لجريدة عمان:
2025-04-07@15:36:05 GMT

هل تغيب شمس النفوذ الأمريكي ؟

تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT

ربما تترنَّح الولايات المتحدة نحو تدهورٍ، قليلة هي القوى العظمي التي سبق لها أن تعافت منه. إنها تملك العديد من أدوات التعافي الوطني. لكن لم يتوافر لها بعد إدراكٌ عام بالمشكلة وطريقة حلها.

ما ذكرته أعلاه ليس اقتباسًا من إحدى نشرات حركة ماغا (حركة لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) أو التقدميين ولكنه ملخص لدراسة جديدة أعدتها مؤسسة راند بتكليف من مكتب التقييم الشامل في البنتاجون.

ينبغي أن تكون هذه الدراسة «نداء استيقاظ» بالصوت العالي لأمريكا في عام انتخاباتٍ حاسمة.

دراسة راند التي يتصدرها عنوان هادئ هو «مصادر الدينامية الوطنية المتجددة» تنشر الثلاثاء (30 أبريل 2024) إنها جزء من سلسلة تقارير طلبها مكتب البنتاجون لتقييم الموقف التنافسي للولايات المتحدة فيما هي تواجه الصين الصاعدة. قُدِّمت لي نسخة منها؛ لأنني سبق أن كتبت عن هذا المشروع البحثي وعن مايكل مازار الذي يشرف عليه في مؤسسة راند.

على الرغم من أن التقرير الذي انطوت عليه الورقة كتب في معظمه بلغة علم الاجتماع الجافة إلا إنه يحوي نتائج مثيرة وغير متوقعة. وتقييمه الصريح يتّسق مع تقاليد مكتب التقييم الشامل الذي تأسس عام 1973 خلال أيام الحرب الباردة الكئيبة «لكي يفكر في اللا مُفَكّر فيه». كان المدير المؤسس للمكتب آندرو مارشال المفكِّر الذي اشتهر بآرائه المخالفة للسائد وغرابتها. ويتولى رئاسته الآن جيمس بيكر وهو ضابط متقاعد في القوات الجوية. يحظى بيكر باحترام واسع النطاق وسبق له أن عمل مستشارًا استراتيجيًا لاثنين من رؤساء هيئة الأركان المشتركة الأمريكية.

السؤال الذي طرحه التقرير هو «ما الذي قاد إلى التدهور النسبي في مكانة الولايات المتحدة»؟ الفصل الأول أوضح مشكلة أمريكا تمامًا. فموقفها التنافسي «مهدد من الداخل (بتباطؤ الإنتاجية وشيخوخة السكان والنظام السياسي الاستقطابي والبيئة المعلوماتية التي يزداد فسادها. ومهدد أيضًا من الخارج (بالتحدي المباشر والمتصاعد من الصين وانحسار خضوع عشرات البلدان النامية للنفوذ الأمريكي). يحذر التقرير من أن هذا التدهور «يتسارع». والمشكلة الجوهرية «يُنظَر إليها بطرائق مختلفة جدًا من جانب مختلف شرائح المجتمع وجماعات القادة السياسيين». فهنالك سردية يمينية عن التدهور وأخرى يسارية. وعلى الرغم من اتفاق الجانبين على أن هنالك شيئًا معطوبًا في أمريكا إلا أنهما يختلفان بشدة في أحايين كثيرة حول ما يجب عمله. ما لم يتمكن الأمريكيون من الاصطفاف على صعيد واحد لتحديد وعلاج هذه المشاكل سنخاطر بالسقوط في دوامة من التردِّي.

