عام من الحرب.. أمدرمان: قصف مدفعي وندرة في الغذاء والدواء
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
ندرة المواد الغذائية دفع مواطني أمدرمان إلى الاستعانة بـ(التكايا) لسد حاجتهم من الطعام في ظل انعدام السيولة النقدية وعدم توفر فرص عمل
أمدرمان: التغيير
تعيش مدينة أمدرمان أوضاعا إنسانية وأمنية سيئة في ظل استمرار القصف المدفعي المتبادل بين طرفي الصراع، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والعلاج مما أثر على حياة المواطنين العالقين في تلك المنطقة بعد مرور عام من حرب 15 أبريل.
ندرة المواد الغذائية دفع مواطني أمدرمان إلى الاستعانة بـ(التكايا) المطابخ الجماعية لسد حاجتهم من الأكل والشراب في ظل انعدام السيولة النقدية وعدم توفر فرص عمل.
تقول المواطنة فاطمة عبد المحمود لـ«التغيير» إن أسعار المواد الغذائية أصبحت مرتفعة جدا وأغلب المواطنين لا يستطيعون الحصول عليها بعد توقف الرواتب لأكثر من عام.
وأوضحت فاطمة، أن الأسعار بعد شهر رمضان ارتفعت بشكل جنوني، إذ وصل كيلو اللحمة البقري من 6-10 آلاف، والضأن من 9 إلى 14 ألفا، وطبق البيض من 4-8 آلاف، والسكر الـ (10) كيلوات ارتفع إلى 17 ألفا.
وبدوره، عزا التاجر أحمد يوسف، ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى عدم توفرها في الأسواق المحلية.
وأكد يوسف لـ«التغيير»، أن ارتفاع تكاليف الترحيل انعكس على السوق خاصة وأن أغلب المناطق خرجت عن دائرة الإنتاج.
وأشار يوسف، إلى أن زيادة الدولار الجمركي انعكس بشكل مباشر على السلع والخدمات، لأن أغلب السلع الموجودة الآن في الأسواق مستوردة من الخارج بعد توقف المصانع المحلية التي دمر أغلبها جراء الاشتباكات بين طرفي الصراع.
وطالب حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بإعادة النظر في قرار رفع الدولار الجمركي لأنه زاد من معاناة المواطنين والتجار وأدى إلى ركود في الأسواق رغم توفر جزء كبير من السلع.
الأوضاع الأمنية
لم تتعاف مدينة أمدرمان خاصة الأجزاء الشمالية الشرقية المتاخمة لوادي سيدنا والحارات الغربية المتاخمة لمحلية أمبدة من آثار الحرب، وظلت تشهد قصفا مدفعيا بشكل مستمر مما أجبر بعض المواطنين لمغادرة منازلهم.
يقول المواطن محمد خالد “اسم مستعار”، لـ«التغيير»، إن مناطق ود البخيت والمنارة تشهد يوميا قصفا مدفعيا مكثفا من قوات الدعم السريع المتمركزة شرق النيل بمحلية بحري شمال الخرطوم.
وأكد خالد أن بعض المواطنين تركوا منازلهم، والبعض الآخر ما يزال موجودا بسبب الظروف الاقتصادية مفضلا الموت في المنزل على الخروج بعد أن “قنعوا من توقف الحرب فقط.. ينتظرون يومهم”. على حد تعبيره.
ولم تسلم مناطق غرب الحارات بمحلية كرري من القصف المدفعي الذي يأتي من محلية أمبدة غرب الخرطوم، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وتقول المواطنة بتول محمد إن الحارة التي تسكن فيها شهدت لثلاثة أيام متتالية قصفا عشوائيا نتج عنه مقتل شخص وجرح آخرين تم إسعافهم إلى مستشفى النو.
