دبلوماسية أميركية: سياسة واشنطن تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة فاشلة وتضر بمصالحها
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
طهران-سانا
أعلنت المتحدثة بالعربية باسم وزارة الخارجية الأميركية هالة غريت أنها استقالت من منصبها احتجاجاً على سياسة واشنطن تجاه العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، وذلك في ثالث استقالة على الأقل من الوزارة بسبب هذه القضية.
وكشفت غريت التي عملت في وزارة الخارجية الأميركية لـ 18 عاماً، في حديث للإذاعة الوطنية العامة الأميركية إن بي آر أنها تعرضت للكثير من الإسكات عندما تحدثت علانية عن سياسة الولايات المتحدة بشأن الموقف من العدوان على غزة، مضيفة: “كنت أتحمل، على أمل أن أحاول تغيير الأمور من الداخل، إلى أن أدركت في مرحلة ما أنّ هذه السياسة كانت تقوض مصالح الولايات المتحدة، وتزعزع استقرار الشرق الأوسط، وكانت بالفعل سياسة فاشلة”.
وتابعت: “لهذا قررت أنه لم يعد بإمكاني أن أكون جزءاً من العمل، وقررت تقديم استقالتي”، مشيرة إلى أن هذه السياسة التي تتبعها الإدارة الأميركية تقوّض مصداقيتنا بالكامل .. والمعايير المزدوجة التي كنّا نتبعها لم تعد تسمح لنا بالحديث عن حقوق الإنسان، بينما كنا نسمح بالقتل الجماعي للمدنيين”.
ولفتت غريت إلى أنه لم يعد بإمكاننا الحديث عن حرية الصحافة عندما كنا نصمت عن قتل أكثر من 100 صحفي في غزة، موضحة أنها كتبت تقارير يومية إلى الوزارة في بداية العدوان ولأشهر عديدة، تشرح فيها كيف كانت الولايات المتحدة تُرى في وسائل الإعلام، وكيف كانت شعبيتها تتراجع، وتظهر صورتها كشريكة في قتل الأطفال.
يُشار إلى أنه قبل استقالة غريت أعلنت أنيل شيلين من مكتب حقوق الإنسان في وزارة الخارجية الأميركية استقالتها، كما استقال المسؤول في وزارة لخارجية جوش بول في تشرين الأول الماضي، واستقال أيضاً طارق حبش، المسؤول الكبير في وزارة التعليم الأميركية، من منصبه في كانون الثاني احتجاجاً على السياسة الأميركية الداعمة للكيان الإسرائيلي.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
التحول في الموقف الأمريكي: لماذا هاجم ترامب الرئيس الأوكراني زيلينسكي؟
يمانيون../
في تحول لافت يعكس تغيرًا جذريًا في الموقف الأمريكي تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، شنَّ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هجومًا حادًا على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وصفه البعض بأنه الأقسى منذ بدء الحرب. هذا الهجوم لم يكن مجرد تصريح عابر، بل جاء ليؤكد حقيقة واشنطن في تعاملها مع حلفائها ووكلائها، وهو أن الولايات المتحدة تتخلى عنهم بمجرد انتهاء صلاحيتهم أو فقدانهم لقيمتهم الاستراتيجية.
أوكرانيا تفقد قيمتها الاستراتيجية لدى واشنطن
منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، قدّمت الولايات المتحدة والغرب دعمًا غير مسبوق لكييف، تخطى حاجز 350 مليار دولار، شمل مساعدات عسكرية، اقتصادية، ولوجستية، في محاولة لإضعاف روسيا. ومع ذلك، لم تتمكن أوكرانيا من تحقيق أي نصر استراتيجي يمكن أن يبرر استمرار هذا الدعم، مما جعل واشنطن تعيد حساباتها، خصوصًا بعد أن بات واضحًا أن موسكو لم تُكسر ولم تتراجع، بل على العكس، استمرت في تعزيز نفوذها.
