وسط ضغوط خارجية واتهامات داخلية.. ماهو مصير علاقة البرهان مع الإسلاميين؟
تاريخ النشر: 1st, May 2024 GMT
تتأرجح علاقة البرهان (العلنية) مع فلول النظام البائد صعودا وهبوطا ما يجعل من الصعب تحديد قدرة التحالف الحالي بين الجيش والإسلاميين ومليشياتهم المسلحة؛ على الصمود في ظل إعلان المجتمع الإقليمي والدولي قلقه من تسيدهم للمشهد من جهة؛ والدعاية الحربية المكثفة للدعم السريع بحربهم ضد فلول النظام البائد. الأمر الذي يطرح تساؤلا حول مدى وجودية العلاقة بين الطرفين، هل تصنف علاقة استراتيجية يرتبط فيها البرهان رباطا مقدسا مع “الكيزان” أم هي علاقة مصالح طارئة حال تحققت سيسعى قائد الجيش للتخلص منهم؟
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
منذ خروجه في 24 أغسطس 2023 من مباني القيادة العامة التي وُجد بها قائد الجيش منذ لحظة اندلاع الحرب في 15 أبريل من العام الماضي، استمر في إنكار ضلوع الإسلاميين في الحرب ونافيا علاقتهم بالجيش عبر كل حديث جماهيري أو بيان ضحدا للدعاية الحربية للدعم السريع التي تقول إن حربهم ضد فول النظام البائد.
وكان البرهان يصر على عدم وجود “عناصر كيزانية” داخل الجيش واصفا الجنود الذين يقف لمخاطبهتم بأنهم جيش “قوقو” لا يحمل أي أجندة حزبية.
ولم يكتف بإنكار وجودهم في الداخل وحسب؛ بل حتى في زياراته الخارجية كان ينكر علاقة الإسلاميين بالجيش في الوقت الذي تنشر قيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول التي هربت من السجون رسائل صوتية كما ظهرت في ولاية كسلا شرقي البلاد في اجتماعات معلنة، دون أن يعترضهم أحد.
مخالفة الوقائعالصوت العالي لكتيبة البراء بن مالك، التي يرجح أنها ضمن المليشيات الإسلامية التي يعود تكوينها لتسعينيات القرن الماضي إبان حرب الجنوب، ونُشِّطَت في 2013 واختيار المصباح أبوزيد، أميرا لها، هو ما جعل إنكار علاقة الجيش بالإسلاميين صعبة التصديق.
محلل عسكري: البرهان ورث خوفه من الإسلاميين من “البشير”
وتقول مصادر مطلعة إن قيادات كيزانية عليا تدير شؤون المليشيا وتسليحها في الظل.
وما أكد علاقة البرهان الخاصة مع كتيبة البراء مسارعته لزيارة قائدها بعد إصابته ونقله لولاية نهر النيل كأولى المهام التي ينجزها في اليوم التالي لخروجه من القيادة بتاريخ 25 أغسطس.
وتنشط كتيبة البراء وقائدها الميداني المصباح أبو زيد في وسائط التواصل الاجتماعي، وتنشر صورها وفيديوهاتها وأسلحتها التي تحمل شعار الكتيبة، خاصة عمليات الهجوم عبر المسيرات.
فيما تثبت عدد من الفيديوهات ضلوعهم في الحرب منذ قبل اشتعالها، وليس انضمامهم إليها لاحقا ما يعضد التصريحات السياسية بأن الإسلاميين هم من أطلقوا الرصاصة الأولى، وأعلنوا بداية الحرب.
من ضمن هذه الفيديوهات اجتماع لبعض أعضاء الكتيبة يتحدثون فيه عن نقاط الالتقاء والتبليغ حال انقطعت الاتصالات، خلال شهر رمضان الذي اندلعت فيه الحرب. كما ظهر قائد الكتيبة في فيديو مع بعض القيادات الكيزانية يهددون فيه بالحرب، ويعلنون استعدادهم وجاهزيتهم في مناسبة إفطار رمضاني قبيل الحرب بأيام.
