ما الذي دفع الأسد للحديث مجددا عن اتصالات بأميركا؟
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
قال تقرير لصحيفة "إزفيستيا" الروسية إن دمشق تجري اتصالات مع واشنطن، وسط تقارير بأن سوريا تعاني صعوبات في علاقاتها مع حليفتها الرئيسية إيران.
وذكر التقرير -الذي كتبته كسينيا لوغينوفا- أن رئيس النظام السوري بشار الأسد كشف في مقابلة مع القناة الأولى في أبخازيا، عن اتصالات بين بلاده والولايات المتحدة، وهو يعلق آمالا على عودة العلاقات مع الغرب.
وأضاف أنه منذ خريف 2020، بدأ الأسد يكشف عن مناقشة مواضيع محدودة مع واشنطن؛ فخلال رئاسة دونالد ترامب، اقترح البيت الأبيض على دمشق إنشاء قناة اتصال مباشرة لمناقشة القضايا التي تهم الدولتين.
قضايا النقاش مع أميركاومن بين تلك القضايا ما يتعلق باختفاء العديد من المواطنين الأميركيين والإفراج عن الأميركيين من السجون السورية، واستخدام الأسلحة الكيميائية، وتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا.
وكانت الرحلة التي أجراها رئيس مجلس الأمن القومي آنذاك في البيت الأبيض، كاشياب باتيل، إلى العاصمة السورية قبل 4 سنوات دلالة على ذلك، وهي أول زيارة يقوم بها مسؤول أميركي رفيع المستوى منذ بداية الثورة ومن ثم الحرب في سوريا.
وفي ربيع 2022، يشير التقرير إلى أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية آنذاك، نيد برايس، قال إن الولايات المتحدة ستعمل على تطبيع العلاقات مع بشار الأسد حتى يتم إحراز تقدم ملموس نحو حل سياسي للصراع في سوريا. وقد عكست كلماته تغيّر موقف واشنطن. وفي حال كانت الولايات المتحدة قد قالت في وقت سابق إن أيام الزعيم السوري باتت معدودة، فقد ظهرت في الوقت الراهن الظروف الملائمة لتطبيع محتمل للعلاقات.
وبعد الزلازل التي ضربت سوريا وتركيا، بدأ "الانفراج" في العلاقات بين دمشق والعالم الغربي في إطار "دبلوماسية الزلازل".
روجها الإعلام الإسرائيليوقال التقرير إن تصريح بشار الأسد الحالي عن اتصالات مع واشنطن يأتي وسط تقارير تفيد بوجود شرخ في العلاقات بين سوريا وإيران في الآونة الأخيرة.
وأضاف أن وسائل الإعلام الإسرائيلية ذكرت أن طهران تشتبه في تزويد سوريا الجيش الإسرائيلي بالبيانات التي استُخدمت في التخطيط لضرب القنصلية الإيرانية في دمشق.
ونقلت الكاتبة عن الباحث السياسي أندريه أونتيكوف قوله إن الترويج لوجود خلاف بين سوريا وإيران أو التظاهر بأنهما يتشاجران هو وسيلة جيّدة بالنسبة لإسرائيل، مشيرا إلى أن الدول الغربية ستبدأ تضخيم هذا الصراع، وربما تقدّم شيئا لدمشق، بما في ذلك رفع العقوبات.
وقال كريلوف إن روسيا تقف أمام مهمة واحدة وهي التأكد من أن ما روجت له وسائل الإعلام الإسرائيلية لن يتعدى حدود كونه مجرد نقاش وجدل في وسائل الإعلام، ومنع حدوث انقسام حقيقي وإقناع السوريين بضرورة عدم تقديم تنازلات للأميركيين دون الحصول على ضمانات ملموسة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
بين تركيا والسعودية.. هل تدشن دمشق مرحلة من العلاقات الخارجية المتوازنة؟
تضع الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع خطوات متسارعة على مسار توثيق علاقات دمشق الخارجية على الصعيدين الإقليمي والدولي، انسجاما مع موقع سوريا الاستراتيجي في المنطقة الذي يضعه على خطوط تقاطع دوائر النفوذ الإقليمي ما بين تركيا والعالم العربي بما في ذلك السعودية.
