تواجه المرشحون الرئيسيون في الانتخابات الأوروبية في المناظرة الأولى من السباق، ودار النقاش حول قضايا إشكالية، من بينها الصفقة الخضراء وحرب إسرائيل في غزة والهجرة غير النظامية والذكاء الاصطناعي.

اعلان

هذه المناقشة التي جرت في ماستريخت في هولندا لأكثر من ساعة ونصف ساعة، شهدت تضارباً في الأفكار السياسية وجدلاً نارياً، وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين هدفاً للانتقادات، خصوصاً من عضو البرلمان الأوروبي الدنماركي أندرس فيستيسن، عضو مجموعة "آي دي" (يميني متطرف)، الذي قال إن رئاستها للمفوضية كانت "كارثة".

ووقف على المنصة الطامحون لرئاسة المفوضية الأوروبية بعد انتخابات يونيو: أورسولا فون دير لاين (حزب الشعب الأوروبي)، ونيكولا شميت (حزب الاشتراكيين الأوروبيين)، وماري أغنيس شتراك-تسيمرمان (حزب تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا)، وباس إيكهوت (حزب الخضر الأوروبي)، وأندرس فيستيسن (حزب الهوية والديمقراطية)، ووالتر باير (حزب اليسار الأوروبي)، ومايليس روزبرغ (التحالف الأوروبي الحر)، وفاليريو غيليتشي (الحركة السياسية المسيحية الأوروبية).

انتقاد اليمين المتطرف

أتيحت لجميع المرشحين فرصة الدفاع عن برامجهم، وتناوبوا على المنصة، وقد أجمعوا على مهاجمة الممثل الرئيسي لليمين المتطرف، أندرس فيستيسن.

وفي الجزء الثاني المخصص للسياسة الخارجية والأمنية، ندّد فيستيسن بالأحزاب الرئيسية لاستغلالها الحرب في أوكرانيا لتغيير معاهدات الاتحاد الأوروبي وإلغاء حق النقض.

وعندها رد باس إيكهوت، من حزب الخضر، منتقدًا مجموعة الهوية والديمقراطية (ID) بسبب مزاعم النفوذ الروسي والصيني. وقد تسببت هذه القضايا في استنفار البرلمان الأوروبي وتخضع فعلًا لتحقيقات جنائية في بلجيكا وألمانيا.

"ربما قبل أن تقوم بتعليم الجميع، نظف منزلك الخاص!" قال إيكهوت لفيستيسن، مما أدى إلى تصفيق حاد في القاعة.

وردّت فون دير لاين: "إذا نظرت إلى البرنامج الانتخابي (لحزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب عضو في حزب الهوية)، سترى أنه يردد أكاذيب ودعاية الكرملين. لذا نظف بيتك قبل أن تنتقدنا!".

التوترات حول حرب أوكرانيا وغزة

شهد الجزء الخاص بالسياسة الخارجية جدالًا ساخنًا أيضا، فعندما سُئل والتر باير، من حزب اليسار الأوروبي، عما إذا كان ينبغي على أوكرانيا التخلي عن أجزاء من أراضيها مقابل اتفاق سلام دائم، أدان العدوان الروسي وقال إن الوقت قد حان للتوصل إلى "حل سياسي"، لم يحدده. لكنه حوّل الحديث فجأة بعد ذلك إلى الحرب بين إسرائيل وحماس، وحث الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على إسرائيل كما فعل مع روسيا.

أصرّ مديرو الحوار على مسألة التنازلات الإقليمية، وهو ما تجنبه مرة أخرى بإجابة غامضة حول تحقيق وقف إطلاق النار.

"لا يمكنني أن أفهم كيف يمكن لأي شخص أن يدافع عن فكرة أننا يجب أن نستمر في هذه الحرب حتى متى؟ إلى أن يموت آخر جندي أوكراني؟".

