تقرير.. "الغباري" بالواحات من أقدم دروب السفر وملتقى التجارة بين مصر والسودان
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
يعد درب الغباري بواحات الوادي الجديد من أقدم الدروب التي عرفها أهالي الواحات قديما، ويرجع عمر هذه الدرب إلى العصور الفرعونية والرومانية القديمة وذلك نظرا لأهميته البالغة خاصة أنه كان يربط واحة الخارجة بالداخلة لذلك فهو يعتبر من أقدم الدروب التي عرفها أهالي الواحات في التجارة والترحال ويبلغ طوله نحو 200 كم.
ويعتبر درب الغباري واحد من أقدم دروب الواحات ويربط مركزي الخارجة والداخلة وحتى الآن ما زال طريق درب الغباري موجودا وتم رصفه بالكامل وهو الطريق الرئيسي الذي يربط بين واحة الخارجة وواحة الداخلة ويستغرق السفر عليه بالسيارة ساعتين ونص.
توريد 85 ألف طن قمح لشون وصوامع الوادى الجديديقول الاثري حسن أبو جابر وباحث في تاريخ الواحات إنه تم العثور على كثير من المقتنيات الأثرية لعصور ما قبل الأسرات وبعض النقوش من الدولة القديمة بطريق درب الغباري فضلا عن وجود بعض الصخور من الحجر الرملى على طريق درب الغباري تأخذ أشكالًا متعددة على شكل الجمل الرابط عليها ببعض المخربشات لإنسان ما قبل التاريخ عليها رسومات ومخربشات قديمة لبعض الأشكال الحيوانية.
واوضح ان درب الغباري يعد من ضمن ثلاثة دروب شهيرة استخدمها قديما أهالي الواحات في الترحال والسفر والتجارة والحرب مثل درب الأربعين ودرب عين الأمور كما استخدم درب الغباري قديما من قبل الغزاة القادمين من شمال أفريقيا والذي هاجموا الواحات ونهبوا ثرواته.
توريد 85 ألف طن قمح لشون وصوامع الوادى الجديد
واكد ان طريق درب الغباري مقام عليه عدة مشروعات عملاقة مثل مشروع منجم فوسفات أبو طرطور وإحدى مراحل مشروع المليون ونصف فدان كما توجد عدة آبار رومانية قديمة موجودة على الطريق حتى الآن بالاضافه الي ان هناك عدة دروب فرعية أخرى من هذه الدرب منها لمحافظة أسيوط ومنها للسودان ومنها لليبيا وذلك نظرا لأهميته التاريخية والإستراتيجية الكبيرة.
ولفت الي ان هذا الدرب ساهم في تبادل الثقافات بين الواحات ودول المغرب العربي قديما وكانت تمر منه قوافل الحجاج لبيت الله الحرام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أهالي الواحات آفات استخدم أثري الدولة القديمة الحيوانية الحيوان ثقافات تبادل الثقافات من أقدم
إقرأ أيضاً:
أيامُ الناس في مِكناس (02) جسر الوجدان بين المغرب والسودان
أيامُ الناس في مِكناس (02)
جسر الوجدان بين المغرب والسودان
بقلم: عثمان أبوزيد
(عنوان الحلقة مقتبس من صديقنا الدكتور نزار عبده غانم وكتابه الشهير جسر الوجدان بين اليمن والسودان)
وشائج كثيرة ربطت بلادنا مع المشرق والمغرب. الأرض التي وضعها الله للأنام كانت مبسوطة للناس، يمشون في مناكبها ويأكلون من رزقها. صحيح أن السفر كان يستغرق أشهرًا لكنه سفر حر دون حواجز؛ لا جوازات سفر ولا إجراءات هجرة ولا تأشيرات.
الطريق إلى مكناس؛ خضرة على امتداد الأفق. المزارع أو الضيعات الفلاحية كما تُسمى هنا مجهزة على جانبي الطريق بالحراثة، ويا ربنا نسألك الغوث فقد تأخر نزول المطر هذا العام.
هنا منابت الزيتون، ومدينة مكناس سميت قديمًا بمكناسة الزيتون. وتشتهر المدينة بمعاصر الزيتون، ورأيت الزيتون الأبيض ينثر مع (الطاجِن) وله مذاق خاص.
