتكوين النخبة السياسية ليس لفرنسا فحسب، بل لباقي الدول التي يختار أبناؤها متابعة دراستهم في هذه الجامعة العريقة.
ويقول المعهد إنه يسعى لأن يظل وفيا لمهمته الأصلية المتمثلة في ترسيخ الحوار بين المعرفة العلمية النظرية والمعرفة التطبيقية الواقعية، وأن يحتفظ بهويته بصفته فضاء جامعيا يتولى تدريب النخبة المرموقة ويكون جامعة بحثية في العلوم الاجتماعية لها مكانتها ضمن تصنيف الجامعات العالمية.
التخصصات في المعهدبعد فترة التأسيس سمي المعهد "المدرسة الحرة للعلوم السياسية"، وتخصص في إعداد الطلاب لاجتياز اختبارات الالتحاق بأشهر مؤسسات الدولة، خصوصا ما يتعلق منها بإدارة الأعمال.
بعد ذلك ومع مرور الأعوام، أحدثت الجامعة تخصصات في العلوم الاجتماعية وفي القانون والإدارة وتدبير الموارد البشرية، إضافة إلى تخصصات متنوعة ذات ارتباط بالعلوم الاقتصادية من قبيل التسويق والتمويل.
كما يقدم "سيانس بو" برامج للتكوين في مجال الإعلام والصحافة والاتصال، وفي بعض المجالات الجديدة مثل التخطيط العمراني، ويمنح شهادات من درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.
المعهد يمنح أكثر من 40 دبلوما مزدوجا في تخصصات متنوعة (سيانس بو)يفتح المعهد التسجيل في وجه الحاصلين على شهادة التعليم الثانوي، الذين يتلقون في بداية مشوارهم في سلك البكالوريوس تكوينا يستغرق 3 أعوام في إحدى التخصصات الأساسية (القانون والاقتصاد والتاريخ وعلم الاجتماع والعلوم الإنسانية وعلم السياسة).
على مستوى الماجستير، يضم المعهد 7 مدارس: مدرسة الأعمال العمومية ومدرسة الأعمال الدولية ومدرسة القانون ومدرسة التدبير والتأثير ومدرسة الإعلام ومدرسة البحث والمدرسة الحضرية.
ويضمن المعهد لطلبة سلك الدكتوراه 5 برامج في القانون والاقتصاد وعلم الاجتماع والتاريخ وعلم السياسة، وتأطيرا في مراكز البحث من قبل أساتذة معروفين عالميا يشرفون على تتبع إنجاز أطروحاتهم.
ويمنح المعهد الإمكانية للحصول، في المدارس السبعة المنضوية تحته، على أكثر من 40 دبلوما مزدوجا (مع جامعات ومؤسسات أخرى مثل جامعة باريس ومدرسة لوفر). ويوفر للطلبة إمكانية الاختيار بين 28 تخصصا في سلك الماجستير.
هيئة ومناهج الدراسةتتكون هيئة التدريس من 300 أستاذ باحث و320 دكتورا موزعين على 11 مختبرا للدراسات والأبحاث، يشتغلون في المجالات الخمس الأساسية للمعهد (القانون والاقتصاد والتاريخ وعلم السياسة وعلم الاجتماع).
إضافة إلى أن المعهد يستضيف كل عام مئات من الباحثين والأساتذة من مختلف أنحاء العالم لتقديم محاضرات للطلاب.
منهج الدراسة في المعهد يخضع لتطور دائم، ولم يتوقف القائمون عليه عن ابتكار نماذج تعليمية كفيلة بضمان تكوين جامعي يضاهي كبريات الجامعات العالمية.
ويزاوج المعهد بين البحث العلمي والتعليم النظري والممارسة العملية. ويعتمد مشروعا تعليميا تفاعليا، سواء من خلال عقد مؤتمرات، أو تشكيل فرق عمل صغيرة للطلاب مع أساتذة من الوظيفة العمومية أو مجال الأعمال الحرة أو من الجامعة.
قبل نهاية 1999، اختار المعهد نموذجا جديدا للتعليم مدته 5 أعوام (3 سنوات للبكالوريوس وعامان للماجستير)، أما شهادة الدكتوراه فتخضع لنظام البحث العلمي والتتبع من قبل الأساتذة المشرفين إلى حين الانتهاء من إعداد الأطروحة التي تصبح قابلة للمناقشة بعد استيفاء معايير دقيقه محددة من قبل المعهد.