خطى “البشير”على الرغم من تقليص البرهان للوجود الإسلامي في القوات المسلحة من المناصب العسكرية والاقتصادية؛ عبر إقالة رئيس الاستخبارات العسكرية جمال الشهيد وصديق سيد أحمد وأحد أعضاء المجلس العسكري مصطفى محمد مصطفى كما أطاح بهاشم عبد المطلب الذي كان أقدم منه وأعلى رتبة؛ إلا أنه حافظ على وجود نسبي للإسلاميين في معادلة توازن القوى لصالحه وفق محلل عسكري فضل حجب اسمه.
وشبه المحلل العسكري البرهان بالبشير، قائلا إن البشير أوجد قوات الدعم السريع حتى لا ينقلب عليه أخوان السلاح فيما حافظ البرهان على الوجود الإسلامي في الجيش ليخيف الدعم السريع ولاحقا بعد الحرب استفاد من دعمهم للجيش في الحرب ضد حميدتي.
وأضاف: “خوف البرهان من الإسلاميين ورثه من البشير”، مؤكدا أنه بحكم منصبه الأخير مفتشا عاما للجيش جعله يعرف كل صغيرة وكبيرة ومن بين ذلك المعرفة الدقيقة لوجود الإسلاميين في المؤسسة العسكرية.
وفور توليه قيادة الجيش اتبع معظم الوحدات لقيادته المباشرة مثل وحدة المسيرات والحرس الرئاسي، ووضع أحد أصدقائه المقربين رئيساً للتصنيع الحربي.
ومعركة محاربة الوجود الإسلامي في الجيش خاضها سابقا الجنرالان برهان وحميدتي إبان الفترة الانتقالية، والدليل عليها الخطاب الشهير لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي قال إن هناك مشاكل بين العسكريين أنفسهم.
وتوسط البرهان لفض الخلاف بينهما وفق مصادر من حكومة الفترة الانتقالية أكدت لـ (التغيير) أن الخلاف كان يدور حول عدد 800 ضابط إسلامي في الجيش طالب حميدتي بإقالتهم.
احتجاج “سري”الحرب كانت العنصر الذي أجبر البرهان على الحفاظ على “شعرة معاوية” مع الإسلاميين وفق المحلل العسكري الذي توقع أن يكون هو من وجه الفريق شمس الدين كباشي لرفض الشعارات الحزبية في خطاب جماهيري شهير قال فيه إن المقاومة الشعبية ستكون الخطر القادم على السودان.
وأضاف: “لكن البرهان عندما أراد أن يقول ذات الحديث قاله في تنوير سري خاص”.
وقال مصدر عسكري لـ (التغيير) إن البرهان احتج على ظهور كتيبة البراء وتسيدها للمشهد مؤكدا أن هذا كان له تأثير سالب في صورة الجيش بالخارج.
وقال المصدر العسكري الذي حضر الاجتماع الخاص برتبة لواء وفريق وفريق أول مع البرهان في الكلية الحربية خلال شهر أبريل الجاري إنه منح الضوء الأخضر للقيادات العسكرية “للتعامل مع” كل من يذكر اسم كتيبة البراء.
وأضاف المصدر العسكري أن البرهان قال إذا أرادوا القتال في صف الجيش عليهم فعل ذلك دون ذكر كتائبهم الإسلامية.
من جانبه أكد القيادي بالمؤتمر السوداني مهدي رابح أن البرهان لا يمكن أن يقف موقفا صريحا ضد الإسلاميين؛ لأنهم يسيطرون على الجيش سيطرة تامة إلى جانب وجود مليشياتهم الموازية.
وقال في مقابلة مع (التغيير) إنهم سيقضون على البرهان حال اضطر لمواجهتهم.
مهدي رابح: البرهان فاقد للبوصلة الأخلاقية يريد البقاء في السلطة حتى لو حكم ركام
واعتبر رابح أن ذلك سيفتت الجيش السوداني لقوى مسلحة مقابل حدوث الأمر نفسه مع الدعم السريع ما يؤدي إلى تقسيم السودان إلى مساحات جغرافية يسيطر على كل رقعة منها أمير حرب في بيئة من الفوضى تعلن انهيار الدولة السودانية إلى الأبد.
مهدي رابحواتهم رابح البرهان بفقده لأي بوصلة أخلاقية قائلا إن مشروعه المركزي الوحيد استمراره رئيسا للبلاد “حتى لو حكم ركام”.
