عمر الدقير: الحل السياسي لا العسكري هو طريق الخلاص من ويلات الحرب في السودان
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
شدد رئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم»، على أن الحل السياسي لا العسكري هو طريق الخلاص من ويلات الحرب الحالية وتداعياتها.
الخرطوم ــ التغيير
ونوه الدقير إلى أنه مع دخول النزاع المسلح في السودان عامه الثاني، دون وجود حل يلوح في الأفق عدا المسار السياسي التفاوضي، فإن الدعوة لاستمرار الحرب تعني الحكم على الشعب السوداني بالمراوحة القاسية في دائرة الدم والتشريد والجوع والتدمير وخطر الحرب الأهلية وتقسيم البلاد.
وقال الدقير بحسب «الشرق الأوسط» إن كل النزاعات المسلحة السابقة في السودان انتهت عند طاولة المفاوضات، باتفاقات أسكتت أصوات البنادق، لكنّها تركت وميض نار تحت الرماد؛ لأنها سكتت عن المخاطبة النقدية الشجاعة لقضايا الأزمة الوطنية المتراكمة منذ الاستقلال.
و قطع الدقير بأنه لا خيار غير الحل السياسي لا العسكري باعتباره طريق الخلاص من ويلات الحرب الحالية وتداعياتها، وأولى خطواته الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار للسماح بمعالجة الكارثة الإنسانية، وابتدار عملية سياسية لمخاطبة قضايا الأزمة الوطنية بكل أبعادها، والتوافق على خطة إستراتيجية شاملة ومنهج إدارة علمي يتسم بالنزاهة والشفافية، لمباشرة مهمة البناء الوطني بصورة جماعية على أسسٍ جديدة سليمة وراسخة». و أضاف : «في موازاة ذلك يجب العمل على تحقيق التعافي الوطني عبر تعزيز ثقافة التكامل، وإبعاد جرثومة التآكل عن الجسد الوطني».
وقال إن هناك رغبة دولية وإقليمية متصاعدة لدعم مطلب الشعب السوداني بوقف الحرب: «ونحن نرحب بذلك، وندعو الطرفين لسرعة العودة لطاولة المفاوضات، بإرادة جادة لإسكات أصوات البنادق، وإخراج الشعب السوداني من جحيم الكارثة الإنسانية، وإنقاذ الوطن من مخاطر الفوضى الشاملة وتمزيق كيانه الموحد».
وحول ما رشح عن اعتزام الاتحاد الأفريقي الشروع في تيسير العملية السياسية، ودعوته لاجتماع يضم عدداً من الفاعلين المدنيين بصفتهم الشخصية خلال شهر مايو المقبل قال الدقير: «توجيه دعوات انتقائية بصورة شخصية لن يكون مفيداً، ونجاح الاتحاد الأفريقي أو غيره في تيسير العملية السياسية يتطلب أن تكون البداية بإجراء مشاورات واسعة مع الكتل المدنية الراغبة في إنهاء الحرب، واستعادة مسار التحول الديمقراطي، والتوافق على تصميم العملية السياسية من حيث أجندتها وأطرافها وموعد ومكان انطلاقتها ودور الوسطاء والميسرين».
ونفى الدقير وجود خلافات وسط تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» حول العملية السياسية والمؤتمر التأسيسي، مشيراً إلى أن «تقدم»، عبارة عن تحالف سياسي كبير بين مجموعة من الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني، أجازت بالإجماع في اجتماع هيئتها القيادية الأخير في مطلع أبريل (نيسان)، وثيقة تحت عنوان: «رؤية لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة السودانية»، وقررت التواصل بها مع مختلف المكونات المدنية التي تناهض الحرب والحكم الشمولي بهدف التوافق حول تصميم العملية السياسية.
وأكد الدقير أن اجتماع الهيئة القيادية الأخير أجاز أيضاً مسودة جدول أعمال المؤتمر التأسيسي ومشروع النظام الأساسي الذي سيطرح فيه، وأن العمل يجري حالياً، عبر عدة لجان متخصصة، في الإعداد لعقد المؤتمر خلال الأسبوع الأخير من شهر مايو.
الوسومالمؤتمر السوداني تقدم عمر الدقير قياديالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: المؤتمر السوداني تقدم عمر الدقير قيادي
إقرأ أيضاً:
رحلة في ذاكرة المسرح السوداني* 1909 ــ 2019
رحلة في ذاكرة المسرح السوداني* 1909 ــ 2019
عبد الرحمن نجدي**
المسرح موطن لأيامي الجميلة
تقديم وعرض حامد فضل الله /برلين
صدر في عام 2025 كتاب لعبد الرحمن نجدي بالعنوان أعلاه. قام بتصميم الغلاف الفنان التشكيلي حسن موسى (فرنسا).
