مراكش الان:
2025-01-14@03:29:50 GMT

الدكتور بنطلحة يكتب: في معنى السيادة

تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT

الدكتور بنطلحة يكتب: في معنى السيادة

د.محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء

تشكل السيادة أحد الأركان الأساسية لمفهوم الدولة الوطنية، حيث من خلالها يتجسد واقعيا الوجود القانوني والسياسي للدولة كعضو في المجتمع الدولي، كما يتجسد أيضا بموجبها الاستقلال الوطني، وهي تمثل ما للدولة من سلطان تواجه به الأفراد داخل إقليمها أي أن سلطة الدولة في الداخل والخارج لا تعلوها أي سلطة وهي لا تتجزأ ولا تقبل التصرف.

إنها كما عرفها بودان «السلطة العليا على المواطنين والرعايا» كما أن تصريف محكمة العدل الدولية في قضية مضيق «كورفو» سنة 1949 يسير في هذا الاتجاه، السيادة بحكم الضرورة هي ولاية الدولة في حدود إقليمها ولاية انفرادية ومطلقة وأن احترام السيادة الإقليمية في ما بين الدول المستقلة يعد أساسا جوهريا من أسس العلاقات الدولية».

لقد تعرض مفهوم السيادة لعدة تأويلات عبر التاريخ وصلت إلى حد الإساءة في استخدامها لتبرير الفوضى الدولية حيث تهدف بعض الدول إلى المساس بسلامة التراب الوطني لدولة مجاورة وضرب الوحدة الوطنية عبر كيانات انفصالية مدعية أن ذلك يدخل في إطار تثبيت دعائم سيادتها وأمنها القومي وتوازنها الاستراتيجي.

إن ذلك يتمثل كما يشير Harry Gelber في توخي بعض الدول تدبير أمورها في إطار علاقتها بالدول الأخرى على النحو الذي يكفل لها Capacity to manage حماية مصالحها، وهي بذلك تخضع مفهوم السيادة لازدواجية الرؤى والمعايير وفقا لرغباتها ومصالحها.

التطبيق الأبرز على ذلك في الواقع العربي والإفريقي يتجسد في دولة الجزائر التي تحلم بالهيمنة إقليميا على منطقة شمال إفريقيا حيث تحرك أجندتها وفق شعارها المزعوم «تقرير المصير»، وهي بذلك تتجاوز المرجعيات والضوابط التي يسنها القانون الدولي في احترام سيادة الدول وحسن الجوار.

في المقابل، تتغاضى عن مطمح شعب القبائل مثلا في الاستقلال والحرية وتقرير المصير! إنها تتجاهل أحكام القانون التي تحظر المس بحقوق الإنسان وارتكاب جرائم الحرب وجرائم إبادة الجنس البشري وحرمان مناطق بعينها من التنمية مما يفرض تدخلا للقانون الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية من أجل التنظيم والحماية على أساس المصلحة الدولية الشاملة.

ترى إلى أي مدى يستطيع حكام الجزائر الالتزام باحترام القوانين والأعراف الدولية، سيما وأن مفهوم السيادة قد عرف نقلة نوعية في ظل المتغيرات الدولية؟

المصدر: مراكش الان

إقرأ أيضاً:

حرية مكبلة بالأغلال: اعتقال النشطاء المصريين في الخارج وضعف القانون الدولي

يزداد العالم ترابطا، فتظهر قضايا حقوق الإنسان كأحد أهم التحديات التي تواجه المجتمع الدولي. قضية اعتقال الشاعر والناشط السياسي المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي في لبنان وتسليمه إلى الإمارات ليست مجرد حادثة معزولة، بل هي نموذج صارخ لتهديد حرية التعبير وحقوق النشطاء السياسيين في المنفي. هذه القضية تثير أسئلة جوهرية حول مصير حرية التنقل، وحقوق اللاجئين السياسيين، وأزمة القانون الدولي في ظل تعاون أمني إقليمي مثير للجدل، وتزداد المؤامرات في الغرف المغلقة فيمن يدفع أكثر بعيدا عن القانون والأعراف الدولية.

خلفية القضية:

في يوم مشؤوم، اعتُقل عبد الرحمن يوسف القرضاوي في مطار بيروت بعد زيارته لأرض الشام المحررة في طريق عودت إلى تركيا. ما يثير القلق في هذه القضية ليس الاعتقال نفسه، بل الإجراءات غير المعتادة التي تمت خلال عملية تسليمه إلى الإمارات. فقد تم تجاوز العديد من الضمانات القانونية المتعارف عليها دوليا وحقوقه الإنسانية في أن يقابل محاميه المدافع عنه، مما أثار تساؤلات حول مدى احترام الدول لالتزاماتها الدولية في حماية حقوق الإنسان.

