لجريدة عمان:
2025-03-16@21:30:18 GMT

الصحافة في يوم حريتها العالمي

تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT

الصحافة في يوم حريتها العالمي

يحتفل العالم الجمعة باليوم العالمي لحرية الصحافة في لحظة تمر فيها المهنة بتحديات وجودية صعبة سواء على مستوى الحرية أو على المستوى الوجودي لها ليس فقط في بلدان العالم الثالث وإنما في الدول التي تعتبر نفسها قمة الديمقراطية والحرية وذروتها.

وإذا كان العالم، لأسباب تاريخية كثيرة ومتعددة، ينظر إلى الصحافة العربية وصحافة العالم الثالث باعتبارها لا تملك مساحة الحرية التي تملكها الصحافة الغربية وبشكل خاص صحافة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا؛ فإن هذه النظرة تشظت كثيرا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، ووصلت إلى مرحلة الكسر الواضح خلال حرب الإبادة على قطاع غزة.

. وهذا التشظي أو الكسر لم يكن أمام شعوب العالم الثالث فقط، بل صار واضحا ومحسوسا أمام الشعوب الغربية نفسها التي تشتكي اليوم من قيود كثيرة على الحرية والديمقراطية بشكل عام. إن صحافة العالم الغربي، رغم مهنيتها، إلا أن مصداقيتها سقطت وتشوهت كما لم تتشوه من قبل خلال حربي أوكرانيا وغزة.. وليس ذلك على مستوى قتل الصحفيين فقط، فهذا ديدن الحروب مع الفارق بين كل حرب وأخرى، ولكن أيضا، على مستوى سرد الحقيقة وتعدد الآراء والروايات.

إن أحد أهم الجرائم الكبرى التي ارتكبها الكيان الصهيوني خلال حربه على قطاع غزة كانت جريمة استهداف الصحفيين وقتلهم والتنكيل بهم بهدف إسكات صوت الراوي الذي يروي للعالم جرائم الاحتلال البشعة، والإبقاء على الرواية الإسرائيلية المكتوبة في الثكنات العسكرية أو تلك التي خضعت لتحرير الرقيب العسكري كما هو الحال في تغطيات كبريات وسائل الإعلام العالمي التي اعترفت بعضها بالحقيقة.

ومن يتابع وسائل الإعلام العالمية سيقف على أساليب تغطيتها للحرب الروسية الأوكرانية التي توجه فهم القارئ وتحاصره حتى لا تصله إلا الرواية الغربية للحرب ومجرياتها، وما زالت كل وسائل الإعلام الغربي تُعرّف هذه الحرب بأنها «الغزو الذي يشنه الرئيس بوتين على أوكرانيا»، وبعيدا عن أي موقف من طرفي الحرب فإن القارئ الغربي مستلب فهو لا يجد إلا رواية واحدة متطابقة في كل وسائل الإعلام حول حرب روسيا وأوكرانيا، وإلى حد كبير حول الحرب على غزة.. والأمر نفسه فيما يتعلق ببناء الصورة الذهنية التي ترسم عن إيران أو عن المسلمين والعرب في تلك الصحف والقنوات الفضائية.

لقد تجاوزت الكثير من صحف العالم الثالث الصحف الغربية في قدرتها على تقديم الكثير من الروايات حول هذه الحروب ودون تدخل من رقيب عسكري أو سياسي وفضحت المعايير المزدوجة التي يقوم عليها النظام العالمي ومؤسساته.

بل إن الصحف الغربية الكبرى سقطت في المهنية أيضا عندما لم تستطع أن تعتذر عن التضليل الذي مارسته عندما كُشفت الحقائق كما حصل بشأن روايات قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء يوم 7 أكتوبر.. ولن تعتذر عن التضليل اللغوي الذي تستخدمه كل يوم في توجيه المصطلحات المتعلقة بالحرب على غزة. ورغم أن الحروب والصراعات الدولية أحد أكبر مآسي الصحافة وأوسع مقابرها حيث لقي أكثر من 135 صحفيا حتفهم خلال 7 أشهر في غزة وحدها إلا أن التحديات الجديدة التي تواجه الصحافة أَعْقد من ذلك بكثير. إن ثورة الذكاء الاصطناعي في مجال الصحافة والإعلام تهدد وجود الصحافة كما لم تهددها الثورة التكنولوجية من قبل، فالكثير من الوظائف في الصحافة والإعلام مهددة بالاختفاء خلال خمسة أعوام فقط وفي مقدمة تلك الوظائف وظيفةٌ مثل وظيفة كاتب هذه الافتتاحية التي صار بإمكان الكثير من النماذج التوليدية أن تكتب مثلها، وكذلك وظيفة مذيع الأخبار، وصانع المحتوى المقروء والمكتوب، ومصمم الجرافيك، ومصمم الصور، والمترجم، وحتى صانع الأفلام، وعالم الدبلجية في الأفلام والحوارات.. إلخ.

