لا يمكن لعاقل أن يظن أن القوى التي تعادي السودان وعملت على حصاره وإضعافه لسنوات وساهمت بشكل كبير في إيصال البلد إلى النقطة الحالية؛ وهي نقطة لم تكن هذه القوى تحلم بها؛ حرب بين أكبر قوتين عسكريتين تبدأ من قلب العاصمة وتضرب عظم الدولة بعنف وتكاد تعصف بها كليا، لا يمكن لعاقل أن يظن لو للحظة أن ذات هذه القوى التي عملت كل ما في وسعها لتحطيم السودان وإخضاعه والسيطرة عليه حتى أوصلته إلى هذه المرحلة الحرجة ستأتي لتمد يدها لإنقاذه.

هذه إما سذاجة أو تواطؤ مع العدو.

لحظة الضعف هي أنسب اللحظات للانقضاض على العدو، وعدونا لن يجد فرصة أفضل من هذه لينقض علينا. ولذلك يجب أن لا نتوقع من الأعداء إلا المزيد من الشر لجني ثمار هذه المراحل الطويلة من التآمر ضد السودان. هم لم يفعلوا كل ما فعلوه لكي يأتوا في النهاية لإنقاذ السودان.

أعداء السودان هم أمريكا وأتباعها من الدول الأوروبية وإسرائيل ووكلاءهم في الإقليم. وهم لن يتركوا السودان وهذه فرصتهم وهي فرصة لن تعوض، لن يجدو السودان في وضع أضعف وأكثر هشاشة مما هو عليه الآن. وهم قد اقتربوا بالفعل من تحقيق أهدافهم ولن يتراجعوا أبدا.

لذلك، ليس أمام السودان سوى الانتصار في هذه الحرب بإرادة شعبه أولا. ويجب علينا تحديد أعداءنا بوضوح وبحسم والتعامل معهم كأعداء. وفي المقابل يجب أن نسعى لبناء علاقات وثيقة لأقصى درجة ممكنة مع أعداء أمريكا والغرب؛ روسيا والصين وإيران وغيرهم، أيضا بوضوح وبحسم.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

غزة.. معجزةُ الانتصار مصداقاً للوعد الإلهي

حسن محمد طه

نهضت العزة والكرامة بشموخٍ مذهل لرجال ونساء وأطفال وشيوخ غزة العزة، وبُعثوا من بين ركام الدمار الكبير، بصمودهم الذي فاق صمود الحديد والمنشآت والمباني، رسائل أثبتوا فيها للعالم أنهم وبإيمانهم وإرادتهم وعزيمتهم أقوى من طائرات العدوّ الصهيوني والأمريكي التي لم تتوقف عن الإقلاع والهبوط والتحليق، في تناوبٍ على الهجوم بمئات الآلاف من الصواريخ والقنابل المحرمة على مدى 471 يوماً.

حممٌ من البراكين والسحائب السوداء، وأطنانٌ من المتفجرات، محملة بسموم الأسلحة الفتاكة التي ذاقها أهل غزة في كُـلّ يوم، ما ذاقه سكان “هيروشيما وناجازاكي” في اليابان نهاية العام 1945م، بالقنابل النووية الأمريكية، وكان من المعيب أن العالم أمام بشاعة الجريمة ظل يشاهد بصمت موجات من الغارات والقصف والقتل اليومي والدمار الكبير الذي غير خارطة مدن قطاع غزة الذي لم يتجاوز عشرات الكيلومترات.

جرائم تعرض الأهالي فيها لصدماتٍ نفسية عنيفة من هول المشاهد اليومية لتلك الأشلاء المتناثرة والأعضاء الممزقة للأرواح البريئة من الأطفال والنساء والكهول، وهم يقفون عاجزون عن إخراج آلاف الجثث ومئات الجرحى العالقين تحت ركام وأنقاض المباني والمدارس والمستشفيات، كما انفرد العدوّ الإسرائيلي والأمريكي في العصر الحديث بجريمةٍ لا مثيل لها، هي تلك المناظر للكلاب الضالة وهي تنهش جثث الشهداء في شوارع القطاع المنكوب.

وفي مشهدٍ لم يتوقف للحظة؛ عكفت وسائل وقنوات الإعلام العالمية على توثيقه ونقله مباشر، وضع أنظمة وشعوب العالم أمام الصورة الكاملة لتك الجرائم التي تعمدت آلة الحرب الصهيونية على ممارستها أمام مسمع ومرأى الجميع، وعلى الرغم من هول وعظم وحجم ذلك الإمعان إلا أن الكيان الغاصب لم يستطع كسر صمود أهل غزة، ولم يتمكّن من هزيمة المقاومة الباسلة التي ضحت بخيرة قادتها ورجالها المجاهدين.

