كتب- محمد شاكر:

أثارت تصريحات عالم المصريات الشهير الدكتور زاهى حواس، حول عدم وجود ذكر للأنبياء في الآثار المصرية القديمة، جدلا واسعا، حيث قال "مفيش عندنا دليل على وجود بني إسرائيل في مصر، ولا يوجد في الآثار أو الكتب التاريخية ما يثبت وجود سيدنا إبراهيم أو سيدنا موسى في مصر".

وأصبح السؤال الذي يطرح نفسه هو ما سر عدم وجود ذكر لأنبياء الله إدريس ويوسف وموسى في النصوص المصرية القديمة، رغم أن وجودهم واقع ديني.

ومن جانبه أوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، أن الحملة طرحت هذا السؤال على خبراء الآثار وخلصت إلى أن السبب فى ذلك ربما لإخفاء حقيقة الدعوة إلى الله الواحد الأحد، لأن كل الأنبياء دعت إلى عبادة إله واحد، وهذا الأمر كان لا يتناسب مع كهنة المعابد، ويستحيل لحكام مصر القديمة تكليف الكتبة بتسجيل هذه الأحداث نقوشًا على جدران المعابد والمقابر أو البرديات.

ورغم أن الفكر الديني المصري في معظمه أصله فكر سماوي ولكن أدخل عليه التحريف وتم تنسيبه لأرباب من دون الله، وتلك الأرباب ربما كان معظمها أنبياء أو أشخاص صالحين لهم معجزاتهم وكرامتهم، ومنها تصوير أحداث يوم الحساب بما فيه وزن القلب، وذكرت الآية 89 سورة الشعراء "إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ".

وأضاف ريحان: المدن وأماكن السكن كانت أكثر الأماكن عرضة للتدمير بفعل كثرة الاستخدام من أجيال كثيرة وهو ما قلل فرصة أن نجد مصادر عنهم، فضلًا عن أن هناك أشياء كثيرة في النصوص المصرية تحتاج إلى تمصير وتحقيق علمى.

وتابع ريحان بأن آراء الخبراء تضمنت وجود الطهارة وختان الذكور والدعوة للزواج والقيم وفضل الأم فى مصر القديمة وغيرها من العبادات والتى تدل على وجود دين ودعوة سابقة، كما تشير نقوش تل العمارنة إلى إيمان المصريين برسالة سيدنا موسى ويمكن مراجعة النص الموجود فى معبد إخناتون بتل العمارنة مع سفر التكوين للتوراة ومع ما قاله وكتبه جيمس هنرى بريستد فى كتابه فجر الضمير، وكذلك الإشارات عن أسطورة خلق العالم فى تاسوع هليوبوليس مع المفاهيم الدينية عن سيدنا ادريس وما تم ذكره تاريخيًا عن نشأة الخلق وتاريخ الكتابة عند المصريين من خلال أسطورة إيزيس وأوزيرس، كذلك ما كتبه الدكتور عبد العزيز صالح عن حفائر مدينة أونو وبخاصة عام 1983 عندما أعلن الكشف عن صوامع غلال عملاقة فى حفائر مدينة أونو بعرب الحصن بمدينة القاهرة وعن علاقة تلك الصوامع بفترة سيدنا يوسف ونشر مقالة علمية في مجلة JEA عن تلك الاكتشافات عام 1983، ولا يوجد نصوص مباشرة على الآثار المصرية غير نصوص تل العمارنة.

ونوه الدكتور ريحان إلى أن كهنة المعابد وفى مقدمتهم كهنة آمون واجهوا الديانة الآتونية بقوة على الرغم من أن زعيمها ملك ورأس دولة وصاحب عاصمة، وقاموا بمحو آثاره وأجبروا توت عنخ آمون إلى العودة الإجبارية، ولذلك فمن المستحيل أن يسمح هؤلاء الكهنة بتسجيل وتوثيق دعوة إلى عبادة الله الواحد الأحد، كما أن الأنبياء في نظرهم كانوا أعداءً للدولة والديانة الأساسية لذا لا يوجد أى شىء لهم وهو شيء طبيعى جدًا

