سواليف:
2024-09-30@09:59:07 GMT

بلا مجاملة

تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT

#بلا_مجاملة د. #هاشم_غرايبه

يكثر الحديث عن فشل الإسلام السياسي، لكن عند مراجعة القائل بذلك، نجده يقصد فشل حزب الإخوان الإسلاميين في الحكم.
طبعا لن تسأله: لماذا يعتبر حزبا سياسيا اعتمد برنامجه على انتهاج الإسلام ممثلا وحيدا للإسلام، فيما لا يعتبر حزب البعث مثلا الذي اعتمد القومية العربية ممثلا للأمة، ولا الحزب الشيوعي في الكيان اللقيط ممثلا للشيوعية، لأنه سيبهت ويقول كلاما معلبا عن الماضوية والتخلف عن ركب التقدم العالمي المتمثل برأيه بالليبرالية، ليتبين لك أنه حافظ لمقولات لم يبذل جهدا في فهمها ولا التحققق منها.


وإذا أصر على ترديد العبارات الخشبية ذاتها بالقول أنه يعاديهم ليس لأنهم يريدون تطبيق الإسلام بل لأنهم عملاء للغرب.
ستتغاضى عن تناقضه الصارخ، فلا تسأله إثباتا لمقولته، لأنك تعلم أنه داعم ومؤيد لأنظمة عربية تعلن جهارا نهارا ولاءها للغرب، بل وتمارس العمالة بلا مواربة تحت مسمى التحالف والتنسيق الأمني، فتكتفي بسؤاله: هل هنالك نظام حكم في أي بلد في العالم يحكمه الإخوان، أو هل لديك واقعة تاريخية تسلموا فيها الحكم يمكننا فحصها تثبت رأيك؟.
بالطبع سيرتبك، لأنه لن يجد غير التمسك بالقول: هم فاشلون وهذا شيء معروف لا يحتاج الى دليل.
أي هي عنزات ولو طاروا!.
من ناحيتي، فلست في معرض الدفاع عن حزب الإخوان المسلمين، ولا عن غيرهم من الأحزاب، ولو كنت مقتنعا بأن هذا الحزب أو ذاك سيحقق لأمتنا ما تصبو اليه من استقلال وعزة لانتسبت إليه، فأنا احترم التزام المرء بأي إطار جبهوي منظم، يهدف لإخراج أمتنا من حالها البائس الراهن، لكن الممارسات التنظيمية للأحزاب الحالية منفرة لمن يحب العمل العام، ويغلب عليها الشخصانية، اي اتخاذ التنظيم وسيلة لارتقاء الشخص وتحقيق الأمجاد والمكاسب الفردانية، وليس الإرتقاء بالفكر والبرنامج.
ولعل ذلك من أهم أسباب فشل العمل الحزبي، فالأنانيات التنظيمية جعلت التنافس البيني بين الأحزاب مقدما على التناقض الرئيسي مع السلطة القامعة لكل من يعارض ويطالب بالإصلاح، كما أسهم القمع الداخلي داخل الحزب ذاته في تمسك القيادات بالمنصب، مما أدى الى عدم تجدد الدماء الرافدة، فترسخت الأخطاء، مما أوقف التصحيح الذاتي، وعطل تطوير البرامج وفق المستجدات.
يثبت صحة ما سبق، استمرار المنحنى الهابط في حال الأمة، مقارنة بالصعود المتسارع لدى الأمم التي تماثلنا في تعرضها لظلم الغرب وهيمنته، مثل الصين والهند وروسيا وسنغافورا.. وحتى في الدول المتخلفة كرواندا التي أنهكتها الحروب الأهلية أكثر منا.
لم تنهض تلك الأمم إثر انقلاب عسكري، ولا بعد انتفاضة شعبية، بل عندما تولت السلطة إدارة نالت شرعية الحكم من إخلاصها لبلدها، وليست لولائها للغرب وتنفيذها لإملاءاته، لأن تقديم الأنظمة العربية الولاء لأمريكا ثمنا لبقائها في الحكم، ضريبته المباشرة تقديم مصالح الراعي الأعلى على مصالح الرعية، فرأينا خيرات البلاد تضيع بلا تحقيق أي مردود يحقق الاستقلال، سواء تلك الفاسدة التي أفقرت شعوبها لإجباره على التطبيع المهين، أو تلك التي أضاعت الموارد الهائلة ما لا ينفع، وبذرت على مظاهر البذخ العمراني، فيما هي لا تقوى على حماية عماراتها إلا بالاستعانة بقواعد عسكرية غربية، لتبقى على الدوام مستعمرة مهانة.
من ابتدع مصطلح الإسلام السياسي هو الغرب المستعمر وعملاؤه الخانعون، بهدف شيطنة الداعين الى اتباع الساسة لمنهج الله، فالإسلام منهج حكم وليس مجرد طقوس تعبدية، ونظام سياسي اجتماعي اقتصادي متكامل، لا يقبل التجزيء، وبالطبع فمن ينتهجه سينجح قطعا، لأنه الوصفة الإلهية المطلقة الصحة لتحقيق كرامة الأمة، وإرساء العدالة والأخوة البشرية والمساوة.
ولما كانت أنظمة (سايكس – بيكو) هي وسيلة المستعمر الغربي لفصل الأمة عن منهجها، فلا يتوقع أن تسمح بعودته بإرادتها، بل بالنضال.
وبناء على ذلك، فكل حزب يسعى مخلصا للتحرر من هذا الواقع، عليه أن يضع برنامجه مرتكزا على تطبيق منهج الله.
والقول بأن الإخوان يحتكرون الدين حجة ساقطة، فديننا ليس مؤسسة كنسية تحتكر صكوك غفران، ولا إمامة فقيه يوزع مفاتيح الجنة، فالاجتهاد لاستنباط برنامج سياسي منه متاح لكل عاقل مؤمن.
بعد كل التجارب والأخطاء آن لنا أن نميز بين الغث والسمين، فمن يريد خيرا لهذ الأمة، لن ينفعه برنامج مستورد، بل ما يستمد من الإسلام، فقط لاغير.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

