مراكش الان:
2024-06-29@23:43:17 GMT

الدكتور بنطلحة يكتب: في معنى السيادة

تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT

الدكتور بنطلحة يكتب: في معنى السيادة

د.محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء

تشكل السيادة أحد الأركان الأساسية لمفهوم الدولة الوطنية، حيث من خلالها يتجسد واقعيا الوجود القانوني والسياسي للدولة كعضو في المجتمع الدولي، كما يتجسد أيضا بموجبها الاستقلال الوطني، وهي تمثل ما للدولة من سلطان تواجه به الأفراد داخل إقليمها أي أن سلطة الدولة في الداخل والخارج لا تعلوها أي سلطة وهي لا تتجزأ ولا تقبل التصرف.

إنها كما عرفها بودان «السلطة العليا على المواطنين والرعايا» كما أن تصريف محكمة العدل الدولية في قضية مضيق «كورفو» سنة 1949 يسير في هذا الاتجاه، السيادة بحكم الضرورة هي ولاية الدولة في حدود إقليمها ولاية انفرادية ومطلقة وأن احترام السيادة الإقليمية في ما بين الدول المستقلة يعد أساسا جوهريا من أسس العلاقات الدولية».

لقد تعرض مفهوم السيادة لعدة تأويلات عبر التاريخ وصلت إلى حد الإساءة في استخدامها لتبرير الفوضى الدولية حيث تهدف بعض الدول إلى المساس بسلامة التراب الوطني لدولة مجاورة وضرب الوحدة الوطنية عبر كيانات انفصالية مدعية أن ذلك يدخل في إطار تثبيت دعائم سيادتها وأمنها القومي وتوازنها الاستراتيجي.

إن ذلك يتمثل كما يشير Harry Gelber في توخي بعض الدول تدبير أمورها في إطار علاقتها بالدول الأخرى على النحو الذي يكفل لها Capacity to manage حماية مصالحها، وهي بذلك تخضع مفهوم السيادة لازدواجية الرؤى والمعايير وفقا لرغباتها ومصالحها.

التطبيق الأبرز على ذلك في الواقع العربي والإفريقي يتجسد في دولة الجزائر التي تحلم بالهيمنة إقليميا على منطقة شمال إفريقيا حيث تحرك أجندتها وفق شعارها المزعوم «تقرير المصير»، وهي بذلك تتجاوز المرجعيات والضوابط التي يسنها القانون الدولي في احترام سيادة الدول وحسن الجوار.

في المقابل، تتغاضى عن مطمح شعب القبائل مثلا في الاستقلال والحرية وتقرير المصير! إنها تتجاهل أحكام القانون التي تحظر المس بحقوق الإنسان وارتكاب جرائم الحرب وجرائم إبادة الجنس البشري وحرمان مناطق بعينها من التنمية مما يفرض تدخلا للقانون الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية من أجل التنظيم والحماية على أساس المصلحة الدولية الشاملة.

ترى إلى أي مدى يستطيع حكام الجزائر الالتزام باحترام القوانين والأعراف الدولية، سيما وأن مفهوم السيادة قد عرف نقلة نوعية في ظل المتغيرات الدولية؟

المصدر: مراكش الان

إقرأ أيضاً:

الدكتور سمير فرج يكتب: ثورة شعب أيدها الجيش

منذ آلاف السنين ومنذ أربعة آلاف عام، منذ عهد الفراعنة، كان جيش مصر الحصن الأمين لهذا البلد، وكان هذا الجيش يتكون من أبناء شعب مصر، وظهرت صورة ذلك على جدران المعابد الفرعونية، وطوال هذه السنين كان جيش مصر هو الأمان لكل المصريين، لأنه الجيش الذى يضم كل فئات الشعب.

لقد جمعنى حوار مباشر مع السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أثناء الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر، فى الندوة التى انعقدت يوم السادس من أكتوبر 2022، بقاعة المنارة، قلت خلالها لسيادته: بعد 50 عاماً، سيرتبط اسم الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى التاريخ، بأنه مُخلص مصر من حكم جماعة الإخوان، واستطردت قائلاً: يا سيادة الرئيس رغم كل إنجازاتكم، سيبقى تخليصكم لمصر من حكم تلك الجماعة الأبرز فى تاريخكم. لم تكن كلماتى مجرد مدح، وإنما كانت شهادة حق، عنيت كل حرف منها، لعلمى بما كان سيفعله الإخوان، حال استمرارهم فى حكم مصر.