كما أن الأنبياء في نظرهم كانوا أعداءً للدولة والديانة الأساسية لذا لا يوجد أى شىء لهم وهو شيء طبيعى جدًا، وأن المصرى القديم نظر للأنبياء باعتبارهم أجانب، حتي نبي الله يوسف رغم المكانة الذى وصل إليها ومن نسله جاء موسي عليه السلام، وتربي بصفته ابن لملك مصر وزوجته وحين جهر سيدنا موسي بدعوته آمن به بعض المصريين، ولكن لا نعلم هل تم تدوين ذلك أم لا، وفق "ريحان".

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: لقاح أسترازينيكا مقاطعة الأسماك الطقس أسعار الذهب التصالح في مخالفات البناء سعر الدولار سعر الفائدة رد إسرائيل على إيران الهجوم الإيراني رأس الحكمة فانتازي طوفان الأقصى الحرب في السودان عالم المصريات زاهى حواس لا یوجد

إقرأ أيضاً:

وهكذا تتمثل البصائر الخاشعة آباء الأنبياء!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

من قرأ مؤلفات المفكر الكبير عباس محمود العقاد، وهي تزيد  على المئة، يعرف انه عندما يتناول فكره، فانه يبحث في كل جوانبها، بحيث انه يلقي الضوء كاملا على كافه أبعادها ولايترك زاوية فيها إلا هو يمحصها، ولهذا تجد الجميع يشهد له بانه فعلا مفكر متميز لديه قدره هائله على الدراسة والبحث والتحليل وقدرة فائقة على الاستنتاج والطرح.

وكتابه الرائع "عبقريه محمد" يشهد أيضا بهذا فقد ظل ثلاين عاما  يقرأ جيدا فى السير التى تناولت حياة خير خلق الله أجمعين ويفكر وقد أعترف بهذا فى مقدمة الكتاب وبرر لماذا ظل ثلاثين عاما يدور فى فلك عبقرية الرسول الأعظم سيدنا محمد قارئًا ودارسا ومحللا وذلك بعد أن طرح عليه بعض أصحابه أن يضع كتابا عن سيدنا محمد على النمط الحديث وقد كتب فى مقدمة كتابه:

‫ فأنني لو كتبته يومئذ  لعدت إلى كتابته الآن من جديد، واحتجت إلى السنين الثلاثين أضيف خبرتها وقراءتها وریاضتها النفسية والفكرية إلى محصول ذلك العمر الباكر أذ هو عمر يستطيع المرء أن يمتليء فيه اعجابا بمحمد، لأنه عمر الأعجاب والحماسة الروحية. بيد انه لا يستطيع أن يقيسه بمقياسه وان يشعر بشعوره في مثل تجاربه، وفي مثل السن التي اضطلع فيها بالرسالة. وان تقارب السن هنا  لضرورة لا غنى عنها لتقريب ذلك الأمد البعيد من شتي نواحيه...

وقبل أن يتحدث عن جوانب العبقرية في سيدنا محمد كان عليه أن يتحدث عن علامات ميلاده فقال عنها:

 كان عالما متداعيا قد شارف النهاية.. خلاصة ما يقال فيه: انه عالم فقد العقيدة كما فقد النظام.. أي أنه فقد أسباب الطمأنينة في الباطن والظاهر.. طمأنينة الباطن التي تنشأ من الركون إلى قوة في الغيب، تبسط العدل، وتحمي الضعف، وتجزي الظلم، وتختار الأصلح الأكمل من جميع الأمور.

‫ وطمأنينة الظاهر التي تنشأ من الركون إلى دولة تقضي بالشريعة، وتفصل بين البغاة والأبرياء، وتحرس الطريق...

 أما الأمة فهى  ليست بذات دولة ولكنها تتأهب لاقامة دولة.. وهي أمة العرب وقد تيقظت لوجودها وشعرت بمكانتها، كما شعرت بالخطر عليها وبمواضع النقص منها.