وتوقع رابح أن يلعب البرهان بكافة الخيوط لإدارة التناقضات الكثيرة التي تلف المشهد الحالي، مثل وجود الإسلاميين من جهة وعلاقته مع مصر حليفه الإستراتيجي التي وقفت معه منذ فض الاعتصام، مرورا بالانقلاب حتى دعمه في الحرب الحالية بالإضافة لوجود إيران في المشهد.
وأكد القيادي بالمؤتمر السوداني أن محاولة البرهان لإدارة كل هذه التناقضات ستجعله ضحيتها آخر الأمر “في لحظة ما سيستنفذ الحيل كلها”.
ومن الواضح أن مواقف القاهرة تبدلت بعد أن بات تسيد الإسلاميين للمشهد عصيا على النكران، واستعادة السودان لعلاقته مع إيران، فتحولت مواقفها من دعم الجيش إلى تبني موقف الوساطة.
ووفق مصادر سياسية زار قائد ثان قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو مصر وأجرى حوارا مع القيادات المصرية الأمر الذي أفضى إلى قيام مفاوضات المنامة في يناير من العام الحالي.
ووفق ما أكد الناطق الرسمي لتقدم بكري الجاك في حديث سابق لـ (التغيير) ستنضم مصر إلى جانب الإمارات على طاولة المفاوضات المقبلة بجدة.
حرب وجوديةبالنسبة للجانب الآخر في المعادلة، وهم الإسلاميون الذين هددوا بالعنف طوال شهر رمضان الذي اندلعت فيه الحرب مؤكدين أن الاتفاق الإطاري لن يصل لنهاياته، وهم من أطلق الرصاصة الأولى في الحصار الذي تم لمعسكر الدعم السريع بالمدينة الرياضية لن يسمحوا بأن تتوقف الحرب، أو يفقدوا سيطرتهم على الجيش والسماح له بالجلوس في مفاوضات لن تعيدهم للمشهد السياسي.
بالنسبة لهم الحرب الحالية “وجودية” وفق رابح الذي قال إن الإسلاميين تنظيم إجرامي يسعى للإفلات من العقاب عبر الحرب، ويسعى عبرها أيضا لاستعادة سيطرته على موارد الدولة “هذه الحرب لا علاقة لها بالكرامة ولا الدين عبارة هي حرب عصابة تريد الاستمرار في السلطة والاستمرار في نهب الدولة”.
من الواضح أن تسريب ما قاله البرهان في لقائه الخاص مع الرتب العليا في القوات المسلحة كانت له نتائج واضحة في رد الفعل الإسلامي عبر الأقلام التي تدعمهم وبدأت في شن حملة منظمة ضد الفريق البرهان فيها توقعات بمخالفته قريبا، وتحمله مسؤولية الأخطاء كلها قبل وأثناء الحرب.
لكن المحلل العسكري استبعد حدوث مصادمات بين كتائب الإسلاميين والجيش مشيرا إلى أن أقصى ما ستفعله هي الانسحاب من المعركة، وترك الجيش وحيدا فيها.
محلل عسكري: (…..) هذه فرصة البرهان الوحيدة للنجاة من غدر الإسلاميين
وأضاف أن الحركة الإسلامية جربت الدخول في مواجهات مع الجيش مرة واحدة في يوليو 1976، ولم تفعلها من جديد وحتى عندما انقلب البشير على الأب الروحي للحركة الإسلامية وشيخها الترابي لم يغادر العسكريون الموالون له، بل ظلوا في مؤسساتهم العسكرية.
وقال المحلل العسكري لـ (التغيير) إن للبرهان فرصة واحدة للنجاة من غدر الإسلاميين عبر كسب ولاء الضباط المنتمين للتنظيم الإسلامي مؤكدا أن العسكر ولاؤهم للجيش أعلى من ولائهم للتنظيم.
من جانبه قال الخبير الاستراتيجي المختص في العلاقات الخارجية راشد الشيخ، إن الضغوط الخارجية التي تمارس على القوى العسكرية للتخلي عن الإسلاميين هي عبارة عن تقاطعات مصالح كانت موجودة من قبل الحرب، لكنها استغلت هذه الظروف الجديدة لتمنع وصولهم للسلطة.
وقال الشيخ لـ (التغيير) بعد الحروب كلها التي تأخذ فترات قصيرة تحدث عملية دمج بين الأنظمة المتحاربة، واستمرارها لفترة متوسطة من سنتين لثلاث سنوات تؤدي إلى إقصاء كلي لأحد أطراف الحرب.
