متاهة الكيزان وانتفاضة ” حصان طروادة”! 

رشا عوض 

 

نفس فيلم الدعم السريع يمكن ان يتكرر للكيزان مع الجيش!

مثلما قلب الدعم السريع ظهر المجن للبشير ثم للبرهان ، وارد جدا ان يقلب الجيش ظهر المجن للكيزان ولكتائبهم التي ترغب في وراثة دور الدعم السريع في علاقته بالجيش !

ولكن السؤال كيف ومتى وما هو حجم الدم الذي سيسفك في عملية فصل الجيش عن الكيزان الملتصقين به كالتصاق توأم سيامي من جهة الرأس!

الكيزان جعلوا القوة العسكرية اساسا لشرعية السلطة وعلى هذا الاساس احتلوا مفاصل الجيش القيادية ليكون الجيش عظم الظهر لسلطتهم، ازاء تهديد الحركات المسلحة وفشل الجيش في دحرها كونوا الدعم السريع لحماية سلطتهم، والبشير استثمر اكثر في تقوية وتمكين الدعم السريع لحماية سلطته هو شخصيا والعصابات الكيزانية الموالية له، حمايتهم من انقلاب محتمل من الجيش بواسطة عصابات كيزانية اخرى نافذة في الجيش و غير موالية للبشير ومتطلعة لتبديله بكوز اخر في الجيش، ورغم رهان الكيزان على القوة العسكرية في حيازة السلطة اضعفو الجيش عسكريا لدرجة انه اصبح باختصار شديد غير قادر على القتال ، ففي الجنوب يقاتل الدفاع الشعبي والمليشيات الصديقة الاخرى، وفي دارفور يقاتل الجنجويد، في البداية موسى هلال وفي النهاية الدعم السريع، وما دامت الثقافة السائدة هي الحكم بالقوة ، طبيعي جدا ان يعتقد موسى هلال انه احق بالسلطة من البشير وبالفعل كان موسى هلال يخطط لاقتحام الخرطوم بالسلاح مثلما فعل خليل ابراهيم وبالفعل اجرى اتصالات بقوى اعلان باريس في ٢٠١٥ لتوفير غطاء سياسي له في مسعاه ولكنه فشل.

وطبيعي جدا ان يسخر حميدتي من الحكومة ايام البشير ويعتقد انه وحده صاحب الحل والعقد لان قواته ( فازعة الحراية) و(الحكومة ما تفتح خشما الا بعد تسوي ليها جيش) وطبيعي جدا ان يعتقد حميدتي وبذات المنطق ( منطق فازعين الحراية) انه احق بالسلطة من البرهان ومن الكيزان الذين جاء بهم انقلاب ٢٥ اكتوبر! وفي اتفاق سلام جوبا هدد حميدتي الجيش بانه لو رفض الاتفاق ( الناس ديل بجوكم بالتاتشرات من ليبيا ونحن تاني ما بنقاتل ليكم! يعني الجيش اصبح يتم تهديده بعدم القتال نيابة عنه ! رغم ان من المفترض ان يكون القتال هو شغلته التي يتقاضى نظيرها اموال دافع الضرائب السوداني!)

هذا باختصار هو منطق القوة العارية عندما تكون اساس الشرعية السياسية ! وهذا هو المنطق الذي كرسه الكيزان ورسخوه فلماذا الولولة والجقلبة والسكلي من حصاد الشوك الذي زرعوه بانفسهم!

قال قائلهم في افطارات رمضان مافي ارجل من الحركة الاسلامية! وعلى هذا الاساس اشعلوا الحرب ظنا منهم انها ستثبت نظرية رجالة الحركة الاسلامية وتعيدها الى السلطة على هذا الاساس!

الحرب هزمت هذه النظرية شر هزيمة! فماذا فعلوا؟

التماسيح الكبيرة منهم فرت باموالها واولادها الى النعيم في تركيا وماليزيا وللمفارقة حتى دبي! ومن مأمنهم ونعيمهم ظلوا يطلقون نداءات الاستنفار للكيزان “الغبش الدراويش المغيبين” ولابناء الشعب السوداني الفقراء الذين انسد افق الحياة في وجوهم ولم يتبق لهم سوى الموت وللاسف الموت المجاني في محرقة اشعلها مجرمون لاغراض دنيئة ضد الشعب وضد الوطن!