وبالمقابل يقصف الجيش السوداني أماكن تمركز قوات الدعم السريع في شمال بحري، وجنوب الحزام، وحارات أمبدة ومنطقة الصالحة جنوب أمدرمان التي يوجد بها معسكر لقوات الدعم السريع، وأغلب المصابين بسبب القصف يتم نقلهم إلى مستشفى النو.
ويعد مستشفى النو بمحلية كرري شمال أمدرمان المستشفى الوحيد الذي يعمل في المدينة بعد خروج العشرات من المشافي عن الخدمة بسبب الاشتباكات بين طرفي الصراع”.
ويعاني المواطنون من ارتفاع الخدمات الطبية بعد توقف العلاج المجاني الذي كان يتبع للدواء الدوار الذي تدعمه ولاية الخرطوم.
وأوقفت وزارة الصحة بولاية الخرطوم، على نحو مفاجئ، توزيع العلاج المجاني بمستشفى النو، وكشف الناشط في العمل الطوعي مؤمن ود زينب، عبر صفحته الشخصية بالفيسبوك، عن إغلاق وزارة الصحة بولاية الخرطوم صيدلية توزيع الدواء المجاني بمستشفى النو، وفتح صيدلية أخرى للبيع بالأموال.
وقالت المسؤولة السابقة بوزارة الصحة السودانية د. نهال الطيب في تصريح سابق لـ«التغيير»، إن ولاية الخرطوم أوقفت العلاج المجاني بمستشفى النو للحصول على أموال لتسيير دواليب الدولة الذي يعاني من شح في الموارد.
وأوضحت أن القرار لم يراع الظروف المادية والإنسانية التي يعيشها المواطنون في مناطق الصراع.
فيما أكد مصدر طبي -فضل حجب اسمه- أن تكلفة العلاج أصبحت مرتفعة جدا وأغلب المواطنين لا يستطيعون الحصول عليها خاصة بعد توقف العلاج المجاني.
وأضاف المصدر لـ«التغيير»: “رسوم الفايل في مستشفى النو ارتفع إلى (27) ألف جنيه، وهذا المبلغ لا يتوفر لأغلب المواطنين المحاصرين دخل الولاية لأكثر من عام.
وتابع المصدر:، المتطوعون الذين يعملون داخل المستشفى يواجهون ضغوطا مستمرة من مكتب الجهاز الموجود داخل المستشفى، مما جعل أغلبهم يترك العمل.
ووصفت الحالة داخل مستشفى النو بالسيئة التي تطلب من المنظمات العاملة في مجال الإنسان المحلية والعالمية بالتدخل الفوري لإنقاذ الموقف.
نهب وسرقات
شكا مواطنون من التفلتات الأمنية التي تشهدها المنطقة خاصة من قبل المستنفرين وبعض الجنود الذين يرتدون زي القوات المسلحة.
وقالوا إن بعض الجنود يمارسون نهب الهواتف والأموال خاصة في الفترات المسائية، إلى جانب نهب بعض منازل المواطنين في مناطق أمدرمان القديمة التي استردها الجيش من الدعم السريع بعد قتال شرس أجبر قوات الدعم السريع للانسحاب منها.
وقال مصدر بالجيش السودان لـ«التغيير»، إن الشرطة العسكرية ولجنة الأمن بالولاية تعملان على ضبط الظواهر السلبية داخل مدينة أمدرمان بعد وصول شكاوى من بعض المواطنين حول تعرضهم للنهب من جنود يرتدون زي الجيش.
وأكد المصدر، أن الشرطة العسكرية في الأيام الماضية اشتبكت مع بعض المتفلتين بمحلية كرري، بعد أن رفض الجنود الانصياع للتعليمات العسكرية بالتفتيش عن المسروقات.
وشدد المصدر على حسم جميع الظواهر السلبية في منطقة أمدرمان تمهيدا لعودة المواطنين إلى منازلهم التي أجبروا على الخروج منها تحت تهديد السلاح.