الرئيس ترامب، الذي لا يخفي نزوعه نحو الواقعية السياسية، قال بوضوح إن “روسيا لم ترد تدمير كييف، ولو أرادت لفعلت”، في إشارة إلى أن موسكو تملك اليد العليا عسكريًا، وإن الحرب وصلت إلى نقطة لا يمكن للولايات المتحدة فيها الاستمرار في دعم طرف خاسر.
منطق القوة: واشنطن تعترف بموسكو
لقد أدركت واشنطن أن روسيا قوة لا يمكن سحقها، بغض النظر عن حجم التحالفات ضدها. فمنذ بدء الحرب، حشد الغرب كافة إمكانياته، ليس فقط عسكريًا، بل حتى في الرياضة والثقافة، لمحاولة عزل روسيا دوليًا. ومع ذلك، لم تفقد موسكو موقعها، بل استمرت في تعزيز تحالفاتها، وأثبتت أن العقوبات الغربية لم تؤثر عليها بالقدر الذي كان متوقعًا.
إزاء ذلك، لم تجد واشنطن بُدًّا من الاعتراف بالواقع، وهو أن هذه الحرب، التي استنزفت الخزائن الأمريكية والغربية، لم تحقق أهدافها، وأن دعم أوكرانيا بات عبئًا سياسيًا واقتصاديًا أكثر من كونه استثمارًا استراتيجيًا.
مباحثات الرياض: نقطة التحول
يوم الثلاثاء، اختتمت في الرياض محادثات رفيعة المستوى بين روسيا والولايات المتحدة، حيث التقى وفدا البلدين في اجتماع وُصف بأنه حاسم في تحديد مستقبل التسوية الأوكرانية. وقد مثّل روسيا وزير خارجيتها سيرغي لافروف، ومساعد الرئيس يوري أوشاكوف، ورئيس الصندوق الروسي للاستثمار المباشر كيريل دميترييف. أما الوفد الأمريكي، فقد ضمّ وزير الخارجية ماركو روبيو، ومساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي مايك والتز، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيفن وايتكوف.
في ختام المحادثات، أكد سيرغي لافروف أن روسيا والولايات المتحدة توصلتا إلى تفاهم حول ضرورة عدم التصعيد بين البلدين، والعمل على صياغة عملية تسوية قريبة للأزمة الأوكرانية، وهو ما اعتبره البعض مؤشرًا على بدء واشنطن في فك ارتباطها التدريجي عن الصراع.
ترامب وزيلينسكي: القطيعة الحتمية
في سياق متصل، زاد هجوم ترامب على زيلينسكي من عزلة الأخير، حيث وصفه بأنه “رئيس غير كفء على الإطلاق”، واعتبر أن قيادته السيئة هي السبب في استمرار الحرب. كما أثار ترامب تساؤلات خطيرة حول مصير المساعدات الأمريكية، متسائلًا عن مصير نصف الـ350 مليار دولار التي قُدِّمت لكييف.
الهجوم العنيف على زيلينسكي لم يكن مجرد انتقاد شخصي، بل كان بمثابة إعلان رسمي عن تخلي واشنطن عن حليفها الأوكراني، في خطوة قد تسرّع من انهيار موقف كييف في الحرب. فبعد محادثات الرياض، لم يعد هناك شك في أن تسوية ما تلوح في الأفق، وأن الدور الأوكراني في هذه التسوية سيكون محدودًا أو حتى معدومًا.
واشنطن تغلق الملف الأوكراني
مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة، وتعاظم التحديات الداخلية، من الواضح أن إدارة ترامب ترى في استمرار الحرب استنزافًا غير ضروري، ولذلك اتخذت قرارها بالسعي لإنهائها عبر التفاوض مع موسكو. هذه الخطوة، وإن بدت مفاجئة للبعض، إلا أنها تتماشى مع نهج ترامب القائم على تقليص التدخلات الخارجية، والتركيز على المصالح الأمريكية أولًا.
في النهاية، يبدو أن زيلينسكي بات وحيدًا في معركته، بعدما أدار داعموه ظهورهم له، وبدأوا في ترتيب مصالحهم مع روسيا، تاركين كييف لمصير مجهول، وهو المصير الذي يطارد كل من اعتمد على واشنطن يومًا ما.