قالت منظمتا العفو الدولية والقسط لحقوق الإنسان، الثلاثاء، إن السلطات السعودية أصدرت حكما بحق مدربة اللياقة البدنية الناشطة في مجال حقوق المرأة، مناهل العتيبي (29 عاما)، بالسجن 11 عاما، في جلسة سرية في التاسع من يناير الماضي.

واعتبرت المنظمتان أن هذا القرار يتناقض مع حديث المملكة عن الإصلاح وتمكين المرأة.

 

وكشفت وثيقة رسمية سعودية عن الحكم في رد البعثة الدائمة للمملكة في جنيف على استفسار المقررين الخاصين للأمم المتحدة بشأن وضع المواطنتين مناهل العتيبي وفوزية العتيبي خلال جلسة حقوق الإنسان التي انعقدت في الأول من ديسمبر الماضي. 

واشتمل الرد المؤرخ بالخامس والعشرين من يناير الماضي على تفاصيل بشأن القبض على مناهل العتيبي والحكم الصادر بحقها. 

وذكرت السلطات أن "قوانين المملكة تكفل احترام مبدأ أصل براءة المتهم وأنه لا يجوز توقيع عقوبة جزائية بحق أي شخص إلا بعد ثبوت إدانته بارتكابه أمرا محظورا شرعا أو قانونا بعد محاكمة تقضي وفقا للمقتضى الشرعي". 

لكنّ منظمتي العفو الدولية والقسط لحقوق الإنسان قالتا إنه "حُكم على مناهل العتيبي في جلسة استماع سرية أمام محكمة مكافحة الإرهاب "المحكمة الجزائية المتخصصة" سيئة السمعة، ولكن لم يتم الكشف عن القرار إلا بعد أسابيع في الرد الرسمي للحكومة السعودية على الأمم المتحدة".

وقالت السلطات إنه جرى القبض على مناهل العتيبي في 16 نوفمبر 2022 وإيقافها في سجن النساء بمدينة الرياض بموجب مذكرة توقيف تم تمديدها "لاتهامها بارتكاب جرائم إرهابية". 

وأضافت أنه تم إبلاغ مناهل العتيبي بأسباب إيقافها وبحقوقها القانونية وأخذ توقيعها على علمها بذلك. 

وذكرت أن النيابة العامة أحالت أوراقها إلى المحكمة المختصة بعد توجيه الاتهام لها بالجرائم المسندة إليها بناء على أدلة كافية منها اعترافاتها أمام القضاء ومحاضر القبض والتفتيش والتقارير الفنية، وأنها حضرت جلسات محاكماتها ومحاميها الذي عينته باختيارها وعلى نفقة الدولة بناء على طلبها، كما حضر المدعي العام وممثلين من هيئة حقوق الإنسان. 

وأضافت أنه صدر بحقها حكم ابتدائي خاضع للاستئناف في التاسع من يناير 2024 بالسجن 11 عاما "لثبوت إدانتها بارتكاب جرائم إرهابية". 

وقالت السلطات السعودية أن العتيبي أدينت بارتكاب جرائم إرهابية لا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير أو بمنشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي. 

لكن لم يتضمن الرد الذي كتب في 14 صفحة الاتهامات التي على أساسها قررت المحكمة سجنها 11 عاما. 

كما لم يتضمن الرد أي حديث عن وضع فوزية العتيبي شقيقة مناهل، رغم استفسار الأمم المتحدة عنها أيضا. 

والثلاثاء، ووصفت منظمتا العفو الدولية والقسط لحقوق الإنسان إدانة العتيبي بارتكاب جرائم إرهابية بأنه أمر "سخيف". 

وذكر بيان المنظمتين أنه "وفقًا للبعثة الدائمة للمملكة العربية السعودية في جنيف، أُدينت مناهل العتيبي بارتكاب "جرائم إرهابية" سخيفة بموجب المادتين 43 و44 من قانون مكافحة الإرهاب الصارم في المملكة، والذي يجرم "أي شخص ينشئ أو يطلق أو يستخدم موقعا أو برنامجا على الحاسوب أو على جهاز إلكتروني... أو نشر معلومات عن صناعة أجهزة حارقة أو متفجرات أو أي أجهزة أخرى تستخدم في الجرائم الإرهابية"، وكذلك "أي شخص يبث أو يبث بأي وسيلة كانت" "نشر أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو نحو ذلك بقصد ارتكاب جريمة إرهابية". 

