حذّر مؤرخ وكاتب أميركي من أن الحرية الأكاديمية في الولايات المتحدة تتعرض لهجوم شرس على خلفية اعتصام الطلاب داخل جامعاتهم تعبيرا عن معارضتهم للحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وتأييدا للقضية الفلسطينية.

واعتبر لويس ميناند أن مثول رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق أمام مجلس النواب الأميركي في وقت سابق من الشهر الجاري، حلقة "مذهلة" من حلقات تاريخ الحريات الأكاديمية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4واشنطن تشتري مقاتلات سوفياتية من حليف لروسياlist 2 of 4تحالف محامين أميركيين يحث بايدن على وقف تسليح إسرائيلlist 3 of 4مجرمون بهوية مخفية.. هكذا تحمي إسرائيل قتلة الفلسطينيينlist 4 of 4فرنسا.. أكفّ مطلية بالدماء تضامنا مع غزة تثير غضب مؤيدين لإسرائيلend of list

وقال إن كلامها كان "صادما" وهي تتداول الأحاديث مع عضو في الكونغرس حول معاقبة اثنين من أعضاء هيئة التدريس في جامعتها بالاسم. وفي اليوم التالي، استدعت شفيق شرطة نيويورك لاعتقال أكثر من 100 طالب بتهمة التعدي على الحرم الجامعي.

وأشار، في مقال مطول بمجلة نيويوركر، إلى أن جامعة كولومبيا بإيقافها الطلاب المحتجين جعلت وجودهم غير قانوني في المقام الأول، مضيفا أنه لا يوجد أي مسؤول جامعي أو عضو في هيئة التدريس يرغب في رؤية شرطة إنفاذ القانون داخل حرم جامعته الذي يعتبرونه في نطاق اختصاصهم هم تحديدا.

وقال ميناند -وهو مؤرخ وأستاذ للغة الإنجليزية في جامعة هارفارد- إن أعضاء هيئة التدريس اشتكوا من أن إدارة جامعة كولومبيا لم تستشرهم قبل أن تأمر باعتقال الطلاب.

وأضاف أن أكثر ما يدعو للقلق من الاعتقالات هو حرمان الطلاب من الدراسة بعد إلغاء بطاقات الهوية الخاصة بهم، ومنعهم من دخول الفصول الدراسية، وهو ما عدَّه المؤرخ والكاتب الأميركي "ازدراءً غريبا" لحق الطلاب في الدراسة رغم ما قد تراه الجامعة انتهاكا منهم لسياساتها.

حق الحرية الأكاديمية

ووفقا للمقال، فإن الحق المعرّض للخطر في هذه الأحداث هو حق الحرية الأكاديمية، وهو حق مستمد من الدور الذي تلعبه الجامعة في الحياة الأميركية.

وعلى حد تعبير الكاتب فإن "الأساتذة لا يعملون لصالح السياسيين، ولا لصالح أمناء مجلس الجامعة، ولا لصالح أنفسهم. بل يعملون من أجل الشعب؛ ووظيفتهم هي إنتاج العلم والثقافة والتربية والتعليم التي تضيف إلى مخزون المجتمع من المعرفة، دون النظر إلى المنفعة المالية أو الحزبية أو الشخصية".

وفي المقابل -يتابع ميناند- يسمح لهم المجتمع بتحصين أنفسهم، وإلى حد ما طلابهم، ضد التدخل الخارجي في شؤونهم. وهو بذلك كأنما يبني لهم صرحا يعتصمون به.

ويؤكد الكاتب أن الحرية الأكاديمية مرتبطة بحرية التعبير -ولكن ليست مثلها تماما- بالمعنى الوارد في التعديل الأول للدستور الأميركي. "ففي المجال العام، يمكن للمرء أن يقول أو ينشر أشياء دالة على الجهل أو تنم عن كراهية، وفي كثير من الأحيان أكاذيب، دون أن تمسك السلطات بسوء".

وأوضح أن من مهام أعضاء هيئات التدريس بالجامعات إصدار أحكام على إنتاجات زملائهم، وتحديد المقررات الدراسية، ومراعاة معايير البحث العلمي، ومن ثم يجب عليهم إخضاع كل الآراء والفرضيات إلى الاختبار بشكل عادل.

وتطمح كل المهن إلى أن تكون لها الاستقلالية في أعمالها، إيمانا من العاملين فيها بأنهم هم وحدهم من يملكون الخبرة اللازمة لإصدار الأحكام في مجالاتهم، لكن المهنيين -وفق مقال نيويوركر- يعرفون أيضا أن فشل الرقابة الذاتية تستجلب التدخل الخارجي.

وفي حالة الجامعة، من مصلحة أعضاء هيئة التدريس أن يديروا مؤسستهم بإنصاف وكفاءة، فهم بحاجة إلى الوثوق بهم للعمل بشكل مستقل عن الرأي العام، مما يستوجب عليهم "الحفاظ على الصرح" الذي بناه لهم الشعب ليحميهم.