وكان لصمود وثبات المقاومة التي استنزفت قدرات وإمْكَانيات العدوّ الصهيوني وكسرت غطرسته وأرغمته على التفاوض معها، هذه المقاومة هي نفسها التي راهن وتعهد المجرم “نتنياهو” للمستوطنين وعائلات أسرى 7 أُكتوبر، ولحكومته على القضاء عليها، واستنفر لاقتحام قطاع غزة معظم الفرق العسكرية ومئات الألوية بمختلف التشكيلات المدربة على أحدث طرق القتال والأعمال الاستخباراتية، ومجهزة بأحدث التقنيات والعتاد الحربي الغربي والأمريكي، بما فيها قطاعات التكنولوجيا من ذكاء صناعي وأقمار اصطناعية، ناهيك سلاح وعتاد حلفائه، الذي شكل قوة ردع لمواجهة أية دولة تتخذ موقفًا داعمًا ومساندًا للمقاومة الفلسطينية.

لكن ومن مصاديق الوعود الإلهية؛ أن تلك الجحافل والترسانات العسكرية التي ضربت بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، رغم بشاعتها وحقدها ورغبتها الشيطانية في القتل والتدمير، إلا أنها لم تنل من إيمان وإصرار وثبات أصحاب الأرض شعباً ومقاومة، وفاجأوا العالم بخروجهم للشوارع محتفلين بالنصر، وملامح الفرح بالانتصار ظاهرة على وجوههم رغم حجم المصاب والدمار والألم.

هذه المظاهر الفرائحية والتماسك الذي برز في قوى الأمن وكتائب المجاهدين تسببت بصدمةٍ ورعب ومذلة وانكسار للعدو الصهيوني، ونزلت عليهم تلك المشاهد كصاعقة مزلزلة، أصابت قادة وضباط وأفراد جيش الكيان بالإحباط والصدمة النفسية، كيف لا وقد خطط وحشد وقاتل بكل ما لديه من قدرات وقوة وإسناد كبير؛ مِن أجلِ أن يجعل قطاعَ غزة خاليًا من مجاهدي حماس.

وإذا بالعدوّ يعيش الكوابيس المرعبة حينما رأى أمام عينيه مظاهر الالتئام المتجدد والتلاحم لآلاف المجاميع من أبناء المقاومة ومنتسبي كتائب القسام وهم يتوافدون إلى كُـلّ شارع، وهم ما يزالون بكامل عدتهم وعتادهم وكأنهم بُعثوا من بعد موتتهم الأولى، حتى أن الخبراء العسكريين والسياسيين لم يستوعبوا خطط المقاومة التي مكّنتها من الاحتفاظ بقوتها البشرية والعسكرية أمام الآلة العسكرية والاستخباراتية الصهيونية المتطورة طوال هذه الفترة.

عُمُـومًا، ستظل هذه الجرائم والمجازر الصهيونية بحق غزة وأبنائها وسمة عارٍ على جبين المجتمع الدولي بشكلٍ عام، ولعنة تلاحق مرتكبيها والداعمين للعدو، والصامتين عنها من العرب والمسلمين وادعياء الإنسانية، وسيظل الانتصار الكبير وسام شرف على صدر وجبين كُـلّ المجاهدين وكل أبناء غزة، وكل من ساندهم في محور الجهاد والمقاومة وكل من ناصرهم في مختلف الجوانب، وبيض الله وجه سيد القول والفعل السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي شرف أبناء شعبنا، وبيض وجيهنا بقيادته للموقف اليمني الشجاع.

* عضو مجلس الشورى

مقالات مشابهة

  • تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في 2025 وتأثيره على السودان
  • غزة.. معجزةُ الانتصار مصداقاً للوعد الإلهي
  • مختار غباشي: سياسة ترامب هي أمريكا أولا.. فيديو
  • د. النور حمد، في متاهته..!
  • ترامب يصدر تعليماته لوزارة الخارجية بتطبيق سياسة أمريكا أولا
  • هندسة الانتصار.. كيف خطّطت حماس لمشاهد ما بعد الحرب؟
  • دونالد ترامب: قوة أمريكا تقاس بإنهائها للحروب.. وسأكون صانعا للسلام
  • حزب الله يبارك للشعب الفلسطيني ومقاومته ولكل القوى التي ساندت غزة الانتصار الكبير
  • مستقبل حماس بعد الحرب.. هذا ما لا يمكن تجاهله
  • كيف يمكن للرسوم الجمركية أن تساعد أمريكا؟