الماركسية و فتح باب نقد الدين و الدولة

زين العابدين صالح عبد الرحمن

في البدء لابد من تقديم الشكر " لمنبر أفاق جديدة للحوار الفكري" ببريطانيا، و الذي تخصص في تناول القضايا الفكرية، باعتبار أن الفكرة هو أداة التغيير في المجتمعات، و أيضا هو الذي ينهض بالوعي السياسي. و الدكتور صديق الزيلعي هو مؤسس المنبر و المشرف على نشاطه و فاعلياته، و هو إسهام ينطلق من قاعدة ماركسية تبحث عن الحوار مع التيارات الفكرية الأخرى، باعتبار أن نشاط المنبر ليس قاصرا على إجنحة اليسار بالتصور العام، و مفتوح لحوار مع الأخر. بالأمس السبت 28 سبتمبر 2024م حضرت ندوة المنبر عبر خدمة " "Zoomو التي كانت بعنوان " الدين و الدولة" قدمها الأستاذ جمال عبد الرحيم صالح، و هي الندوة الثانية التي تتناول قضية الدين، الندوة الأولي كانت بعنوان " الإسلام و علمانية الدولة" قدمها الدكتور عبد الله النعيم " من الجمهوريين" و أيضا هي ندوة تفتح بابا للجدل الفكري بين تيارات الفكر الإسلامي..
قدم الزيلعي المحاضر بأنه درس في جامعة الخرطوم "اقتصاد" و نال درجة الماجستير في الأحصاء و أهتم بقضايا البرمجيات.. و قال كانت للمحاضر اهتمامات مبكرة عن قضايا الإسلام السياسي، و قضايا الإصلاح الديني. و أكد الزيلعي هذه القضايا مهمة للقوى الديمقراطية و اليسار و قوى التغيير و الحداثة.. و أشار إلي أن المحاضر كان قد أصدر أربعة كتب تناول فيها هذه عدد من القضايا، منها " فتح العقل المسلم" الدين و الدولة و فك الاشتباك" و يتضح من عناوين الكتب، أن المحاضر يتناول القضايا، و هو محكوم بمنطلق السياسة و ليس الفقه.. و تناول القضايا الدين من زاوية سياسية تكون رؤيته متأثرة بمرجعيته الفكرية التي ينطلق منها الكاتب..
قال المحاضر في بداية الندوة أن المحاضرة لا تهدف إلي لمناقشة التعريفات لمصطلح العلمانية أو الدولة الدينية أو المفاصلة بينهما، و أيضا لن تتعرض للسياقات التاريخية التي نشأت فيها تلك المصطلحات ومدى قربها و بعدها من واقعنا في السودان.. قال المحاضر أنه شخصيا يتبنى فصل الدين عن الدولة، و أن تكون مرجعية التشريع للشعب يمارسها وفق ما يراه مناسبا.. أن تبني الإسلامويون قضية " أن الإسلام دين و دولة" و قد أحدثت أزمات عديدة بدأت منذ عام 1965م، و إشارة المحاضر هنا "لحادثة معهد المعلمين العالي، التي ترتبت عليها طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان، و أخيرا حل الحزب الشيوعي"و التوضيح هنا من كاتب المقال" بالتالي يكون المحاضر قد حدد اتجاه المحاضرة و الفلسفة التي ينطلق منها لنقده للقضية..
انتقد المحاضر جمال عبد الرحيم مبدأ الحاكمية وفقا للنصوص القرآنية " و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" و قال هي مرتبطة أيضا بقضايا الحكم و التشريع و فقه المعاملات، و تصبح مرجعية الدولة و مستوياتها المختلفة قائمة على القرآن و السنة. و تكون المؤسسة الدينية حاضرة في حياة الناس.. الملاحظ أن المحاضر قد وضع العديد من العنواين، و يحاول نقدها بالفلسفة السياسية دون الدخول في القضايا الفقه، و بالتالي تصبح محكومة برؤيته الفكرية السياسية. كان الاعتقاد أن المحاضر سوف يقدم نقده لفلسفة الحكم في الإسلام من خلال نقده للقضايا الفقهية المتعلقة بالقضية.. و لكنه نقدها من خلال رؤيته السياسية، لذلك بنى النقد من خلال القوانين و السياسة الاقتصادية التي تبتها الإنقاذ في سنين حكمها..