وأشارت المنظمتان إلى أن اعتقال العتيبي كان لأسباب تتعلق فقط باختيارها للملابس والتعبير عن آرائها عبر الإنترنت، بما في ذلك دعوتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى إنهاء نظام ولاية الرجل في السعودية، ونشر مقاطع فيديو لها وهي ترتدي "ملابس غير محتشمة"، والذهاب إلى المحلات التجارية دون ارتداء العباءة". 

وكانت وكالة فرانس برس قد قالت سابقا إنها اطلعت على وثائق المحكمة التي اتهمت مناهل العتيبي بقيادة "حملة دعائية لتحريض الفتيات السعوديات على استهجان المبادئ الدينية والتمرد على العادات والتقاليد بالمجتمع". 

ومناهل لاعبة ملاكمة ومحبة للسفر كان يتابعها على منصة "أكس" أكثر من 55 ألف شخص. 

وقالت المنظمتان إن عائلة العتيبي لم تتمكن من الوصول إلى وثائق المحكمة أو الأدلة المقدمة ضدها. 

واعتبرتا أن "إدانة مناهل والحكم عليها بالسجن لمدة 11 عاما ظلم مروع وقاس". 

وقالتا: "منذ لحظة اعتقالها، أخضعتها السلطات السعودية لسلسلة لا هوادة فيها من الانتهاكات، بدءًا من الاحتجاز غير القانوني بسبب دعمها لحقوق المرأة، وصولاً إلى الاختفاء القسري لأكثر من خمسة أشهر أثناء استجوابها سراً ومحاكمتها والحكم عليها وتعرضها للضرب المتكرر من قبل السلطات وآخرين في السجن". 

⚠️ تحرك عاجل: بعد 5 أشهر على اختفائها القسري، اتصلت السعودية المدافعة عن حقوق المرأة مناهل العتيبي بعائلتها، وأخبرتهم أنها قيد الحبس الانفرادي في سجن الملز، وهي مصابة بكسر في ساقها بعدما تعرّضت للضرب المبرّح، ولا يمكنها الحصول على الرعاية الطبية. pic.twitter.com/x3QTSMQzMS

— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) April 29, 2024

وقالت بيسان فقيه، مديرة الحملات المعنية بالمملكة العربية السعودية في منظمة العفو الدولية: "بهذا الحكم، كشفت السلطات السعودية عن خواء إصلاحاتها التي روجت لها كثيرا في مجال حقوق المرأة في السنوات الأخيرة، وأظهرت التزامها المخيف بإسكات المعارضة السلمية".

وتواجه شقيقتها فوزية العتيبي التي يتابعها 2.5 مليون شخص على تطبيق "سناب شات" اتهامات مماثلة، لكنها تمكنت من مغادرة البلاد قبيل توقيفها ومن ثم السفر والاستقرار في أسكتلندا حيث حصلت على لجوء سياسي، بعد استدعائها للاستجواب في عام 2022، بحسب المنظمتين. 

أدعو جميع مشجعي الأندية التي لها روابط استثمارية سعودية
للانضمام معنا في الدعوة لإطلاق سراح أختي مناهل من السجن.

قبل مباراة نيوكاسل يوم غدٍ، تطلب فوز العتيبي من المشجعين والمتابعين إلى دعوة السلطات السعودية للإفراج عن شقيقتها #مناهل_العتيبي. pic.twitter.com/KPkTH3qq1w

— القسط لحقوق الإنسان (@ALQST_ORG) April 26, 2024

وتقبع 52 امرأة على الأقل في السجون السعودية، وهن من بين 122 امرأة على الأقل تم اعتقالهن منذ 2015، في قضايا مرتبطة بحرية الرأي من بينهن طالبة الدكتوراه سلمى الشهاب المحكومة بالسجن 27 عاما، بحسب تقرير للمنظمة الأوروبية-السعودية لحقوق الإنسان ومقرها برلين.

ومنذ وصول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة في 2017، رُفع الحظر على قيادة المرأة للسيارة، وكذلك القوانين التي تتطلب الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة وارتداء العباءة السوداء، وبات بوسع النساء راهنا الخروج بدون غطاء للرأس.

لكن بعض الناشطين في مجال حقوق الإنسان يشككون في مدى عمق الإصلاحات فعليا، مشددين أن النساء وقعن في شرك حملة اعتقالات أوسع استهدفت منتقدي الحكومة.