مجرد صراع سلطة عريان!

يموت دراويش الكيزان في الحرب اما ابناء الكيزان ( اسياد الجلد والراس) فهؤلاء يدرسون في ارقى الجامعات في تركيا وماليزيا ورواندا واوروبا وامريكا استعدادا للحكم ” واللغف”! ولا بأس من ان يتراقصوا على انغام ” براؤون يا رسول الله” في حفلات تخريجهم او ترفيههم في الفنادق والصالات الفخيمة! هذا هو سهمهم في الجهاد!

اما البراؤون (الفازعين الحراية) فمصيرهم ان يكبروا ويفيقوا و ( يقبقبوا الجيش مثلما قبقبه الدعم السريع وعلى نفس الاساس : نحن الفازعين الحراية! وقد بدأت ارهاصات ذلك واضحة جلية في خطابات تحريض قادة ما يسمى بالمقاومة الشعبية على عدم التقيد بتعليمات الجيش والطنطنة المستمرة حول الطابور الخامس وحول خيانة البرهان الخ .

الكيزان ارادوا حبس الجيش في ان يكون مجرد حصان طروادة الذي يحملهم الى السلطة ، وفي الذات الوقت اجتهدوا في اضعاف هذا الحصان حتى لا يقوى على نفضهم ورميهم من ظهره ثم يحكم احد جنرالاته الطامعين في السلطة – وما اكثرهم وما اكثر اضغاث احلام ابائهم واجدادهم- على اساس العصبة والعصبية العسكرية، والعقل الباطن للجيش السوداني منذ تأسيسه تسيطر عليه فكرة ان هذا الجيش يجب ان يحكم ويسود!

الامور تمضي الان نحو ” انتفاضة حصان طروادة” !! انتفاضة استباقية لتمرد الكتائب الاسلاموية او انقلاب الضباط الكيزان عل البرهان ورهطه.

ما اكثر السكاكين الصدئة التي تتنافس على ذبح الشعب السوداني ومصادرة احلامه في الحكم الراشد والحرية والكرامة وامتلاك ثروته القومية.

رغم قذارة هذه الحرب وثقل وطأتها، فان في الشعب السوداني مثل كل شعوب الدنيا ” خلايا حية للمناعة الوطنية” واجبنا المقدس كدعاة سلام وحرية وعدالة ودولة مدنية ديمقراطية ان نعزز نمو هذه الخلايا لنجعل هذا الشعب السوداني عصيا على الذبح بسكينة الجيش، وعصيا على الذبح بسكينة الدعم السريع، وعصيا على الذبح بسكينة الحركة الاسلامية المجرمة المأفونة التي كانت المصنع الذي انتج كل السكاكين الصدئة لذبح الوطن، والان ارتد الى نحرها بعض كيدها ! والبنادق التي صنعتها للبطش بالشعب السوداني باتت مصوبة نحو صدرها هي! وبكل صفاقة تستنفر الشعب السوداني لخوض المعركة الوجودية للكيزان؟ ماذا استفاد الشعب السوداني من الكيزان على مدى ثلاثين عاما حتى يستبسل في سبيل تخليصهم من ” شرك ام زريدو” الذي ليس سوى حفرة حفروها للشعب السوداني فوقعوا فيها نتيجة اندفاعهم خلف اطماعهم الفاجرة وانانيتهم المتسفلة! نسوا الله فأنساهم الله انفسهم!

الوسومالإنتفاضة الكيزان المتاهة حصان طروادة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الإنتفاضة الكيزان المتاهة حصان طروادة

إقرأ أيضاً:

نسبية الإلتفاف الشعبي حول الجيش

 

نسبية الإلتفاف الشعبي حول الجيش

خالد فضل

بعض الكتّاب المرموقين، وفيهم من ينشر في بعض الصحف العربية الدولية، يحاولون دائما في كتاباتهم تصوير نصف الحقيقة على أنها الحقيقة الكاملة , ويبنون سردياتهم على ذلك دون أن يضعوا أي إعتبار لنسبية ما يزعمون . من تلك السرديات المضللة في تقديري ؛ تصوير الشعب السوداني وهو ملتف حول الجيش عبر هتاف جيش واحد شعب واحد، لذلك يصبح هذا الهتاف مدعاة لتفويضه بشؤون الحكم، ولعل بعضهم يستند إلى حماد عبدالله حماد من الدندر، صاحب الترند المشهور على الوسائط ؛ وهو يفوّض الجيش السوداني إلى يوم القيامة، ويشتم بلفظ بذئ ؛ الدعّامة . صحيح هناك جزء من الشعب يفعل ذلك، ولكن ليس على الإطلاق .