أن قضايا الحكم في الإسلام، و في كتب أصول الحكم لا تعتمد على رؤية واحدها، و لكنها اجتهادات فقهية متعددة. مثالا لذلك أن قضة الحكم عند خالد محمد خالد تختلف عن سيد قطب و عن المودودي، و أيضا اجتهادات مالك بن نبي و تقي الدين النبهاني و الترابي و حسن حنفي و الغنوشي، و من الشيعة هناك اجتهادات الإمام الخميني و شريعتي و محمد باقر الصدر رغم أن الصدر اعتمد في كتابه " فلسفتنا" على دحض الفكر المادي، و هناك أجتهادات العلامة محمد على فضل الله خاصة في قضية الديمقراطية. و هي أجتهادات مؤسسة على فقه الحكم في الإسلام. و نشرها في مجلتي " المنطلق و الحوار" كان الاعتقاد أن المحاضر يقوم بنقد هذه الاجتهادات لأنها تشكل الرؤية العامة للقضية الحكم في الإسلام. لكن المحاضر اعتمد على النقد السياسي..
أن المحاضرة و التواصل في موضوعها سوف يتفتح بابا للحوار بين التيارات الفكرية في السودان، و الحوار هو أهم الأدوات التي تنقل السياسة من تعقيداتها التي تأسست على الإقصاء، و وضع الشروط في مواجهة الآخرين.. كان هناك سؤلا للزملاء لماذا تجاوزوا اتفاقية نيروبي 1963م التي وقعتها أغلبية القوى السياسية " اتفاقية الدين و الدولة" ؟ و هي الاتفاقية التي حاولت أن تخرج القوى السياسية من جدل " الدولة العلمانية – و الدولة الإسلامية" حيث تبنت الاتفاقية " الدولة المدنية الديمقراطية" كمخرج و كتب عنها محمد إبراهيم نقد " الدولة المدنية الديمقراطية" كان الاعتقاد أن الزملاء يفتحوا حوارا حولها، لكن للأسف أن الزملاء رجعوا مرة أخرى لإثارة العلمانية و الإسلامية مما يؤكد أن هناك عدم وضوح في الرؤى الفكرية داخل المنومة الحزبية.. في الختام أثمن مجهودات " منبر أفاق جديدة للحوار الفكري" و أتمنى تكمل الرؤية بمحاضرة أخرى يتحدث فيها أحد المهتمين بقضايا الفكر من الإسلاميين.. فالحوار الفكري بين التيارات وحده القادر على إزالة الرواثب التاريخية بين القوى السياسية و يخلق واقعا جديدا.. مع خالص التقدير للزيلعي و حنفي.. نسأل الله حسن البصيرة..

 

zainsalih@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • من الإخوان الإرهابية.. إلى السودان.. لكِ الله يا مصر ( ٩ )
  • الماركسية و فتح باب نقد الدين و الدولة
  • أحمد عمر هاشم: القدس الشريف قطعة منا وجزء من عقيدتنا
  • أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات من فرق وجماعات
  • أحمد عمر هاشم: الأزهر يحمل راية الوسطية التي جاء بها القرآن الكريم
  • بيان للسيد السيستاني
  • زيادة التطرف في "توغو" يُهدد أمن غانا
  • الحكم بالسجن 4 سنوات للرئيسة السابقة للبرلمان الإيطالي
  • عصام السيد: اعتصام المثقفين شرارة ثورة 30 يونيو ضد نظام الإخوان البائد
  • هل يجوز الجمع بين الصلوات لعذر؟.. الإفتاء تُجيب