وفي ظل تلك الظروف التي تعيشها مدينة أمدرمان من ارتفاع في أسعار السلع والانقطاع المتكرر لشبكات الاتصال والكهرباء والمياه والتردي البيئي والصحي، والتفلتات الأمنية ظهرت أصوات تنادي بعودة المواطنين إلى منازلهم، دون أن يعكسوا الحقائق كما هي حتى يقرر المواطنون العودة من عدمها.
الوسومأمدرمان الجيش السوداني الدعم السريع قصف محلية كرري محلية كرري
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أمدرمان الجيش السوداني الدعم السريع محلية كرري
إقرأ أيضاً:
هل تبنت الدعم السريع سياسة الأرض المحروقة باستهداف محطات الطاقة؟
الخرطوم- بعد 21 شهرا من الحرب في السودان، برز تطور جديد في ميدان المعارك بعدما قصفت قوات الدعم السريع عبر طائرات مسيرة انتحارية محطات طاقة لتوليد الكهرباء وتوزيعها مما أدى إلى انقطاع التيار بمناطق واسعة في الخرطوم وشمال البلاد وشرقها.
وعد مراقبون خطوة قوات الدعم السريع تحولا جديدا يقترب من سياسة الأرض المحروقة بعد أن تراجعت القوات عسكريا خلال الفترة الأخيرة.
ففي 13 يناير/كانون الثاني الجاري قصفت طائرات مسيرة انتحارية تابعة للدعم السريع محطة كهرباء سد مروي في الولاية الشمالية التي تنتج نحو 40% من الكهرباء في البلاد، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في عدة ولايات.
وفي 18 يناير/كانون الثاني الجاري أيضا استهدفت مسيرات الدعم السريع محطة كهرباء الشوك في ولاية القضارف، مما أسفر عن انقطاع الكهرباء المنتجة من سدي أعالي عطبرة وأدى إلى إظلام في ولايات القضارف وكسلا وسنار.
والأحد الماضي قصفت قوات الدعم السريع بمسيرات انتحارية محطة كهرباء دنقلا عاصمة الولاية الشمالية، وتبعا لذلك انقطع التيار الكهربائي في الولاية.
سد مروي في الولاية الشمالية ينتج نحو 40% من الكهرباء في السودان (رويترز) تداعيات الهجماتولم تؤثر الهجمات على أجسام السدود المستهدفة ولكنها أثرت على الخدمات الحيوية مثل المستشفيات ومحطات المياه، وإظلام المدن والأسواق مما زاد من حدة الأزمة الإنسانية، بجانب الخسائر المادية حيث يكلف المحول الواحد الذي يوزع الكهرباء مليوني يورو.
إعلانوكانت أكثر المناطق تأثرا العاصمة الخرطوم حيث انقطع التيار الكهربائي عنها منذ 8 أيام تأثرا باستهداف محول الطاقة في منطقة المرخيات.
كما تعطل نقل التيار الكهربائي للعاصمة بعد قصف سد مروي، واضطر المواطنون إلى جلب المياه من النيل مباشرة إثر توقف محطات المياه، وتوقفت كذلك العمليات في المستشفيات، وأغلقت مخابز أبوابها ورفعت أخرى أسعارها لتشغيلها بمولدات خاصة حسب مسؤول في حكومة ولاية الخرطوم تحدث للجزيرة نت.
وفي الولاية الشمالية يقول المزارع عمر ساتي الذي تحدث مع الجزيرة نت إنهم يخشون على محاصيلهم التي تعتمد في ريها على الكهرباء لا سيما وأن الموسم الزراعي الشتوي في مراحله الأخيرة، واضطر مزارعون إلى تشغيل مولدات تعمل بالديزل لسحب المياه من النيل مما يزيد من كلفة الإنتاج.
