عرضت منصة نتفليكس، مؤخرا، الفيلم الإسباني "Pared con pared" أو "حب على جانبي الجدار" (Love Divided) ورغم تربعه على قمة قوائم المشاهدة خلال أيام، فإنه يمكن بسهولة ملاحظة انتمائه إلى نطاق الأفلام الهوليودية، ربما أكثر من الأفلام الإسبانية نفسها، وهو ما سنلقي عليه نظرة مقربة هنا.

"حب على جانبي الجدار" من بطولة المغنية الشهيرة إيتانا بالإضافة إلى فرناندو غولار، وأخرجته باتريشيا فونت، وكتبته مارتا سانشيز، وهو ريميك أو إعادة إنتاج لفيلم فرنسي بعنوان "موعد مدبر" (Blind Date).

حبكة غير مكتملة

تُعَرِفنا النسخة الإسبانية من الفيلم على تفاصيل شخصية البطلة فالنتينا من أول مشهد، وهي تقف معلقة الأنظار بآلة بيانو عملاقة يتم نقلها عبر رافعة إلى بناية سكنية، قلقة بشدة، ولا يقل خوفها إلا بوصول قريبتها كارمن التي تهدد سائق الرافعة حتى يتم عمله بنجاح.

إذن، نحن إزاء عازفة بيانو شابة وجميلة ذات شخصية هشة تنتقل إلى مسكن جديد، ومن الحوار بالمشهد التالي تصلنا معلومات أخرى مثل تجربة الأداء التي تنتظرها بعد 3 أسابيع، وتركها حبيبا سابقا مؤخرًا والوظيفة المؤقتة التي ستشغلها كنادلة في إحدى المقاهي العصرية.

ويأخذنا الفيلم إلى الجانب الآخر من الجدار الذي يعيش فيه مبتدع الألعاب العبقري ومحب الهدوء ديفيد، الذي ينوي إزعاج جارته الجديدة حتى تترك شقتها، كما فعل مع عدد من الساكنين السابقين، ويبدأ بالفعل في خطته ولكنها تكشف الحيلة، وتبدأ بينهما علاقة رومانسية على طرفي الجدار دون لقاء حتى نهاية الفيلم تقريبا.

وبُني فيلم "حب على جانبي الجدار" على فرضية، مفاداها أن الشخصين يسكنان في بنايتين مختلفتين، ولكن يجمعها جدار واحد.

وعندما تبدأ مشاعر كل منهما في التبلور تجاه الآخر يميلان إلى اللقاء، وهو الأمر الطبيعي والمنطقي في هذه الأحوال، وبالفعل تشتبه فالنتينا في أحد زبائن المقهى بكونه جارها المجهول فتدعوه على العشاء.

"حب على جانبي الجدار" ينتمي لأفلام الكوميديا الرومانسية الأميركية الطابع (آي إم دي بي)

تكتشف عازفة البيانو الرومانسية خطأ الأمر، وعندما يطلب منها الجار المقابلة في ذات المشهد، ترفض دون إبداء أسباب منطقية، فتصبح حبكة الفيلم مبنية على خواء، فلا يوجد أي سبب حقيقي يمنعهما من لقاء بعضهما البعض، خصوصا وأن كليهما يمتلك أو امتلك الرغبة في ذلك.

وتمتد هشاشة الحبكة وغياب المنطق عندها إلى تفاصيل أخرى، منها سبب الشجار الذي يكاد يفسد العلاقة بين الحبيبين، والذي يعتمد على المصادفات المفتعلة تماما، مثل سماع ديفيد صوت كارمن وحبيبها في شقة فالنتينا، فيظن أن الأخيرة تواعد شخصا آخر، واتهامها إياه بعدم الثقة فيه، ليبدو الفيلم في النهاية نسخة غير مكتملة، أو إطار فارغ لحبكة تم تقديمها مسبقا لم يحاول صناعه حتى ملء فراغاته بشكل متقن.

كوميديا رومانسية على الطريقة الأميركية

الكوميديا الرومانسية نوع فرعي يجمع بين كل من الكوميديا والرومانسية، ويركز على القصص العاطفية الطريفة التي تتميز بروح الدعابة بجانب قصص الحب الحقيقي القادر على التغلب على معظم العقبات.

ويُعَرِف كتاب "كوميديا رومانسية: فتى يلتقي فتاة تلتقي بالنوع" (Romantic Comedy: Boy Meets Girl Meets Genre) من تأليف تمار جيفرز ماكدونالد، أفلام الكوميديا الرومانسية بأنها "أفلام حبكتها الأساسية تتمركز حول البحث عن الحب، ويتم تصوير هذا المسعى بطريقة طريفة وتقود هذه الحبكة دائمًا إلى نهاية سعيدة".

ويميل العاشقان في الكوميديا الرومانسية -الهوليودية على وجه الخصوص- إلى أن يكونا صغيرين في السن نسبيًا ومحبوبين ومناسبين لبعضها البعض من ناحية الميول والصفات الشخصية.