دعونا نعود قليلا إلى ما سبق الحرب، فقد ظلّ قسم من السودانيين/ات يلتفون حول حركات كفاح مسلّح، وبالتالي يلتفون حول جيوش غير الجيش السوداني . ومنها حركات جيش تحرير السودان في دارفور بمختلف فصائلها، وحركة العدل والمساواة بمسمياتها المتعددة، والحركة الشعبية لتحرير السودان بفصيلين على الأقل . هنا يوجد مجموعات من السودانيين لم يلتفوا حول الجيش ولم يفوضوا قائده عمر البشير بشؤون الحكم والإقتصاد . بل أكثر من ذلك ما من إتفاقية سلام أبرمت إلا وكان بند إصلاح الجيش والمنظومة الأمنية حاضرا وممهورا بتوقيعات قادة الجيش أنفسهم، هذا يعني ببساطة أنّ عطبا ما يتخلل هذه المنظومة العسكرية /الأمنية، وهو السبب في عدم إكتمال الإلتفاف الشعبي حولها كما يزعم الزاعمون الآن، إذ لم تجر عملية الهيكلة والإصلاح المنصوص عليها في آخر إتفاق للسلام المشهور بإتفاق جوبا، فهل تجاوز الناس الأعطاب التي تستوجب الإصلاح، أم أنها أصلحت تلقائيا بإنطلاق رصاصة الحرب الأولى ؟ ولأنّ عملية الإصلاح المنشود كانت تغوص عميقا في الحقيقة لتشمل العقيدة العسكرية، ودور المؤسسات الأمنية وخضوعها للسلطة المدنية .. إلخ،  فهل تحقق أيا من هذه الوصفات الإصلاحية بحيث صار الجيش الآن هو الجيش الموصوف في تلك الإتفاقات , وبالتالي جاز الإلتفاف الشعبي حوله ؟

ثمّ وفي خضم الحرب نفسها،  هل حاز الجيش على الإلتفاف الشعبي من كل أو معظم السودانيين أم أنّ ما يوصف بالإلتفاف حدث من بعض وفي أجزاء من البلاد . هل يمكن مثلا إعتماد هذا المعيار للشعب في الضعين أو كاودا والفولة، بل حتى في قرى شرق الجزيرة وأنحاء من شمالها،  وبعض المناطق في ولاية سنار . وبعض أحياء وقرى ولاية الخرطوم . فقد إلتف جزء من الشعب حول قوات الدعم السريع في مناطق عديدة، وانضم شباب مقاتل في صفوفه وهو يخوض الحرب ضد الجيش . هذه وقائع وحقائق لا يمكن التغافل عنها لمصلحة ما يرغبه الكاتب أو الناشر لراي، فمن المنطقي الزعم بأن غالبية المواطنين في ولايات الشرق والشمال مثلا يلتفون حول الجيش، وهو إلتفاف نسبي، ويخضع في تقديري لمسألة الولاء للأعنف أكثر من كونه إلتفافا حقيقيا، مثلما هي الحالة مع الدعم السريع،  ولعل الناس في ولايات الجزيرة وسنار مثلا شاهدوا بأعينهم أفراد الجيش يزاحمونهم في الكباري والطرق وهم في مهربهم نازحين ومشردين أمام جحافل الدعم السريع . فمن أين أتت فرية إلتفاف الشعب حول الجيش .

إذا صدق المحللون وقالوا إنّ بعض المواطنين في الولايات التي لم تطالها قوات الدعم السريع قد استجابوا لخطة جماعة الإسلاميين ؛المؤتمر الوطني التي تهدف إلى القضاء على الثورة الشعبية السودانية , وانخرطوا في كتائب الجهاديين تحت اسم الدلع (المقاومة الشعبية) حسبما صرّح د. عبدالحي يوسف، فهذا تعبيردقيق،  لأنه يعبر عن واقع معلوم . فقد تمت تعبئة هذه العناصر الجهادية بشكل سافر ضد رموز وقوى الثورة أكثر من تعبئتهم ضد قوات الدعم السريع أو المليشيا كما أطلقوا عليها، بعد أنْ كانت مولودا شرعيا من رحم الجيش , ويده اليمنى وساعده الجسور وكان أفراده يكنون بالأشاوس ويلتف الشعب حولهم ويسخر بعض الإعلاميين بمن فيهم من استوزر الآن من هتافات الشارع (الجنجويد ينحل) . هذا تاريخ قريب جدا لم تمح ذكراه من عقول الناس وإنْ كان بعضهم يتغافل ويجاهد لطرد الحقائق من ذهنه ليثبّتْ بالعافية المزاعم الراهنة .

نعم، من رجحان الراي في تقديري ,أنْ يصار إلى نظر عميق في بناء دولة سودانية وطنية جديدة، الترقيع أو الترميم لا يجدي شيئا . هناك خلل أساسي في البناء الذي تهدّم بالفعل الآن . من الأفضل النقاش بموضوعية حول المعطيات الراهنة، واستدراك العبرة من تجارب الماضي للوصول إلى المستقبل، أمّا محاولة القفز مباشرة وتصور المستقبل بموجب الحاضر فقط و بنفس معطيات الماضي فهذا عبث لا طائل من ورائه،  وإذا صحّ عزم الناس بإعتبار وعظة هذه الحرب في الحسبان فإنّ مسارات تفكيرهم وتحليلهم يجب أن تتجاوز السقوف البالية التي ظلوا محبوسين تحتها لعقود طويلة . ولقد لعبت قيادات الجيش نفسه أكبر الأدوار في البناء المايل وفي حبس الناس تحت سقفه البالي، فلا أقل من مواجهة الحقيقة، ومؤداها،  الحكم العسكري لم يصلح حالا في الماضي والحاضر وبالضرورة لن يصلح المستقبل . الجيش يحتاج لجمة من الهيمنة على السلطة والإقتصاد والتجارة والتفرغ لمهمة بنائه كجيش بمهام وأدوار محددة ليس من ضمنها أبدا إعتماد الوثائق الدستورية أو الخوض في مناقشات سياسية مع القوى المدنية،  فنتيجة هذا المسار هو ما نعيشه اليوم من واقع الإنقسام الشعبي وليس الإلتفاف، فهناك على الطرف الآخر شعب سوداني يلتف حول قوات الدعم السريع والجيش الشعبي وجيش حركة تحرير السودان، على الأقل، إلا إذا كان معيار الشعب السوداني الملتف نفسه ؛ يستبعد هؤلاء المواطنين من درجات مؤشره فيحصرها فقط في مسمى النهر والبحر , أو ما شابهها من مسميات ؛ عندئذ يبقى الوضوح مطلوب لمن يمسك قلما يسطر به رأيا يريد أن يستهدي به الناس .

 

الوسومالإلتفاف الشعبي خالد فضل نسبية

مقالات مشابهة

  • الجيش يرد على إدعاء الدعم السريع امتلاك منظومة دفاع جوي حديثة في نيالا
  • الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم
  • نسبية الإلتفاف الشعبي حول الجيش
  • عثمان ميرغني يوضح كيف طور الجيش السوداني قدراته للتصدي للدعم السريع
  • الجيش يحرر منطقة حدودية جديدة من قبضة الدعم السريع
  • مناوي يغرد بالفيسبوك : نشيد بمواقف الكويت مع الشعب السوداني
  • الجيش السوداني: مقتل 5 أطفال برصاص "الدعم السريع" في الفاشر ‎
  • البرهان: الجيش السوداني عازم على تحرير البلاد والقضاء على الدعم السريع  
  • الجيش السوداني يتقدم في محور وسط الخرطوم
  • الجيش السوداني يبسط سيطرته على أماكن استراتيجية في الفاشر