#التصورات_الأخطر في هذه #الحرب _ #ماهر_أبوطير
تتدفق المعلومات حول هجوم إسرائيلي وشيك على رفح، هذا على الرغم من أن التحليلات تقول إن إسرائيل قد تشن عمليات محدودة، وليس هجوما كاملا على رفح المتكدسة بالفلسطينيين.
الهجوم الكامل والشامل سيؤدي إلى مجزرة تتسبب باستشهاد وجرح مئات الآلاف، وسط مشهد دموي، ويحذر منه كثيرون، وهذا يعني أن إسرائيل قد تلجأ إلى تنفيذ عمليات عسكرية في مواقع محدودة في الوقت الذي تفتح فيه مسارات لخروج الفلسطينيين إلى مواقع مختلفة.
من التصورات المهمة هنا أن إسرائيل إذا وافقت على صفقة لوقف الحرب، مقابل إطلاق أسرى إسرائيليين، والسماح للفلسطينيين بالعودة إلى الشمال، ترتبط بخدعة أمنية، من خلال وضع حواجز عسكرية إسرائيلية للتدقيق في هويات العائدين إلى الشمال، والبحث عن قوائم معروفة لدى إسرائيل، وهذا التصور الخطير يعني أن السماح بالعودة إلى الشمال سيكون متاحا للمدنيين من خلال الغربلة الأمنية، ومن أجل إخلاء رفح من أكبر عدد ممكن من الناس عبر إعادة سكان الشمال إلى مناطقهم، فيما سيتم إبقاء المطلوبين في رفح، تمهيدا لعملية عسكرية تجري في وقت لاحق، بكلف بشرية أقل، خصوصا، أننا أمام حرب مفتوحة زمنيا.
مقالات ذات صلة النموذج الكروي للكون كما رسمه شيخ الاسلام ابن تيمية 2024/04/30هناك آراء تحليلية عميقة تقول إن إسرائيل أمام حزمة خيارات أيضا، فهي لا تريد إنهاء المقاومة إلا عسكريا، وتفضل بقاء التنظيمات إداريا وسياسيا، من أجل إدامة الانقسام الفلسطيني في العلاقة مع سلطة أوسلو في رام الله، وإبطال المطالبات بدولة فلسطينية على أساس عملية السلام، وهذا التصور أيضا أخطر من السابق ويرتبط بما بعد الحرب، وهذا يعني أن كل الكلام عن قوات عربية وأجنبية تدخل إلى قطاع غزة، وعن أنماط مقترحة للإدارة المحلية، مجرد كلام للاستهلاك، لأن إسرائيل تريد بعد هدم القطاع، وتدميره على كافة المستويات، تركه لمصيره بوجود السلطة الحاكمة فيه، منزوعة السلاح، لتواجه الموقف الشعبي بلا أدوات فاعلة للحل أو إدامة الحياة، وفي الوقت ذاته تثبيت حالة الانقسام والتنافر بين ما يفترض أنهما جناحا مشروع الدولة الفلسطينية العتيدة، والتي تعد وهماً كبيراً منذ اليوم الأول لاتفاقية أوسلو وتعهداتها.
نحن أمام مشهد معقد، لأن إسرائيل أيضا لا تريد وقف الحرب كليا، ولا الانسحاب الكلي من القطاع، وتريد إعادة ترسيمه جغرافيا، على أساس خريطة سكانية جديدة، ترتبط بإعادة التموضع الأمني والعسكري، وما يرتبط بالمعابر والثروات، وحركة الغزيين الاجتماعية والاقتصادية.
عقدة التواقيت تلتقي أيضا مع طبيعة الحكومة الإسرائيلية، وقرب الانتخابات الأميركية وما يعنيه ذلك من إمداد إضافي لإسرائيل خلال الحملات الانتخابية المبكرة والتمهيدية، وما سيلي ذلك، من هواجس في المنطقة من عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ومع هذا ملف الإقليم، وقدرة الإدارة الحالية على المقايضة بين وقف الحرب كليا، وعقد صفقة سلام إقليمية، فيما يقف الإيرانيون بكل نفوذهم بانتظار تسوية ملفهم عبر تقاسم النفوذ سلميا أو عسكريا.