د. راشد محمد عليوأضاف: “أما استمرارها لفترات طويلة يحدث فيها ما يسمى بإنهاء وجود النظم السياسية واستبدالها بأخرى”.
هذا فيما سيكون ذهاب الجيش إلى منبر جدة المقترح في النصف الأول من مايو المقبل والتزامه بما يُتَوَصَّل إليه في المفاوضات هو الاختبار الحقيقي لمدى استجابة البرهان للضغوط الخارجية في مقابل إقصاء الإسلاميين من تسيد المشهد.
الوسومالإسلاميين السودانيين الجيش السوداني المؤتمر الوطني المحلول عبد الفتاح البرهان كتيبة البراء بن مالكالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإسلاميين السودانيين الجيش السوداني المؤتمر الوطني المحلول عبد الفتاح البرهان كتيبة البراء بن مالك المحلل العسکری کتیبة البراء فی الحرب
إقرأ أيضاً:
ثم ماذا بعد تصريحات الفريق/ البرهان
بقلم: محمد بدوي
حفلت الساحة السياسية السودانية بردود أفعال مختلفة عقب تصريحات الفريق اول/ عبدالفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس المجلس السيادي الإنتقالي، لدي مخاطبته لقاء " القوي السياسية والمجتمعية" بمدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية عقب حرب أبريل ٢٠٢٣، ولعل هذا اللقاء مثل احدي الاحداث البارزة في السياق السياسي في ظل سيطرة مشهد الحرب وفشل منبر جده في مايو٢٠٢٣ والرفض للدعوات المختلفة للسماح بالممرات الإنسانية أو اللقاءات الثنائية بين قاىدي الجيش والدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، إضافة إلي تجريم بعض قادة القوي السياسية وفقا لمواقفهم السياسية من الحرب ومواقف اطرافه الرئيسين من الانتهاكات التي طالت المدنيين، المساعدات الإنسانية ووقف الحرب.
دون الخوض في ردود الفعل الاخري من الحركة الاسلامية واجنحتها السياسية والمسلحة حول رفض الخطاب، لأن السياق التاريخي لعلاقة" الجيش، الانقلابات، السلطة، الاحزاب " دوما يرجح الكفة تضامن الضباط وفقا للعلاقة العسكرية مع بعضهم للسيطرة على السلطة واقصاء المدنيين حتي داخل التنظيم، والمثال الاخير صراع البشير والترابي ١٩٩٩، وصراع البشير وقادة الحركة الاسلامية في ٢٠١٤، وكلاهما انتصر الضباط على المدنيين في السيطرة على السلطة، كما يدور السؤال حول توقيت الحدث والدوافع وفحوي الخطاب، فالأمر لا يخرج من سياقات المناورة أو استباق الواقع وفقا للتطورات الإقليمية والدولية.
في تقديري أنه بذات نسق سيطرة طرفي الحرب على زمام الفترة الانتقالية قبل الحرب وما نتج من أحداث كانقلاب اكتوبر٢٠٢١، فشلا في أحكام السيطرة على السلطة لان ذلك بالضرورة سيرزح تحت وطاة عدم الاعتراف الإقليمي والدولي، بالرغم من نجاح المدنيين بالسلطة خلال الفترة الانتقالية في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، الإ أن عدة عوامل منها ترك المدنيبن الكثير من القضايا الجوهرية لسبطرة العسكريين قاد إلي تغيبب النظر من قبل إلي قوتهم الذاتية في سياق الحالة، وهي أنهم الضلع الأساسي الذي لا يمكن دونه لأي طرف أن ينفرد بالسلطة أو يسيطر عليها، الدليل على ذلك إقصاءهم بانقلاب ٢٠٢١ قاد إلي حرب أبريل ٢٠٢٣.