"لقد سئمت من سماع ذلك"، ردت فون دير لاين قائلةً: "لقد سئمت من سماع ذلك"، مستذكرةً رحلتها إلى بوتشا. "إذا كنت تريد إنهاء هذه الحرب، فما على بوتين إلا أن يتوقف عن القتال. ثم تنتهي الحرب!"

ملف الحرب على غزة

وطلبت باير الكلمة مرة أخرى وأعادت الحديث عن الهجوم الإسرائيلي على غزة، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني منذ 7 أكتوبر. وقال: "متى سيفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إسرائيل لوقف الحرب في غزة؟"

ورددت فون دير لاين الخط الرسمي للاتحاد الأوروبي، قائلة إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها "في حدود القانون الإنساني والقانون الدولي"، ودعت إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وزيادة المساعدات الإنسانية والعمل من أجل حل الدولتين.

وسألها إيكهوت عما إذا كان اجتياح رفح، الذي وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذه، سيكون "الخط الأحمر" النهائي بالنسبة لها، لكنها قالت: "أنا لا أرسم خطوطًا حمراء أبدًا، ولكنني أعتقد أنه سيكون من غير المقبول أن يجتاح نتنياهو رفح".

ما الذي تخفيه الرسائل النصيّة التي تبادلتها أورسولا فون ديرلاين مع رئيس شركة فايزر؟أورسولا فون دير لايين إلى كييف هذا الأسبوعالاتحاد الأوروبي يدين تشريع البرلمان العراقي قانونًا يجرم "المثلية الجنسية" القوميون المحافظون

 عندما سئلت فون ديرلاين عن إمكان العمل مع التشكيلات اليمينية المتشددة، مثل مجموعة "إي سي آر" (القوميون المحافظون) التي تضم في صفوفها حزب "ريكونكيت" بزعامة الفرنسي إريك زمور، وحزب "فوكس" الإسباني، قالت إن "ذلك سيعتمد على تكوين البرلمان".

وأثار هذا الردّ "ذهول" اللوكسمبورغي نيكولا شميت، المفوّض الأوروبي الحالي للتوظيف والحقوق الاجتماعيّة، والذي رشّحه حزب الاشتراكيين الأوروبيين لرئاسة المفوضية. وقال شميت "لا يمكننا تجزئة القيم والحقوق حسب الترتيبات السياسية، فإما أن تتعامل مع اليمين المتطرف، لأنك بحاجة إليهم، أو أن تقول بوضوح أنه لا يوجد اتفاق ممكن لأنهم لا يحترمون الحقوق الأساسية (التي) ناضلت مفوضيتنا من أجلها".

قيود على تيك توك

 وسئلت فون ديرلاين أيضاً عن القانون الذي تم سنه في الولايات المتحدة، ويفرض على منصة تيك توك قطع كل الصلات مع الصين إذا كانت لا تريد أن يتم حظرها. ولم تستبعد رئيسة المفوضية الأوروبية فرض قيود مماثلة على المنصة في الاتحاد الأوروبي.

وشددت على أن "المفوضية كانت أول مؤسسة في العالم تحظر تطبيق تيك توك على أجهزتنا الهاتفية، ونحن نعلم جيدًا الخطر الذي يمثله تيك توك، وقد بذلنا الكثير من أجل تنظيمه". وتخضع المنصة فعلًا لتحقيقين في الاتحاد الأوروبي.

اعلانمن الفائز؟

كان الفائزان الواضحان في هذه الليلة هما أورسولا فون دير لاين، التي استخدمت بلاغتها ورصانتها للرد على اتهامات اليمين واليسار، وباس إيكهوت، الذي أثبت أنه مقاتل ومقنع بحججه المضادة اللاذعة.

على النقيض من ذلك، تعرض أندرس فيستيسن لسيل من الانتقادات بسبب إشاراته المتكررة إلى الدنمارك، بلده الأم، مما دفع إيكهوت إلى الإشارة إلى أن "هذا نقاش أوروبي".

