احتجاج في الشرق وعطلة في الغرب.. ماذا ينقص سوق العمل الليبي؟
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
خبران مقتضبان يختصران الواقع المؤسف لحال العمل والعمال في ليبيا، الأول إعلان حكومة الوحدة الوطنية يوم غد الأربعاء، عطلة رسمية، بمناسبة اليوم العالمي للعمال، وفي ذات الوقت دعا الاتحاد العام لنقابات العمال، إلى وقفة احتجاجية أمام مقر “القيادة العامة” في بنغازي، لإيصال صوت العمال في يومهم، ودفع الحكومة للنظر في واقع العمل في ليبيا.
تعتبر الحكومة مجرد العطلة، منحة تقدمها لعمالها كهدية عيد، بينما يرى العمال أن تغيير ظروف العمل، والنظر في سلسلة الرواتب و الأجور(العام والخاص)، وتحسين ظروف العمل، هي الهدية التي يمكن أن تقدمها الحكومة أو الحكومتان (لأن ليبيا تملك حكومتان) وهي ميزة لا توجد إلا في هذا البلد القابع على ثروة كبيرة يحسده عليها جيرانه الاقربون والأبعدون.
هل من نظرة واقعية يمكن للمراقب أن يرى من خلالها واقع العمل في ليبيا، سنحاول في هذه العجالة، أن نقدم تبسيطا لميزات ومعاناة قطاع العمل الليبي، لعلنا نساهم في جزء في الجهد المبذول لتصحيح الأمور ووضعها في نصابها.
البنك الدولي يشرح الواقع
حسب دراسة أعدها البنك الدولي، عام 2016 بعنوان “سوق العمل في ليبيا.. إعادة الاندماج من أجل التعافي”، فإن أبرز التحديات التي تواجه سوق العمل الليبي تتمثل في عدم استقرار البيئة السياسية واستمرار الصراع بالدرجة الأولى، وتتبع هذا العامل المهم عدة عوامل أخرى حسب البنك الدولي.
ضعف مناخ العمل يقلل من الطلب على الأيدي العاملة، وهيمنة القطاع العام، بوصفه جهة العمل المفضلة، على الاقتصاد، الامتيازات التي تعطى للوظائف الحكومية تقلل من الاقبال على العمل في القطاع الخاص، كما أن قوانين العمل فيما يتعلق بالتعاقدات، والتنقلات، والتوظيف، والفصل من الخدمة، كلها عوامل مؤثرة في سوق العمل، علاوة على ازدواجية الضمان الاجتماعي بين القطاعين العام والخاص، فضعف تغطية مظلة الضمان بالقطاع الخاص يؤدي في العادة إلى التوجه إلى القطاع العام.
كيف يمكن إصلاح الخلل؟
بحسب الخبراء، لا بد من بناء الأساسيات اللازمة لإيجاد نمو مستدام ومتنوع. فالنمو يتطلب إجراءات تدخلية لاستعادة الامن واستقرار المؤسسات، ومن ثم تدعيم الاستقرار والحوافز ضمن مناخ الاعمال على المدى القصير والمتوسط، وتعزي القدرة على الحصول على عمل، وإحداث تحول في دور القطاع العام بوصفه جهة عمل مفضلة للعمل، والحد من هيمنته، وضمان سن تشريعات عمل تكفل منح حوافز كافية لخلق فرص العمل في القطاع الخاص، إضافة إلى الحد من الازدواجية في سياسات الضمان الاجتماعي بين القطاعين العام والخاص.
كيف يمكن تحقيق ذلك وما هي التحديات؟
يكمن التحدي الأول بحسب المختصين بقطاع الأعمال، بضعف سيادة القانون وعدم الاستقرار السياسي، بما في ذلك ضعف المؤسسات، والتحدي الثاني عدم وجود بيئة أعمال مواتية، بما في ذلك السوق المالية، التي لم تصل إلى حد معقول من الحوكمة والشفافية يؤهلها لإدارة اقتصاد غني يعاني من فساد كبير.
التحدي الثالث الذي يواجه تطوير قطاع الاعمال في ليبيا يكمن في عدم تطور رأس المال البشري، ويتجلى ذلك في ارتفاع البطالة والمؤشرات التعليمية، والتدريب و التأهيل.