في الأسابيع المنصرمة اعلنت تنسيقية تقدم عن فك الارتباط بين المجموعة الداعمة لفكرة حكومة المنفي، وهذا الموقف يكاد يكون قد قضي على الفكرة، التي بالنظر إليها من كل الجوانب كحال السردية الشعبية التي تذهب إلي أن شخص امتلك زجاجة سمن، وفي طريقه إلي السوق ، غفي تحت ظل شجرة ظليلة، وغرق في حلم بأنه بعد بيع زجاجة السمن، سيشتري بثمنها ماعزا، ويستمر في لبن الماعز ثن يبيعهم، ثم يشتري بقره، ويصنع السمن و. ويتكاثر عنده الربح حتي يتزوج من ذاك المال، ثم ينجب، وحين يرفض ابنه/ ته الانصياع، سيضربه بالعصا، فما كان من الرجل الا ان حمل العصا وضرب بها زجاجة السمن، لتندلق محتاجتها على الارض، ليصحوا على واقع اخر" " إنتهي تصريف السرد "، لعل ذاك المقترح كان سيكون ورطة كبري للدعم السريع ناهيك عن عدم موضوعيته وتعارضه مع كيمياء المقاومة السودانية في سلسلة ثورات تاريخية عمدت مسارها في أقدار بين قرنين من الزمان على مزاجها مسنودة بإرادة الشعوب " ٦٤،٨٥،٢٠١٨" حافلة بالنضال، الأدب،والغناء لم يشهد النطاق الافريقي أو العربي مثلها،لكن في عالم السياسة تظل القرارات رهينة لتقديرات الأطراف فربما يمضي دعاة تكوين حكومة المنفي في سعيهم في مقبل الايام من فبراير ٢٠٢٥.! ولا سيما غياب اي تعليق من قبل الدعم السريع على ما تم في بورتسودان .
لعل هذا ما دار في ذهني حينما تابعت بعض التصريحات الداعمة لتشكيل حكومة منفي وسلطات على الأرض في مساحات سيطرة الدعم السريع، لعل الاستغراب جاء حينما نظرت إلي الأمر ببساطة وواقعية، بأن الحرب لا تزال تدور واحوالها متغيرة فكيف يمكن أن يتم الامر، المغزي من السرد بأن ما حدث في بورتسودان جاء كخطوة سياسية بعد فشل مقترح حكومة المنفي، ولابد من النظر إلي أن موقف المدنيين هو ما شكل محور للاحداث، هذه إشارة أخري الي المدنيين بغض النظر عن ماهية وطبيعة التحالفات والمواقف منها الا انها جوهر الحل بالنسبة لطرفي الحرب الرئيسين ودونهما ليست هنالك شرعية تكتسب للبقاء في السلطة .
بالنظر الي الأمر فإن محتوي رد فعل الاسلاميين السودانيين على خطاب الفريق البرهان، وضعهم في خانة الحركة المسلحة بالتالي فقد استطاع البرهان أن يتنزع منهم ما يعزز موقفه بغض النظر الاتفاق أو الاختلاف معه، ولعل احدي الأهداف من ذلك أيضا هو لفت انتباه المجتمعين الدولي والاقليمي لهم ولحلفائهم ولا سيما عقب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي وجهها لدولة قطر بوقف دعم الإرهاب.
التوقيت لخطوة البرهان جاءت والعالم يشهد محاولة السيطرة على حالة السيولة في لبنان، حماس/ اسرائيل، الحالة السورية عقب رحيل الاسد، حيث أن توصل حماس وإسرائيل لاتفاق سيشكل نسقا للضغط على طرفي الحرب في السودان لوقفها، إضافة إلي أكتساب مصر كحليف مرتبطا بدورها في سياق المعادلة الفلسطينية الإسرائيلية ومدي اقتراب المسافة بينها والادارة الامريكية.
استباق الحالة بما تم في بورتسودان يشكل محاولة لكسب وضع سياسي ولا سيما عقب إعادة سيطرة الجيش غلى مناطق واسعة بولاية الجزيرة وقبلها سنجة وثم ولاية الخرطوم، لكن ستظل العقبة هي مدي جدية المضي قدما في حوار داخلي قبل وقف الحرب وفتح الممرات الإنسانية وهي الخطوة التي ستكون بين الجيش والدعم السريع كما اقترح في منبر جده فهاهو البرهان يعزز ذلك بأنه لامكان للاسلاميين في السلطة مرة أخري، إذن السؤال الجوهري أين المدنيين الذين تم الانقلاب عليهم في ٢٠٢١ من الحالة ! واين المدنيين من قوام الشارع الداعم للتحول الديمقراطي من المشهد، يبدو أن للأمر ما بعده في مقبل الايام ! وفي البال محاولات انقلابية أو وقف للحرب والمضي نحو التفاوض بين " جدة أو جنيف" .
badawi0050@gmail.com