سودانايل:
2025-03-16@17:03:10 GMT

القبيلة كرافعة سياسية.!!

تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT

القبيلة ككيان اجتماعي استغلها الساسة في تحقيق مآربهم المتعلقة بسباق الوصول لكرسي السلطة، تماماً مثل استغلالهم للدين، ونظام الحكم الإخواني في السودان، يعتبر من أكثر الأنظمة استغلالاً للقبائل في تنفيذ أجنداته السياسية، فمع بزوغ فجر حكمهم الكاذب طفقوا يضربون في الأرض شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً، يستقطبون شيوخ ونظّار وعمد وسلاطين وملوك ومكوك القبائل، حتى أن جهاز أمنهم المشؤوم قد خصّص شعبة كاملة متكاملة لغرض حشد القبائل في صف الحزب، أسماها شعبة القبائل، وما يعتبر جريمة في الإضرار بنسيج الحكم الأهلي في ولايات السودان المختلفة، ذلك السلوك الشائه الذي سلكه دهاقنة الإخوان، بخلقهم لبؤر التوتر داخل البيت الواحد للإدارة الأهلية المعيّنة، فطفا على السطح الخلاف بين الشقيق وشقيقه، وبين الابن وأبيه في إدارة شئون النظارة والعمودية والمشيخة، فازداد التوتر القبلي بين القبائل خاصة في دارفور، واندلعت الحروب القبلية الطاحنة فمات فيها خيرة الشباب، بالأخص بعد ما تمردت شريحة من صفوة الإقليم، أصبح ضرب القبائل بعضها ببعض منهاج للحكام الجدد الذين (أتوا لرفعة الدين)، واستخدام القبيلة كرافعة سياسية لم يكن وليد النظام الاخواني وحده، بيد أنه النظام الوحيد الذي ترعرعت فيه جرثومة الصراع القبلي، فمن قبل درج الحزبان الكبيران – الأمة والاتحادي – على الاعتماد على طائفتين كبيرتين أحداهما تضم غالبية قبائل شرق السودان، والأخرى ينتمي لها السواد الأعظم من قبائل غرب السودان، ثم جاء دور الحركات المسلحة المتمردة على النظم المركزية المتعاقبة، وعلى رأسها الحركة الشعبية، فاعتمدت على القبيلة كحاضن شعبي، ولا تنفصل عن ذلك حركات دارفور المسلحة المنطلقة من الأساس القبلي الصارخ في تكوينها.


في حقبة الاستعمار كانت القبيلة تمثل الوحدة الإدارية المتناغمة مع قمة الهرم الإداري، الذي يجلس على رأسه الحاكم العام الأجنبي بخلاف الحقب المسماة بالوطنية، التي خرجت فيها القبيلة عن الدور الاداري الصرف المنوط بها إلى الانحياز السياسي، حتى وصلنا لمحصلة فاضحة يصرح فيها ناظر القبيلة بتضامنه الواضح مع الحزب السياسي المحدد، أو ولاءه للنخبة الحاكمة المعيّنة، ما فتح الباب واسعاً أمام عمليات شراء الذمم بين من يملك السلطة والمال وبعض ضعاف النفوس من الزعامات الأهلية، ففي عهد الاستعمار لعبت القبيلة دوراً محورياً في تسهيل مهام المنظومة الإدارية للدولة، وقللت العبء الإداري الثقيل من كاهل الحاكم العام، خلافاً لحال الحكومات التي رأسها (أولاد البلد)، التي أصبح فيها السياسي يفاخر بقبيلته ابتداءً من لقبه المزيل لتوقيعه في خطابه الرسمي، فلكم سمعنا بفلان الجعلي وعثمان الرزيقي تماهياً مع مفاخر القبيلة، وتفاخراً بموروثها التاريخي واستغلالاً له في صناعة البرستيدج الشخصي، ومما يؤسف له حقاً أنه وبعد تفجّر ثورة ديسمبر المجيدة عاد الزخم القبلي اسماً ورسماً، ليرسل رسالة بليغة تؤكد تجذّر داء القبيلة في أنفس الناس، فحدث أن تكونت حكومة الانتقال من أجسام بعضها مسلح وآخر مدني، جميعها اعتمد على القبيلة كرافعة سياسية للوصول للقصر، ثم اشتعلت الحرب فخرج شيطان القبيلة الذي كان يراوح مكانه داخل أقنعة النفاق السياسي الذي مارسته النخبة، فاصطف الشيوعي والاخواني والبعثي والجمهوري مع الفصيل المختطف لقرار الدولة، وانخرط نفس المثقف العضوي والسياسي النخبوي في صف الفصيل الآخر، فاتضحت ملامح اللوحة التي كانت مختبئة خلف الصمت الخجول، وكشفت الحقيقة عن ملامح وجهها القاسي.
والآن الناس يبحثون عن ذلك المُصلِح الذي يناشد الجميع ويقول الذي منكم بغير خطيئة فليرمها بحجر، والخطيئة الكبرى هي استمرار الصفوة في جعل القبيلة وسيلة لبلوغ الغايات السلطوية، والجميع قد ساهم في هذا الخطأ التاريخي، أحزاب سياسية وحركات مسلحة، والخروج من مأزق هذا النفق المظلم هو الالتفاف حول عقد سياسي يخرج القبيلة من منضدة الساسة، ليضعها في موقعها الصحيح الجدير بها، وهو دورها الاجتماعي وإمساكها للحمة الوطنية، وضبط إجراءات تسجيل الأحزاب والتنظيمات السياسية، بحيث لا يعتمد تسجيل الحزب الذي ينطلق من الخلفيتين القبلية والدينية، فالقبيلة والكنيسة والمسجد يجب أن لا تستغل في تحشيد الناخبين، لكونها مؤسسات اجتماعية ودينية صرفة، وقد هلكت أمم من قبل عصور النهضة الصناعية بسلوك ساستها وأمراءها الذين أدخلوا الكنيسة في دهاليز السياسة، ففسدت المجتمعات وحكمها أناس لا يقيمون للجهد البشري وزن، فغرقوا في غياهب جب الغيبيات، وها نحن اليوم ومن بعد قرون من نهوض المجتمعات الأوروبية من قمقم تخلف المنطلقات العرقية والدينية والنوع الاجتماعي، فنعود لنقع في ذات الفخ الذي خرجت منه شعوب القارة العجوز بعد عصر الاستنارة، فجعلنا من القبيلة رافعة سياسية لكل عاطل موهبة، وسند لكل صاحب طموح غير مشروع للسطو على سلطة الشعب، ودفعنا ثمناً باهظاً جراء التغول القبلي والعرقي، الذي أنتج أطول حرب بالقارة، وقسّم البلاد، وعزم على تقسيم ما تبقى منها لزرائب اجتماعية ضعيفة لا تقوى على حراسة نفسها، إن لم يتدارك العقلاء عواقب سوء مسلك الحمقى، الذين وجدوا أنفسهم يملكون قرار الدولة في غفلة من غفلات الزمن الأغبر.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

