بريطانيا فى السودان : القاتل الصامت
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
(1) عند تحليل الموقف البريطاني من الحرب الجارية فى السودان واخرها التأثير البريطاني مساء الإثنين (29 ابريل 2024م) وتغيير اجندة جلسة شكوى السودان ضد الأمارات إلى جلسة تشاور عن مدينة الفاشر، وبالتالى استبعاد حضور مندوب السودان ، و لفهم الموقف بصورة عميقة لابد من الوقوف والاشارة إلى عدة النقاط ومحطات لانها تعطى صورة مكملة للمشهد ،
– بحث بريطانيا عن دور فى الساحة الدولية بعد الخروج من الاتحاد الأوربي ، و تركيز جهودها على المستعمرات السابقة ، ومناطق قلة الاستقطاب مع القوتين الكبيرتين (امريكا وروسيا) وتجنب حساسية فرنسا ، ولذلك انصب تركيزها على السودان ، وهو محاولة العودة للساحة الدولية كقوة فاعلة وجاءت مساهمتهم فى اسناد اسرائيل فى حربها على غزة انطلاقا لهذا المفهوم وامتدادا لوعد بلفور وهو كذلك ما يفسر دورها فى (مناورات إيران – إسرائيل).
– والنقطة الثانية هى تحالف المال مع السلطة ، ومن ناحيتين ، منها قوة تاثير رجال الأعمال من اصول سودانية (مو ابراهيم واسامة داؤد و انيس حجار) فى تشكيل الموقف البريطاني وصلتهم من ناحية أخري مع دول فى المحيط الاقليمى ، وكلها مخططات لتفكيك الدولة السودانية منذ العام 2018م أو ما نسميه (خارطة الطريق) ، ومعروف الدور البريطاني ومساهمتها فيما جرى خلال خمس سنوات (2019م- 2024م) لدرجة دفع بريطانيا رواتب رئيس مجلس الوزراء السابق عبدالله حمدوك وفريق مكتبه ،
– والنقطة الثالثة هى الشعور بالاذلال والرغبة فى الإنتقام ، منذ مقتل غردون باشا فى 26 يناير 1885م على يد قوات المهدية لم تتوقف مغامرات بريطانيا ضد السودان والسودانيين ، ولم تكفيها كل مجازرها منذ 1885م وحصار السودان برا وبحرا وحملة كتشنر واستخدام مدافع ضد مدنيين وحرق قري ومناطق كاملة امتدت من عكاشة فى اقصي الشمال وصولا إلى القلابات فى الشرق وبدات المعارك فى 1899م واستمرت عامين وقتل فى كررى وحدت اكثر من 22 الف وحتى الجرحى و الاسري تم قتلهم ونهبت العاصمة أمدرمان وكتب ونستون تشرشل فى مذكراته كيف لطخ كتشنر حملة بقتل الجرحى والاسري.. هذا تاريخ قديم ..
ودون أن ننسى فترة الاستعمار حتى 1955م ، وفظائعها..
ومع مواقف نادرة للسلطات البريطانية اوائل حكم عبود (1958م-1964م) ، فإن المواقف البريطانية عدائية ضد السودان مما أدى لطرد السفير البريطاني فى يونيو عام 1995م ، ومرة اخرى 2021م ، وكان مصدر بمجلس السيادة الانتقالي قد كشف لوسائل اعلام سودانية (أنهم طلبوا من د.حمدوك 3 مرات طرد السفير البريطاني ولكنه لم يستجب)..
وهناك اسباب جوهرية تؤثر على قرار د.عبدالله حمدوك ، فقد غادر اثيوبيا فى اكتوبر 2018م إلى العاصمة لندن وبقي هناك لأكثر من شهرين ، كانت تلك مرحلة تشكيل مجموعات الضغط الخارجي وتقوية التأثير البريطاني على مسار الاحداث فى السودان ، وخاصة بعد تسرب لقاء رجال اعمال سودانيين بريطانيين مع حمدوك فى اديس ابابا وبصحبتهم الفريق اول صلاح قوش والذي اصبح دوره مؤثرا فيما جرى 11 ابريل 2019م ..