ويرى ميناند أن هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تسبب في أزمة للتعليم العالي الأميركي، مشيرا إلى أن إخفاق بعض الجامعات في الحفاظ على أمنها بكفاءة جعل حرمها خارج السيطرة، وهو الذي أتاح الفرصة للأطراف -لم يسمها صراحة- التي تتطلع إلى التأثير على نوع المعرفة التي تنتجها الجامعات، ومن يُسمح له بإنتاجها، وكيفية تدريسها، "وهي قرارات كانت تقليديا من اختصاص هيئة التدريس".

غير أن الكاتب استدرك لافتا إلى أن السياسيين الذين يريدون تضييق الخناق على أنواع معينة من التعبير الأكاديمي، يعتقدون أن بإمكانهم القيام بذلك من خلال التهديد بإلغاء الإعفاء الضريبي للجامعة أو فرض ضرائب على هباتها.

وفي ظل المناخ السياسي الحالي، ليس من الصعب تخيل حدوث مثل هذه الأمور. فإذا فعلوا ذلك -بحسب ميناند- فسيكون ذلك إلغاءً مباشرا للميثاق الاجتماعي.

يتمتعون بالحصانة

وطبقا للمقال، فإن الطلاب المتظاهرين تأييدا للفلسطينيين يتمتعون بالحصانة بموجب التعديل الأول للدستور رغم أنه هو من هيأ الظروف التي جعلت الطلاب اليهود يزعمون أنها معادية للسامية.

ووصف الكاتب شعار "من النهر إلى البحر ستتحرر فلسطين"، الذي ظل يرفعه المحتجون المناصرون للحق الفلسطيني في كل التظاهرات، بأنه "شعار سياسي وخطاب تقليدي قديم محمي بموجب التعديل الأول". ولهذا السبب -يضيف ميناند- يحجم الكونغرس عن استدعاء المتظاهرين؛ بل بالأحرى يلاحق رؤساء الجامعات".

فالجامعة -في نظر المؤرخ الأميركي- مجتمع، والجميع موجودون هناك لنفس السبب، وهو التعلم. ويحق للمجتمع كل الحق في منع الأطراف الخارجية والإصرار على معايير الكياسة والاحترام، مع إدراك أن هذه المُثُل لا يمكن تحقيقها دائمًا على الفور.

ويختم ميناند مقاله بتأكيد ما هو مؤكد، وهو أن الحرية الأكاديمية مفهوم وليست قانونا، إذ لا يمكن التذرع بها، بل يجب التشديد عليها والدفاع عنها، معتبرا أن ما يثبط الهمم أن قادة الجامعات الكبرى يبدون مترددين في التحدث عن حرية التعبير التي ناضل الأميركيون من أجلها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات هیئة التدریس إلى أن

إقرأ أيضاً:

ساكو يدعو الى منح حرية اختيار الدين بعد سن البلوغ في العراق

15 مارس، 2025

بغداد/المسلة: أكد زعيم الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم الكاردينال لويس روفائيل ساكو، السبت، أن تنظيمي القاعدة وداعش اكرها المسيحيين على اعتناق الإسلام في المدن والمناطق التي كانت تخضع لسيطرتهما سابقا، في حين دعا المرجعيات الدينية والحكومة العراقية الى منح الشخص الحرية بعد سن البلوغ في اختيار دينه .

وقال ساكو في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، “أكتبُ هذه الأسطر لإنصاف عدد محدود من المسيحيين، الذين تم إكراههم من قِبل عناصر القاعدة أو داعش، تحت التهديد بالقتل لإشهار إسلامهم”.

وأضاف أن هؤلاء المسيحيين “أشهروا إسلامهم مُجبَرين، وهم لا يفقهون شيئاً في الديانة الإسلامية، أي لم يُرَبَّوا تربية دينية إسلامية، فبالتالي إسلامهم شكليٌّ، وفي هذا الشأن أيضاً اُشير إلى أسلمة القاصرين لدى إعتناق أحد الوالدين الإسلام، بهدف زواج ثانٍ، لأن المسيحية تحرّم الطلاق والزواج الثاني وتعدد الزوجات”.

وتابع ساكو بالقول إن “الديانة، إيمانٌ بالله تعالى وسلوكٌ مطابقٌ له في تفاصيل الحياة اليومية. إيمانٌ حرٌّ نابع عن الوعي والقناعة، وليس إنتماءً شكلياً لا قيمة له، و هؤلاء المواطنون المسيحيون يعيشون حالة مأسوية، لان دائرة النفوس، ترفض إعادة هويتهم المسيحية، فلا يتمكنون من عقد زواج مسيحي”.