ملامح عامة يجب النظر إليها
يمثل الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاما 10 في المئة من الأيدي العاملة، وتشكل الإناث 34 في المائة من الأيدي العاملة، و تكشف سوق العمل الليبية عن وجود تباينات واسعة بين الجنسين. تعمل الغالبية العظمي من العمال في ليبيا بالقطاع العام،84 في المئة تقريبا وهي نسبة مرتفعة جدا ، ويعمل غالبية الليبيين في العادة بعقود مفتوحة غير محددة المدة، وخاصة القطاع العام.
يظهر توزيع الأجور أن متوسط الأجر يبلغ قرابة 791 ديناراً ليبياً في الشهر، أي ما يعادل، وهو ما يقارب 100 دولار أمريكي بسعر السوق الموازي، وهو من الأجور المتدنية جدا قياسا بإمكانيات البلد النفطي، وتشير الأرقام إلى نسبة بطالة مرتفعة أيضا تصل إلى 20 بالمئة وهذا أيضا مؤشر سلبي جدا.
ويعاني سوق العمل أيضا من تعدد المرجعيات، فوزارة العمل والتأهيل هي التي تقوم على تنظيم القطاع بنسبة عظمى، وتم إنشاء هيئة خاصة للدفاع عن المحاربين السابقين وخدمتهم وهي هيئة شؤون المحاربين التابعة لرئاسة مجلس الوزراء. وتدير وزارة الشؤون الاجتماعية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يغطي العاملين بالقطاعين العام والخاص بالاضافة إلى من يعملون أعماال حرة، وتغطي المزايا كبار السن، والامومة، والمعوقين، وتدعم العاملين في حالات فقد الوظائف والوفاة.
هل من جديد بعد العيد
واليوم وبينما يحتفل الليبيون بعيد العمل العالمي هل باتت الحكومتان تدركان أنه لا بد من حل مشاكل سوق العمل إذا اردنا تحقيق التنمية، والبدء يجب أن يكون من قانون عمل عصري يوازن بين الخاص و العام، ويحمي العامل ورب العمل معا، مع التوجه لدعم فئات مطلوبة من الأعمال تتعلق بالتعليم والصحة والتكنولوجيا وتوطين الصناعات النفطية على وجه الخصوص، وإعادة هيكلة الغرف التجارية المحلية لتكون قادرة على مساندة خدمات تطوير الأعمال، هل يمكن أن نشهد في ليبيا قريبا قانونا شاملا وعصريا للعمل ينسجم مع توجه الدولة نحو الانفتاح و التنمية في كل المجالات.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: العمال اليوم العالمي للعمال سوق العمل سوق العمل الليبي عطلة عيد العمال عيد العمال القطاع العام العام والخاص سوق العمل فی لیبیا العمل فی
إقرأ أيضاً:
ماذا نعرف عن قوات كوريا الشمالية التي تؤازر روسيا؟
أكد حلف شمال الأطلسي (ناتو) أن قوات من كوريا الشمالية انتشرت في روسيا. وكانت تقارير أشارت إلى وجودهم هناك منذ عدة أشهر، والآن ثمة أدلة متزايدة على أن هناك ما يصل إلى 10 آلاف جندي يرافقهم عدد من القادة، بينهم 3 جنرالات، قد انتقلوا من كوريا الشمالية إلى مناطق سيطرة الجيش الروسي في مقاطعة كورسك جنوبي روسيا، وأنهم سيشاركون قريبا في عمليات قتالية.
وجمع الصحفي في موقع الجزيرة الإنجليزي أليكس غاتوبولوس معطيات رئيسية بشأن انتشار هذه القوات في منطقة النزاع والأسباب التي تدفع كوريا الشمالية للمشاركة في الحرب الروسية مع أوكرانيا:
قوات قليلة الخبرةلا إنكار لصلابة الجندي الكوري الشمالي، لكن قوات هذا البلد لم تخض تجربة القتال بالوسائل والأسلحة المتطورة للقرن الحادي والعشرين.
وهذا الميدان تجتمع فيه الطائرات المسيّرة وأجهزة الاستشعار والمراقبة الدائمة مع تكتيكات القتال القديمة عبر الخنادق والمدفعية بعيدة المدى. وهي خبرات تحتاج إليها كوريا الشمالية بشدة إذا أرادت أن تشن حربا على جارتها الجنوبية.
الزعيمان الكوري الشمالي (يمين) والروسي خلال لقاء جمعهما في بيونغ يانغ في يونيو/حزيران الماضي (رويترز) مكاسب كوريا الشماليةعانت الدولة الشيوعية المنعزلة من تراجع المحاصيل الزراعية في عدة مواسم متتالية وتواجه حاليا شحا في إمدادات الغذاء. كما أنها تواجه نقصا في الأموال التي تحتاجها في السوق السوداء، إذ إن الالتفاف على العقوبات الدولية باهظ التكلفة.