أما ماري-أغنيس شتراك-تسيمرمان، فقد فشلت في أدائها الذي بدا مكتوبًا بشكل متصلب جعلها تبدو تائهة، وفي إحدى المراحل، هاجمت المجر بسبب "إيقافها كل شيء في البرلمان الأوروبي"، في حين أن حق النقض لا يمارس في الواقع إلا في مجلس الاتحاد الأوروبي، حيث تجتمع الدول الأعضاء.

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: طلاّب يرفعون اسم الطفلة الفلسطينية "هند" على مبنى تاريخي بجامعة كولومبيا.. والحراك يتسع تحقيق صحفي يكشف: العصابات في السويد تجند عناصر من الشرطة للوصول إلى معلومات حساسة الشرطة البريطانية تعتقل رجلاً قتل طفلاً وأصاب 4 أشخاص بهجوم بالسيف شرق لندن مناظرة انتخابية أورسولا فون دير لايين رئيس الاتحاد الأوروبي أوروبا اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. الحرب على غزة| قصف متواصل على القطاع وترقب لردّ حماس على مقترح الهدنة يعرض الآن Next شاهد: طلاّب يرفعون اسم الطفلة الفلسطينية "هند" على مبنى تاريخي بجامعة كولومبيا.. والحراك يتسع يعرض الآن Next البيت الأبيض يكشف: المقترح الأخير لصفقة التبادل مع حماس يتضمن وقفا للقتال 6 أسابيع يعرض الآن Next العدل الدولية تحسم دعوى نيكاراغوا ضد ألمانيا بقضية تسليح إبادة غزة: لا نستطيع فرض تدابير مؤقتة يعرض الآن Next تجمع احتجاجي أمام مقر أولمبياد باريس 2024 للمطالبة بحظر مشاركة إسرائيل اعلانالاكثر قراءة "عار عليكم".. مظاهرة داعمة لغزة أمام حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض الذي حضره بايدن طلاب السوربون يقيمون اعتصاماً مفتوحاً تضامناً مع غزة ويغلقون أبواب الجامعة الفرنسية العريقة قلق في إسرائيل من مذكرات اعتقال قد تصدرها المحكمة الجنائية الدولية في حق سياسيين إسرائيليين حرب غزة: قصف مستمر وتهديدات متبادلة بإسقاط الحكومة بين غانتس وسموتريتش بسبب المقترح المصري الآلاف يحتجون في جورجيا ضد "القانون الروسي" المثير للجدل

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل قطاع غزة حركة حماس غزة احتجاجات فرنسا بنيامين نتنياهو شرطة فلسطين المملكة المتحدة Themes My EuropeالعالمBusinessالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةسفرثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024 - العربية EnglishFrançaisDeutschItalianoEspañolPortuguêsРусскийTürkçeΕλληνικάMagyarفارسیالعربيةShqipRomânăქართულიбългарскиSrpski

المصدر: euronews

كلمات دلالية: العربية إسرائيل حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة غزة احتجاجات العربية إسرائيل حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة غزة احتجاجات مناظرة انتخابية رئيس الاتحاد الأوروبي أوروبا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل قطاع غزة حركة حماس غزة احتجاجات فرنسا بنيامين نتنياهو شرطة فلسطين المملكة المتحدة السياسة الأوروبية العربية الاتحاد الأوروبی أورسولا فون دیر فون دیر لاین یعرض الآن Next فون دیرلاین تیک توک من أجل

إقرأ أيضاً:

قصص من السماء... تحقيق في استهداف إسرائيل صحفيي الدرون بغزة

قبل أربع سنوات، بدأ سمير إسليم، المعروف باسم محمود البسوس، بمراسلة الطباطيبي على وسائل التواصل الاجتماعي، طالباً منه أكثر من مرة أن يعلّمه التصوير بالطائرة من دون طيار (الدرون). لم يعر الطباطيبي، أحد أشهر صحفيي الدرون بغزة، اهتماماً كبيراً في البداية. ولكن مع إصرار البسوس، وافق الطباطيبي: « في فرق بالعمر بيني وبينه، لكن بحب الشخص المجتهد، ويسعى إنه يطور من نفسه، فلقيت الحاجة دي عند محمود ».