ولعل أول ما كانت تلك الجماعة ستفعله هو إلغاء جيش مصر، وإنشاء حرس ثورى، بديلاً له، والدليل على ذلك زيارة قاسم سليمانى لمصر مرتين، ولقاؤه خيرت الشاطر لإطلاعه على تفاصيل الخبرة الإيرانية فى التخلص من القوات المسلحة، وإنشاء الحرس الثورى الإيرانى. وهنا يبادرنا التساؤل عن أهداف إيران، ومثلها أفغانستان، فى التخلص من الجيوش، وتكوين الحرس الثورى الإسلامى، وهو ما يجاب عنه ببساطة فى أن ولاء الجيش يكون للشعب والدولة، كما يقسم عليه الضباط عند تخرجهم فى الكليات الحربية، بينما يقسم أفراد الحرس الثورى على الولاء للمرشد، أو آية الله، وليس للوطن.

وعندما جاءت أحداث ثلاثين يونيو كان الشعب المصرى، قد شعر بمساوئ حكم الإخوان، رغم أنه أيدهم وأعطاهم صوته خلال الانتخابات، إلا أنه أدرك أنه لا يريد حكم هذه الجماعة بعد الآن، لذلك تحرك شعب مصر وخرجت الملايين فى المظاهرات غطت أنحاء كل مدن مصر، من الإسكندرية والقاهرة إلى أسوان، تطالب برحيل حكم المرشد وحكم الإخوان، وظهرت الهتافات «يسقط يسقط حكم المرشد» وهنا تحرك الجيش وحمل وزير الدفاع، آنذاك عبدالفتاح السيسى كفنه فى يده وتحرك لينفذ طلبات الشعب، ويتخلص من حكم الإخوان.

ولم يرتعد عبدالفتاح السيسى من تهديدات الإخوان، وأنه سيتم إشعال النار فى كل أنحاء مصر، لأن هدفه كان أن ينفذ إرادة شعب مصر العظيم، الذى أعطاه هذه الثقة الغالية، وأصبح الشعب سعيداً بما فعله الجيش فى حكم الإخوان.

وخلال زيارتى للولايات المتحدة مباشرة بعد ثورة 30 يونيو قابلت السيدة مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق، التى كانت تشغل، فى ذلك التوقيت، منصب رئيس المجموعة الاستشارية، Think Tank، للرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، الذى كان يعتمد على مثل تلك المجموعات الاستشارية، لمعاونته فى اتخاذ القرارات المهمة.

وتحدد موعد اللقاء فى العاصمة الأمريكية، واشنطن، مع السيدة أولبرايت، وبدأ الاجتماع بتقديم أعضاء المجموعة المكونة من 17 فرداً، والمنتمين لمختلف المجالات، فمنهم الخبراء العسكريون، وخبراء الأمن القومى، والسياسيون، وخبراء القانون، ولم أندهش لوجود دكتور لعلم النفس بينهم. كنت قد أُبلغت قبل الاجتماع بأن مدته 45 دقيقة، تبدأ بكلمة للسيدة أولبرايت، لمدة 15 دقيقة، يعقبها كلمتى لمدة 15 دقيقة أخرى، على أن تخصص الربع ساعة الأخيرة للنقاش مع باقى أعضاء المجموعة.

بدأت السيدة أولبرايت حديثها بالتأكيد على أن الأسابيع المنصرمة كانت من أهم فترات المجموعة، إذ كلفهم الرئيس أوباما بدراسة أهم موضوعين يخصان السياسة الخارجية الأمريكية، فى الفترة اللاحقة، تمهيداً لاتخاذ الإدارة الأمريكية عدداً من القرارات المصيرية بشأنهما. الموضوع الأول ما يحدث فى البلقان، وتحديداً فيما يخص ضم روسيا لشبه جزيرة القرم إلى أراضيها. أما الموضوع الثانى فكان سؤالاً مباشراً من الرئيس أوباما لتوصيف ما حدث فى مصر، وتحديد إن كان انقلاباً قام به الرئيس السيسى لإزاحة الإخوان من السلطة؟ أم كانت ثورة شعبية، أيدها وساندها الجيش؟ مضيفة أنه فى حالة اعتبار ما حدث فى مصر انقلاباً عسكرياً، فسيكون له تبعات خطيرة على مصر، طبقاً للدستور الأمريكى.