يشير معدُّو التقرير الى أن «التعافي من تدهور طويل الأجل وكبير شيء نادر ومن الصعب رصده في سجلات التاريخ». فكِّروا مثلا في روما أو إسبانيا تحت حكم سلالة هابسبورج أو الإمبراطوريتين العثمانية والمجرية -النمساوية أو الاتحاد السوفييتي. فعندما تفقد «القوى العظمى موقع التفوق والزعامة بسبب عوامل محلية نادرا ما تستعيد مكانتها». ما الذي يتسبب في التدهور الوطني؟ يشير مؤلفو تقرير راند إلى أسباب معهودة جدا في عام 2024. إنها «إدمان الترف والانحطاط والفشل في مواكبة المطالب التقنية والبيرقراطية المتكلِّسة وفقدان الفضائل المدنية والتمدد العسكري المفرط والنّخَب الأنانية المتحاربة والممارسات البيئية غير المستدامة». هل هذا يبدو مثل أيِّ بلد تعرفونه؟ يحاجج التقرير بأن التحدي هو «الإحياء الوطني الاستباقي». بكلمات أخرى إنه معالجة المشاكل قبل أن «تعالجنا». ويحدد استعراضه للأدبيات التاريخية والسوسيولوجية أدواتٍ جوهرية للإحياء مثل التعرف على المشكلة وتبني موقف يسعى إلى حلها بدلا من اتخاذ موقف أيديولوجي وأن تكون هنالك هياكل حوكمة جيدة وأيضًا (وربما هذا هو الأصعب منالًا) الحفاظ على التزام النخبة تجاه الصالح العام. لسوء الحظ يعتبر معدو تقرير راند في قائمة الإصلاحات هذه أداءَ الولايات المتحدة «ضعيفًا» و«مهدَّدًا» وفي أفضل الأحوال «بَيْنَ بين». وإذا نظرنا بأمانة إلى المرآة الوطنية فإننا في الغالب سنشاطرهم هذا التقييم. إذن ما المخرج؟ يقدم تقرير مؤسسة راند مثالين للدرس والاعتبار تقضي فيهما الإصلاحات العاجلة على أوضاع الفساد والفوضى والتي ربما أصبحت كارثية بخلاف ذلك. المثال الأول بريطانيا في منتصف القرن التاسع عشر. لقد أسَّست امبراطورية ناجحة على نحو باهر. لكن بحلول منتصف القرن التاسع عشر كانت تتفسخ في الداخل «من التكلفة البشرية والبيئية الباهظة للصناعة والفساد المتصوَّر وانعدام فعالية المؤسسات السياسية والتحكم في السياسة من قبل مجموعة صغيرة من نُخَب ملاَّك الأراضي وتصاعد اللامساواة الاقتصادية وغير ذلك». لكن بريطانيا نهضت بموجة من الإصلاحات التي اكتسحت الحياة البريطانية وأحدثت تحولا في السياسة. وشارك قادة الفكر في هذا الشغف بالإصلاح من توماس كارلايل إلى شارلس ديكنز.

المثال الثاني يمكن إيجاده في الولايات المتحدة نفسها بعد عصر الثراء الفاحش والفقر المفرط (العصر المُذهَّب) في أواخر القرن التاسع عشر. أحدث الازدهار الصناعي وقتها تحولا في أمريكا. لكنه أوجد أوضاعًا مؤذيةً من اللامساواة وأضرارًا اجتماعيةً وبيئيةً وفسادًا فادحًا.

قاد الرئيس الجمهوري ثيودور روزفلت حركة «تقدمية» أصلحت السياسة والعمل التجاري وحقوق العمل والبيئة وجففت المستنقع السياسي للفساد.

نقل معدُّو تقرير راند عن المؤرخ جاكسون ليرز قوله: إن التقدميين كان لديهم توق إلى الإحياء وسعوا إلى بثّ شيء من الحيوية العميقة في ثقافة حديثة بدت هشة وعلى وشك الانهيار». الرسالة التي تبعث بها هذه الدراسة بالغة الوضوح. فأمريكا تنزلق في منحدر يمكن أن يقضي عليها. ما يمكن أن ينقذنا هو التزام عريض، يبدأ بالنخبة، بالعمل للصالح العام والإحياء الوطني. لدينا الأدوات لذلك لكننا لا نستخدمها. وإذا لم يكن بمقدورنا إيجاد قادة جدد والاتفاق على حلول مناسبة للجميع ستأفل شمسُنا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

"البيجيدي" يطلب وزير التجارة إلى البرلمان بهدف تحديد تأثير رسوم ترامب التي بقيت في حدها الأدنى على صادرات المغرب

طالبت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بعقد اجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية، بحضور وزير الصناعة والتجارة، وذلك لمناقشة عدد من المواضيع ذات العلاقة بالرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الصادرات المغربية.

وبحسب إخبار للفريق، فإن الطلب الذي وجهه رئيس المجموعة، عبد الله بووانو، لرئيس لجنة القطاعات الإنتاجية، يضع في عين الاعتبار « احتمال أن تكون لهذه الرسوم الأمريكية الجديدة، تداعيات على الواردات المغربية، وقد يترتب عنها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الوطني، خاصة على سلاسل التوريد والصادرات المغربية ».

ودعت المجموعة لتقييم دقيق للتأثيرات المحتملة لهذه الرسوم على القطاعات الصناعية والتجارية في المغرب، خلال هذا الاجتماع، وبحث الإجراءات الاستباقية والتدابير اللازمة لحماية المقاولات الوطنية وضمان استمرارية سلاسل التوريد، ومناقشة البدائل الاستراتيجية لتنويع الأسواق والشراكات التجارية لتقليل المخاطر الناجمة عن مثل هذه المتغيرات الدولية، ودراسة السبل القانونية والدبلوماسية للدفاع عن المصالح الاقتصادية الوطنية في إطار منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات الدولية.