إذا كان الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام في بداياته الأولى فإنه قد خطف الأنظار بشكل كبير جدا، وهذه البدايات الأولى تشير إلى معالم المستقبل القريب حيث سيكون لكل فرد في المجتمع صحيفته الخاصة المصممة بناء على اهتماماته القرائية والإخراجية، ولكل فرد نشرة أخباره الخاصة المصممة كذلك بناء على تفضيلاته للأخبار ونوعها ونطاقها الجغرافي، بل أيضا وتوجهاتها الفكرية والأيديولوجية ومستوى اللغة الذي يناسبه سواء لغة أدبية أو لغة علمية أو حتى لهجة عامية. وكل هذا لن يحتاج من صاحب الصحيفة أو مالكها إلا إلى نموذج إلكتروني واحد ومجموعة خوارزميات تحدد اهتمامات القارئ.

كل هذه التحديات: تحديات الحرية والمصداقية والمهنية وتحديات ثورة الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى جهود كبيرة من القائمين على الصحافة والإعلام ليس في العالم العربي وحده وإنما في العالم أجمع فدور الصحافة ومكانتها لن تتغير وإن تغيرت أدواتها ووسائلها ولذلك هي في أمسّ الحاجة إلى الحماية والعناية والتطوير والأمر نفسه يصدق على الصحفيين أنفسهم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العالم الثالث وسائل الإعلام

إقرأ أيضاً:

سلطنة عمان تحذر من تداعيات استمرار النهج العسكري الأمريكي الذي يستهدف مليشيا الحوثي

 

حذرت اليوم سلطنة عمان من تداعيات استمرار النهج العسكري الأمريكي الدي يستهدف مليشيا الحوثي في اليمن على أمن المنطقة واستقرارها.

 

وأكد بيان صادر عن وزارة الخارجية العمانية" اطلع عليه موقع مأرب برس" عن اسف السلطنة لاستمرار العمليات العسكرية، مشيرةً إلى أنها تفاقم معاناة الشعب اليمني وتزيد من حالة عدم الاستقرار الإقليمي.

 

وشددت مسقط على موقفها الثابت بضرورة تبني الحلول السلمية عبر الحوار والتفاوض، محذرةً من أن استمرار التصعيد سيؤدي إلى مزيد من التعقيد في المشهد الإقليمي.

 

وأكد البيان على أهمية معالجة جذور الأزمة اليمنية من خلال حلول سياسية مستدامة، تضمن تحقيق السلام والاستقرار والتنمية لشعوب المنطقة. كما حثت سلطنة عمان جميع الأطراف الفاعلة على تحمل مسؤولياتها في التهدئة، والعمل على تجنب مزيد من التصعيد الذي قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية في اليمن والمنطقة.

وتستضيف سلطنة عمان العديد من القيادات الحوثية المدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكية، منذ سنوات، وتُتهم السلطنة ، بحسب وسائل إعلام غربية، بدعم الحوثيين، وتسهيل أنشطتهم المالية.

 

وشنت الطائرات الأمريكية خلال الساعات الماضية عشرات الغارات الجوية والصواريخ على مواقع ومقار حوثية عسكرية وسياسية في العاصمة صنعاء ومحافظات ذمار والبيضاء وصعدة وحجة وأجزاء من مناطق سيطرة الحوثيين في مأرب.

  

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان تحذر من تداعيات استمرار النهج العسكري الأمريكي الذي يستهدف مليشيا الحوثي
  • ما الذي تفتقده صحافتنا اليوم؟
  • تركيا الأولى عالميا ضمن الدول التي يصعب فيها امتلاك منزل!
  • السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
  • في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا
  • الفاتيكان: الحالة الصحية للبابا فرنسيس مستقرة
  • الضفة الغربية تشهد 36 عملًا مقاوماً خلال 48 ساعة
  • اشتباكات عنيفة بين قوات الاحتلال والفلسطينيين في الضفة الغربية
  • في يوم النوم العالمي.. اضطرابات النوم ترتبط بالأمراض المزمنة
  • قتلى فلسطينيون واعتقال أكثر من 100 بالضفة الغربية