البوابة نيوز:
2025-01-28@02:08:09 GMT

تامر أفندي يكتب: لحظة ضجر في الحظيرة!

تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تعطلت بي سيارتي.. فوقفت على الطريق “أشاور” لأي سيارة ولم يستجب لاستغاثتي سوى “عربجي” فركبت معه وأخذ يتحدث في كل شيء “اقتصاد.. سياسة.. طب.. هندسة.. علاقات اجتماعية.. أبحاث بيولوجية.. ويُحلل ويضع روشتات إصلاح”.. ثم فاجأني بأنه يقول: "إنت عارف يا بيه أنا أزمتي إيه؟ إن الناس بتجادل في كل شيء! 

كنت تذكرت ما سألني عليه "الحاج حسن" صديقي الغالي قبل أسابيع، عن السبب في أننا نصب جام غضبنا على "الحمار" وأن أي نقصٍ أو خطأ نلصقه به؟.

. فاستغليت الفرصة وقلت سأجد الإجابة حتماً لدى “العربجي”.. فضحك حتى ابتلع فاهه اللجام وقال بتوأدة وثقة، لأنه حمار يا بيه.

تبسمت وقلت له لا ولكن لأن الحمار هو المخلوق الوحيد الذي ليس له "وجهة نظر".. ليس له رأي.. "تابع لصاحبه أينما وجهه".. يركض ويرقد حسب الحالة المزاجية لصاحبه.
وقصصت عليه ما حدث أول مرة حينما غضب الحمار بعدما بالغ صاحبه في إهانته، خرج من الحظيرة وأطلق نهيقه عالياً، فارتجف صاحبه لأنه لم ير "حماره" على تلك الحالة من قبل، واحتار كيف يُراضيه.. لكن الحمار "تمرغ" في الأرض ثم نهض منكفئ الرأس ودخل مرة أخُرى إلى الحظيرة.. فعرف صاحبه أن هذا مٌنتهى غضبه فبات يُهينه ولا يبال بنهيقه!

ثم أردفت: مع أن الحمار هذا كان من المُمكن أن يُغير وضعيته بين أمم الحيوانات والبشر، إذا أدرك قيمته التاريخية ودون تلك المشاهد التي لم يرها حيوان غيره. 

جذب حديثي انتباه “العربجي” فأخذ آخر حارة في اليمين وهدأ وقع الحدوات ليستمع للحكايات فقلت له: "أكثر من مرة ذُكر الحمار في القرآن وكان لزاماً عليه بعد ذلك على الأقل أن يغتر.. أن يُحاول أن يعقل الفعل والقول ولو كان الأمر صعباً.. أن يكون له رأي ولو لمرة.. أن يكون قد اكتسب ولو حكمة واحدة.. لكنه لم يفطن ولم يتعلم.. فحكايات كثيرة تعرض لها معشر الحمير كانت كفيلة أن تٌغير منهج تفكيرهم وتضعهم في مصاف معاشر الحيوانات، فقد عاصروا أنبياء وملوك وحكماء وفراعنة وسافروا إلى كل مكان وعاملوا كل الصنوف لكنهم لم يستفيدوا من كل تلك الأحداث، ولم يفطنوا إلى قيمة ما مروا به من تجارب. 
أخرج من “جيب الصديري” علبة الدخان ولف واحدة في ثوان وقال لي: “عفر يا باشا”.. فقلت له أنني حينما قابلت أشهر حًمارٍ قال لي: "لا تُحدث جلبة في الحظيرة أيها الجحش! فبكيت وتبسمت وقلت: "لا عليك.. إنه مجرد ضجر!. فنحن الحمير نشأنا على ألا يكون لنا "رأي".. وأن صمتنا "صبراً" سنؤجر عليه يوماً بزيادة "العليقة". 