وطالبت منظمتا العفو الدولية والقسط لحقوق الإنسان السلطات السعودية الثلاثاء بالإفراج الفوري عن مناهل العتيبي وجميع المعتقلين حاليا في المملكة بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: بارتکاب جرائم إرهابیة السلطات السعودیة حقوق الإنسان حقوق المرأة

إقرأ أيضاً:

حقوق الإنسان.. ورقة الغرب لابتزاز الأنظمة

ومنذ إطلاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 1948، تحولت مضامينه إلى مفاهيم مركزية وصار موضوع حقوق الإنسان معيارا يقاس به تقدم الدول وتراجعها، وتنتهك سيادة الدول ويتدخل في شؤونها تحت رايته.

وحسب الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية سعود الرمضاني، فإن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جاء نتيجة صراع كبير ونتيجة مصالحة تاريخية للإنسانية، مشيرا إلى أن هذا الإعلان صالح لأن يكون قاعدة عامة للبشرية جمعاء، لأنه مقدمته تتحدث عن الإنسان والبشر بغض النظر عن العرق والدين واللون والجنس.

في حين يعتقد المفكر المغربي محمد جبرون أنه بالرغم من النزعة العالمية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن نزعته تعكس منظورا غربيا للإنسان وللحقوق وللكرامة.

وعن إغفال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لبعض الحقوق الجماعية وفي مقدمتها حق تقرير المصير، يوضح أستاذ القانون الدولي في جامعة الكويت علي الدوسري -في مداخلته لبرنامج "موازين"- أن موضوع حق الدولة في تقرير مصيرها غير موجود في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكنه نوقش في الأمم المتحدة، وتم إقراره في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وعن التوظيف السياسي لمسألة حقوق الإنسان، يرى المفكر المغربي أن هناك ازدواجية غربية في التعامل مع موضوع حقوق الإنسان، إذ تستعمل ورقة حقوق الإنسان في ابتزاز الأنظمة، خاصة في العالمين العربي والإسلامي، ويتم السكوت عن انتهاكات تحدث في دول تجمعها مصالح وتحالفات مع بعض القوى الغربية.

وقال إن الدول الغربية تستعمل ورقة حقوق الإنسان حسب مزاجها وحسب مصالحها وأجندتها السياسية، مشيرا إلى أنه لا يمكن التعويل على هذه الدول لكي يتحسن الوضع الحقوقي في البلدان العربية.

ودعا المفكر المغربي العرب إلى التخلص مما سماها النظرة الرومانسية للمنظمات الحقوقية الغربية، لأن بعضها تكيل بمكيالين في قضايا حقوق الإنسان المتعلقة بخروقات واختلالات في العالم العربي، وقال إن هذه المنظمات لا تختلف عن الأنظمة.

ومن جهته، أشار الرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية -في حديثه لبرنامج "موازين"- إلى أن المنظمات الغربية ليست كلها منظمات تحترم حقوق الإنسان، كما أن هناك منظمات حقوق الإنسان في العالم العربية تساند الأنظمة المتسلطة.

وبشأن الرؤية الإسلامية والعربية المتعلقة بالحقوق والحريات، تحدث الرمضاني عن مستويين: الأول أن تكون للعرب ثقافة عربية إسلامية لها بعد أخلاقي أساسا، وتكون هي المرجعية في العلاقات الاجتماعية.

والمستوى الثاني هو أن الثقافة العربية والإسلامية ليس فيها تأكيد على الحرية الفردية، حرية المواطن في أن ينتخب ويكون له الحق في أن يكون حرا في دينه.

13/11/2024

مقالات مشابهة

  • بعد 40 عاماً.. محكمة فرنسية تأمر بالإفراج عن اللبناني جورج عبد الله
  • كرم جبر يشيد بأوضاع حقوق الإنسان في مصر
  • كرم جبر يعلن إطلاق الاستراتيجية الإعلامية لحقوق الإنسان اليوم
  • كرم جبر: أوضاع حقوق الإنسان في مصر شهدت تقدمًا كبيرًا خلال السنوات الماضية
  • مطالبات بضرورة وضع بروتوكول للتبادل التجاري لإعادة حركة التجارة البينية بين ليبيا وتونس
  • القومي لحقوق الإنسان ينعى شقيقة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب
  • حقوق الإنسان.. ورقة الغرب لابتزاز الأنظمة
  • إسرائيل تقصف ريف حمص في وسط سوريا
  • «البعثة الأممية لحقوق الإنسان»: سيناريو قطاع غزة يتكرر في لبنان
  • مجلس الأمن يناقش المجاعة في شمال غزة