قد يبدو أن عنوان هذا المقال غريب وعجيب، لكن بمجرد الاطلاع على محتواه سيجد القارئ بالفعل أن الكثير من الرياضيين في الأصل عمال، وأن الكثير من العمال في الأصل كانوا رياضيين وأصحاب إنجازات ذهبية وكؤوس رياضية تحققت بفضل الله ثم بفضل جهودهم وعرقهم وتفانيهم في ملاعب وصالات وميادين الأنشطة والمنافسات والبطولات الرياضية المحلية والخارجية، لقد أجبرتهم الظروف الصعبة والحصار والعدوان على النزول من منصات التتويج والهروب من ساحات الملاعب وصالات النزال والمنافسات الرياضية، إلى أزقة الأسواق ومعامل الرخام والأحجار، ومصانع الطوب، وأرصفة البحث عن الأعمال المهنية كالحفر والبناء وصباغة الجدران والمباني «مرنج» وغيرها من الأعمال المهنية الشريفة التي يقتات منها أصحابها، ويقتات منها الرياضي والموظف والأستاذ الجامعي والمدرس، بسبب الظروف المالية الصعبة التي يمر بها الجميع نتيجة لانقطاع المرتبات ومصادرة الإيرادات بنقل نظام البنك المركزي من العاصمة صنعاء.
اليوم الأول من مايو نحتفل بعيد العمال، وجميعنا عمال بمعناه اللغوي والاصطلاحي، ومن يتحرك يعمل ويكسب بشرف وبقتات بعرق جبينه، ويكسب قوت يومه بعزة، لكن لكل منا اختصاصه ومهنته، فمنا الطبيب ومنا المزارع ومنا النجار وغيرهم من أصحاب المهن والأعمال، ومنها الرياضة فقد أصبحت مهنه واحتراف في كل دول العالم، وعملاً يعول الكثير من الأسر ويكسب أصحابها من مجهودهم البدني والعضلي رزقهم اليومي، إلا في اليمن لا يجد الرياضي له مكانة ولا يكسب من عرقه في الملاعب والصالات وميادين الأنشطة الرياضية المختلفة سوى الفتات، بل انه قد يصرف على نشاطه وتحقيق حلمه والوصول إلى تحقيق إنجاز رياضي يرفع اسم بلده واسمه عاليا، من ماله الخاص، كما حدث مع لاعب الكونغ فو ثروت السندي الذي حاز على المركز الأول في منافسات الساندا ببطولة العالم الوشوو 2024م التي أقيمت في الصين، ثروت السندي لم تقدم له أي مساندة، ولم ترصد له أي موازنة ولم يصرف له أي بدل سفر سوى مذكرة يتيمة تم أرسالها إلى مكتب رئاسة الجمهورية لطلب الموافقة على المشاركة، تجاهل وتنكر ومحاولة إحباط زرعت في طريق المشاركة، تجاوزها البطل اليمني صاحب المركز الأول وحصل على بدل سفر من بيع دراجته النارية، ساند نفسه ودعم نفسه واثقا في قدراته وإمكاناته وإصراره على تحقيق النجاح، إلى جانب دعم الاتحاد ومساندة مدربه اليمني الدولي ناجي الاشول، وقبل كل ذلك ثقته في ربه وإيمانه المطلق بأن الله لا يضيع اجر من عمل وتوكل عليه، فحصل على ما تمناه وحقق ما رفع اسمه واسم وطنه بين مصاف المناصب والمستويات الرياضية العالية عالميا.
يوم العمال العالمي الأول من مايو، ويسمى أيضا يوم العمل في بعض البلدان، يحتفل به في الأول من شهر أيار من كل سنة في أغلب دول العالم، وعطلة رسمية في عدد منها، تعود خلفية هذا اليوم إلى القرن التاسع عشر إلى أمريكا وكندا وأستراليا، فقبل الإعلان عن هذا اليوم بسنوات، كانت شيكاغو في القرن التاسع عشر تخوض نزاعات عمالية لتخفيض ساعات العمل في هاميلتون، وبشكل خاص في الحركة التي تعرف بحركة الثمان ساعات، كانت بداية عيد العمال يوم 21 أبريل 1856م في أستراليا، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث طالب العمال في ولاية شيكاغو عام 1886 بتخفيض ساعات العمل اليومي إلى ثماني ساعات، وتكرر الطلب في ولاية كاليفورنيا وفي تورونتو الكندية حضر زعيم العمال الأميركي بيتر ماكغواير احتفالا بعيد العمال، فنقل الفكرة وتم أول عيد للعمال في الولايات المتحدة الأمريكية تم الاحتفال به في 5 سبتمبر 1882م في مدينة نيويورك وأثمر نضال العمال في كندا قانون الاتحاد التجاري الذي أعطى الصفة القانونية للعمال ووفر الحماية لنشاط الاتحاد عام 1872م.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
رئيس هيئة حقوق الإنسان: المشاركة في مؤتمر سوق العمل العالمي تؤكد أهمية العناية بحقوق العمال وأصحاب العمل
أكدت معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتورة هلا بنت مزيد التويجري أن دعم وحماية الحق في العمل يُعد أمرًا بالغ الأهمية وله خصوصية فريدة، فهو حق أساسي من حقوق الإنسان وله تأثير عميق على العديد من الحقوق, وينعكس بشكل إيجابي على الصحة والتعليم ومستوى المعيشة الكريم، وهذا التأثير لا يقتصر على من يعمل فقط، بل يمتد ليشمل أسرته، والفئات الأخرى كالأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، مبينًا أن حماية الحق في العمل تُعد عاملًا حاسمًا في تحقيق الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الفقر.
