يحتفل العالم الجمعة باليوم العالمي لحرية الصحافة في لحظة تمر فيها المهنة بتحديات وجودية صعبة سواء على مستوى الحرية أو على المستوى الوجودي لها ليس فقط في بلدان العالم الثالث وإنما في الدول التي تعتبر نفسها قمة الديمقراطية والحرية وذروتها.
وإذا كان العالم، لأسباب تاريخية كثيرة ومتعددة، ينظر إلى الصحافة العربية وصحافة العالم الثالث باعتبارها لا تملك مساحة الحرية التي تملكها الصحافة الغربية وبشكل خاص صحافة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا؛ فإن هذه النظرة تشظت كثيرا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، ووصلت إلى مرحلة الكسر الواضح خلال حرب الإبادة على قطاع غزة.
إن أحد أهم الجرائم الكبرى التي ارتكبها الكيان الصهيوني خلال حربه على قطاع غزة كانت جريمة استهداف الصحفيين وقتلهم والتنكيل بهم بهدف إسكات صوت الراوي الذي يروي للعالم جرائم الاحتلال البشعة، والإبقاء على الرواية الإسرائيلية المكتوبة في الثكنات العسكرية أو تلك التي خضعت لتحرير الرقيب العسكري كما هو الحال في تغطيات كبريات وسائل الإعلام العالمي التي اعترفت بعضها بالحقيقة.
ومن يتابع وسائل الإعلام العالمية سيقف على أساليب تغطيتها للحرب الروسية الأوكرانية التي توجه فهم القارئ وتحاصره حتى لا تصله إلا الرواية الغربية للحرب ومجرياتها، وما زالت كل وسائل الإعلام الغربي تُعرّف هذه الحرب بأنها «الغزو الذي يشنه الرئيس بوتين على أوكرانيا»، وبعيدا عن أي موقف من طرفي الحرب فإن القارئ الغربي مستلب فهو لا يجد إلا رواية واحدة متطابقة في كل وسائل الإعلام حول حرب روسيا وأوكرانيا، وإلى حد كبير حول الحرب على غزة.. والأمر نفسه فيما يتعلق ببناء الصورة الذهنية التي ترسم عن إيران أو عن المسلمين والعرب في تلك الصحف والقنوات الفضائية.
لقد تجاوزت الكثير من صحف العالم الثالث الصحف الغربية في قدرتها على تقديم الكثير من الروايات حول هذه الحروب ودون تدخل من رقيب عسكري أو سياسي وفضحت المعايير المزدوجة التي يقوم عليها النظام العالمي ومؤسساته.
بل إن الصحف الغربية الكبرى سقطت في المهنية أيضا عندما لم تستطع أن تعتذر عن التضليل الذي مارسته عندما كُشفت الحقائق كما حصل بشأن روايات قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء يوم 7 أكتوبر.. ولن تعتذر عن التضليل اللغوي الذي تستخدمه كل يوم في توجيه المصطلحات المتعلقة بالحرب على غزة. ورغم أن الحروب والصراعات الدولية أحد أكبر مآسي الصحافة وأوسع مقابرها حيث لقي أكثر من 135 صحفيا حتفهم خلال 7 أشهر في غزة وحدها إلا أن التحديات الجديدة التي تواجه الصحافة أَعْقد من ذلك بكثير. إن ثورة الذكاء الاصطناعي في مجال الصحافة والإعلام تهدد وجود الصحافة كما لم تهددها الثورة التكنولوجية من قبل، فالكثير من الوظائف في الصحافة والإعلام مهددة بالاختفاء خلال خمسة أعوام فقط وفي مقدمة تلك الوظائف وظيفةٌ مثل وظيفة كاتب هذه الافتتاحية التي صار بإمكان الكثير من النماذج التوليدية أن تكتب مثلها، وكذلك وظيفة مذيع الأخبار، وصانع المحتوى المقروء والمكتوب، ومصمم الجرافيك، ومصمم الصور، والمترجم، وحتى صانع الأفلام، وعالم الدبلجية في الأفلام والحوارات.. إلخ.
إذا كان الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام في بداياته الأولى فإنه قد خطف الأنظار بشكل كبير جدا، وهذه البدايات الأولى تشير إلى معالم المستقبل القريب حيث سيكون لكل فرد في المجتمع صحيفته الخاصة المصممة بناء على اهتماماته القرائية والإخراجية، ولكل فرد نشرة أخباره الخاصة المصممة كذلك بناء على تفضيلاته للأخبار ونوعها ونطاقها الجغرافي، بل أيضا وتوجهاتها الفكرية والأيديولوجية ومستوى اللغة الذي يناسبه سواء لغة أدبية أو لغة علمية أو حتى لهجة عامية. وكل هذا لن يحتاج من صاحب الصحيفة أو مالكها إلا إلى نموذج إلكتروني واحد ومجموعة خوارزميات تحدد اهتمامات القارئ.