كما تقرر برمجة متابعة عام دراسي إجباري خارج فرنسا لجميع الطلاب، وهي صيغة منهجية تضمن الانفتاح على جامعات دولية مرموقة عقد معها المعهد شراكات للتنسيق والتعاون.
وعمل المعهد منذ عام 2000 على تجديد مجالات التدريس والأبحاث، وشرع في الاستثمار في مجالات رائدة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية وسوسيولوجية المنظمات، وفتح الباب لاختيار شعب جديدة من قبيل فنون السياسة وأنسنة العلوم ومجال الدراسات الرقمية.
طلاب جامعة "سيانس بو" خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في باريس يوم 26 أبريل/نيسان 2024 (الأناضول) محطات تاريخيةخلال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، دشن المعهد مرحلة جديدة من تاريخه من خلال الانفتاح الدولي. وفتح أبوابه للطلاب الأجانب وأصبح وجهة أكاديمية مفضلة للمتمدرسين الذين يأتون من كل بقاع العالم.
في عام 1945، خضع جزء من معهد العلوم السياسية، الذي كان خاصا، إلى التأميم وأصبح بمثابة مؤسسة وطنية للعلوم السياسية إلى جانب معهد الدراسات السياسية.
المكانة العالميةيحتل المعهد رتبا متقدمة ضمن التصنيفات الدولية للجامعات العالمية، ويستقطب طلابا أجانب من جميع مناطق العالم، ويضمن للمتخرجين فيه تقلد مناصب في كبرى المؤسسات بفضل نموذجه التعليمي الذي اكتسب صبغة عالمية.
وحسب تصنيف "كيه إس" للجامعات لعام 2024، احتل معهد الدراسات السياسية بباريس الرتبة الثانية من بين 1500 جامعة دولية متخصصة في علم السياسة.
متظاهرون رافضون للعدوان الإسرائيلي ينددون بـ"بتواطؤ "رئيس فرنسا في العدوان الإسرائيلي على غزة (الأناضول)وعلى مدى 6 أعوام متتالية، يظهر المعهد ضمن 3 أفضل جامعات في حقل علم السياسة، كما يأتي في طليعة هذه الجامعات في الاتحاد الأوروبي.
وحسب إحصائيات المعهد لعام 2024، فإن 65% من الحاصلين على شهادة الدكتوراه يلتحقون بمجال التعليم والبحث، و34% يختارون التعليم العالي، في حين يتوجه 23% إلى البحث العلمي، إضافة إلى أن 35% من الخريجين يشتغلون في مجالات الاستشارة والمنظمات الدولية وفي المقاولات.
ويشارك الطلبة الدكاترة في المؤتمرات والندوات الدولية التي تعقد خارج فرنسا، مستفيدين من الشراكات التي أبرمها المعهد مع مؤسسات التعليم العالي في دول أجنبية، بفضل منح الدكتوراه التي تقدم لهم في إطار اتفاقيات مع 8 جامعات دولية في شمال أميركا منها جامعة كولومبيا والجامعة الوطنية في سنغافورة، إضافة إلى شراكات تمنح طلاب "سيانس بو" شهادة مزدوجة وفترات تدريبية في كبرى المؤسسات المشهورة.
كما استطاع المعهد إبرام اتفاقيات شراكة مع عدد من دول القارات الخمس، وانفتح على جامعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى جانب مؤسسات في دول الساحل وجنوب الصحراء وفي أميركا الشمالية وأميركا اللاتينية وفي دول آسيوية وغيرها من الدول.
خريجون مؤثرونومن بين خريجي المعهد رؤساء دول ورؤساء حكومات وشخصيات مسؤولة في مؤسسات عالمية، وتخرج فيه أغلب رؤساء الجمهورية الفرنسية، ومنهم جاك شيراك الذي تولى الرئاسة من 1995 إلى 2007، وسبق له أن شغل منصب رئيس الحكومة الفرنسية من 1983 إلى 1986 ومن 1986 إلى 1988.
كما تخرج في هذا المعهد العالمي رئيس فرنسا السابق فرانسوا ميتران (تولى الرئاسة من 1981 إلى 1995)، وفرانسوا هولاند (رئيس فرنسا من عام 2012 إلى 2017)، والرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون.