يقال كل هذا الكلام لأولئك الذي يصرون على أننا أمام معركة في قطاع غزة فقط، ونريد التذكير مجددا بكون المشهد ليس محليا في فلسطين حصرا، بل يرتبط بجملة ترتيبات في كل المنطقة، قد تؤدي إلى إعادة الصياغة كليا، ويشمل ذلك وضع سلطة أوسلو، والتغييرات التي قد تجري عليها، كهيكل إداري وأمني وسياسي، بالتوازي مع التخطيط للهيكل الحاكم في غزة، تمهيدا لمرحلة مقبلة، تتسم بالتخطيط الإستراتيجي، وتتجاوز مبدأ العقاب على خلفية السابع من أكتوبر، خصوصا، ونحن نقترب من الشهر الثامن من الحرب بما يعنيه ذلك من كلف.
تبقى الخلاصة الأهم، أي أن أي هدنة منتظرة مع إسرائيل ستكون مؤقتة، مهما كانت مواصفاتها، وستعود إسرائيل إلى مواصلة تنفيذ أهدافها الإستراتيجية فيما نتشاغل نحن بردود الفعل اليومية، وهي ردود تتجاهل بحسن نيّة، أو سوء نيّة، الغايات الإستراتيجية الأخطر.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الحرب أن إسرائیل
إقرأ أيضاً:
ردّا على حصارهم البحري للاحتلال.. هكذا تحرّض إسرائيل على استهداف الحوثيين
بعد الضربات الإسرائيلية والأمريكية الأخيرة لمواقع الحوثيين في اليمن، لا يخفي الاحتلال أنه أمام عدو من نوع مختلف، بزعم أنه ليس لديهم، وهم المشبعون بالدوافع الأيديولوجية، ما يخسرونه، ومستمرون في إطلاق الصواريخ على الأهداف الاسرائيلية، ما يحفزهم بعد كل ضربة للاستمرار في استهداف الاحتلال.
وفي مقال نشره موقع "ويللا" العبري، وترجمته "عربي21"، زعم الباحث المشارك في برنامج إيران بمعهد دراسات الأمن القومي ورئيس سابق لفرع إيران في قسم أبحاث جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، دينيس سيترينوفيتش، أنه: "بقي الحوثيون يقودون "محور المقاومة" ضد الاحتلال بدافع شعورهم بالمهمة الأيديولوجية".
وأوضح سيترينوفيتش، "بعد وقف إطلاق النار في لبنان، والأضرار الجسيمة التي لحقت بتشكيلات حزب الله، وفي ظل تردد القيادة الإيرانية بشأن الانتقام من الهجوم الإسرائيلي، بقي الحوثيون يقودون -محور المقاومة- ضد الاحتلال بدافع شعورهم بالمهمة الأيديولوجية، وواصلوا إطلاق الطائرات بدون طيار والصواريخ باتجاه، وتجاه السفن المختلفة في مضيق باب المندب".
وأضاف: "الحوثيين يواصلون التهديد بأنهم لن يوقفوا عملياتهم حتى تقف الحرب على غزة، حيث يرون في هجماتهم وسيلة لوضع أنفسهم ضمن محور المقاومة كعامل إقليمي لا يمكن تجاهله، ورغم أن الهجوم الإسرائيلي عليهم ألحق أضرارا بإمدادات الكهرباء في صنعاء".
"وربّما أدى إلى شلّ ميناء الحديدة لفترة زمنية غير معروفة، فمن المشكوك فيه جدا أن الحوثيين سيوقفون الهجمات ضد إسرائيل نظرا لعوامل عديدة" بحسب سيترينوفيتش.
وزعم أن: "الحوثيين ليس لديهم ما يخسرونه، والمفارقة أن الهجمات الإسرائيلية عليهم تؤدي لتعزيزهم وتصميمهم، مما يعني أن الضربات العملياتية لسلاح الجو الإسرائيلي لا تترجم فعلياً لإنجاز استراتيجي يتمثل بوقف الصواريخ من اليمن، ولا تسفر عن إعادة فتح الممرات الملاحية في باب المندب".
واسترسل: "ما يستدعي من الاحتلال التفكير في استراتيجية مختلفة أهمها التعاون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ودول المنطقة بهدف تنفيذ حملة مستمرة تلحق أضرارا جسيمة بقدرة الحوثيين".
إلى ذلك، أبرز أن: "إيران هي مورّد أسلحة مهم للحوثيين، لكن الغريب أن تأثيرها على عملية صنع القرار لديهم محدود للغاية، ولذلك من المشكوك فيه للغاية ما إذا كان مهاجمة إيران سيغير نمط عملياتهم في البحر الأحمر".