خضرة مكناس منحت هذه المدينة لونها، وكأنني سمعت بأن لكل مدينة في المملكة المغربية لون خاص تتميز به، فالأخضر لون مكناس والأزرق الفاتح (السماوي) لون مدينة فاس، ومراكش لونها الأحمر…
أسأل الدكتور المحجوب بنسعيد (الإعلامي والباحث المغربي في الاتصال والحوار الحضاري)، عن ذلك، فيجيبني:
ليست للمدن المغربية كلها ألوان معينة. المشهور منها فقط هو مراكش الحمراء لأن منازلها باللون الترابي الأحمر الذي يوجد في أغلب مدن الجنوب لأنه مناسب للحرارة، وتوجد مدينة شفشاون الزرقاء لأن أغلب منازلها وأزقتها مصبوغة باللون الأزرق والأبيض رغم انها مدينة جبلية.
دكتور بنسعيد شملني برعاية كريمة استضافني في أسفاري وقد استوفت رعايته جُلَّ فوائد الإمام الشافعي في بيت شعره:
سافر ففي الأسفارِ خمسُ فوائدِ: تفريجُ همّ واكتساب معيشةٍ وعلمٍ وآدابٌ وصحبةُ ماجدِ…
أقول لبنسعيد: وجدت شبهًا بين وجبة (الطاجن) عندكم وبين (الدمعة) السودانية، فيجيب: أوجه الشبه كثيرة. لما ذهبت إلى السودان صحوت على أصوات الأذان بالإيقاع نفسه في المغرب، ثم يُسمعني التلاوة الحسانية للقرآن الكريم برواية ورش، هي تقريبًا نفس ما نسمع في السودان. ظلت هذه الرواية هي السائدة في خلاوينا حتى دخلت رواية حفص مع المصريين ولم يتقبلها شيوخ الإقراء أول الأمر وسموها (قراية الحكومة)!
من ينقب في تاريخ العلاقات بين المغرب والسودان، يعثر على شواهد كثيرة حقًا. ولا يتسع مقال عاجل في استيعاب تلك المشاهد ونشير إلى بعضها، فالمغاربة حين اتخذوا السودان طريقًا لحجهم استوطنوا السودان ولهم مصاهرات أنجبت المغاربة المعروفين على امتداد الوطن، وأشهرهم الشيخ زروق المعروف.
قابلت في ندوة مكناس أحد المشاركين المغاربة اسمه عبد الرحيم الجزولي، انتبهت للاسم المنتشر عندنا في السودان، وتساءلت: هل تكون عائلات الجزولي من المغاربة أصلا أم تسموا بالاسم تيمنا وتبركًا باسم صاحب دلائل الخيرات الشيخ محمد بن سليمان الجزولي.
بالمناسبة مدينة مراكش أخذت اسمها من كوش. المدينة التي بدأ بناءها أبوبكر اللمتوني قائد المرابطين، وأتمها يوسف بن تاشفين. يُقال إن ابن تاشفين طلب من زوجته زينب النفزاوية أن تختار اسما للمدينة، فقالت له: يوجد هنا بئر مر به أبناء كوش، فليكن الاسم مراكش…
ولا نترك ذكر الجزولي ودلائل الخيرات دون إشارة لروايتين لأديبنا عمر فضل الله؛ تشريقة المغربي، وأنفاس صليحة، فقد ذكر في إحدى هاتين الروايتين أن المخطوطة الأصلية لدلائل الخيرات وصلت إلى السودان. ومؤلفها أحد السبعة رجال، أصحاب الأضرحة الشهيرة داخل أسوار مدينة مراكش، وهو أبو عبد الله محمد بن سليمان الجزولي. وابنتها خديجة هي زوجة الشيخ حمد أبو دنانة، وضريحها في مقابر دنقلا القديمة.
ولا أبرح ذكر المغاربة الذين نقلوا التصوف إلى بلاد السودان، دون ذكر الشيخ أحمد التجاني الذي زرنا ضريحه في مدينة فاس، ولا الشيخ الإدريسي وهو إدريس الثاني مؤسس مدينة فاس. سمعت في مزاره بفاس قراءة اللطيف. أعادتني إلى ذكريات الطفولة في أجواء مسجدنا في قريتنا (مسيدة) بشمالي السودان، ونحن نصدح باللطيف عقب صلاة الجمعة:
ألا يا لطيفُ يا لطيفُ لك اللطفُ فأنت اللطيف منك يشملنا اللطف
لطيف لطيف إنني متوسلٌ بلطفك فالطف بي وقد نزل اللطف
بلطفك عُذنا يا لطيفُ وها نحن دخلنا في وسط اللطف وأنسدل اللطف
بجاه إمام المرسلين مُحمدٍ فلولاه عينُ اللطف ما نزل اللطف
عليه سلام اللهِ ما قال منشدٌ
ألا يا لطيفُ يا لطيفُ لكَ اللُّطفُ…