ومن خريجي المعهد أيضا الرئيس السابق للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة، والأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي (ما بين 1992 و1996)، والمديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) أودري أزولاي.
الطلاب المتظاهرون استنكروا سماح الإدارة للشرطة بالتدخل في الحرم الجامعي (الفرنسية) الرسوم والمنحيفرض معهد "سيانس بو" رسوما سنوية تختلف باختلاف انتماء جنسيات الطلاب والبرامج التي يختارونها، وإلى غاية 2023 استقر معدل الرسوم السنوي للدراسة في مستوى البكالوريوس بالنسبة لطلبة دول أوروبا في حدود 5 آلاف يورو، وفي سلك الماجستير في حوالي 6700 يورو.
أما بالنسبة لغيرهم ممن يأتون من خارج دول الاتحاد الأوروبي فإن الرسوم تتراوح بين 14720 يورو للبكالوريوس و20380 يورو لسلك الماجستير.
مع الإشارة إلى أن طالبا من بين كل 3 يمكنه متابعة دراسته مجانا في المعهد، ويتعلق الأمر أساسا بالطلبة الذين ينحدرون من أوساط فقيرة أو الذين يكونون في وضعية إعاقة جسدية.
التضامن مع غزةمنذ 24 أبريل/نيسان 2024، دخل عشرات الطلاب من معهد "سيانس بو" في اعتصام مفتوح تضامنا مع أهالي قطاع غزة واحتجاجا على تعاون وتنسيق جامعتهم مع إسرائيل.
خطوة تضامنية لقيت معارضة شديدة من قبل إدارة المعهد التي رفضت كل أشكال التضامن واضطرت أمام إصرار الطلاب إلى الإعلان عن تعليق الدراسة إلى حين فض الاعتصام وعودة المتضامين إلى أقسام الدراسة.
واستنكر الطلاب سماح الإدارة للشرطة بالتدخل في الحرم الجامعي، معربين عن أسفهم لهذه الخطوة التي وصفوها بـ"المنعطف التسلطي غير المسبوق" في جامعة بقيمة معهد الدراسات السياسية بباريس.
وجاءت مظاهرات طلبة معهد "سيانس بو" في سياق موجة الاحتجاج التي شهدتها كبريات الجامعات الدولية في مختلف بقاع العالم ضد الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات إضافة إلى فی العلوم من قبل
إقرأ أيضاً:
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن حملها على صواريخ مثل MIRV التي ضربت أوكرانيا
دبي، الإمارات العربية المتحدة--(CNN)يعد استخدام روسيا لصاروخ باليستي قادر على حمل رؤوس نووية، الخميس، أحدث تصعيد في حرب أوكرانيا، كما أنه يمثل لحظة حاسمة وربما خطيرة في صراع موسكو مع الغرب.
إن استخدام ما وصفه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأنه صاروخ باليستي برؤوس حربية متعددة في القتال الهجومي يعد خروجًا واضحًا عن عقود من عقيدة الردع في الحرب الباردة.
يقول الخبراء إن الصواريخ الباليستية ذات الرؤوس الحربية المتعددة، والمعروفة باسم "مركبات إعادة الدخول المتعددة المستهدفة بشكل مستقل"، أو MIRVs، لم تُستخدم أبدًا لضرب العدو.
ووفقًا لبيانات صادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، تمتلك روسيا والولايات المتحدة معا ما يقرب من 90٪ من جميع الأسلحة النووية، ويبدو أن أحجام مخزوناتهما العسكرية (أي الرؤوس الحربية القابلة للاستخدام) ظلت مستقرة نسبيًا في عام 2023، على الرغم من أن التقديرات تشير إلى أن روسيا نشرت حوالي 36 رأسًا حربيًا مع قوات تشغيلية أكثر مما كانت عليه في يناير 2023.
وانخفضت الشفافية فيما يتعلق بالقوات النووية في كلا البلدين في عام 2023، في أعقاب الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، وتزايدت أهمية المناقشات حول ترتيبات تقاسم الأسلحة النووية.
إليكم نظرة في الانفوغرافيك أعلاه يوضح أحدث التقديرات الصادرة عن معهد ستوكهولم الدولي بالدول ذات مخزون الرؤوس الحربية النووية.
أمريكاأوكرانياروسياأسلحة نوويةانفوجرافيكنشر الجمعة، 22 نوفمبر / تشرين الثاني 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.