وأردف: "في نهاية المطاف، حتى لو توقفت حرب غزة، فمن المشكوك أن يوقفون هجماتهم بشكل كامل تجاه إسرائيل أو مضيق باب المندب، بل قد يجدوا مختلف الذرائع لمواصلة ابتزاز المجتمع الدولي ودول المنطقة".
وختم بالقول: "بالنظر للمستقبل، لن يكون هناك خيار سوى العمل على إسقاط الحوثيين، ومثل هذه الخطوة ستكون بمثابة ضربة قوية أخرى لمحور المقاومة، وتزيد الضغط على إيران، صحيح أن هذا ليس حدثاً بسيطاً، لكن هناك قدراً كبيراً من الشك إذا كان هناك خيار آخر لتأمين الممرات الملاحية في البحر الأحمر، ووقف الصواريخ تجاه إسرائيل، حتى لو عادت وهاجمت مواقعهم للبنية التحتية في المستقبل أيضاً".
من جهته، أكّد الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، تامير هايمان، أنّ: "الضربات الجوية الإسرائيلية لن تهزم الحوثيين، ولذلك فقد حان الوقت لاستخدام ذراع أكثر ملاءمة ضدهم، لأنه منذ اللحظة التي فرضوا فيها حصاراً بحرياً على إسرائيل، أعلنوا الحرب عليها، لكن من الواضح أنها لم تعلن بعد الحرب عليهم، زاعما أنه حان وقت الاغتيالات في صفوفهم".
وأضاف هايمان، في مقال نشرته "القناة 12" العبرية، وترجمته "عربي21" أنّ: "الهجوم الإسرائيلي في اليمن رد مناسب على الحوثيين، لكنه ليس كافيا لتغيير الواقع في أقرب وقت، خاصة عقب إعلانهم حصارا بحريا ضد الاحتلال، مع أنه من المناسب رفعه بأسرع وقت ممكن من خلال قدرات الجيش".
"مع التركيز على سلاح البحرية، ولكن بسبب العبء الثقيل على المؤسسة الأمنية والعسكرية للاحتلال، والرغبة بإعطاء فرصة للتحالف الدولي للتحرك ضد الحوثيين، امتنع الاحتلال عن الردّ عليهم لعدة أشهر" بحسب هايمان.
وأوضح أنّ: "الاحتلال في الشهور الأخيرة هاجم الحوثيين مرتين، تركزت بتدمير بناهم التحتية للطاقة والتجارة، فيما تقتصر ضربات التحالف الدولي الواسع على قدراتهم العسكرية، بغرض إزالة التهديدات وحماية الممرات الملاحية".
واستطرد: "لكن شيئين أساسيين غابا تماما عن الطريقة التي تجري بها الحملة ضد الحوثيين، أولهما مهاجمة المرسل والممول، وهي إيران، والروح الحية التي تقف وراء السهام القادمة من اليمن، وبالتالي فإن التحالف الدولي وإسرائيل يردان مباشرة على الوكيل، وليس على اليد التي تهز المهد".
وأشار إلى أن: "الشيء الثاني الغائب عن الضربات الإسرائيلية الدولية للحوثيين هو عدم التركيز على القيادة والسيطرة، أي أنه لا توجد حملة واسعة ومستمرة لإضعاف الحوثيين بطريقة تؤدي لضغوط متزايدة، كما حدث ضد حماس وحزب الله في الحرب الحالية".
وبيّن أنّ: "الأمر الذي يستدعي القيام بالشيء الصحيح الذي ينبغي عمله ضدهم، وهو حملة مستمرة، وليس عملية واحدة، وهي بحاجة لقدرات استخباراتية وهجومية أخرى".
إلى ذلك، زعم أن "الاحتلال مطالب ببناء القدرة التشغيلية التي تسمح بقدر أكبر من المرونة والدقة، ومثل هذه القدرات، وعلى هذه المسافة من إسرائيل، تتطلب جهازا مختلفاً يقودها، وينسق بين القوات الجوية والبحرية".
وأردف: "على أن تتمتع البحرية بميزة كبيرة في هذه الحرب، ولكن بعيداً عن القدرات التكتيكية، فإن الاحتلال مطالب بحملة عسكرية تعمل ضد الحوثيين كمنظومة عسكرية، مع التذكير بأن نهاية حرب غزة ستنهي الحرب ضد الحوثيين".