أصبحا قريبين من بعضهما البعض. بدأ البسوس ينضم إلى الطباطيبي في مهمات تصوير. عندما بدأت الحرب، انتقل الطباطيبي، الذي كان يعمل مع وكالة أنباء دولية، إلى الجنوب. وبقي البسوس في الشمال. ومع قطع الحركة بين المنطقتين من قبل الجيش الإسرائيلي، بقيا على اتصال. بدأ الطباطيبي تكليفه بالتصوير. كما بدأ البسوس العمل مع وسائل إعلام دولية، بما في ذلك وكالة « رويترز » ووكالة « أنباء الأناضول » التركية. وحتى بعد مغادرة الطباطيبي إلى مصر، استمر التواصل بينهما.

يوم السبت 15 مارس، كان البسوس يصور افتتاح توسعة مخيم للنازحين واستعدادات لإفطار رمضاني في مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، لصالح « مؤسسة الخير » البريطانية، عندما ضربت غارتان جويتان إسرائيليتان المنطقة. قُتل سبعة أشخاص على الأقل، من بينهم البسوس. « كنت في حالة صدمة… ما كنت متوقعها واحد بالمية، ليش؟ لأنه نحنا في هدنة »، يقول الطباطيبي.

أصبح البسوس، خامس صحفي يعمل بطائرة درون يُقتل على يد إسرائيل، منذ بدء الحرب على غزة في تشرين أكتوبر 2023.

شادي الطباطيبي ومحمود البسوس – (مصدر الصورة: شادي الطباطيبي)

يقول متحدث باسم رويترز: « شعرنا بحزن عميق عندما علمنا بمقتل الصحفي البسوس، الذي نشرت رويترز أعماله في الأسابيع الأخيرة، في غارة إسرائيلية أثناء قيامه بمهمة لصالح مؤسسة الخير ».

في مطلع مارس، تعاونت « فوربيدن ستوريز » مع البسوس لتصوير لقطات درون من مخيمي جباليا والشاطئ، لإعداد هذا التحقيق ضمن الجزء الثاني من « مشروع غزة ». وقبل بضعة أيام من الغارة التي أودت بحياته، أكمل البسوس المهمة. كتب أحد الزملاء في مجموعة خاصة بالمشروع: « عاد الصحفي إلى المنزل وهو بأمان ». كانت فوربيدن ستوريز تنسق عملية التصوير وتطلع شركاءها بانتظام على مستجدات العمل.

الصحفي الذي كان يعمل على قصة عن قتل صحفيي الدرون، صار جزءاً منها.

صحفيو الدرون: الخطر مضاعف

أصبحت غزة أخطر مكان في العالم بالنسبة للصحفيين. وفقاً للجنة حماية الصحفيين (CPJ)، فإن الحرب على غزة هي أكثر الصراعات دموية بالنسبة للصحفيين. فقد قُتل ما لا يقل عن 165 صحفياً فلسطينياً (حتى تاريخ نشر هذا التحقيق)؛ أي أكثر مما قُتل خلال ست سنوات من الحرب العالمية الثانية.

ويواجه صحفيو الدرون خطراً أكبر. فقد قُتل خمسة منهم وأصيب واحد بجروح خطيرة، من بين مجموعة من نحو عشرة صحفيين، كانوا يعملون في غزة بداية الحرب، وفقاً للصحفي الطباطيبي. وثقت أريج وفوربيدن ستوريز وشركاؤهما، أن قتل أو إصابة هؤلاء الصحفيين، جاء بعد التقاط الصور الجوية في كل الحالات تقريباً.