وناشد ساكو “المرجعيّات المسلمة والحكومة العراقية، بدراسة هذا الموضوع وإيجاد حلّ سليم له”، مردفا بالقول “نحن ككنيسة نحترم خَيار أي شخص بتغيير دينه عن دراية وحرية، أما بخصوص أسلمة القاصرين فلماذا لا يبقون على دينهم الى حين بلوغهم السن الـ18 ليختاروا الدين الذي يرغبون فيه”.

ومضى قائلا، ان “المسلم أو المسيحي هو المؤمن المُنتمي الى هذه الديانة أو تلك، ويلتزم بها في سلوكه اليومي كما هو مطلوب، وليس من هو مسجَّل في سِجل النفوس”، مبينا أن “هناك مسيحياً بالاسم غير مؤمن، وكذلك مسلم بالاسم، لا يَعرف شيئاً عن دينه، فيحمل هوية المسيحي أو المسلم، ويعيش حالة من العوَق الإيماني”.

وأكد زعيم الكنيسة الكلدانية أن” في المسيحية، الإيمان حرية شخصيّة، والكنيسة لا تتخذ بحقّ من يغيّر دينه أي قرار، لأن الدين يُعرَض ولا يُفرض.وفي عودةٍ إلى الأصل نجد أن أساس حكم الرَدة يتقاطع مع القرآن الذي يعلن الّلا إكراه في الدين وإحترام الآخرين”.

وتساءل زعيم الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم “أين نحن اليوم من هذا المبدأ القرآني المنفتح والعادل؟، فمن الواضح أن حكم الردّة يتناقض صراحةً مع هذه الآيات المتسامحة، أساس حكم الردة، بدأ، تحت ظروف الحرب، في فجر الإسلام عندما إرتدَّ بعض المسلمين الذين لحقوا رسول الإسلام الى المدينة، وتراجعوا عن تأييده، وراحوا يخونونه، ويتحالفون مع خصومه المَكيّين واليهود، فنَعَتهم القرآن بالمنافقين (النساء 88)، لكنه لم يُهدر دمهم،ان “لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ” ليس من منسوخ القرآن،كما ان كذا إكراهٌ يتناقض مع شُرعة حقوق الإنسان “حرية الضمير” ومع الدستور العراقي 2005 المادة الثانية: “أولاً، لا يجوز سَنّ قانون يتعارض مع حقوق الإنسان والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور”.

وكما أشار ساكو أن الى الدستور يضمن كامل الحقوق لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية، اليوم نحن في القرن الحادي والعشرين، وقد تغيّر المجتمع وتغيّرت الثقافة، ونعيش في عالم مختلف، ينبغي مواجهة هذا الإرث التقليدي بعقلية منفتحة ومستنيرة، ومعالجة هذه الحالات بروح التسامح وليس الكراهية، كما فعلتْ دول إسلامية عديدة، اذكرُ منها على سبيل المثال لا الحصر الجمهورية التركية”.

وتساءل ساكو ايضا “لماذا يا تُرى، يُسمَح للمسلم ان يكون مُلحداً، ولا يُسمح لمسيحي اُكرِهَ على الاسلام بالعودة الى دينه؟”، منبها الى أن “عدد المسلمين في العالم يقارب المليارين، فعودة بعض المسيحيين الى معتقدهم لا يؤثر عليهم”.

وكشف رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو، في الثامن من شهر آذار الجاري، عن وجود مجموعة من المسلمين الشيعة، في مدينة الناصرية جنوبي العراق، تطلق على نفسها صفة “كلدان”، مؤكداً على أن الديانة لا تلغي الهوية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • تعليم شمال سيناء تحصد المركز الأول بمسابقة اليونيسيف لحماية الطفل من الإنترنت
  • مؤرخ موسيقي: أم كلثوم ظلّت وفية لجذورها الريفية رغم المجد والشهرة (فيديو)
  • من الريف لقمة المجد الفني.. مؤرخ موسيقي: «أم كلثوم» أيقونة خالدة تُنير دروب الأجيال الجديدة|فيديو
  • الغارديان: التهديد بترحيل محمود خليل تجاهل خطير لحرية التعبير
  • هل الإنسان مجبر على أفعاله أم يمتلك حرية الاختيار.. أحمد عمر هاشم يوضح
  • ساكو يدعو الى منح حرية اختيار الدين بعد سن البلوغ في العراق
  • ساكو يقترح منح حرية اختيار الدين بعد سن البلوغ في العراق
  • ختام مسابقة "دوري مستقبل وطن" لأوائل الطلبة بإدارة قنا التعليمية وسط منافسة قوية
  • WP: محاولات إدارة ترامب ترحيل محمود خليل تهديد لحرية التعبير المكفولة بالدستور
  • مقترح أميركي “محدث” لتمديد الهدنة في غزة