(2)
فى مايو 2023م ، وبعد اندلاع الحرب بأيام فوجىء اعضاء مجلس النواب البريطاني بتحليل وقراءة متكاملة للمشهد اعدته جهة ما وهو مشروع يعبر تماما عن وجهة نظر مليشيا الدعم السريع ؟.. تلك كانت صورة لحجم تاثير أطراف (ما) على القرار البريطاني الرسمي والذي شعر بالغبن من مواقف المجلس العسكري الانتقالي من السفير البريطاني والمشروع البريطاني ممثلا فى (الإتفاق الإطاري) ، ولذلك لم تلتزم السلطات البريطانية بالدعوة لإيقاف الحرب ، بل سعت فى منابر دولية وإقليمية إلى تعزيز موقف مليشيا الدعم السريع ، سواء كان ذلك فى ابتدار مشروعات قرارات أو افشال اخري أو دورها فى منظمات حقوق الإنسان أو استضافتها لاجتماعات وناشطين من دعاة الحرب..
بل أن خبراء اشاروا إلى وجود صواريخ ارض جو جافلين من سلاح النخبة البريطاني بايدى قوات المليشيا وفى مناطق سكنية واعيان مدنية ، لقد اصبحت بريطانيا (القاتل الصمت فى السودان)..
صمتت بريطانيا عن مقتل 15 ألف مواطن السوداني فى الجنينة وعن دفن 2 ألف جريح واسير فى اردمتا بعد اجبارهم على حفر قبورهم ، وابادة القري فى غالب اقليم دارفور..
صمتت بريطانيا وهى تستضيف منظمات حقوق الإنسان عن جرائم تهجير 8 ملايين من الخرطوم واحتلال منازلهم والتحصن فى مراكز خدمات كالكهرباء والاتصالات والبترول ، ولم تنبس بريطانيا بكلمة..
صمتت بريطانيا عن القتل والنهب والسلب فى ولاية الجزيرة ومحاولة افقار المواطنين واخضاعهم وابتزازهم..
صمتت بريطانيا عن القتل الممنهج فى جنوب كردفان وهبيلا والدبيبات لمواطنين لا تربطهم صلة بالحكم..
وصمتت بريطانيا على اكثر الجرائم الإنسانية بشاعة (الاغتصاب تحت تهديد السلاح و اخذ السبايا وبيعهن فى اسواق النخاسة)..
ومع هذا ما زالت بريطانيا مساندة للتمرد المليشي واعوانه ، فقط لان تحت سلاح المليشيا يمكن ولادة جديدة لمشروع الإطاري واحلام السيطرة البريطانية..
و لذلك فإن الموقف البريطاني من شكوى السودان هو امتداد طبيعي لدورها ضد أهل السودان وتطلعاتهم منذ ايام الاستعمار ، وهى غيبوبة عززتها غريزة الاستعلاء البريطاني على مستعمراتها السابقة دون ان تفكر فى نتائج افعالها وقراراتها..
وهذه حقيقة لابد أن يدركها صناع القرار فى السودان والفاعلين فى المشهد ودعاة حقوق الإنسان وجماعات الضغط واحرار العالم..
د.ابراهيم الصديق على
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: بریطانیا عن فى السودان
إقرأ أيضاً:
«تريندز» يعقد حوارات بحثية مع أبرز المؤسسات الفكرية البريطانية
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةفي إطار استراتيجيته لتعزيز الشراكة البحثية الدولية، وضمن جولته البحثية في العاصمة البريطانية، عقد مركز تريندز للبحوث والاستشارات جلستين حواريتين منفصلتين في العاصمة البريطانية لندن، مع اثنتين من أبرز المؤسسات الفكرية البريطانية، وهما المعهد الملكي للشؤون الدولية «تشاتام هاوس»، والمعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، وتمت خلال الجلستين مناقشة فرص التعاون البحثي في مجالات عدة منها الذكاء الاصطناعي وقضايا بحثية تتصل بدراسات مثل الدفاع والطاقة النووية، والأمن السيبراني، والدبلوماسية الثقافية، والإسلام السياسي، وذلك في ظل التحديات العالمية المتزايدة.