وفي بعض هذه الحالات، بما في ذلك غارة 15 مارس، اتهمت إسرائيل الصحفيين الذين قتلتهم بالانتماء لتنظيمات مسلحة، لكنّها لم تقدم أدلة قاطعة. وتشير المقابلات مع جندي احتياط إسرائيلي سابق، ووثائق داخلية مسربة، إلى غياب أي قواعد اشتباك واضحة، عندما يتعلق الأمر بصحفيي الدرون.

نظراً لحجم الدمار الهائل في غزة، غالباً ما تكون لقطات الدرون هي الطريقة الوحيدة لتصوير حجم هذا الدمار. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك، مقطع فيديو مدته دقيقة -نشرته وكالة الأنباء الفرنسية في يناير، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ- يُظهر حجم الدمار في رفح.

استُخدمت طائرات الدرون في غزة منذ عام 2014، عندما أدخلها الصحفي والمخرج أشرف مشهراوي لأول مرة في التغطية الصحفية. وقد استُخدمت على نطاق واسع لتوثيق الدمار بعد حرب عام 2014.

يعتقد الطباطيبي أن استخدام الدرون كان ضرورياً لتصوير حجم الدمار خلال الحرب الحالية، وهو أمر لم يستطع التصوير الأرضي إظهاره؛ لذا استمر في التصوير، حتى يناير 2024.

قتل أول صحفي درون خلال الحرب

في 7 يناير 2024، كان من المفترض أن ينضم الطباطيبي إلى صديقه مصطفى ثريا في جلسة تصوير. كان الاثنان يتشاركان خيمة واحدة، ويغطيان الحرب معاً. لكن في ذلك الصباح، لم يخرج الطباطيبي برفقة ثريا، وبقي لمساعدة زوجته في تطعيم ابنتهما حديثة الولادة. قُتل ثريا، -الذي كان يعمل مع وكالة الصحافة الفرنسية وقناة الجزيرة- في غارة جوية إسرائيلية، بعد تصويره آثار غارة سابقة بطائرة درون، ليكون أول صحفي درون يُقتل في الحرب.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه « حدد وقتل إرهابياً كان يُشغّل جهازاً طائراً يشكل تهديداً للقوات الإسرائيلية ». لكنّ تحقيقاً أجرته صحيفة واشنطن بوست يناقض هذا الادعاء. حلّلت الصحيفة لقطات حصلت عليها من الدرون الخاصة بمصطفى، ولم تجد أي جنود إسرائيليين أو طائرات أو معدات عسكرية قريبة من موقع التصوير.

مصطفى ثريا – أول صحفي « درون » يقتل في الحرب – رفقة ابنته ساقان مبتورتان

في 24 فبراير، أصيب عبد الله الحاج، وهو صحفي درون آخر، بجروح خطيرة في غارة إسرائيلية بعد انتهاء تصويره في مخيم الشاطئ للاجئين. يقول الحاج: « بمجرد أن انتهيت من التصوير ووضعت الدرون داخل حقيبتي، تم استهدافي ».

بُترت ساقا الحاج جراء إصابته. وبعد عدة أيام من الهجوم، تعرض منزله للقصف، ويرى الحاج أن استهداف منزله كان بهدف تدمير الأرشيف الذي جمعه على مدى 20 عاماً.

وفي تعليقه على حادثة يوم 24 فبراير، ادّعى الجيش الإسرائيلي أنه ضرب « خلية إرهابية تستخدم طائرة درون ». وينفي الحاج أي علاقة له بالتنظيمات المسلحة، واصفاً هذا الادّعاء « بالكاذب ». وقال إن القوات الإسرائيلية دققت هويته مرتين؛ الأولى في مستشفى الشفاء، والثانية قبل مغادرته غزة للعلاج في قطر. ويضيف: « لو كنت من حماس لما تمكنت من مغادرة قطاع غزة لتلقي العلاج ».

