ضوابط السلوك الدبلوماسي في الشريعة الإسلامية
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
قلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) –يوجد ملامح وضوابط للسلوك الدبلوماسي في الشريعة الإسلامية، يلتزم بها المبعوث الدبلوماسي الذي يمثل دولة الإسلام في دولة أخرى، وبالمثل يلتزم بها ممثل الدولة أو الأمة الأخرى على أرض الإسلام، ومن بين هذه القواعد، قاعدة المعاملة بالمثل، وقواعد المراسم والبروتوكول والإتيكيت.
وبالنسبة لمبدأ المعاملة بالمثل، فكما نوهت قبل ذلك كان موجودًا ومعمولًا به قبل الإسلام أيضًا، وعندما جاء الإسلام أقره وعمل به، قال الله تعالى في القرآن الكريم في سورة النحل ﴿…فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ …﴾ (سورة البَقَرَةِ: 2/194)
وعمل بهذا المبدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم في تعاملاته، وكان قد أرسل لقريش عثمان بن عفان رسولًا عنه، فلما احتبسته قريش لديها، احتجز النبي محمد بالمثل رسولهم حتى أفرجوا عن سيدنا عثمان؛ فأفرج عن رسولهم حينذاك.
وفي بعض الأحيان يكون من الأولى عدم رد الإساءة بإساءة والتجاوز عن خطأ المخطئ، وفقًا لقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ (سورة النَّحْلِ: 16/126)
أما فيما يتعلق بقواعد السلوك الدبلوماسي من البروتوكول والمراسم والإتيكيت.
ففيما يتعلق بقواعد البروتوكول والمراسم، فكان يتمسك بها الإسلام في إيفاد الرسل، واستقبالهم، وأوراق اعتمادهم، واللغة المستخدمة في التعامل، طرد السفراء، ملابس السفراء، الأسبقيات بينهم، مراسم تبادل الهدايا… الخ.
وبالنسبة لحسن الخلق والإتيكيت في التعامل، فإنها وإن كان مأمور بها المسلم بوجه عام إلا أنها كانت بالنسبة للرسول المسلم التزامًا، ومن ذلك آداب السلام والتحية، وآداب الحوار مع الغير، وآداب تناول الطعام، وآداب الزيارة، احترام الكبير وتوقير الصغير، تبادل الهدايا، والمواساة في الحزن، والتهنئة في الفرح… الخ.
وقبل نهاية المقال يسعدني أن أجيب على سؤال جاءني من إحدى القارئات للسلسلة، وهي تسأل عن حصانة المباني الدبلوماسية في الإسلام؟ حيث أنه في المقال السابق كان الحديث عن حصانة الرسول أو الدبلوماسي في الشريعة الإسلامية، وفاتني فعلاً أن أوضح هذه النقطة محل التساؤل في المقال. بالنسبة لحصانة المباني الدبلوماسية(السفارات)، فلم تكن موجودة حينذاك، لعدم وجود سفارات وأماكن دبلوماسية بالشكل الذي وجد في العصر الحديث، وإنما كان يتم استضافتهم في (مساكن الضيافة)، التي كانت يملؤها الكرم.
يسعدني التواصل وإبداء الرأي
[email protected]
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]
Tags: الإسلامالدبلوماسية في الإسلامالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الإسلام الدبلوماسية في الإسلام
إقرأ أيضاً:
بيان منزلة النفس الإنسانية في الإسلام.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي جاء مضمونه كالتالي: النفس الإنسانية لها منزلة خاصة في الشريعة الإسلامية؛ فنرجو منكم بيان ضرورة المحافظة عليها في ضوء نصوص الشرع؟.
مكانة النفس الإنسانية في الشريعةقالت دار الإفتاء إن الإسلام دعا إلى المحافظة على النفس الإنسانية؛ فجعل حفظ النفس من مقاصده الكلية التي جاءت الشرائع لتحقيقها، وارتقى بهذه المقاصد من مرتبة الحقوق إلى مقام الواجبات، فلم تكتف الشريعة الغراء بتقرير حق الإنسان في الحياة وسلامة نفسه، بل أوجبت عليه اتخاذ الوسائل التي تحافظ على حياته وصحة بدنه وتمنع عنه الأذى والضرر.
وأوضحت الإفتاء أن حفظ النفس وصيانتها من الضروريات الخمس التي اتفقت عليها جميع الشرائع؛ قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (1/ 31، ط. دار ابن عفان): [فقد اتَّفقت الأمة بل سائر الملل على أنَّ الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وعلمها عند الأمة كالضروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليل معيَّن، ولا شهد لنا أصل معيَّن يمتاز برجوعها إليه، بل علمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلة لا تنحصر في باب واحد، ولو استندت إلى شيءٍ معيَّن لوجب عادة تعيينه] اهـ.
وأضافت الإفتاء قائلة: ومظاهر دعوة الإسلام للمحافظة على النفس الإنسانية لا تحصى؛ منها: تحريم قتل النفس بغير حق وإنزال أشد العقوبة بمرتكب ذلك؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151].
ومنها: أيضًا تحريم الانتحار؛ قال جلَّ وعلا: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 156، ط. دار الكتب المصرية): [أجمع أهل التأويل على أنَّ المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضًا؛ ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال، بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدِّي إلى التلف] اهـ.
وتابعت: كما نهى الإسلام عن إلقاء النفس في التهلكة؛ قال تعالي: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، قال الإمام الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 222، ط. دار ابن كثير): [التهلكة: مصدر من هلك يهلك هلاكًا وهلكًا وتهلكةً أي: لا تأخذوا فيما يهلككم.. والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل ما صدق عليه أنَّه تهلكة في الدِّين أو الدنيا فهو داخل في هذا، وبه قال ابن جرير الطبري] اهـ.
وأكدت: ونهى عن إلحاق الضرر بالنفس أو بالغير كمظهر من مظاهر المحافظة على النفس؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، رواه الحاكم في "المستدرك" وصححه على شرط مسلم، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والدينوري في "المجالسة".