تبدأ الصفحة الأولى بعنوان: "تجديد الذاكرة"، "دعوني ابدأ باعتراف شخصي، لقد أخذتني السينما معظم سنوات حياتي رغم إنني درست علوم وفنون المسرح أولا قبل أن اتجه للسينما. لكنني ظللت وفيا للمسرح وأهله، وهذه شهادة مني بذلك".
" على مدي ثلاثة عقود عجاف من عمر حكومة "الاِنقاذ" لم تنج خشبة المسرح ... ومجمل الأنشطة الانسانية الأخرى التي تتصل بالهم الثقافي من قبضة واحد من أكثر الأنظمة عنفاً وقبحاً في تاريخ السودان!!.
وينشد:
خربت الديار يا سوبا أصلك خاينة،
وليَ الأوان يافتنة قط ما تايبة،
أضحي الجيشو خراب والدولة أضحت سايبة،
وكل التابعوك يا سوبا ناسا خايبة.
(خراب سوبا" خالد أبو الروس 1908 ــ 2014 ).
ويقول، لقد عانى المسرح طويلاً من وطأة عدم الرضي الرسمي، ومن طبقات طفيلية من أهل الدراما، فالمسرح يجب ان يكون( أو ينبغي أن يكون أبو الفنون) في بلادنا، كما هو في غيرها، ومصدر إشعاعها. وكان للمسرح في السودان، منذ مطلع عشرينات القرن الماضي، دوراً رائداً في تكوين الثقافة الجماهيرية وقيم الاستنارة والنضال الوطني المعادي للاستعمار. بدأ تاريخ المسرح في السودان عام 1902 حسب ما جاء في كتاب بابكر بدري (حياتي)، وظهر المسرح بشكله الأرسطي في مدينة رفاعة. كما سعى معهد تدريب المعلمين بخت الرضا منذ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، ليجعل من المسرح أداة من وسائل التعليم. كما جاءت سنوات الستينيات حافلة بكل ما تحمله الكلمة من دلالات، فقد كانت فترة تحول سياسي وإيجابي هائلة تم فيها الاِعلان عن ميلاد أول حركة جادة ومنظمة للمسرح، عندما قدمت مسرحية إبراهيم العبادي "المك نمر" وإخراج الفكي عبد الرحمن.
تم في عام 1976 إنشاء مسرح (للطفل والعرائس)، ولعل أكثر المسرحيات ارتبطا بالجماهير وأكثرها شهرة مسرحية "نبتة حبيبتي).
بدور الحق يسود في الناس،
ونبته تقيف تعاند الليل،
وما تسجد عشان تنداس،
وما تحكمنا عادة الكهنة،
والبحكمنا حقو الرأس.
أنشودة من أجل العدالة
(هاشم صديق، مسرحية "نبتة حبيبتي.")
كما سعى المسرحيون السودانيون، في هذا الجو المشحون بالإبداع إلى اقتحام طرق جديدة للعرض، فكان التغريب. ثم لا ينسى كلية الدراما " المعهد العالي للموسيقى والمسرح (1969)، والمسرح الجامعي مشاركاً المسرح القومي نهضته. ويرسل تحية وإجلال للمبدعات السودانيات اللواتي اقتحمن مجالاً عصياً تماماً على النساء في ذلك الزمان.
ولعل الفقرة التالية تلخص مضمون هذا الكتاب الصغير في الحجم والعميق في محتواه.
" لقد نشأ المسرح في السودان بوصفه ثمرة جهد من العمل الدؤوب قام به العيد من الرواد، وأصبح منذ مطلع القرن الماضي محطة مضيئة من محطات الحياة الثقافية والفكرية في السودان، وكان جزءا من نسيج الحياة الأدبية والفنية، ورغم أن تجربتنا المسرحية حديثة نسبية، فقد أستطاع كتابنا أن يتعرضوا لكل أنواع الصراع. هذا البحث محاولة لاستحضار تلك اللحظات الخالدة في تاريخ المسرح في السودان، ومحاولة للاقتراب من التجربة المسرحية خاصة تلك المرتبطة بالخشبة، وبفنان المسرح، وأولئك الذين شاركوا في نهضته، وأحيوا فينا شعلة الأمل لعقود طويلة، واليوم طواهم النسيان، وهذه المراجعات لاستكمال الصورة، ملء الفراغ، ما سجلته مجرد خطوط عامة لهذا التطور الخلاق والمنطقي لخشبة المسرح في السودان، وإبراز قيمة المسرحيات التي عرضت وشكلت منعطفاً منطقياً في ذاكرة المسرح السوداني في مستواها التاريخي والاِنساني، وأقول أن هناك الكثير جدا من القصص في ذاكرة المسرح السوداني تنتظر ما يسردها. والدعوة إلى فتح حوار جاد حول الدور الذي نتوقع أن يلعبه المسرح في تثبيت قيم الحرية واستشراف مستقبل واعد لبلد قتلته الأطماع والأيديولوجيات البليدة والخبيثة ".