أُصيب عبدالله الحاج إصابةً بالغة في هجوم 24 فبراير، ما أدى إلى بتر ساقيه

فقدان شقيقين في آن واحد

في أبريل، تلقى الطباطيبي مكالمة من المصور إبراهيم الغرباوي، الذي كان قد اشترى طائرة درون وطلب المساعدة في تعلم تشغيلها. نصحه الطباطيبي بعدم استخدامها، قائلاً إن الوضع « مخيف ».

كان إبراهيم وشقيقه أيمن قد نزحا مع أسرتهما إلى رفح. في 26 أبريل، ذهبا إلى خان يونس لتصوير الدمار الذي خلفه الاجتياح الإسرائيلي، وفقاً لشقيقهما عبد الله. تقول إيناس زوجة إبراهيم، إنه اتصل ليخبرها بالانتهاء من التصوير، وإنهما في طريق العودة. كان هذا آخر اتصال بينهما. وفي وقت لاحق من تلك الليلة، علمت أنهما قُتلا في غارة جوية إسرائيلية.

كان فقدان شقيقين في آن واحد مفزعاً. يقول عبد الله: « لا تمر لحظة إلا ونذكرهما ونتذكرهما، ونبكي عليهما ».

« شعرت أن كل شيء تجمد للحظة »

« بعد أن تم استهدافه (يقصد إبراهيم)، قررت إنه كفى.. خلاص ». قرر الطباطيبي المغادرة إلى مصر، وباع طائرته الدرون لزميله المصور محمد أبو سعادة (31 عاماً). بعد ثلاثة أشهر، قُتل أبو سعادة في غارة جوية على خيمة عمه في خان يونس، حيث ذهب لاستخدام الإنترنت لتحميل لقطات فيديو. يقول ابن عمه سيف، الذي كان معه في ذلك الوقت: « كانت الساعة 5:29 (مساء)، أذكر أنني كنت أنظر إلى الهاتف. بالكاد ابتعدت (عن المكان الذي كانوا يجلسون فيه)، عندما سقط صاروخ… شعرت أن كل شيء تجمد للحظة ». لقي أبو سعادة وثلاثة من أشقاء سيف حتفهم.

يظهر محمد أبو سعادة في آخر منشور مع طائرته وهو يصور الدمار في بني سهيلا شرق خان يونس، قبل نحو أربعة أشهر من مقتله، وكان الصحفي الوحيد الذي لم يُقتل مباشرة بعد تصويره في الميدان. يقول سيف إن ابن عمه لم يكن يستخدم الدرون: « كنا نعلم جميعاً أن أي شخص يستخدم واحدة منها سيتم استهدافه ».

لا قواعد واضحة

بحسب مسؤولين سابقين في الجيش الإسرائيلي، ومنهم مايكل عوفر زيف، وهو جندي احتياط سابق، فإنه لم تكن هناك إرشادات واضحة حول كيفية التعامل مع طائرات الدرون ذات الاستخدام المدني. ويقول عوفر زيف: « لم أتلقَ في أي مرحلة من مراحل هذه الحرب وثيقة رسمية تحدد قواعد الاشتباك، وهذه مشكلة، لأنها تترك مجالاً كبيراً للتأويل ».

ويضيف عوفر زيف أن الأجواء العامة في غرفة العمليات كانت واضحة: « إذا رأينا أي شخص يقوم بتشغيل طائرة درون ليست لنا، كان التوجّه هو إسقاط الطائرة وقتل الشخص الذي يتحكم بها، دون أي تساؤلات ».

تُظهر رسائل بريد إلكتروني مسرّبة تعود لعام 2020، تمت مشاركتها مع فوربيدن ستوريز، أن مسؤولين في وزارة العدل الإسرائيلية كانوا يحذرون من الإشارة إلى أن الصحفيين الذين يستخدمون الدرون قد يتم الخلط بينهم وبين المقاتلين، حيث يمكن أن يُنظر إلى ذلك على أنه عدم التزام من إسرائيل بقوانين الحرب.