وتستطيع روسيا المساعدة في حل أزمات بيونغ يانغ، وذكرت تقارير أنها تدفع ما يصل إلى 2000 دولار للجندي الواحد. وهناك علاقات عسكرية وثيقة بين البلدين وقد وقعا في الآونة الأخيرة معاهدة دفاعية.
وتزود كوريا الشمالية روسيا بكميات كبيرة من ذخائر المدفعية عيار 122 مليمترا و152 مليمترا بالإضافة إلى قذائف الهاون والصواريخ التي تستخدمها الراجمات الروسية المتعددة.
واستُخدمت صواريخ كوريا الشمالية في القتال ضد أوكرانيا، لكن جودتها منخفضة. وتستطيع روسيا إرسال مستشارين تقنيين لتحسين جودة وإنتاجية تلك الصواريخ والذخائر.
مكاسب روسيااستخدمت موسكو موارد ضخمة لمواجهة التوغل الأوكراني في كورسك جنوبي روسيا، وشنّ حملتها الهجومية في دونيتسك شرقي أوكرانيا. وقد نجحت في احتواء الهجوم الأوكراني على أراضيها، وصارت تتقدم في دونيتسك حيث تشن هجمات متتالية يصعب صدها على مدينة بوكروفسك.
لكن هذا كلف روسيا أثمانا باهظة، إذ تشير التقديرات إلى أن 80 ألف جندي قتلوا أو جرحوا في هذه العمليات، أي بمعدل 1200 جندي يوميا، وهي خسارة كبيرة لا تتحملها حتى روسيا.
وربما يكون المدد الكوري الشمالي هو ما تحتاجه روسيا الآن، بعد أن صارت قواتها منهكة بشدة عقب أشهر من القتال.
ماذا سيفعل الكوريون؟من المحتمل أن تستخدم روسيا القوات الكورية الشمالية في الخطوط الأمامية، مثلما دفعت في السابق بموجات من الوحدات الروسية.
وهؤلاء الجنود الذين يفتقرون للخبرة القتالية هم أصلح للانتشار في المواقع الدفاعية، ما يعني تفريغ المزيد من القوات المدربة لشنّ عمليات هجومية لاستعادة الأراضي الروسية التي انتزعتها أوكرانيا.
وهذه الغاية هي التي تدفع روسيا حاليا لحشد المشاة والمدفعية والدبابات في كورسك، استعدادا لشن هجوم معاكس جديد.
مسار الحربستودي الاستعانة بالقوات الكورية إلى تداعيات قريبة وبعيدة على مسار الحرب.
وهناك سؤالان هنا: الأول، كيف ستؤثر العملية الروسية في كورسك على مسار الحرب إذا كللت بالنجاح؟ والثاني، ماذا سيكون تأثير العنصر الكوري فيها؟.
إذا تمكنت روسيا من طرد القوات الأوكرانية حتى الحدود، فستفقد كييف ورقة تفاوضية مهمة كان بالإمكان استغلالها في المفاوضات النهائية.
كما أن هذه النتيجة قد تمكن روسيا من تفريغ عشرات الآلاف من جنودها للقتال في دونيتسك، بؤرة الحرب بأكملها، وهو ما يعني تعزيز فرصها في بسط السيطرة على هذه المقاطعة.
مخاوف أوكرانياتخشى أوكرانيا ومعها حلف الناتو أن تكون القوات الكورية الشمالية في كورسك طليعة لمزيد من القوات التي ستأتي تباعا.
وإذا اتجهت روسيا للتصعيد بالدفع بأعداد كبيرة من القوات الأجنبية إلى هذا الصراع، فما الذي سيمنع دول الناتو من الدفع بوحدات متطوعة للقتال نيابة عن أوكرانيا؟.
وتوجد حاليا أعداد صغيرة من المتطوعين الأجانب يقاتلون على كلا الجانبين. لكن فتح الباب رسميا من قبل الناتو للدفع بقوات أجنبية في هذا الصراع سيكون أمرا مختلفا تماما وسيضع الناتو والقوات الروسية في مواجهة مباشرة.
ويعني هذا أن مخاطر الحسابات الخاطئة والتصعيد المنفلت باتت واقعية جدا، حتى بالنظر إلى التطورات السياسية في الولايات المتحدة التي انتخبت دونالد ترامب رئيسا جديدا، وهو الذي تعهد خلال حملته بوضع حد للحرب بين روسيا وأوكرانيا.