ومع ذلك يتم فصلهما عن بعضهما البعض بسبب بعض الظروف المعقدة على سبيل المثال أو الاختلافات الطبقية، أو تدخل الوالدين، أو صديقة سابقة أو صديق، حتى يتحد الحبيبان أخيرا، متجاوزين كل العقبات، وتأتي النهاية السعيدة على غرار القصص الخيالية.

ويتضح مما سبق أن "حب على جانبي الجدار" ينتمي تماما إلى أفلام الكوميديا الرومانسية الأميركية الطابع، فهو نسخة إسبانية من أفلام المخرجة والكاتبة نورا إيفرون على سبيل المثال صاحبة أفلام "عندما التقى هاري بسالي" (When Harry Met Sally) و"لقد تلقيت بريدا" (You’ve Got Mail) فلدينا بطل وبطلة في غاية الوسامة واللطف، تجمع بينهما الكثير من الصفات المشتركة، يلائمان بعضهما البعض تماما ولكن يقف بينهما حائل واحد فقط، يتمثل في جدار، ولكن على عكس الأفلام الجيدة التي تنتمي لهذا النوع والتي تكون فيها العقبات أمام علاقة الحب قوية وتحتاج لقرارات كبيرة أو مواجهات صادمة، فإن العائق هنا أكثر هشاشة من الجدار الذي يمكن إزالته بضربة قوية واحدة.

تظهر أزمة أخرى في الفيلم في عدم اهتمام صناعه ببناء شخصياته بشكل جدي، فلا يتم الإفصاح عن السبب خلف بقاء ديفيد في المنزل 3 سنوات أو سر العلاقة المؤذية التي تجمع بين فالنتينا وحبيبها السابق أوسكار إلا في اللحظات الأخيرة من الفيلم عندما أصبح ذلك بلا فائدة حقيقية.

وقد وصل "حب على جانبي الجدار" إلى العديد من المشاهدين في العالم العربي والغربي لتشابهه مع الأفلام الهوليودية من ذات النوع، غير أنه لا يمكن حتى اعتباره نسخة جيدة من هذه الأفلام لعيوبه الكبيرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحلم ترامب بإمبراطورية ماجا، لكنه على الأرجح سيترك لنا جحيمًا نوويًا، ويمكن للإمبريالية الجديدة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن تجعل العالم المروع الذى صوره صانعو أفلام الحرب الباردة حقيقة.. هكذا بدأ ألكسندر هيرست تحليله الشامل حول رؤية ترامب.

فى سعيه إلى الهيمنة العالمية، أصبحت رؤية ترامب لأمريكا الإمبريالية أكثر وضوحًا. ومع استعانة الإدارة الحالية بشكل كبير بدليل استبدادى وإظهار عداء متزايد تجاه الحلفاء السابقين، أصبحت خطط ترامب للتوسع الجيوسياسى واضحة. تصور الخرائط المتداولة بين أنصار ترامب، والمعروفة باسم "مجال الماجا"، استراتيجية جريئة لإعادة تشكيل العالم. كشف خطاب ترامب أن أمريكا الإمبريالية عازمة على ضم الأراضى المجاورة، بما فى ذلك كندا وجرينلاند وقناة بنما، مما يعكس طموحه المستمر لتعزيز السلطة على نصف الكرة الغربى.

تعكس هذه الرؤية لعبة الطاولة "المخاطرة" فى طموحاتها، مع فكرة السيطرة على أمريكا الشمالية فى قلب الأهداف الجيوسياسية لترامب. ومع ذلك، فإن هذه النظرة العالمية تضع الاتحاد الأوروبى أيضًا كهدف أساسى للعداء. إن ازدراء ترامب للتعددية وسيادة القانون والضوابط الحكومية على السلطة يشير إلى عصر من الهيمنة الأمريكية غير المقيدة، وهو العصر الذى قد تكون له عواقب عميقة وكارثية على الأمن العالمى.

مخاطر منتظرة

مع دفع ترامب إلى الأمام بهذه الطموحات الإمبريالية، يلوح شبح الصراع النووى فى الأفق. لقد شهدت فترة الحرب الباردة العديد من الحوادث التى كادت تؤدى إلى كارثة، مع حوادث مثل أزمة الصواريخ الكوبية فى عام ١٩٦٢ والإنذار النووى السوفيتى فى عام ١٩٨٣ الذى كاد يدفع العالم إلى الكارثة. واليوم، قد تؤدى تحولات السياسة الخارجية لترامب، وخاصة سحب الدعم الأمريكى من الاتفاقيات العالمية وموقفه من أوكرانيا، إلى إبطال عقود من جهود منع الانتشار النووى.

مع تحالف الولايات المتحدة بشكل متزايد مع روسيا، يصبح خطر سباق التسلح النووى الجديد أكثر واقعية. الواقع أن دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وكندا، التى اعتمدت تاريخيًا على الضمانات الأمنية الأمريكية، قد تشعر قريبًا بالحاجة إلى السعى إلى امتلاك ترساناتها النووية الخاصة. وفى الوقت نفسه، قد تؤدى دول مثل إيران إلى إشعال سباق تسلح أوسع نطاقًا فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط، إذا تجاوزت العتبة النووية.