وفي الجلسة الأولى، التقى وفد «تريندز» نخبة من الباحثين في «تشاتام هاوس»، على رأسهم جون جينكينز، الزميل الأول والدبلوماسي البريطاني السابق، وعزيزة الدرعي، الزميلة المشاركة في المعهد، إلى جانب عدد من الخبراء والباحثين، حيث تم تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز الدبلوماسية الثقافية كوسيلة لتسوية النزاعات. كما ناقش الطرفان سبل التعاون في مجالات البحث العلمي، وتنظيم الفعاليات الفكرية، ونشر الدراسات المتخصصة لدعم صناع القرار في المنطقة والعالم.
وأشاد الدكتور محمد العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، بالدور الذي يلعبه «تشاتام هاوس» في تقديم تحليلات معمّقة حول القضايا الدولية، مؤكّداً أهمية تبادل الخبرات البحثية لتعزيز الاستقرار العالمي.
من جانبه، عبّر جون جينكينز عن تقديره للأبحاث التي ينتجها «تريندز»، مشيراً إلى أنه استفاد من بعض مؤلفات المركز حول الإسلاموية وحركة الإخوان المسلمين.
وأضاف أن منطقة الشرق الأوسط تشهد تغيّرات متسارعة، ما يجعل الحوار المباشر مع الباحثين من المنطقة ضرورة لفهم المشهد بعمق أكبر.
بدورها، قالت عزيزة الدرعي: «لقد كان من دواعي سروري استضافة زملائنا من مركز تريندز»، مشيرة إلى أن النقاش كان مثمراً وتناول القضايا التي تهم المنطقة، بالإضافة إلى القضايا العالمية ذات الأهمية البحثية لتشاتام هاوس.
تعاون مع «RUSI»
أما الجلسة الثانية، فقد انعقدت مع المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، حيث ترأس وفد «تريندز» الدكتور محمد العلي، وتمت مناقشة فرص التعاون البحثي في قضايا الدفاع والطاقة النووية والأمن السيبراني والابتكار والذكاء الاصطناعي.
وخلال اللقاء، اصطحبت أماندا، مديرة معلومات المكتبة في RUSI، وفد «تريندز» في جولة تعريفية داخل مكتبة المعهد، التي يعود تاريخها إلى عام 1895، حيث اطلع الوفد على ما تحويه المكتبة من مواد تاريخية وموسوعات علمية، وتعد مركزاً عالمياً للتعلم والمعرفة، كما أضافت المكتبة تقريراً بحثياً جديداً من إصدارات «تريندز» إلى مقتنياتها، تأكيداً على أهمية التعاون المعرفي بين المؤسستين.
وأكّد الطرفان أن البحث العلمي المشترك هو المفتاح لمواجهة التحديات العالمية، مشيرين إلى أهمية تعزيز التعاون بين المؤسسات البحثية لإنتاج دراسات معمّقة تساهم في تقديم حلول استراتيجية.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد العلي أهمية التعاون والشراكات لتحفيز الابتكار وتحقيق نتائج مؤثرة. وقال إن «تريندز» يسعى من خلال هذا التعاون إلى تبادل الخبرات والمعرفة مع(RUSI) لمواجهة التحديات.
عمق
رحّب المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) بالشراكة مع «تريندز»، مؤكّداً أن هذا التعاون يسهم في تعزيز البحث العلمي المشترك، ودعم الجهود الرامية إلى فهم القضايا الأمنية العالمية بعمق أكبر.
شراكات مستقبلية
أسفرت الجلستان عن اتفاق الطرفين على استكشاف مشاريع بحثية مشتركة في المجالات التي تم تناولها، وتنظيم فعاليات فكرية مستقبلية. كما تم الاتفاق على تبادل الإصدارات البحثية، وتعزيز التعاون في مجال النشر، بما يسهم في تقديم رؤى استراتيجية تدعم الباحثين والمهتمين والأكاديميين وصناع السياسات.