وقالت التويجري خلال مشاركتها في مؤتمر سوق العمل العالمي أمس بالرياض : ” إن اجتماع هؤلاء المسؤولين والمسؤولات الذين يمثلون العديد من الجهات الرسمية والمنظمات من عدة دول في هذه المناسبة، يدل على أهمية العمل وأولية الحق فيه، وكذلك حقوق العمال وأصحاب العمل”.
وأضافت ” أن المملكة أولت الحق في العمل اهتمامًا كبيرًا، وعملت من خلال رؤية 2030 على تطوير المنظومة التشريعية والمؤسسية بهدف توفير بيئة عمل تُراعى فيها الحقوق والكرامة الإنسانية، وأن اتباعها لهذا النهج يعزز الإنتاجية، ويُشعر العمال بالأمان والعدالة، مما ينعكس إيجابًا على أدائهم والتزامهم”.
وأوضحت أنه في ظل التغيرات المتسارعة للاقتصاد العالمي، أصبح التقاطع بين حقوق الإنسان ومؤسسات الأعمال أكثر أهمية من أي وقت مضى، الأمر الذي يتطلب تسريع وتيرة العمل لتوفير بيئات عمل آمنة من خلال الجهود التعاونية بين الحكومات وقطاع الأعمال، فالحكومات تتحمل مسؤولية حماية حقوق العمال وضمان البيئة الآمنة لهم، من خلال الالتزام بالمعايير الدولية، وإصدار القوانين الوطنية، كما أن الشركات يجب ألا يقتصر دورها في الامتثال إلى القوانين فحسب، بل عليها وضع سياسات قوية لحماية حقوق العمال، وتطوير آليات واضحة فعالة للتظلم لمنع المخالفات والانتهاكات، تمكن العمال من الإبلاغ والمطالبة بحقوقهم.
وفيما يتعلق بقضية الاتجار بالأشخاص وخلو بيئات العمل منها، أكدت رئيس هيئة حقوق الإنسان أن تحسين هذه البيئات يسهم بشكل كبير في مكافحتها، إذ تُشير البيانات العالمية إلى أن عدد ضحايا الاتجار بالأشخاص المكتشفين في 2022م كان أعلى بنسبة 25% مقارنة بـ 2019م، وهذه الأرقام تؤكد أهمية التعاون بين الدول وقطاع الأعمال لتحسين آليات الحماية القانونية للعمال، وتعزيز الالتزام بالمعايير الدولية ذات الصلة.
وأكدت التويجري أن المملكة في هذا الجانب خطت خطوات كبيرة عبر إصدار قوانين وتشريعات تتماشى مع المعايير الدولية، منها: الإصلاحات النوعية في أنظمة ولوائح العمل، ونظام مكافحة الاتجار بالأشخاص، ولائحة تنظيم العمالة المنزلية وما في حكمها، والسياسة الوطنية للقضاء على العمل الجبري، مما جعلها أول دولة عربية تعتمد سياسة شاملة بهذا المجال، كما أطلقت المملكة آليات متطورة لحماية ضحايا الاتجار مثل آلية الإحالة الوطنية، واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وتنفيذ برامج تدريب مكثفة لتعزيز قدرات المسؤولين في التعرف على ضحايا الاتجار بالأشخاص وحمايتهم، حيث تم تدريب أكثر من 9,000 مسؤول عبر 114 برنامجًا بين عامي 2020 و2024 لتعزيز قدراتهم في هذا المجال، مشيرة إلى أن المملكة تعمل أيضًا على تحسين ظروف العمل من خلال منصات رقمية مبتكرة، وكل هذه الإنجازات تُظهر التزام المملكة القوي بخلق بيئة عمل آمنة ومستدامة تحفظ الحقوق وتعزز النمو والإنتاجية.