تتعارض عملية اعتقال القرضاوي وتسليمه مع العديد من المواثيق الدولية التي تكفل حقوق الإنسان
الأبعاد القانونية للقضية:

1- انتهاك المواثيق الدولية:

تتعارض عملية اعتقال القرضاوي وتسليمه مع العديد من المواثيق الدولية التي تكفل حقوق الإنسان. من أبرز هذه الانتهاكات:

- حق التنقل والسفر: حيث يكفل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 13 الحق في حرية التنقل والسفر. اعتقال القرضاوي في مطار بيروت يمثل انتهاكا صارخا لهذا الحق.

- حماية اللاجئين السياسيين: يجب أن يتمتع اللاجئون السياسيون وفقا للقانون الدولي، بالحماية من الترحيل القسري إلى دول قد يتعرضون فيها للاضطهاد.

- حظر الترحيل القسري: تنص المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب على حظر ترحيل أي شخص إلى دولة قد يتعرض فيها لخطر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية.

2- إشكالية اتفاقيات التسليم:

تثير عملية تسليم القرضاوي إلى الإمارات تساؤلات حول مدى شفافية اتفاقيات التسليم بين الدول. من أبرز الإشكاليات:

- غياب الضمانات القضائية: لم يتم إعطاء القرضاوي الفرصة للطعن في قرار تسليمه أو اللجوء إلى القضاء اللبناني.

- تجاوز الإجراءات القانونية: تمت عملية التسليم بشكل سريع ودون اتباع الإجراءات القانونية المعتادة.

- تسييس عمليات التسليم: كان الاعتقال والتسليم مدفوعين بأجندات سياسية وانتقام في شخص الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي، حيث لا يحمل القرضاوي الجنسية الإماراتية إنما يحمل الجنسية التركية والمصرية مما يضعف مصداقية القانون الدولي.

نمط متكرر: استهداف النشطاء في المنفي:

- حالات مشابهة: ليست قضية القرضاوي الأولى من نوعها، بل هي جزء من نمط متزايد لاستهداف النشطاء السياسيين في المنفي. في السنوات الأخيرة، شهدنا:

- تزايد عمليات الاعتقال خارج الحدود: حيث سبقت عمليات استهداف النشطاء في دول اللجوء وتسليمهم إلى دولهم الأصلية أو دول أخرى، والنماذج كثيرة مثل الناشط اليمني فهد رمضان، والناشط المصري محمد عبد الحفيظ، والناشط الكويتي سلمان الخالدي الذي سلمه العراق إلى الكويت، ونشطاء كثر من جنسيات عدة، كما سبقت محاولات لتسليم نشطاء مثل الإعلامي أحمد منصور والناشط المصري عبد الرحمن عز في مطارات المانيا.

- التعاون الأمني الإقليمي المثير للجدل: تتعاون أجهزة الأمن في الدول العربية بشكل وثيق لملاحقة النشطاء، حتى خارج حدودها، وهذا ما اجتمع عليه وزراء الداخلية العرب في تونس في 2019 ومشاركة قوائم بأسماء النشطاء السياسيين بين وزارات الداخلية العرب.

التداعيات السياسية:

هذا النمط من الانتهاكات له تداعيات خطيرة على الحريات الأساسية:

- تقييد حرية المعارضة: يؤدي استهداف النشطاء في المنفى إلى إسكات الأصوات المعارضة وتقليص مساحة حرية التعبير.

- تهديد حق اللجوء: يصبح اللجوء السياسي غير آمن، مما يدفع النشطاء إلى العزلة أو التخلي عن نشاطهم.

- تراجع الحريات الأساسية: يؤثر هذا النمط سلبا على الحقوق الأساسية مثل حرية التنقل وحرية الرأي والتعبير.

الأثر على المجتمع الدولي:

- تقويض القانون الدولي: تعكس قضية القرضاوي أزمة عميقة في القانون الدولي:

- إضعاف آليات الحماية الدولية: يتم تجاهل المواثيق الدولية بشكل متكرر، مما يضعف من فعاليتها ويدفع لزيادة البطش بالناشطين السياسيين على مستوى الدول التي تتعدى حدود القوانين الدولية والمواثيق الدولية.

- تراجع دور المؤسسات الحقوقية: تواجه المنظمات الدولية صعوبات في التدخل لحماية النشطاء بسبب التعقيدات السياسية.

- تآكل مبدأ سيادة القانون: يؤدي انتهاك القانون الدولي إلى تقويض الثقة في المؤسسات الدولية.

مسؤولية المجتمع الدولي:

يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة في مواجهة هذه الانتهاكات:

- ضرورة التحرك العاجل: يجب على الدول التي ما زالت تحترم القانون الدولي والمواثيق الدولية والإنسانية والمنظمات الدولية؛ التحرك سريعا لحماية النشطاء المعرضين للخطر.