كل هذه التحديات: تحديات الحرية والمصداقية والمهنية وتحديات ثورة الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى جهود كبيرة من القائمين على الصحافة والإعلام ليس في العالم العربي وحده وإنما في العالم أجمع فدور الصحافة ومكانتها لن تتغير وإن تغيرت أدواتها ووسائلها ولذلك هي في أمسّ الحاجة إلى الحماية والعناية والتطوير والأمر نفسه يصدق على الصحفيين أنفسهم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العالم الثالث وسائل الإعلام
إقرأ أيضاً:
ما الذي يحدث في السعودية؟.. أكثر من 19 ألف موقوف خلال أسبوع
أعلنت وزارة الداخلية السعودية عن نجاح حملات أمنية واسعة في توقيف 19,696 مقيما غير قانوني في مختلف مناطق المملكة، وذلك خلال الفترة بين 14 و20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
اقرأ ايضاًردا على "الطاقة الذرية".. إيران تطلق أجهزة طرد مركزي متطورةجاءت هذه الحملة في إطار الجهود المستمرة لمكافحة مخالفات الإقامة والعمل وأمن الحدود، بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة.
حملة ميدانيةتشير التقارير الرسمية إلى أن من بين الموقوفين 11,336 شخصاً خالفوا قوانين الإقامة، 5,176 مخالفين لقوانين أمن الحدود، و3,184 مخالفين لقانون العمل.
كما كشف التقرير عن القبض على 1,547 شخصا حاولوا عبور الحدود بشكل غير قانوني إلى المملكة، بينهم 32% يمنيون، 65% إثيوبيون، والبقية من جنسيات أخرى.
مخالفات العمل والهجرة غير الشرعيةفيما يتعلق بمحاولات مغادرة المملكة، تم القبض على 71 شخصاً كانوا يحاولون مغادرة البلاد بطرق غير شرعية. بالإضافة إلى ذلك، تم توقيف 22 شخصاً بتهم تتعلق بنقل وإيواء وتشغيل المخالفين.
وتُجرى حاليا الإجراءات القانونية بحق 22,658 وافدا، بينهم 19,651 رجلا و3,007 امرأة.
الترحيل والإجراءات القانونيةوأعلنت وزارة الداخلية السعودية أن 15,134 شخصا من المخالفين تم إحالتهم إلى بعثاتهم الدبلوماسية للحصول على وثائق سفر، بينما تم ترحيل 10,666 مخالفا بعد استكمال إجراءاتهم القانونية.
اقرأ ايضاًالعثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإماراتكما تم اتخاذ تدابير لحجز وتأمين سفر 2,656 مخالفاً لاستكمال حجوزاتهم.
تحذير من تسهيل دخول المخالفينفي سياق متصل، حذرت وزارة الداخلية السعودية من مغبة تسهيل دخول الأفراد غير القانونيين إلى المملكة، أو توفير المأوى أو النقل لهم.
وأكدت أن أي شخص يساهم في ذلك قد يُعاقب بالسجن لمدة تصل إلى 15 سنة، مع غرامة مالية قد تصل إلى مليون ريال، إضافة إلى مصادرة المركبات والمنازل المستخدمة في تسهيل تلك الأنشطة.
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)
وسام نصر الله كاتب وصحفيكاتب وصحفي متخصص في الشؤون السياسية والدولية، وعضو في نقابة الصحفيين الأردنيين واتحاد الصحفيين العرب. يعمل محررا في قسم الأخبار في "البوابة" منذ عام 2011، حيث يتابع ويحلل ويغطي أبرز الأحداث الإقليمية والدولية.
الأحدثترند ما الذي يحدث في السعودية؟.. أكثر من 19 ألف موقوف خلال أسبوع تشكيلة مانشستر يونايتد المتوقعة ضد إبسويتش تاون اليوم في الدوري الإنجليزي 2024-25 زعيم حزب ألماني: نعيش تحت الإحتلال الأمريكي.. ومهددون بالحرب تشكيلة ليفربول المتوقعة ضد ساوثهامبتون اليوم في الدوري الإنجليزي 2024-25 البرهان يكشف عن المرحلة المقبلة في السودان Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter