آثار جانبية مميتة| أسترازينكا تعترف لأول مرة بالأعراض الجانبية الخطيرة لتطعيم كورونا
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
في عام 2020، شهد العالم انطلاق جائحة فيروس كورونا التي أدت إلى حدوث تغيرات جذرية في حياة الناس والأنظمة الصحية العالمية. في عامها الصاخب، أعلنت شركة "أسترازينيكا" عن ابتكارها للقاح الذي أعتبرته خطوة كبيرة نحو التصدي لهذا الوباء العالمي. تلقى هذا الإعلان استحسانًا كبيرًا ورؤية عملية لتحقيق أمل جديد في التخلص من الوباء.
مع بدء عمليات التطعيم والتوزيع الشامل للقاح، بدأت تظهر مخاوف وشكوك بشأن تأثيراته الجانبية النادرة لهذا اللقاح الذي كان يعد رمزًا للأمل للعديد من البلدان والشعوب. تنبعث هذه المخاوف من تقارير عن حالات نادرة لتكون الجلطات الدموية المميتة لدى بعض الاشخاص، مما أدى إلى زيادة القلق بشأن سلامة وفعالية هذا اللقاح المهم.
وفقًا للتقارير الطبية، اعترفت "أسترازينيكا" لأول مرة بأن لقاحها يمكن أن يؤدي في حالات نادرة جدًا إلى حدوث تخثرات دموية خطيرة تسمى "TTS"، وهو اختصار لمتلازمة نقص الصفائح مع تكوُّن الجلطات. هذه الآثار الجانبية المحتملة أدت إلى قيام عدد من الأشخاص بمقاضاة الشركة، حيث يطالبون بتعويضات قد تصل إلى 20 مليون جنيه إسترليني.
المزاعم القانونية والتحقيقاتتواجه "أسترازينيكا" دعوى جماعية من قبل عشرات العائلات التي ادعت أن أفرادها تأثروا بشكل خطير جرّاء اللقاح. هذه الدعاوى تُنظر باهتمام كبير في المحاكم البريطانية، حيث يُراقب بعناية تطورات القضية ومدى تأثيرها على سمعة الشركة وسياسات التطعيم المستقبلية.
الاستجابة من "أسترازينيكا"من جانبها، ردّت "أسترازينيكا" بتأكيد على سلامة لقاحها والتأكيد على ندرة حدوث مثل هذه الحالات. ومع ذلك، أقرت الشركة بوجود احتمالية لحدوث TTS، مما دفع بالشركة إلى تحسين إجراءات التحذير والمتابعة لدى تقديم اللقاح.
وكانت هذه الحالة تصفها أسترازينيكا كـ"أثر جانبي محتمل". وهذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها الشركة البريطانية أمام المحكمة بأن لقاحها يمكن أن يسبب هذه الحالة.
يثير هذا الخبر الجدل والتساؤلات حول سياسات التطعيم المستقبلية والحاجة إلى تقييم دقيق للمخاطر المحتملة للقاحات الجديدة. قد تعقَّد الأمور أكثر في ضوء هذه المخاوف الجديدة والدعاوى القانونية المتزايدة.
هذه المرحلة الصعبة تبرز تحديات جديدة أمام البشرية وتحث على البحث المستمر والتقييم العميق للقرارات الصحية والتدابير الوقائية. يظهر ذلك الواقع الصعب ضرورة توازن بين الحاجة الماسة للحماية وبين الضرورة الحرجة لفهم ومراقبة تأثيرات اللقاحات لضمان سلامة الجميع.
في الختام، يظل قرار تلقي اللقاح قرارًا شخصيًا يعتمد على تقييم فوائده ومخاطره. يجب أن تواصل الشركات المنتجة للقاحات العمل بنزاهة وشفافية لضمان سلامة المستخدمين وبناء الثقة العامة في التطعيم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أسترازينيكا كورونا فيروس جائحة لقاح
إقرأ أيضاً:
حبوب اللقاح تروي قصة مناخ ليبيا الفريد
في أعماق التاريخ، حيث تتشابك الطبيعة مع الإنسان في لوحة معقدة من التأثير المتبادل، تقع منطقة الجبل الأخضر شمال شرق ليبيا كواحة بيئية فريدة بين البحر المتوسط والصحراء الكبرى.
هذه المنطقة التي كانت يوما موطنًا للحضارات القديمة تحتفظ بأسرار طبيعية وتاريخية عميقة لم يُكشف عنها بالكامل بعد، تتناغم فيها أمطار نادرة مع رياح مشبعة برذاذ البحر، ما يجعلها بيئة خاصة تزخر بتنوع بيولوجي مميز.
وفي هذا السياق، نجح فريق من جامعة ليفربول الإنجليزية في كشف النقاب عن جزء من تلك الأسرار الغامضة، مقدمين في دراسة نشرتها مؤخرا دورية "ريفيو أوف باليبوتاني آند بالونولوجي"، رؤية علمية متعمقة حول التفاعل الحساس بين المناخ والغطاء النباتي، وتلك البصمة الخفية التي تركتها حبوب اللقاح على مر العصور.
قدم الفريق رؤية علمية متعمقة حول التفاعل الحساس بين المناخ والغطاء النباتي (غيتي) دور الرياح البحريةوتسلط الدراسة الضوء على أحد الجوانب غير المعروفة بشكل كبير، وهو تأثير الرياح البحرية المحملة برذاذ الملح على النظام البيئي الساحلي.
ورغم الاعتقاد السائد بأن الأمطار هي العامل الأساسي في تشكيل الغطاء النباتي، أظهرت الدراسة أن الرياح البحرية تلعب دورا لا يقل أهمية؛ وعلى سبيل المثال، فإن الرياح المحملة برذاذ الملح تسهم في تشكيل النظم البيئية الساحلية وتساعد على بقاء النباتات التي تحتاج إلى رطوبة عالية.
وتشير الدراسة إلى أن هذه الأودية تشبه "شرايين الحياة" في المناطق الجافة، حيث تعمل كخزانات طبيعية تحفظ مياه الأمطار لفترات طويلة، مما يمكن النباتات من البقاء في فترات الجفاف.
إعلانوهذا التفاعل يوضح كيف أن الغطاء النباتي في الجبل الأخضر يعتمد بشكل كبير على هذه الظواهر الطبيعية المتداخلة، مما يجعل النظام البيئي أكثر تعقيدا مما كان يعتقد سابقا.
الغطاء النباتي في الجبل الأخضر يعتمد بشكل كبير على هذه الظواهر الطبيعية المتداخلة (غيتي) فهم الماضيولم تقتصر الدراسة على تحليل العوامل الطبيعية فحسب، بل تناولت أيضا التأثيرات البشرية على النظام البيئي في الجبل الأخضر، وأظهرت أن الرعي الجائر يعتبر تهديدا رئيسيا للغابات المحلية، حيث أدى إلى تحويل مساحات كبيرة من الغابات الكثيفة إلى أراض عشبية متفرقة.
وهذا الأمر يشبه انهيار "حصون طبيعية" للنظام البيئي، حيث تعمل الغابات كمصدّات تمنع تآكل التربة وتوفر مأوى للعديد من الأنواع النباتية والحيوانية، وعندما تتعرض هذه الغابات للتدمير بسبب الرعي الجائر أو الحرائق، يصبح التنوع البيئي في خطر.
لكن الأمر لم يكن سهلا بحسب الأستاذ بكلية العلوم البيولوجية والبيئية بجامعة ليفربول، والباحث الرئيسي بالدراسة، الدكتور كريس هانت في تصريحات للجزيرة نت، حيث قال إن "العمل في ليبيا لم يكن سهلا بسبب الأوضاع المتقلبة، حيث كانت هناك العديد من العقبات التي تعرقل الوصول إلى المناطق الطبيعية وجمع البيانات، إلى جانب ذلك، شكلت الظروف البيئية الصعبة مثل الرعي الجائر وحرائق الغابات تحديات إضافية للفريق".
هذه الدراسة خطوة مهمة نحو فهم التفاعل المعقد بين المناخ والنباتات في منطقة الجبل الأخضر (الفرنسية) حبوب اللقاحوأحد الجوانب المثيرة في هذه الدراسة هو استخدام حبوب اللقاح السطحية كأداة لإعادة بناء الظروف المناخية القديمة.
وحبوب اللقاح هي خلايا ذكورية دقيقة تنتجها النباتات لغرض التكاثر، وتحتوي على المواد الوراثية اللازمة لتلقيح البويضات في الزهور الإناث، مما يؤدي إلى تكوين البذور والثمار، وتعد جزءا أساسيا في دورة حياة النباتات وتكاثرها، وتنتقل من الأزهار الذكورية إلى الأزهار الأنثوية عبر عوامل مثل الرياح أو الحشرات.
إعلانوتوضح الدراسة أن حبوب اللقاح، التي تنتقل بفعل الرياح، يمكن أن تكون سجلا طبيعيا يساعد العلماء على فهم كيفية استجابة النباتات للتغيرات المناخية على مر العصور.
بَيد أن تحليل هذه البيانات لم يكن سهلا، إذ إن انتقال حبوب اللقاح لمسافات بعيدة يعقد من فهم توزيعها الجغرافي بدقة.
ورغم هذه الصعوبات، أظهرت الدراسة روابط إحصائية بين هطول الأمطار وأنواع معينة من حبوب اللقاح، مثل الصنوبر والزيتون، التي تزدهر في فترات الأمطار، وفي المقابل، كانت هناك علاقة سلبية بين هطول الأمطار ونباتات مثل الطرفاء والشيح، مما يعكس تأثير المناخ على توزيع النباتات.
التكنولوجيا تدعم النتائجومن أجل دعم استنتاجاتهم، استخدم الباحثون بيانات هطول الأمطار التي تم جمعها من الأقمار الصناعية والمحطات الجوية المحلية.
ووفقا للدكتور هانت، فإن هذه البيانات لعبت دورا مهما في تحديد الاحتياجات المائية للنباتات المختلفة، فعلى سبيل المثال، تبين أن بعض الأنواع النباتية مثل شجر البلوط تحتاج إلى كميات كبيرة من الأمطار للبقاء على قيد الحياة، بينما يمكن لبعض النباتات الصحراوية التكيف مع ظروف الجفاف.
وإلى جانب تحليل البيانات الحالية، ركزت الدراسة أيضا على السجلات البيئية القديمة، ففي كهف "هوا فتاح"، الذي يقع بالقرب من مدينة سوسة، تم العثور على سجلات أحفورية لحبوب اللقاح تمتد لآلاف السنين، وهذه السجلات تساعد العلماء في فهم التغيرات المناخية التي شهدتها المنطقة على مدى العصور، وتساهم في إعادة بناء تاريخ المناخ والنباتات في الجبل الأخضر.
وتحمل نتائج هذه الدراسة تطبيقات عملية واسعة، حيث يمكن أن تسهم في تطوير إستراتيجيات لإعادة الغطاء النباتي في المناطق المتدهورة، وهذا الأمر ليس فقط مهما للحفاظ على التنوع البيئي، بل يمكن أن يسهم أيضا في تقليل تأثير التغيرات المناخية من خلال تحسين إدارة الموارد الطبيعية.
إعلانوتشير الدراسة إلى أن استعادة الغطاء النباتي يمكن أن تساعد في تخزين الكربون، وهو ما يسهم في تحسين المناخ المحلي وتخفيف ظاهرة الاحتباس الحراري.
بالإضافة إلى ذلك، فإن فهم العلاقة بين المناخ والنباتات يمكن أن يساعد في تطوير إستراتيجيات لإدارة الأراضي بشكل مستدام، خصوصا في مناطق مثل الجبل الأخضر التي تواجه تحديات بيئية معقدة.
ورغم التحديات التي واجهها الفريق البحثي، فإن الدكتور كريس هانت أبدى تفاؤله بشأن المستقبل، وأعرب عن تطلعاته لإكمال المشروع الأكبر الذي يعمل عليه الفريق، والذي يهدف إلى دراسة نشاط الإنسان في شمال شرق ليبيا خلال الـ400 ألف سنة الماضية، وتعتبر نتائج هذه الدراسة المتعلقة بحبوب اللقاح السطحية جزءا مهما من هذا المشروع الأكبر.
ويقول "هذه الدراسة خطوة هامة نحو فهم التفاعل المعقد بين المناخ والنباتات في منطقة جبل الأخضر، وتشير إلى أن العوامل المناخية ليست العامل الوحيد المؤثر، بل تلعب الأنشطة البشرية دورا مهما أيضا".