وتُظهر الرسائل نقاشاً بين مسؤولين رفيعين (اثنين) في مكتب المدعي العام الإسرائيلي، حول قتل الصحفي ياسر مرتجى خلال « مسيرة العودة الكبرى » في أبريل عام 2018. ويشيران إلى تصريح أدلى به وزير الدفاع آنذاك أفيغدور ليبرمان: « لا أعرف من هو، مصور أم ليس مصوراً، من يُشغّل طائرات الدرون فوق جنود الجيش الإسرائيلي يجب أن يفهم أنه يعرض نفسه للخطر ».

ياسر مرتجى، صحفي قتلته إسرائيل خلال مسيرة العودة الكبرى 2018

يشير المسؤولان إلى أن مثل هذا التصريح، الذي تم الاستشهاد به في تقرير تحقيق للأمم المتحدة حول مسيرات الحدود في غزة، قد يُنظر إليه على أنه تشويش للخط الفاصل بين الصحفيين والمسلحين، وهو ما حذرا من احتمالية استخدامه « لتقويض مزاعم إسرائيل بأنها تلتزم بقوانين الحرب بشكل عام، ومبدأ التمييز بشكل خاص ».

لم نرصد في تحقيقنا أي تحذير إسرائيلي رسمي للصحفيين من استخدام طائرات الدرون للتصوير. يقول المشهراوي، الصحفي الذي كان أول من أدخل الدرون إلى غزة: « لم يصلنا أو نسمع بأي بيان منه (الجيش الإسرائيلي)، ولكن كان هناك نمط واضح في استهداف أي صحفي يستخدم الدرون ». ويضيف: « لديهم أدوات لتعطيلها أو حتى الاستيلاء عليها، من دون الحكم على الصحفي بالموت. هناك العديد من الخيارات الأخرى قبل إطلاق الصاروخ ».

في ثلاث من الهجمات الأربع التي قتل فيها صحفيون يعملون بطائرات درون، والتي وثقها هذا التحقيق، نجت الطائرات، ولم ينجُ أصحابها.

رد الجيش الاسرائيلي

توجه فريق مشروع غزة (الجزء الثاني)، بأسئلة للجيش الإسرائيلي عما إذا كانت لديه سياسة محددة بشأن طائرات الدرون في غزة، وكيف يميز بين المدنيين والأهداف العسكرية. كما طلبنا معلومات حول العديد من الحوادث. لم يردّ الجيش الإسرائيلي على الأسئلة المتعلقة بحوادث محددة، لكنه قال إنه « يرفض بشكل قاطع الادعاء بوجود هجوم ممنهج على الصحفيين ».

ويقول الجيش في ردّه إنه « يتخذ جميع التدابير الممكنة للتخفيف من الأذى الذي يلحق بالمدنيين، بمن فيهم الصحفيون ». وأضاف أنه لا يستهدف سوى « الأهداف العسكرية » والأفراد المشاركين مباشرة في الأعمال العدائية، وأن الحالات الاستثنائية تخضع للمراجعة الداخلية، من دون أن يُحدّد ما إذا كانت أي من الحالات الواردة في هذا التحقيق قد خضعت لتحقيق داخلي.

العودة إلى 15 مارس – الاتهامات

في أعقاب غارات 15 مارس، التي أدت إلى مقتل البسوس، ادّعى الجيش الإسرائيلي أنه استهدف « إرهابيين »، من بينهم اثنان كانا يُشغّلان طائرة من دون طيار، ونشر قائمة بالأسماء والصور. لكنّ بيان الجيش تضمن أسماء أشخاص تم تحديد هويتهم بشكل خاطئ، وشخصاً واحداً على الأقل لم يُقتل في الغارات، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

لم يورد البيان اسم أو صورة البسوس الذي كان يصور بالدرون. وبدلاً من ذلك، أدرج الجيش الإسرائيلي اسم شخص آخر مشابهاً، ووصفه بأنه « إرهابي من حماس يعمل تحت غطاء صحفي »، وأشار إلى وجود صلة بين طائرة الدرون التي استُخدمت في بيت لاهيا وحركة الجهاد الإسلامي.