كُتب واُخرج الكتاب بطريقة فنية، تقوم على سرد الراوي ( المؤلف) وكأنه على خشبة المسرح، ويعقبه إضاءة بصوت خارجي يضيف ويعلق، وهكذا دواليك، بهذا يشعر القارئ وكأنه داخل المسرح.
ويُختتم الكتاب بشهادات من عدد كبير من الفنانين والمبدعين والكتاب والسياسيين.
أرسل لي عبد الرحمن مسودة كتابه، وارسلت له السطور أدنها، فكرمني أبن الخال، فزين بها صفحة الغلاف الخلفي:
الأخ العزيز عبد الرحمن،
قرأت بكثير من المتعة والاِعجاب كتابك الموسوم "رحلة في ذاكرة المسرح في السودان (1909ــ 2019)".
تكتب يا العزيز بتواضع جم " ما سجلته مجرد خطوط عامة لهذا التطور الخلاق والمنطقي لخشبة المسرح في السودان، وإبراز قيمة المسرحيات ..."
يا العزيز،هذا نص رائع ووسيم وباهي، وزاخر بمعلومات قيمة وسرد تاريخي، بقلم كاتب وناقد معايشاً ومتابعاً من الداخل، لتطور المسرح في السودان.
لقد أعاد لي نصك البديع الكثير من الذكريات الحميمية. فخالد أبو الروس كان معلمنا في مدرسة الهداية الأولية، لصاحبها الشيخ الشبلي، الفاضل سعيد كان زميلي في المرحلة الثانوية، وكنا نلاحظ ونندهش ونعجب لمقدرته في المحاكاة، وكذلك زميل المهنة الدكتور الطبيب علي البدوي المبارك، وخالد المبارك كان زميلي لفترة قصيرة في ألمانيا الديمقراطية، قبل أن يتوجه إلى بريطانيا لمواصلة دراسته الأكاديمية العليا في مجال الفن المسرحي، ولا تزال تربطني به صداقة حميمة. لم تذكر حسن عبد المجيد فكان يقدم مسرحيات في الإذاعة (هنا أم درمان). وكذلك لم تتعرض للبروفيسور عبد الله الطيب، الذي كان يترجم بعض النصوص المسرحية الاِنجليزية، وكانت تُقدم أيضا من الاِذاعة". وكان يشارك في التمثيل والإخراج الصديق " ود المسلمية" قمرالدين علي قرنبع، و قتها كان طالباً في كلية الآداب، ثم أستاذا في معهد الدراسات الاضافية التابع لجامعة الخرطوم لاحقاً.
نعمل الآن في برلين لعقد ندوة كبيرة عن تاريخ المسرح والسينما في السودان، ويساعدنا في التحضير الصديق والمخرج السينمائي العراقي المعروف قيس الزبيدي*** وهو يعرفك ويعرف إبراهيم شداد، وكتب من قبل دراسة تعريفية ونقدية عن أفلام إبراهيم شداد.
لك عظيم الشكر "يا ود نجدي"، لهذا الرحيق ونحن نعيش في هذا الزمن الرديء.
حامد فضل الله
برلين، 27 أكتوبر 2024
أرسل لي العزيز عبد الرحمن عدد من نسخ كتابه الصغير، فقلت له: لماذا ضاق صدرك ولديك الكثير من ما تقوله.
فرد قائلاً:
هذا الكتاب مقدمة (قدومة) لثلاث كتب:
ــ الرقابة والسينما السودانية.
ــ رحلة في ذاكرة السينما السودانية
ــ الأماني المعلقة.
يا لها من بشارة عظيمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*عبد الرحمن نجدي، رحلة في ذاكرة المسرح السوداني، دار باركود للنشر والترجمة والتوزيع، الخرطوم 2025
** عبد الرحمن عبد الرازق نجدي، كاتب وناقد ومخرج سينمائي، درس السينما والمسرح في الخرطوم ولندن، مؤسس لمجلات السينما والمسرح في السودان، وشارك في العديد من مهرجانات السينما العربية والدولية، ويعمل مديراً لشركة قطر للسينما وتوزيع الأفلام منذ 2006.
*** تُوفىً قيس الزبيدي في برلين وقبل صدور الكتاب، ودُفن في العراق.
hamidfadlalla1936@gmail.com