ثم تحدث ‫عن القبيلة في تلك الأمة، فقال لها شعبتان: احداهما من أصحاب الترف والطمع واستبقاء ما هو قائم كما كان قائما على هواها. والأخرى من أصحاب التقوى والسماحة والتوسط بين مقام القوي الذي يجور ويطغى، ومقام الضعيف الذي يحتمل الأذى، ويصبر على الكريهة.

‫ ثم أنتقل إلى بيت جد النبي صلى الله عليه وسلم وهو بيت  له كرم النسب العريق وليس له لؤم الثروة الجامحة والكبرياء الجائحة، والقسوة على من دونه من المحرومين.. ذلك هو بيت عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم وهومن صميم قريش ومن  ذؤابتها العليا وله الرفعة والشرف، وان لم يكن معدودا من أثرياء القبيلة القرشية في ذلك الأوان.

‫  وقد وصف  المفكر الكبير جد النبي صلى الله عليه بأنه رجل قوي الخلق قوي الايمان فيما آمن به، حكيم مع قوة طبعه وشدة ايمانه، خليق أن ينجب العقب الذي يبشر بدعوة وينضح عن دين. نذر لئن عاش له عشرة بنين لينحرن أحدهم عند الكعبة.. ثم أحله قومه وأحلته العرافة من نذره، فأبى أن يتحلل حتى يستوثق من رضى الرب ورضى ضميره...

وكان أب النبى الكريم له الكلمات المضيئة إذ قال عنه: وإذا كان عبد المطلب جدا صالحا لنبي كريم، فابنه عبد الله نعم الأب لذلك النبي الكريم. ‫ لكأنما كان بضعة من عالم الغيب، أرسلت إلى هذه الدنيا لتعقب فيها نبيا وهي لا تراه. ثم تعود ‫ كان أنسانا من طينة الشهداء، يتجه اليه القلب الانساني بكل ما فيه من حب وحنو ورحمة فهو الفتى الذي اسمه عبد الله والذي اختير للفداء، فجاشت له شفقة قومه حتى تركه لهم القدر إلى حين وهو الفتى الذي تحدثت الفتيات في الخدور بوسامته وحيائه، وودت مئات منهن لو نعمن منه بنعمة الزواج وهو الفتى الذي أقام مع عروسه ثلاثة أيام...ثم سافر ليتجر فإذا هي السفرة التي لا يؤوب منها الذاهبون وهو الفتى الذي مات وهو غريب، وولد له نسله الكريم وهو دفين. وهكذا تتمثل البصائر الخاشعة آباء الأنبياء والسلالة التي تصل بين الآخرة والدنيا وبين عالم البقاء وعالم الفناء.

 

الاسبوع القادم باذن الله أكمل قراءة الكتاب الرائع "عبقرية محمد" للمفكر عباس محمود العقاد 

مقالات مشابهة

  • القصة الكاملة لكسر تمثال أثري.. مصطفى بكري يقدم طلب إحاطة.. وزاهي حواس: خطأ بسيط
  • بعد حسم زاهي حواس للجدل.. معلومات عن تمثال سقارة
  • زاهي حواس .. أول تعليق من عالم الآثار على كسر تمثال سقارة ومفاجأة غدًا
  • زاهي حواس: تمثال سقارة الأثري لم يتعرض لأي خدش أو كسر خلال الاستخراج
  • بعد تحطيم «تمثال سقارة».. مصطفى بكري يتهم زاهي حواس بارتكاب جريمة في حق الآثار المصرية
  • زاهي حواس يكسر تمثالا فرعونيا أثريا.. ويكشف التفاصيل
  • القصة الكاملة لتحطيم تمثال سقارة.. مصطفى بكري يتهم زاهي حواس والأخير يعترف: خطأ بسيط
  • وهكذا تتمثل البصائر الخاشعة آباء الأنبياء!
  • زاهي حواس يرد على أزمة تسببه في كسر تمثال أثري: خطأ بسيط
  • مصطفى بكري يتهم زاهي حواس بتحطيم تمثال: جريمة في حق الآثار