عربي21:
2025-01-09@00:30:33 GMT

بَطَلُ الشاشات

تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT

ظهر ولع السيسي بالشاشات مبكرا؛ منذ أن كان وزيرا للدفاع، وهذا الولع بالمجد والظهور أمر مألوف لدى المتطلعين إلى مكانة ترفع بها مستوى الشخص، أو لدى أصحاب المواهب الذين يريدون إبرازها، وبما أن صاحبنا لا يملك موهبة، فنعرف في أي الفريقين هو.

هذا الولع قد نفهمه بما أنه في سياق متكرر ومعتاد، لكن ما أصاب السيسي يتجاوز الولع الطبيعي إلى الولع المرضيِّ والهوس بالظهور وإثبات الحضور اليومي على الشاشات والمستقبل بعد ذلك؛ وهذا ما تظهره الأعمال الفنية التي طالب بها بنفسه، مثل مسلسلات الاختيار بأجزائه الثلاثة، خاصة الجزء الأخير الذي يروي مشاركته في أكبر جريمة حدثت في مصر على المستوى الجنائي أولا والسياسي بعد ذلك.



بخلاف مسلسل الاختيار فهناك الأعمال السينمائية والتلفزيونية التي تتحدث عن مواجهة نظامه لما يسميه "الإرهاب"، إما في أعمال كاملة أو الإشارة لها ضمن أعمال، حاشدا في ذلك العديد من نجوم الصف الأول الذين لا يجتمعون سويا في أي عمل، لأسباب متعددة من بينها ضخامة ميزانية عمل يجتمع فيه أكثر من نجم من نجوم الصف الأول.

ما أصاب السيسي يتجاوز الولع الطبيعي إلى الولع المرضيِّ والهوس بالظهور وإثبات الحضور اليومي على الشاشات والمستقبل بعد ذلك؛ وهذا ما تظهره الأعمال الفنية التي طالب بها بنفسه، مثل مسلسلات الاختيار بأجزائه الثلاثة، خاصة الجزء الأخير الذي يروي مشاركته في أكبر جريمة حدثت في مصر على المستوى الجنائي أولا والسياسي بعد ذلك
آخر هذه الأعمال الفيلم المسمى بـ"السرب" الذي سيُعرض مطلع مايو/ أيار لإبراز "قوة" السيسي و"غضبه" و"قدراته" ضد تنظيم داعش المجرم، عقب جريمة ذبح 21 مصريا في ليبيا في منتصف فبراير/ شباط 2015، وردَّ السيسي وقتها بقصف جوي لمواقع أسماها تابعة للتنظيم، لكن منظمة العفو الدولية اتهمته وقتها بقتل سبعة مدنيين، وفق شهادات جمعتها من سكان منطقة مدنية؛ نفوا وجود منشآت عسكرية في المنطقة التي استهدفتها الضربة الجوية الأخيرة في ذلك اليوم، كما ذكرت المنظمة أنها لم تجد أهدافا عسكرية في تلك المنطقة.

ثم أعاد السيسي قصف الشرق الليبي عام 2017، عقب جريمة قتل 28 مصريا في محافظة المنيا بصعيد مصر، بذريعة أن مدينة درنة الليبية كانت مقرا لتدريب مرتكبي الجريمة، وأعلن الجيش وقتها استهداف المدينة التي يسيطر عليها مجلس شورى المجاهدين المعادي لحفتر وداعش أيضا، فالسيسي الداعم لحفتر قرر استهداف مقرات مجلس شورى المجاهدين وقتها، مستغلا حدثا طائفيا في صعيد مصر يبعد عن درنة أكثر من 1200 كم.

يأتي فيلم السرب للدعاية للسيسي في سياق أنه قوي في مواجهة التهديدات، في حين أن السيسي نفسه أكبر تهديد لمصر وأمنها وحاضرها ومستقبلها، ويأتي في سياق محاولة صنع صورة يخلد بها نفسه في التاريخ المصري، باعتباره صاحب "قناة السويس الجديدة"، وأنه الذي يبني "مصر الحديثة"، وأنه "بطل الحرب والسلام"، فيحارب في مواجهة المخاطر ضد مصر، ويحافظ على السلام مع العدو الصهيوني.

فضلا عن إصراره الشديد على أنه يخوض حربا ضد ما يسميه "الإرهاب" في سيناء وربوع مصر وخارجها أيضا، ليخلد صورته كزعيم يبني ويحارب، فإنه يستخدم في سبيل ترسيخ تلك الصورة موارد الدولة كافة، دون حساب أو رقيب على النفقات المهدرة في بلد مفلس اقتصاديا، تضيع موازنته في سداد القروض وفوائدها.