وقالت مؤسسة الخير إنها « تدحض تماماً » أي ادعاءات بأن فريقها كان على صلة بالمسلحين. وأضافت أن أعضاء الفريق تم استهدافهم عمداً، أثناء قيامهم « بمهمة إنسانية بحتة ».

لجنة حماية الصحفيين: هؤلاء صحفيون

أدرجت لجنة حماية الصحفيين على موقعها الإلكتروني الصحفيين الخمسة الذين قُتلوا بطائرات من دون طيار، بمن فيهم البسوس. وصنّفت مقتله « جريمة قتل »، وهو تصنيف تحتفظ به المنظمة للحالات التي يبدو فيها أن الصحفي قد استُهدف عمداً.

في مقابلات أجرتها أريج وشركاؤها في الجولة الأولى من مشروع غزة العام الماضي (2024)، يقول كارلوس مارتينيز دي لا سيرنا، مدير البرامج في لجنة حماية الصحفيين: « هناك نمط من الجيش الإسرائيلي في اتهام الصحفيين بأشياء مختلفة، وأحياناً تصريحات متناقضة في غضون أيام، لأن هذه هي الطريقة التي تعمل بها البروباغاندا، في البداية تزرع بذرة الشك… لكن لا يوجد دليل من أي نوع ».

يقول المشهراوي إن شركته أوقفت استخدام الدرون بسبب مخاوف على سلامة الفريق، خاصة بعد غارة 15 مارس: « سيتم استئناف التصوير بالدرون في حال التأكد التام من عدم استهداف الصحفيين بسبب استخدامهم له خلال عملهم الصحفي ».

الساعة الواحدة والنصف صباحاً في الليلة التي سبقت مقتل البسوس، يتذكر الطباطيبي مكالمة هاتفية معه تحدثا فيها عن أمور حياتهما. كان البسوس (25 عاماً) يخطط للزواج. يقول الطباطيبي ضاحكاً بهدوء رغم الألم: « احنا في غزة بنتزوج بدري ». تحدثا لأكثر من ساعة، وهي أطول مكالمة بينهما منذ فترة. لم يكن يعلم أنها ستكون الأخيرة.

ساهم في إعداد هذا التحقيق: فراس الطويل، فرح جلاد، ظريفة أبو قورة (أريج)، جايك جودين، ثوماس بوردو، شارلوت ماهر (بيلينغكات)، ماريانا أبرو (فوربيدن ستوريز)، ماريا ريتير (بيبر تريل ميديا)

مقالات مشابهة

  • أكاديمية السينما تعتذر بعد إغفال اسم المخرج الذي اعتدت عليه إسرائيل
  • توقف الحرب… من الذي كان وراءه
  • ما فرص انضمام كندا للاتحاد الأوروبي؟
  • الاتحاد الأوروبي والسويد وألمانيا يخصصون 44 مليون يورو لدعم المجتمع المدني في أوكرانيا
  • مشهد مثير لمسؤول معارض في تركيا يتصدر الترند
  • نشوى مصطفى تروي اللحظات الأخيرة في حياة زوجها: قال مرتين يارب واستقبل القبلة
  • قصص من السماء... تحقيق في استهداف إسرائيل صحفيي الدرون بغزة
  • عودة الحرب على غزة: هل تفتح شهيّة إسرائيل نحو لبنان؟
  • شاهد| حركة حماس تنشر: نتنياهو مجرم الحرب الذي لا يشبع من الدماء وأول الضحايا أسراه
  • هل الحرب الأهلية في إسرائيل قدر حتمي؟