ثم صمت وقلت لصديقي “العربجي”.. هل تعرف حمار علي الكسار؟.. في كل مرة أتطرق فيها لسيرة الحمار، أتذكر علي الكسار حينما خدعه أحد اللصوص وسرق حماره ووضع اللجام حول رقبته، وحينما استدار له الكسار أخبره أنه كان "بني آدم" ولما أغضب أمه دعت عليه فتحول إلى حمار، فأعتقه الكسار وقال له: "روح وأوعى تزعل أمك تاني".. وفي اليوم التالي حينما ذهب إلى السوق ووجد حماره معروضاً للبيع هرول نحوه ومال على أذنه وقال له: "الله يخربيتك إنت زعلت أمك تاني يا حمار!".. ومن يومها ولم يُغضب أحداً فينا أمه.. ورغم ذلك نُسخط كل يوم لحمير.

قاطعني “العربجي” قائلاً: “تعرف يا بيه إن سلالة الحمير بتاعتنا أحسن واحدة في الدنيا وأرخص سعر كمان”.. تباهيت وانتشيت وتبسمت “كجحش”.. وضاع الوقت ولم أصل.

 




 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: سيارة تامر أفندي

إقرأ أيضاً:

د. عصام محمد عبد القادر يكتب: العنف المجتمعي .. مقترحات العلاج

كل فعل أو ممارسة نصفها بالعنيفة تقف خلفها مسببات قد تكون داخلية أو خارجية تؤدي إلى استعمال صورة من صور القوة التي تؤذي الآخرين أو تضير بالممتلكات أو تؤدي إلى التهديد والترهيب والخوف على مستوى الفرد أو الجماعة، وثمة أنماط للعنف منها المادي والمعنوي بصورهما المتعددة.

وعلاج العنف المجتمعي يتطلب منهجية تقوم على تخطيط استراتيجي؛ حيث العمل على صياغة برامج توعوية متكاملة تنفذها العديد من المؤسسات المعنية بتنمية الوعي والتثقيف والوعظ، ناهيك عن دور المؤسسات التربوية بكل مراحلها والتي تغرس في النفوس القيم والأخلاق الحميدة التي تحض على التعايش السلمي.

واعتقد أن تدريب الإنسان على مراقبة ذاته وربه بداية مهمة لتقويم السلوك وتعزيز الممارسات التي تتسق مع معايير المجتمع وقوانينه؛ فإذا ما أصاب فعل فيه خير استحسنه، وإذا ما ارتكب فعل فيه شر أو أذى للغير استقبحه ووجه اللوم لنفسه وأخذ بها نحو البعد عن تكرار ما اقترفه، بل وتحسر على ما أضر به الآخرون.

وأرى أن معايشة الإنسان منا للمواقف النبيلة التي تتضمن في كليتها الود والرحمة والتعاطف والتكاتف والتكافل وكل الصور التي تشير إلى ترابط الأفراد والمجتمعات؛ لهي مسببات تغرس السكينة والطمأنينة في النفوس وتشعر الإنسان بأنه مسئول عن غير، بل ويتوجب عليه أن يقدم له الدعم والمساندة على الدوام، وهذا في حد ذاته يقلل من دوافع ومقومات العنف المجتمع بصورة قوية؛ حيث يشعر الفرد بالأذى وقلة الارتياح إذا تضرر غيره منه أو من غيره.

أثق في أن تعزيز الثقة لدى الإنسان بأن في الأرض متسع للجميع، يجعله يستوعب حقيقة الوجود الذي يتطلب الإعمار لا الصراع ويحض على التعاون لا التباغض ويؤكد على التضافر لتجاوز التحديات لا الفرقة والشرذمة ويشير إلى أن لبنة النهضة تقوم على المحبة والتآخي لا إشعال الفتن وحب الذات والحقد والكراهية، كما يتطلب أن يدرك الفرد أن الأرزاق مقسمة وهي بيد الله – تعال – وحده، وما علينا إلا أن نأخذ بصحيح السبب وقوام المسار.

