حصار الفاشر.. ذكريات المذابح السابقة وشبح الانقسام تُرعب السودانيين
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
يحاصر المقاتلون الموالون لقوات الدعم السريع السودانية، مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور غربي البلاد، وذلك منذ 14 أبريل، مما خلق مخاوف هائلة من تكرار مذابح شهدها الإقليم على يد قوات "الجنجويد" التي انبثقت منها "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو.
ويبلغ عدد سكان الفاشر نحو 1.8 مليون نسمة، ويعيش بينهم مئات الآلاف من النازحين الذين فروا منذ بداية القتال قبل أكثر من عام، بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، والدعم السريع بقيادة دقلو.
واستعرضت تقارير صحفية مخاوف سكان مدينة الفاشر، التي تعتبر العقبة الأخيرة أمام قوات الدعم السريع لفرض هيمنته على إقليم دارفور، حيث تسيطر على 4 من 5 مدن كبرى في المنطقة.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن السيطرة على الفاشر "من شأنها أن تمنح الدعم السريع كتلة من الأراضي تعادل نحو ثلث السودان، وتعجّل بتحول مسار الحرب"، مشيرة إلى أن أحد السيناريوهات المخيفة هي "انقسام السودان إلى مناطق متنافسة"، كما حدث في ليبيا عقب وفاة معمر القذافي.
معركة لا مفر منهاقتل أكثر من 40 شخصا في الفاشر خلال الأسابيع الأخيرة، من بينهم نساء وأطفال، حسب تقارير أممية، وذلك خلال مناوشات وتفجيرات على أطراف المدينة، ويخشى السكان أن تكون بداية لاندلاع أعمال عنف أكبر.
وقال أحد سكان الفاشر الذي غادرها العام الماضي، دوالبيت محمد، لنيويورك تايمز: "يتوقع الجميع هجوما في أي لحظة"، مشيرًا إلى أنه كان على اتصال دائم بوالديه وإخوته الموجودين في المدينة.
وأوضح: "يبدو أنه لا مفر من ذلك"، في إشارة إلى هجوم الدعم السريع على المدينة.
كما قال الغالي آدم (37 عاما)، وهو من سكان الفاشر أيضًا، لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية: "الموت أصبح عاديا.. لا نتوقف كثيرا حاليا حينما نعلم بمقتل شخص نعرفه".
وتتمركز في الفاشر الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام التاريخي الذي أبرم عام 2020 في جوبا مع الحكومة المدنية الانتقالية، التي تولت السلطة عقب إطاحة الرئيس السابق عمر البشير.
وأبرز تلك المجموعات، هي التابعة لكل من حاكم إقليم دارفور مني مناوي، ووزير المالية جبريل إبراهيم. وقد منع وجودها قوات الدعم السريع من شن هجومها على المدينة، خصوصا بعد "مفاوضات غير رسمية" بين قوات دقلو وهذه الحركات، وفق تقرير للأمم المتحدة.
كما قال سكان ووكالات إغاثة ومحللون لوكالة رويترز، الجمعة، إن القتال من أجل السيطرة على الفاشر، وهي مركز تاريخي للسلطة، "قد يطول أمده ويؤجج التوترات العرقية"، التي ظهرت في الصراع الذي دارت رحاه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في المنطقة، ويمتد عبر حدود السودان مع تشاد.
وحسب الصحيفة البريطانية، فإن الكثير من السكان العرب غادروا الفاشر بالفعل، بينما من قرروا البقاء في المدينة هم من عرقية الفور والزغاوة والمساليت، وهي مجموعات تعرضت لهجمات الجنجويد في بداية الألفية.
وقال "سلطان عرقية الفور"، علي بن دينار، لفايننشال تايمز، إن سيطرة الدعم السريع على المدينة سيكون "السيناريو الأبشع على الإطلاق". وأعرب عن شكوكه فيما إذا كان بإمكانهم ذلك، مضيفًا أن حدوث هذا سيكون له "تكلفة بشرية باهظة للغاية".
ودعت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدث باسمها، ماثيو ميلر، في بيان الأسبوع الماضي "جميع القوات المسلحة السودانية إلى الوقف الفوري لهجماتها على الفاشر في شمال دارفور".
وجاء في البيان: "تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء التقارير الموثوقة التي تفيد بأن قوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لها قامت بتدمير قرى متعددة غرب الفاشر".
ودان البيان "القصف الجوي العشوائي الذي تم الإبلاغ عنه في المنطقة من قبل القوات المسلحة السودانية، وكذلك القيود المستمرة التي تفرضها على وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة".
وأضاف: "يواجه قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لهم خيارين: تصعيد العنف وإدامة معاناة شعبهم مع المخاطرة بتفكك بلادهم. أو وقف الهجمات والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والاستعداد بحسن نية للمفاوضات، من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب واستعادة السلطة لشعب السودان".
وأضاف أن واشنطن تشعر "بقلق كبير إزاء التقارير الموثوقة عن قيام قوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لها بتدمير قرى عدة عن بكرة أبيها غرب الفاشر"، ودان عمليات القصف الجوي العشوائي التي قامت بها القوات المسلحة السودانية في المنطقة والقيود التي تواصل فرضها على وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة.
كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في وقت سابق هذا الشهر، من هجوم وشيك محتمل على الفاشر.
وخلال عام واحد، أدت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.
كما دفعت الحرب البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسببت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.
مصير الجنينةوعبّر سكان من مدينة الفاشر عن مخاوفهم وقلقهم من الأوضاع الحالية، وذلك في حديثهم عبر الهاتف مع "نيويورك تايمز".
وقالت الموظفة في إحدى المحطات الإذاعية بالمدينة، شادية إبراهيم، إنها اختبأت في منزلها بعد إطلاق نار كثيف شرقي المدينة، الأحد. وأوضحت أن الكهرباء انقطعت وارتفعت أسعار المياه والغذاء في المدينة.
وأعربت إبراهيم عن أملها في نجاة مدينتها من مصير مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، التي "شهدت مذبحة" خلال الأشهر الأولى من الحرب.
وحسب معطيات حصلت عليها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ووصفتها بـ"الموثوقة"، "قُتل العشرات ودفنوا في مقبرة جماعية بين 13 و21 يونيو (2023) في حيَي المدارس والجمارك في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور".
واختتمت السيدة السودانية حديثها بالقول: "آمل ألا نواجه شيئا من هذا القبيل".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القوات المسلحة السودانیة إقلیم دارفور مدینة الفاشر غرب دارفور فی المنطقة على الفاشر أکثر من
إقرأ أيضاً:
41 قتيلا في الفاشر والدعم السريع تدعو لإخلاء المدينة
أعلن الجيش السوداني مقتل وإصابة عشرات المدنيين في قصف مدفعي شنته قوات الدعم السريع على أنحاء متفرقة من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في حين دعت الدعم السريع إلى إخلاء المدينة.
وقال الإعلام العسكري للفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني بالفاشر، إن 41 مدنيا، بينهم أطفال ونساء قتلوا وأصيب العشرات، بالقصف المدفعي الذي وصفه بالثقيل.
وأوضح أن القصف طال أنحاء متفرقة من المدينة، وأن الأوضاع بالفاشر تحت السيطرة بالكامل، وقوات الجيش صامدة في مواقعها.
من جانبها قالت القوة المشتركة المتحالفة مع الجيش إنها دحرت قوات الدعم السريع في معركة دارت بين الطرفين على خلفية الهجوم.
دعوة لإخلاء المدينةإلى ذلك، دعت قوات الدعم السريع جنود الجيش السوداني والقوات المشتركة إلى إخلاء الفاشر بصورة آمنة مع التزامها بتأمين ممرات للإخلاء.
وأضافت قوات الدعم السريع أنها تلتزم بصورة تامة بمواصلة فتح وتأمين ممرات للمدنيين الذين يرغبون في الخروج طوعا من الفاشر.
وكانت مدينة الفاشر شهدت أمس الاثنين هجوما من عدة محاور من قوات الدعم السريع، وصف بالعنيف.
وأفاد مصدر طبي للجزيرة بأن قصفا مدفعيا ثقيلا على مدينة الفاشر أدى إلى مقتل 3 مدنيين وإصابة 75، موازاة مع احتدام المعارك واضطرار مؤسسات إغاثية لإغلاق أبوابها.
إعلانوقالت مصادر عسكرية للجزيرة إن قوات الدعم السريع تواصل القصف بالمدفعية الثقيلة على مخيم "أبو شوك" للنازحين وحي درجة أولي غربي مدينة الفاشر.
وأضاف المصدر أن قوات الدعم السريع قصفت بالمدفعية مقر قيادة الفرقة السادسة بالجيش السوداني في الفاشر، وأعقبت القصف بهجوم بري.
كما أفادت مصادر عسكرية للجزيرة نت بأن الجيش السوداني وقوات الحركات المسلحة المشتركة تمكنا من التصدي لهجوم واسع شنته قوات الدعم السريع اليوم على مدينة الفاشر.
وأوضحت أن هذا الهجوم يُعتبر الأشد من نوعه على المنطقة، التي تُعد المعقل الأخير للقوات المسلحة السودانية في دارفور، حيث يواجه السكان أوضاعا بالغة الصعوبة والتعقيد.
ومنذ أكثر من عام، تسعى قوات الدعم السريع للسيطرة على مدينة الفاشر، التي تقع على بُعد أكثر من 800 كيلومتر (500 ميل) جنوب غرب العاصمة الخرطوم، حيث شنت هجمات متكررة على المدينة ومخيمين رئيسيين للنازحين الذين يعانون من المجاعة في محيطها.
وتأتي أعمال العنف الأخيرة في المدينة بعد أقل من شهر من الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها على مخيم زمزم للنازحين، الذي يبعد 15 كيلومترا جنوب المدينة.
وأسفر هذا الهجوم عن مقتل 1500 شخص ونزوح مليون آخرين إلى مدينة الفاشر، وفقا لبيانات لجنة النازحين المحلية.
يذكر أن الصراع المستمر في السودان منذ 15 أبريل/نيسان 2023 أسفر عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 14 مليونا من البلاد.