واستطردت حديثها بأنها استهلت بحثها فى الأمر المصرى بالاطلاع على الورقة البحثية التى قدمها الرئيس السيسى، أثناء دراسته بكلية الدفاع الوطنى، (NDC)، بالولايات المتحدة، فوجدتها دراسة عن الديمقراطية فى دول العالم الثالث، وهو ما يعنى أنه مؤمن، منذ بداية حياته العسكرية، بأهمية الديمقراطية لدول العالم الثالث، ثم أضافت أنها تابعت أول قرارات الرئيس السيسى بعد توليه الحكم برفع الدعم عن المحروقات، وهو القرار الذى تأخر لأكثر من 40 عاماً، فى مصر، خشية المعارضة الجماهيرية، مما أكد لها أنه Reformer، حسب وصفها، أى إصلاحى، وكررت الكلمة أكثر من مرة، فلو كان قادماً على رأس انقلاب لفعل ما يفعله الانقلابيون، بمحاولة استمالة الشعب، بقرارات شعبوية لإرضائهم. والأهم من ذلك أن الشعب وافقه على قراراته، رغم صعوبتها، ولم يواجهها بالرفض الشعبى، أو بالمظاهرات، مما أكد لها، وللمجموعة، أن ما حدث فى مصر ثورة شعبية، انحاز لها الجيش، وهو ما رفعته لاحقاً فى تقريرها النهائى للرئيس أوباما.

عندما حان دورى، فى الكلام، كنت على يقين بأن تلك المجموعة على علم تام بتفاصيل ما حدث، فأضفت كلمة واحدة، مفادها أنه حتى فى أعتى الديمقراطيات، يتودد الرئيس إلى الشعب، خلال فترة رئاسته الأولى، بقرارات شعبية، ليضمن إعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة، يتخذ خلالها القرارات الصعبة، قبيل رحيله عن الحكم. أما الرئيس السيسى فكان هدفه الإصلاح منذ اليوم الأول، غير آبه بشعبيته، لإيمانه بأن قراراته تصب فى مصلحة البلاد، حتى وإن لم يشعر العامة بأهميتها، على المدى القصير، إلا أن تأثيرها على الاقتصاد المصرى عظيم فى المستقبل، وهكذا كانت شهادة الولايات المتحدة لما حدث فى 30 يونيو لتكون مؤيدة لثورة شعب مصر العظيم لإنقاذ دولته بدعم من الجيش المصرى

مقالات مشابهة

  • خبير العلاقات الدولية: منظمات الأمن الدولي فشلت في الحد من اتساع رقعة الصراعات الدولية
  • غباش: التجربة الإماراتية الثرية نموذج متميز في ممارسة الشورى
  • الدكتور سمير فرج يكتب: ثورة شعب أيدها الجيش
  • الملك يُحيل تعديلات مدونة الأسرة على المجلس العلمي الأعلى.. بنطلحة يُحلّل الدلالات
  • الأردن يؤكد ضرورة وقف إرهاب المستوطنيين ويدين شرعنة بؤر استيطانية في الضفة
  • "مفهوم الوطنية الصادقة".. ندوة تثقيفية بأوقاف الفيوم
  • المنشاوي يعلن عن تقدم جامعة أسيوط 221 مركزا بالتصنيف الأمريكي US News لعام 2024
  • جامعة أسيوط تتقدم 221 مركزا بالتصنيف الأمريكي US News لعام 2024
  • الحروب الثقافية وحرب غزة.. كيف صاغ السابع من أكتوبر مفهوم الأمة؟
  • الأوقاف: ندوات بـ 4 محافظات اليوم عن مفهوم الوطنية الصادقة بمناسبة ذكرى 30 يونيو