وبدا من برنامج الزيارات الخارجية الذي شرع الشرع في تنفيذه بعد توليه مهام منصب رئاسة الجمهورية خلال المرحلة الانتقالية، وجود إرادة لدى دمشق لتعزيز العلاقات الثنائية مع كل من أنقرة والرياض بشكل متوازن تحسبا لانجرار سوريا إلى انحياز قد يتسبب في إرهاق البلد المدمر، حسب مراقبون تحدثوا إلى "عربي21".
وفي أولى زياراته، توجه الرئيس السوري إلى العاصمة السعودية الرياض حيث التقى بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ومن ثم أدى مناسك العمرة في ختام الزيارة.
والثلاثاء، وصل الشرع في ثاني زيارة خارجية له إلى العاصمة التركية أنقرة حيث اجتمع مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمناقشة العديد من الملفات بين البلدين بما في ذلك التعافي الاقتصادي والاستقرار والأمن المستدام.
وتفتح الزيارة التي تعد الأولى من نوعها لرئيس سوري منذ نحو 15 عاما، الباب أمام البلدين لمناقشة المخاطر الأمنية بشكل أساسي، حيث يشكل ملف و"حدات حماية الشعب" التي تشكل العمود الفقري لما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية "قسد" ملفا ضاغطا على الجانبين.
ففي حين ترى تركيا في هذه القوات المسيطرة على شمال شرقي سوريا خطرا على أمنها القومي لارتباطها بحزب العمال الكردستاني، تسعى دمشق إلى توحيد كافة الأراضي السورية تحت سيطرتها مجددا دفعا لمخاطر تقسيم البلاد أو دخولها في رحى حرب جديدة.
ويرى الباحث التركي علي أسمر أن زيارة الشرع إلى تركيا تأتي في سياق إعادة ترتيب المشهد السياسي والاقتصادي والأمني بين دمشق وأنقرة، حيث تعكس رغبة متزايدة لدى الجانبين في استكشاف قنوات جديدة للحوار والتفاهم، بعيدًا عن القطيعة الحادة التي ميزت السنوات الماضية.
ويضيف أسمر في حديثه مع "عربي21"، أن هذه الزيارة تتقاطع مع جهود إقليمية أوسع تهدف إلى إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية، مع وجود تفاهمات تركية-عربية بشأن مستقبل سوريا الجديدة.
ويوضح الباحث التركي أن "المفتاح الأساسي لأي تقدم في العلاقات بين أنقرة ودمشق هو ملف مكافحة الإرهاب إذا تحقق تقدم حقيقي في هذا الملف، فمن المرجح أن ينعكس ذلك على باقي الملفات، بما في ذلك إعادة اللاجئين، إعادة الإعمار، والتعاون الأمني والاقتصادي".
ويرى أسمر أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في اختبار مدى جدية الطرفين في تحقيق تفاهمات عملية ومستدامة، في حين يوضح الباحث مركز "حرمون" محمد السكري أن المشهد الجديد يتسم بالمصالح المشتركة السورية التركية و"خاصة أن تركيا داعم بشكل أساسي للتحولات والمشهد السياسي الجديد في سوريا"، وفق حديثه مع "عربي21".
وهناك العديد من الملفات الملحة بين سوريا وتركيا التي تضم ما يزيد على 3 ملايين لاجئ سوري، إلا أن الملف الأمني والعسكري هو المتصدر للمباحثات الجارية بين الجانبين، حسب مراقبين.
وكشف وكالة رويترز نقلا عن مصادر مطلعة عن إمكانية تضمن المحادثات بين الشرع وأردوغان، اتفاق دفاع مشترك يتضمن إنشاء قاعدتين جويتين تركيتين في وسط سوريا واستخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية ، بالإضافة إلى اضطلاع أنقرة بدور قيادي في تدريب الجيش السوري الجديد.
ونقلت الوكالة عن مصادرها التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، أن المحادثات ستتضمن إنشاء قاعدتين عسكريتين تركيتين في المنطقة الصحراوية الشاسعة بوسط سوريا والمعروفة باسم البادية.
وقال مسؤول في الرئاسة السورية لوكالة رويترز إن الشرع سيناقش مع أردوغان "تدريب القوات المسلحة التركية للجيش السوري الجديد، بالإضافة إلى مجالات الانتشار والتعاون الجديدة"، دون أن يحدد مواقع الانتشار.