- تفعيل آليات الحماية: تمكين استخدام آليات الحماية يجعل المقررين الخاصين في الأمم المتحدة لهم سلطة التدخل في مثل هذه القضايا.

- محاسبة المنتهكين: يجب تفعيل آليات المحاسبة لتلك الدول التي تنتهك القانون الدولي عبر العقوبات الدولية والأممية.

توصيات وحلول:

على المستوى القانوني:

- تعزيز آليات الحماية الدولية: يجب تطوير آليات أكثر فعالية لحماية حقوق النشطاء مثل حماية الموظفين الدوليين في المؤسسات الدولية والاممية.

- تطوير اتفاقيات التسليم: يجب أن تتضمن اتفاقيات التسليم ضمانات قضائية لحماية حقوق الأفراد من الانتهاكات والممارسات التي قد تمارسها بلدان التسليم من تعذيب بدني وإخفاء قسري حتى الوصول للتصفية الجسدية.

- ضمان المحاكمات العادلة: يجب أن يتمتع المعتقلون بحقوقهم القانونية الكاملة، بما في ذلك الحق في محاكمة عادلة.

على المستوى السياسي:

- تفعيل الضغط الدبلوماسي: يمكن للدول والمنظمات الدولية ممارسة ضغط دبلوماسي على الدول التي تنتهك حقوق الإنسان.

يتم تجاهل المواثيق الدولية بشكل متكرر، مما يضعف من فعاليتها ويدفع لزيادة البطش بالناشطين السياسيين على مستوى الدول التي تتعدى حدود القوانين الدولية والمواثيق الدولية
- دعم المؤسسات الحقوقية: يجب توفير الدعم المالي والسياسي للمنظمات الحقوقية التي تعمل على حماية النشطاء، وأن تكون لها سلطة حقيقية على الأرض.

- حماية حرية التعبير: يجب أن تعمل الدول على تعزيز حرية التعبير وحماية النشطاء من الملاحقة، وذلك عبر تفعيل القوانين الحامية للتعبير عن الرأي وحرية الفكر.

على المستوى المجتمعي

- تعزيز التضامن الدولي: عبر حملات التضامن مع النشطاء المعتقلين من قبل منظمات المجتمع المدني المحلية والعالمية.

- توثيق الانتهاكات: يجب توثيق حالات الاعتقال والانتهاكات بشكل دقيق لنشر الوعي والضغط من أجل التغيير.

- رفع الوعي العام: يمكن استخدام كل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات وحشد الدعم، وإطلاق حملة مظاهرات أمام سفارات الدول التي تنتهك حقوق الإنسان واللاجئين وبالأخص في أوروبا أمريكا وكندا وأمريكا الجنوبية، لمحاولة خلق حالة من الرفض الشعبي والدولي.

ليست قضية عبد الرحمن يوسف القرضاوي مجرد حادثة معزولة، بل هي نموذج لتهديد متزايد للحريات الأساسية وحقوق الإنسان في العالم العربي.

يتطلب الأمر تحركا عاجلا من المجتمع الدولي لحماية النشطاء السياسيين المعارضين للأنظمة الديكتاتورية الاستبدادية وضمان احترام القانون الدولي. في النهاية، فإن حماية حقوق الإنسان ليست مسؤولية الدول فقط، بل هي مسؤولية مشتركة بين الحكومات والمجتمع المدني والأفراد.

مقالات مشابهة

  • رأي.. خلف بن أحمد الحبتور يكتب عن السنوات الأربع القادمة لترامب: اختبار دقيق للصمود العالمي
  • زيادة حصة مصر في صندوق النقد.. خطوة مهمة في تعزيز الدور المصري بالاقتصاد الدولي
  • حرية مكبلة بالأغلال: اعتقال النشطاء المصريين في الخارج وضعف القانون الدولي
  • ما هي الدول العربية التي تقدّم أعلى «رواتب» لموظفيها؟
  • السفير العراقي لدى النروج الدكتور علي ياسين نموذج اصيل للدبلوماسي الحقيقي
  • خبير العلاقات الدولية: دور الدول العربية كان بارزًا في أحداث الثورة اليمنية
  • خبير العلاقات الدولية: دور الدول العربية كان بارزا في أحداث الثورة اليمنية
  • مصر وإريتريا والصومال يبحثون أمن البحر الأحمر والمخاطر التي تواجه القرن الإفريقي
  • بعد حرائق كاليفورنيا.. ما الاستراتيجيات الدولية لمواجهة تأثيرات التغير المناخي على أوروبا والولايات المتحدة
  • د. جمال القليوبي يكتب: ترامب وتكتل البريكس