ولجأ البيت الأبيض إلى عملية حسابية بسيطة لتحديد الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء وطبقها بشكل موحد على جميع البلدان مما أثار انتقادات وتساؤلات خبراء الاقتصاد، بمن فيهم الحائز على جائزة نوبل بول كروغمان.

وقال ترامب إنه يريد معاملة الآخرين بالمثل، لكن الأرقام التي أعلنها لا تتوافق مع مستوى الرسوم الجمركية الحالية.

وبناء على حسابات البيت الأبيض، تفرض الصين ضريبة بنسبة 67% على المنتجات الأميركية، لكن أرقام منظمة التجارة العالمية تبين أن بكين فرضت في عام 2024 على واشنطن تعرفة جمركية قدرها 4,9% في المتوسط.

والفجوة واسعة بالقدر نفسه لدى حساب الرسوم التي يفرضها الاتحاد الأوروبي (1,7% وفقا لمنظمة التجارة العالمية، و39% وفق ترامب) والهند (6,2% مقابل 52%).

ويقول البيت الأبيض إنه أخذ في الاعتبار حواجز تجارية أخرى إلى جانب التعرفات الجمركية، بما في ذلك المعايير البيئية والتلاعب بسعر العملة.

ونشر الممثل التجاري للولايات المتحدة صيغة تحتوي على متغيرات متعددة عب ر عنها بالأحرف اليونانية. لكن العديد من هذه المتغيرات يلغي بعضه بعضا ويجعل المسألة قسمة بسيطة.

في الواقع، لحساب الرسوم الجمركية المفترضة، قام البيت الأبيض بتقسيم الميزان التجاري (الفرق بين الواردات والصادرات) على قيمة الواردات وذلك بغض النظر عن البلد ومن دون أخذ خصوصيات الروابط التجارية في الاعتبار.

ويؤكد خبراء الاقتصاد في دويتشه بنك أن « الصيغة تعتمد على القيمة النسبية للفائض التجاري مع الولايات المتحدة ».

وكتب بول كروغمان على مدونته « هذا النهج حافل بالأخطاء إلى درجة يصعب معها أن نعرف من أين نبدأ ».

وأشار على وجه الخصوص إلى أن الحسابات تأخذ في الاعتبار السلع المتداولة فقط، وتتجاهل الخدمات. وهي طريقة « غبية »، في نهاية المطاف، كما يقول.

وبتطبيق الصيغة التي نشرتها الإدارة على بيانات عام 2024 التي نشرها مكتب الإحصاء الأميركي، حصلت وكالة فرانس برس على الأرقام التي عرضها ترامب. والرسوم الجمركية الجديدة المعلنة لكل دولة تتوافق مع هذه النتيجة مقسومة على اثنين.

وفي حال الحصول على أقل من 10%، أو في حالة وجود فائض تجاري، تطبق الولايات المتحدة بشكل موحد نسبة 10%. وهذه حال أكثر من مئة دولة أو إقليم، بما في ذلك المملكة المتحدة وأستراليا. ومع ذلك، لم يكن من الممكن فهم كيف تم الحصول على الرسوم الجمركية البالغة 10% التي تم فرضها على أفغانستان.

إضافة إلى ذلك، تعتمد الصيغة على افتراضات بسيطة لتقدير تأثير الزيادة في أسعار المنتجات المستوردة على الطلب المحلي الأميركي. ويطلق على هذا المتغير اسم « المرونة »، وقيمته ثابتة لكل بلد، بغض النظر عن المنتج.

هذا مع أن إحدى المقالات العلمية التي استشهد بها البيت الأبيض لدعم صيغته تؤكد أن المرونة « تختلف تبعا للمنتج والمستورد ».

كلمات دلالية المغرب برلمان تجارة ترامب جمارك رسوم

مقالات مشابهة

  • أوفيتشكين بعد تحطيمه الرقم القياسي للأهداف في دوري الهوكي الوطني الأمريكي: “أنا سعيد من أجل روسيا”
  • العدوان الأمريكي على اليمن.. بين فشل الهجمات وتزايد التكاليف
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • جنوب أفريقيا: لا نخطط للرد على التعريفات التي فرضها ترامب
  • ضجة عالمية في مواجهة الحرب التجارية للرئيس الأمريكي
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • المفتي قبلان: اللحظة للتضامن الوطني وليس لتمزيق القبضة الوطنية العليا التي تحمي لبنان
  • إصرار ترامب على بسط النفوذ الأميركي على جزيرة غرينلاند
  • وزير الخزانة الأمريكي يعلق على ضخامة الدين الوطني لبلاده وإمكانية تخلفها عن السداد
  • "البيجيدي" يطلب وزير التجارة إلى البرلمان بهدف تحديد تأثير رسوم ترامب التي بقيت في حدها الأدنى على صادرات المغرب