رد أوروبا

بدأ الزعماء الأوروبيون، وخاصة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى الاعتراف بمخاطر عالم قد لا تكون فيه الولايات المتحدة حليفًا موثوقًا به. وأكدت تعليقات ماكرون الأخيرة على الحاجة إلى استعداد أوروبا لمستقبل قد لا تتمسك فيه الولايات المتحدة بضماناتها الأمنية، وخاصة فى ضوء سياسات ترامب الأخيرة. فتحت فرنسا، الدولة الوحيدة فى الاتحاد الأوروبى التى تمتلك أسلحة نووية، الباب أمام توسيع رادعها النووى فى مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبى. ومع ذلك، يظل السؤال مطروحًا: حتى لو مدت فرنسا قدراتها النووية إلى أعضاء آخرين فى الاتحاد الأوروبى، فهل سيكون ذلك كافيًا لحماية أوروبا من التهديدات الوشيكة التى تشكلها كل من روسيا والدول المسلحة نوويًا الأخرى؟

إن التوترات المتصاعدة بين حلف شمال الأطلسى وروسيا بشأن غزو أوكرانيا والتهديدات النووية الروسية المتكررة تؤكد على الحاجة الملحة إلى أوروبا فى سعيها إلى رادع أكثر استقلالية وقوة. وإذا لم تتمكن أوروبا من الاعتماد على الولايات المتحدة، فقد تحتاج فى نهاية المطاف إلى إنشاء آلية دفاع نووى خاصة بها.

عالم منقسم

قد تكون تداعيات رؤية ترامب كارثية. فمع إعادة تسليح العالم بسرعة، ترتفع مخزونات الدفاع، ويرتفع الإنفاق العسكرى إلى مستويات غير مسبوقة. ويتم توجيه الموارد التى ينبغى استثمارها فى الرعاية الصحية والتعليم وحماية البيئة واستكشاف الفضاء بدلًا من ذلك إلى ميزانيات الدفاع. وإذا سُمح لسياسات ترامب بالاستمرار، فقد تؤدى إلى عالم حيث تصبح الحرب حتمية، أو على الأقل، حيث يتحول توازن القوى العالمى بشكل كبير. مع ارتفاع الإنفاق الدفاعى العالمى، هناك إدراك قاتم بأن البشرية تتراجع إلى نظام عالمى خطير ومتقلب، حيث يتم التركيز بدلًا من ذلك على العسكرة والصراع.

ضرورة التأمل

ويمضى ألكسندر هيرست قائلًا: فى مواجهة هذه التحولات الجيوسياسية، أجد نفسى أفكر فى التباين بين العالم الذى حلمت به ذات يوم والعالم الذى يتكشف أمامنا. عندما كنت طفلًا، كنت أحلم بالذهاب إلى الفضاء، ورؤية الأرض من مدارها. اليوم، أود أن أستبدل هذا الحلم بالأمل فى أن يضطر أصحاب السلطة إلى النظر إلى الكوكب الذى يهددونه من الأعلى. ولعل رؤية الأرض من الفضاء، كما ذكر العديد من رواد الفضاء، تقدم لهم منظورًا متواضعًا، قد يغير وجهات نظرهم الضيقة المهووسة بالسلطة.

إن رواية سامانثا هارفى "أوربيتال" التى تدور أحداثها حول رواد الفضاء، تلخص هذه الفكرة بشكل مؤثر: "بعض المعادن تفصلنا عن الفراغ؛ الموت قريب للغاية. الحياة فى كل مكان، فى كل مكان". يبدو أن هذا الدرس المتعلق بالترابط والاعتراف بالجمال الهش للحياة على الأرض قد ضاع على أولئك الذين يمسكون الآن بزمام السلطة. وقد يعتمد مستقبل كوكبنا على ما إذا كان هؤلاء القادة سيتعلمون يومًا ما النظر إلى ما هو أبعد من طموحاتهم الإمبراطورية والاعتراف بقيمة العالم الذى نتقاسمه جميعًا.

*الجارديان

مقالات مشابهة

  • إيرادات متواضعة لـميكي 17″ في الأسبوع الأول لعرضه في الصالات الأميركية
  • مهرجان أفلام السعودية الحادي عشر ينطلق في أبريل بمشاركة اليمن
  • ذكرى ميلاد مهندس الكوميديا.. نبرة الصوت تصنع نجومية يوسف داود
  • إحياء الذكرى الخامسة لضحايا كوفيد-19 أمام الجدار التذكاري في لندن
  • هل تفقد أفلام جيمس بوند هويتها البريطانية؟ بروسنان يعلق على استحواذ أمازون
  • أوروبا في مواجهة ترامب جحيم نووي.. رؤية الرئيس الأمريكي الاستعمارية تجعل مشاهد أفلام الحرب حقيقة واقعة
  • صحيفة إسبانية : ابراهيم دياز يطلق حملة تسويقية بالمغرب
  • مراسلة إسبانية تروي تفاصيل علاقتها مع بنزيما
  • على غرار إسرائيل.. العراق قلق من سوريا: ما دور الجدار في مواجهة خطر الجار؟
  • فارس البحري يتميز في الكوميديا والدراما بالموسم الرمضاني