هذه الحملات الإعلامية تقف عاجزة عن صناعة صورة قوية للسيسي، نظرا لموقفه في التهديدات الوجودية الحقيقية لمصر، مثل موقفه من سد النهضة الإثيوبي الذي وضع مصر في أزمة مياه، مع التنبيه على أننا نعاني شحا مائيا قبل إنشاء السد، وكعادة السيسي ألقى باللوم على ثورة 2011 ونسب لها بناء السد، وهو نفس ما يفعله في كل فشل أمني، فإما أن يلقي به على الثورة، أو يلقي به على الجيران الحدوديين وضعف التأمين لديهم.

كذلك لم يقم السيسي بأي إجراء يقف حائلا أمام وقف العدوان على الفلسطينيين، رغم أنه صاحب عبارة "مسافة السكة" إذا تهدد الكفيل الخليجي من إيران، دون اعتبار لأن التهديد في فلسطين تهديد لجارة حدودية، وأنه تجري في الأراضي الفلسطينية أكبر مذبحة في التاريخ، إذ وصل عدد الضحايا إلى ما يقرب من 6 في المئة من أهل القطاع بين شهيد وجريح، كما وصلت المباني السكنية المدمرة إلى 65 في المئة بخلاف المباني التعليمية والحكومية والمستشفيات.

هذه المواقف المضرة لمصر لا يصح معها وصف مواقف السيسي بالضعف أو التخاذل، بل يجب وصفها بالتواطؤ الصريح، دون أي شعور بالمبالغة في هذا التوصيف، فهو لم يترك شيئا يمكنه أن يضر المصريين إلا وفعله، عن عمد وقصد لا تخطئهما عين، بل إن إغلاق الحدود البرية بالتزامن مع الإسقاط الجوي وإنشاء الرصيف البحري في غزة، يجعل الاحتياج إلى الدور المصري أقل أهمية وربما منعدما
حتى عمليات الإسقاط الجوي التي يقوم بها في القطاع، مجرد لقطة سينمائية شديدة الرداءة، إذ الحدود البرية للقطاع موجودة إذا أراد إدخال مساعدات حقيقية، أو إخراج حالات طبية وإنسانية، لكن الهوس بالشاشات وأخذ اللقطات، أعمياه عن التعليقات الطبيعية التي ستخرج من فم أي طفل يتساءل عن جدوى الإسقاط الجوي المصري، بينما المعبر مغلق.

هذه المواقف المضرة لمصر لا يصح معها وصف مواقف السيسي بالضعف أو التخاذل، بل يجب وصفها بالتواطؤ الصريح، دون أي شعور بالمبالغة في هذا التوصيف، فهو لم يترك شيئا يمكنه أن يضر المصريين إلا وفعله، عن عمد وقصد لا تخطئهما عين، بل إن إغلاق الحدود البرية بالتزامن مع الإسقاط الجوي وإنشاء الرصيف البحري في غزة، يجعل الاحتياج إلى الدور المصري أقل أهمية وربما منعدما، وهذا الواقع الجديد الذي تحاول الأطراف الدولية والإقليمية تشكليه، مطلوب لكل أعداء وحدة الشعوب التي تحاول التماسك والتكاتف في الهموم، رغم انقسام الحكام منذ سنوات بعيدة.

إن محاولة صنع بطولة تاريخية يمجدها الناس في كتبهم وذكراهم لن تفلح إلا إذا كان العمل خادما لهم، ومتوافقا مع ثقافتهم ومشاعرهم وآمالهم، ولهذا مجَّد التاريخ أناسا مرت قرون على وفاتهم، كما حفظ التاريخ أسماء آخرين من باب الخسة والوضاعة، لا من باب المجد، وصاحبنا لا ريب سيكون من الخالدين في الباب الثاني، لا بوابة المجد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السيسي مصر مصر السيسي استعراض شخصية مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإسقاط الجوی بعد ذلک

إقرأ أيضاً:

ما الذي يتعلمه الأطفال من زيارة المتاحف؟

على عكس ما يظنه الكثيرون، فإن اصطحاب الأطفال إلى المتاحف منذ سن مبكرة يمكن أن يكون تجربة غنية ومثمرة. فالأطفال لا يكتسبون فوائد تعليمية فحسب، بل تكون التجربة ماتعة أيضا للكبار، إذ تمنحنا فرصة لرؤية العالم من منظورهم والتفاعل معهم بطريقة مختلفة. وكلما بدأ الطفل في زيارة المتاحف بعمر أصغر، زادت استفادته، حيث ينفتح على المعرفة ويتعلم تقدير الثقافة والتراث. لكن كيف يمكننا تنظيم زيارة ناجحة ومثمرة للمتحف مع الطفل؟ وما الفوائد التي يمكن تحقيقها من هذه التجربة؟

استكشاف فضول الطفل

إلى جانب المتعة والترفيه فمن خلال زيارة المتاحف المختلفة، توفر المتاحف بيئة تعليمية غنية يستكشف فيها الطفل ميوله، فهي تثير اهتمامه بالتاريخ والفن والعلوم، وبالنسبة للأطفال تكون تجربة تعيش طويلا في أذهانهم.

كما أنها نافذة على الماضي والحاضر والمستقبل، تسمح لهم بالتعرف على المجالات المختلفة بطريقة ملموسة ومرئية فتبسط لهم الفن والعلوم والأنثروبولوجيا والتاريخ وغيرها، وتربطها بالواقع الذي يعيشونه.

إن إثارة حواس مختلفة، والتعرض لتجربة غير معتادة، تثير دهشة الأطفال، وتأتي اللحظة الأنسب للتعلم حين يعقب تلك الدهشة سؤالهم "كيف؟"، فيبدأ حوار لا يُنسى.

إعلان

وترفع زيارة المتاحف مستوى الوعي حول الشخصيات والأماكن والموضوعات خارج نطاق تجربتنا الطبيعية، فهي مُصمَمة بشكل يدعم القدرة على التخيل والاستكشاف.

الإعداد البسيط قبل زيارة المتحف يمكن أن يجعل التجربة أكثر إثارة (غيتي)

تشير دراسة نشرتها مجلة "ستاديز إن إديكوشيونال إيفوليوشن" عام 2020 إلى أن زيارة المتاحف منذ ما قبل سن المدرسة، تنمي القدرات الإبداعية لدى الطفل فالتعلم خارج المدرسة يكون أكثر انفتاحا وتفاعلا، كما يفيد هنا أن يتوجه الطفل لمتاحف مخصصة للأطفال إذ تسمح باللمس والتفاعل مع المعروضات بخلاف المتاحف التقليدية، وتعزز التفاعل مع اهتمامات الأطفال.

يرى الطفل الحياة من منظورات مختلفة، بعض المتاحف الخاصة التي تصمم لكي يعيش زائروها تجربة المكفوفين أو الصم، تقرب تجربة هذه الفئات إلى ذهن الزائرين وبالتالي تعمق التعاطف وتزيد قدرتنا على تصور الطرق المختلفة للوجود في هذه الحياة.

هكذا تجعلهم أكثر استجابة لاحتياجات من حولهم وتوقظ الشعور بالترابط والرحمة، وتكسبهم عدسة إضافية يرون من خلالها تجارب وحياة الآخرين.

تتسع من خلال تلك الجولات مجالات المعرفة لدى الطفل فتثير فضوله فترة تاريخية أو ثقافة معينة، لتصبح بين اهتماماته ما يدفعه لمواصلة البحث والقراءة حولها.

كما أنه يكتسب المهارات النقدية، فأمام القطع الفنية والأثرية يكوّن الأطفال آراء وتفسيرات مختلفة لما يرونه، ويتعلمون مبكرا التفكير النقدي والقدرة على التعبير عن أنفسهم.

كيف نزور المتحف؟

من المؤكد أنك على دراية باهتمامات طفلك، وهذا يمكنك من اختيار المتحف الذي سيستهويه. إذا لم يكن هناك متحف قريب يتماشى مع فضوله، يمكنك التكيف مع الخيارات المتاحة. ابحث عن أقسام محددة داخل المتاحف القريبة قد تثير اهتمامه. على سبيل المثال، في متحف فني، يمكن التركيز على اللوحات التي تصور الخيول إذا كان طفلك يحبها، وقضاء الجولة في استكشاف المزيد من الأعمال التي تتناول الموضوع نفسه.

الاستعداد المسبق للزيارة إعلان

الإعداد البسيط قبل زيارة المتحف يمكن أن يجعل التجربة أكثر إثارة. ابحث عن أبرز محتويات المتحف وشارك طفلك بعضها. يمكنك عرض 5 لوحات أو قطع فنية والتحدث عن قصصها أو عن الفنانين الذين أبدعوها. عندما يصل إلى المتحف ويكتشف هذه الأعمال بنفسه، سيشعر بالحماسة ويعيش التجربة بشكل أعمق، كما أشار موقع "لافورجوتيتا".