اللافي يعلن عن مبادرة سياسية جديدة بشأن الانتخابات

أعلن النائب بالمجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، تقديم مبادرة سياسية جديدة أطلق عليها “مبادرة الحل السياسي: الحوافز والضمانات”، بهدف تجاوز المأزق السياسي الحالي وتحقيق توافق وطني شامل بين مختلف الأطراف الليبية، بحسب بيان نشره على حسابه الرسمي في صفحات التواصل الاجتماعي.

وأكد اللافي في بيانه أن المبادرة جاءت بالتعاون مع عدد من الشركاء السياسيين وهي لا تتضمن أي مقترحات لتقسيم البلاد إلى أقاليم، بل تركز على إيجاد آلية ديمقراطية لانتخاب مجلس رئاسي بشكل مباشر من قبل الشعب، في إطار قاعدة دستورية تنظم العملية الانتخابية.

وأوضح اللافي أن هذه الآلية تهدف إلى تعزيز الثقة بين الأطراف السياسية، وتبديد المخاوف المتعلقة باحتكار السلطة من قبل أي طرف، وهو ما اعتبره العقبة الأساسية التي تعيق إجراء الانتخابات.

وأضاف اللافي أن المبادرة تقترح أن يتم تشكيل المجلس الرئاسي من قوائم رئاسية يتنافس عليها المرشحون، مع تحديد واضح للصلاحيات المشتركة بين أعضاء المجلس، وكذلك الصلاحيات الممنوحة للرئيس، مؤكدا أن هذه الخطوة ستعزز الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية، مما يمكّن مؤسسة الرئاسة من استعادة سيادة الدولة الليبية.

وفيما يتعلق بالحكم المحلي، تضمنت المبادرة مقترحا لتقسيم البلاد إلى 13 محافظة، يتم تحديدها وفق الدوائر الانتخابية أو وفق ما يتم الاتفاق عليه لاحقا، حيث تتم إدارة هذه المحافظات وفق نظام لا مركزي يمنحها صلاحيات كاملة، مع توزيع عادل للميزانية بين المحافظات.

وفي المقابل، سيتم تقليص هيكلة الحكومة المركزية وتحديد صلاحياتها وتمويلها لضمان التحرر من المركزية المفرطة وتمكين المحافظات من إدارة شؤونها بكفاءة واستقلالية، بحسب المبادرة.

وأشار اللافي إلى أن المبادرة عُرضت على مختلف الأطراف الوطنية وعلى عدة مستويات، معربا عن أمله في أن تسهم في تحقيق توافق وطني شامل يمهّد الطريق لاستقرار ليبيا واستعادة سيادتها.

المصدر: حساب عبد الله اللافي على فيسبوك.

اللافي Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • تركيا الأولى عالميا ضمن الدول التي يصعب فيها امتلاك منزل!
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • فضل أبو غانم.. “حينما تضعف القبيلة تقوى الدولة” 
  • الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها
  • وفد كبير من جنوب سيناء يحضر إفطار اتحاد القبائل أكبر عيلة بمصر
  • اللافي يعلن عن مبادرة سياسية جديدة بشأن الانتخابات
  • أمير طعيمة: أضع ضوابط خاصة لاختيار الأعمال التي أشارك فيها .. فيديو
  • اشتباكات عنيفة بين قبائل العصيمات وقبائل سفيان ودهم في عمران
  • المستشار السياسي السابق لـ”حميدتي” يكتب عن مستقبل الدعم السريع في السودان