وأدرك أن التنشئة على صحيح السلوك على المستوى العقدي أو الاجتماعي من الدعائم التي تقي الفرد شرور أفعاله وعدوانه تجاه الآخرين؛ فمن يعي صحيح دينه ومن يحترم قوانين وتشريعات بلاده ويفقه فحواها ومن يتلقى التوجيه والإرشاد من مصادر التربية الأسرية والتربية الرسمية ومن منابر الوعظ وعبر بوابات المعرفة المفتوحة على مدار الساعة سواءً الإعلامية منها والتواصلية يعمر وجدانه بالخير ويتخلى عن طرائق الشر وأساليب العنف والعدوان في نمط حياته قاطبة.

وأكد على أن تعظيم العلاقات الطبية بين الناس من مسببات دحر صور العنف والعدوان فيما بين الأفراد والمجتمعات، وهنا نعني أن يكون الإنسان منا حريصًا على علاقاته المحمودة مع الآخرين؛ حيث يخشى أن تشوبها شائبة جراء أفعال وممارسات غير محسوبة؛ ومن ثم تسود المحبة ويضعف الخوف وتزداد الثقة وتضمحل الريبة، وبناءً عليه تضاء القلوب بضياء الرحمة والتراضي وتطهر النفوس فتزداد دروب الخيرات وتنحسر مسارات ومداخل الشرور.

واعتياد فعل الخيرات على الدوام والانغماس في العمل المثمر والتطلع لطموحات وأمال وأحلام مشروعة تنقذ الإنسان من الوقوع في براثن الإحباط واليأس اللذان يؤديان به لمظاهر العنف، بل وتجعله قادر على أن يستثمر طاقته كاملة في تنمية خبراته وصقل مهاراته؛ ومن ثم يسمو الوجدان ويرتقي يومًا بعد الأخر؛ فمما لا شك فيه أن أرواحنا تتوق للنور المتمثل في مظاهر الخير وتنفر من الظلام الكامن في الشرور والقيام بغير المألوف مما لا يقبله الشارع الحكيم ولا يتحمله الضمير الحي.

ما أجمل أن نتحلى بمخرجات التربية الأخلاقية التي تهدينا لسواء السبيل وتخرجنا من ظلمات القهر الظلم والعنفوان إلى ساحة التعايش السلمي المصبوغ بالصدق والحق وكرامة العيش والإحسان؛ حيث إن مهمة الاستخلاف تقوم على الأمانة التي تحملها الإنسان منذ أن وجد على ظهر البسيطة؛ فقد كان جرمه الأول الذي نقر به بكل حزن وأسى هو ممارسة العنف الذي تمخض عن حقد وحسد.

نهيب بالإنسان الذي يمتلك أجل نعمة ميزه الله بها عن سائر مخلوقاته؛ ألا وهي نعمة العقل، الذي يدفعه دومًا إلى فطرة السلوك الحميد الذي يستحسنه؛ فبه صنع حضارته وكون ثقافته وسطر تاريخه ودشن جغرافيته وحفر أسمه على جدران وطنه؛ فعاش فيه آمنًا مطمئنًا رافعًا راية السلام يستلمها جيل تلو آخر لتبقى الأرض عامرة ببني البشر.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

مقالات مشابهة

  • ما معنى الظلم في دعاء سيدنا يونس عليه السلام؟ تعرف عليه
  • علي الفاتح يكتب: ترامب يرقص على حافة الجحيم!
  • الإعجاز القرآني فى قوله سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ.. تعرف عليه
  • بن غفير: ليس هذا ما يبدو عليه النصر المطلق بل الاستسلام التام
  • بن غفير: ليس هذا ما يبدو عليه النصر المطلق بل هو الاستسلام التام
  • مؤمن الجندي يكتب: قائد إلا ربع
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: العنف المجتمعي .. مقترحات العلاج
  • مودل روز عن سبب طلاقها:ترك شغله وقعد بالبيت أصرف عليه.. فيديو
  • د.حماد عبدالله يكتب: سمة هذا الوطن "الحــــــب"!!
  • الشيخ ياسر مدين يكتب: معجزة الإسراء