وأشار مسؤول مخابراتي إقليمي كبير تحدث إلى "رويترز"، إلى أن الموقعين المحتملين للقاعدتين الجويتين هما مطار تدمر العسكري ومطار التيفور التابعين للجيش السوري، وكلاهما في محافظة حمص.
وأضاف أن أنقرة حريصة على إقامة قواعد هناك كرسالة إلى المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا المعروفين باسم "وحدات حماية الشعب".
ودأب المسؤولون الأتراك على التأكيد بأن وجود "وحدات حماية الشعب" التي تشكل العمود الفقري لـ"قسد" في شمال شرقي سوريا ليس مبررا بعد سقوط نظام الأسد، وهددوا مرارا بشن عمليات عسكرية للقضاء على هذا التواجد.
توازن بين القوى الإقليمية
مع سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول /ديسمبر الماضي، استقبلت الإدارة الجديدة عشرات الوفود الإقليمية والدولية في مشهد عكس ترحيب حذر من المجتمع الدولي بالتحول التاريخي الذي شهدته البلاد.
وفي حين كان أول وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أول مسؤول رفيع المستوى يصل إلى العاصمة دمشق بعد سقوط النظام، فإن الوفود العربية حضرت في المشهد بشكل واسع على صعيد وزراء الخارجية، لاسيما الدول الخليجية.
والأسبوع الماضي، وصل أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على رأس وفد رفيع المستوى إلى العاصمة دمشق في أول زيارة لزعيم دولة بعد سقوط النظام المخلوع.
وتسعى الحكومة السورية إلى تحقيق توازن في علاقاتها مع تركيا والدول العربية وفي مقدمتها السعودية وهو ما كان واضحا في أول زيارتين خارجيتين يجريهما الرئيس السوري.
وفي حديثه عن إمكانية وجود تنافس بين تركيا والسعودية على بسط النفوذ في سوريا، يرى السكري أن الأمر عكس ذلك تماما فلا يوجد أي تنافس في الحالة التركي السعودية بقدر ما يوجد محاولة موازنة العلاقات بين كل من جانب الرياض وجانب أنقرة.
ويوضح الباحث في مركز حرمون في حديثه مع "عربي21"، أن "أنقرة راضية عن هذا التوازن التي تقوم بأدائه الحكومة السورية الجديدة المتمثلة بوزارة الخارجية السورية".
ويشدد على أن "سياسة الحياد الإيجابي أو ما يسمى بالصفر مشاكل مع الفاعلين في الإقليم ستؤثر بالتأكيد بشكل أساسي على القضية السورية بشكل خاص والإقليم عموما"، مشيرا إلى أن تركيا ترى أن هذه المساحات التي تشغلها الحكومة السورية تعود عليها بالنفع في هذا التوقيت.
من جهته، يؤكد الباحث التركي علي أسمر أن "أنقرة تنظر بإيجابية إلى الدور العربي المتزايد في الملف السوري، وتعتبره جزءا من مقاربة إقليمية أشمل تشمل أيضا العراق ومشاريع اقتصادية كبرى مثل طريق التنمية".
ويشير في حديثه مع "عربي21" إلى أن زيارات المسؤولين الأتراك إلى دمشق فتحت الباب أمام سلسلة من اللقاءات العربية والغربية تجاه سوريا، لافتا إلى أن التنسيق التركي العربي ليس فقط بخصوص سوريا، بل أيضا بشأن العراق والتعاون الأمني والاقتصادي كمشروع طريق التنمية وخط الغاز القطري في سوريا.
وبحسب أسمر، فإن تركيا ترى أن نجاح المرحلة الانتقالية في سوريا مسؤولية جماعية، لافتا إلى أن التنسيق التركي-العربي لا يقتصر على سوريا، بل يشمل القضية الفلسطينية أيضا، ما يسهم في تقوية وحدة الصف الإقليمي في مواجهة التدخلات الخارجية.
ويوضح الباحث التركي أن "التصريحات الصادرة عن الحكومة السورية المؤقتة تتسم بالتوازن، وهو أمر إيجابي نأمل أن يستمر لكن لا يمكن تجاهل الحقائق الجغرافية، فتركيا وسوريا تربطهما حدود تمتد لـ911 كم، ما يجعل من الضروري بناء علاقات متينة بين الجانبين، سواء من منظور أمني، اقتصادي، أو حتى اجتماعي، خاصة أن التهديدات والتحديات مشتركة بينهما".