ويوضح مسؤول في وزارة الطاقة للجزيرة نت أن ولايات نهر النيل والبحر الأحمر والشمالية والخرطوم تأثرت بالقصف الذي حدث قبل أسبوع في سد مروي، وجرى إعادة التيار بعد صيانة ومعالجة مؤقتة ونقلت محولات من ولاية لأخرى لأن محولات السد لا يمكن شراؤها من الأسواق وإنما تصنيعها.
طوابير من سكان أم درمان للحصول على المياه الصالحة للشرب (الفرنسية) خسائر باهظةويكشف المسؤول الحكومي -الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته- أن المحول الواحد يكلف مليوني يورو، متهما قوات الدعم السريع بأنها تريد تعطيل الحياة في المدن والولايات التي لا توجد فيها بعد فشلها في تشغيل محطات الطاقة في الولايات والمناطق التي تسيطر عليها.
واعتبر وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة، خالد الأعيسر، أن قصف قوات الدعم السريع لمحطات الطاقة وخطوط نقل الكهرباء يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف، التي تحظر استهداف المنشآت الحيوية التي تقدم خدمات أساسية للمدنيين، كمحطات المياه والكهرباء مما يزيد من معاناة المواطنين.
إعلانوشدد في بيان له على ضرورة محاسبة قوات الدعم السريع والأطراف المسؤولة عن تزويدها بالطائرات المسيرة الإستراتيجية التي تستخدمها في ارتكاب هذه الجرائم.
وفي المقابل، نفى مسؤول في المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع صلتهم بقصف محطات الطاقة، وقال للجزيرة نت إنهم لا يملكون طائرات مسيرة.
ويتهم المسؤول -الذي طلب عدم الكشف عن هويته- طرفا ثالثا بأنه وراء ما حدث لمحطات الطاقة مما يعكس صراعا داخليا في دوائر السلطة.
انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع بسبب استهداف سد مروي (الصحافة السودانية) نشر الخوفمن جانبه، يقول الباحث والمحلل السياسي فيصل عبد الكريم إن قصف قوات الدعم السريع لمحطات الطاقة يهدف إلى تنفيس حالة اليأس لقواتها ورفع روحها المعنوية بعدما خسرت خلال شهرين ولايتي سنار والجزيرة وفشلها في نحو 170 هجوما على الفاشر.
وحسب حديث الباحث للجزيرة نت فإن قوات الدعم السريع تريد نشر الإحساس بعدم الأمان ونشر الخوف في الولايات الآمنة التي يسيطر عليها الجيش وزيادة الضغط على السكان، كما أن تدمير المنشآت الخدمية هي معاقبة للمواطن وليس الحكومة أو الجيش.
وأسهمت الهجمات المتعمدة للدعم السريع في تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان بشكل كبير، وحُرم ملايين المدنيين من الخدمات الأساسية، مما زاد من معاناتهم في ظل النزاع المستمر وفقا للمحلل.
وبدوره، يرى مركز فكرة للدراسات والتنمية أن هجمات الدعم السريع على محطات الطاقة غير مبررة على الإطلاق وتشكل أعمالا إرهابية صريحة ومخالفة للقانون الدولي.
وحسب تقرير حديث للمركز فإن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، تحظر الهجمات على البنية التحتية المدنية الأساسية لبقاء السكان، كما تعكس هذه الممارسات ازدراء قوات الدعم السريع الصارخ للمعايير الدولية والمبادئ الإنسانية.
ظلت قوات الدعم السريع منذ الأسابيع الأولى للحرب تستخدم طائرات مسيرة انتحارية مصنوعة من مكونات تجارية، بالإضافة إلى المسيرات الانتحارية، حيث امتلكت قوات الدعم السريع مسيرة من طراز كواد كابتر مصنوعة أيضا من مكونات تجارية، وبإمكانها إلقاء قذائف هاون من عيار 120 مليمترا.
وأسقط الجيش السوداني العديد من هذه المسيرات وعثر على صناديق تحتوي قذائف مخصصة لها، وفقا لصور ومقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل.
إعلان