اجعل الجولة أكثر تفاعلية من البداية بلعبة ماتعة؛ مثل البحث عن عدد محدد من الحيوانات أو الأشياء في المتحف (5 خيول و3 قطط على سبيل المثال). بعد العودة إلى المنزل، عزز اهتمامه بالموضوع من خلال توفير كتب أو مواد تعليمية مرتبطة بما شاهده.

اطلع أيضا على الأنشطة المخصصة للأطفال في المتحف قبل زيارته. قد يكون من المفيد اختيار يوم تُقام فيه ورش عمل أو فعاليات تستهدف الأطفال لتعزيز تجربتهم.

استكشاف كل أركان المتحف لا يتحقق في زيارة واحدة، بل اترك الأمر يتماشى مع اهتمام طفلك (غيتي) توفير سبل الراحة

احرص على راحة طفلك طوال الرحلة. ولتجنب الزحام، حاول حجز التذاكر عبر الإنترنت. تأكد من أنه حصل على قسط كاف من النوم، وتناول وجبة مشبعة، ولا يحتاج إلى استخدام الحمام. أثناء الجولة، راقب حالته لضمان عدم شعوره بالإرهاق. إذا بدا عليه التعب، اسمح له بأخذ استراحة قصيرة إذا كان ذلك مسموحا، ثم استكمل الجولة.

طرح الأسئلة

اشرح له قواعد المكان، لا صراخ ولا جري ولا لمس للمعروضات مثلا، وخلال الجولة اطلب منه أن يخبرك بما يرى ودعه يقدم تفسيراته من دون أن تحاول تصحيحها، ليشعر بالثقة وبأن رأيه مقدر ومسموع.

يمكنك إضفاء جو من الدعابة؛ جرب أن تطلب من الطفل أن يقلد هيئة التماثيل.

أنتما تتعلمان معا

ينتاب بعض الآباء قلق من أن يطرح الأطفال أسئلة لا يمكنهم الرد عليها، ينصح المتخصصون بأن تكون مثل تلك الزيارات فرصة تعليمية مشتركة بين الأجيال، بحيث يستكشفون معا ما يود الطفل معرفته.

إعلان

بحضور الأسرة يقضي الأطفال وقتا عائليا لطيفا، إنها فرصة لإثارة حوارات قد لا تُثار بين أفراد الأسرة في غمار الانشغال بالمهام اليومية، كما أنها تجربة فريدة حين تصطف إلى جانب الطفل في موقف تعليمي، مما يخلق نوعا من التفاهم المشترك.

القليل سيكون كافيا

لا تحاول استكشاف كل أركان المتحف في زيارة واحدة، بل اترك الأمر يتماشى مع اهتمام طفلك. قد ينجذب إلى لوحة معينة ويقضي وقتا طويلا في تأملها، بينما قد تمر أخرى من دون أن تثير انتباهه. لا تفرط في تقديم المعلومات، وركز على أن تكون التجربة ماتعة بالنسبة له.

إذا شعرت أن طفلك بدأ بالتعب، انتقل إلى قسم آخر أو خذ استراحة قصيرة. الهدف هو أن تبقى التجربة إيجابية وماتعة، مما يعزز رغبته في زيارة المتحف مجددا.

وفقا لموقع الصندوق الوطني للفنون في الولايات المتحدة، فإن التعرض المبكر للمتاحف يساعد في تكوين زوار ملتزمين مدى الحياة.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش تشغيل الشاشات الاحترافية
  • جنوب الوادي: مشروع الشاشات بالحرم الجامعي يهدف لتصحيح المعلومات المغلوطة
  • آخر المعلومات عن جريمة الهرمل... من هي الإمرأة التي قتلت أحد الشبان؟
  • السيسي: القمة «المصرية القبرصية اليونانية» تجسد العلاقات التاريخية التي تجمع شعوبنا
  • ما الذي يريد المواطن من الأحزاب؟
  • كيف تؤثر الشاشات على إجهاد العين؟
  • ما الذي يتعلمه الأطفال من زيارة المتاحف؟
  • التغييرات قادمة لا محالة.. ما الذي ينتظر العراق بعد 20 كانون الثاني الجاري؟
  • تفاصيل جديدة بشأن الفيروس الصيني الذي يثير الهلع في العالم
  • من الذي يحكمنا الآن !!