قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ان التصوف منهج حياة، وهو درجة الإحسان في عبادة الله والتوجه إليه ، والإحسان هو أعلى درجات الإيمان والإسلام لله عز وجل ، إن التصوف هو تزكية النفس وتربيتها وفطمها عن الشهوات التي تعيق سلوك الروح وعروجها إلى الله عز وجل ، وابتناء التصوف يقوم على الزهد في الدنيا والإعراض عنها بالقلب بعد امتلاكها باليد والسيطرة عليها وتسخيرها في نفع الخلق وعمارة الأرض.

لقد صرنا نعيش في مجتمعات تسيطر عليها المادية وتحركها شهوات وأهواء، دفعت الإنسانية إلى ارتكاب أفظع الجرائم في حق الكون "الإنسان، والنبات ، والحيوان ، والجماد".

حتى صرنا مهددين بدمار العالم ، حيث إن طغيان المادة جعل الروح تنزوي وتضعف، وجعل العقل والفكر تتخبطه دوافع من المصالح الآنية والأغراض الذاتية.

وهنا يقوم التصوف بإصلاح ما فسد في حياتنا في العصر الحاضر، إنه يزيد فرصة التواصل مع الآخرين والتحاور والتعارف معهم من أجل خدمة الإنسان وتيسير سبل عيشه، وتبصرته بآخرته ومآله إلى ربه ومرجعه إليه، إن الإيمان بالله واليوم الآخر يدفع الإنسان إلى الإحسان إلى نفسه وتقويمها والمحافظة عليها ، وكذلك الإحسان إلى الخلق وتقديم النافع لهم وإبعاد الضار عنهم.

إن الجماعات الضالة التي نبذت التصوف؛ وحاربته ؛ واستقطبت شباب الأمة ورجالها ونساءها إلى ضلالها المبين؛ نشرت الخراب في بلاد الإسلام وغيرها، وشوهت صورة الإسلام في العالمين، بما ارتكبته من فظائع وجرائم، ولقد آن أن يتوقف هؤلاء النابتة الخوارج عما يفعلون، ويتركون فرصة لإصلاح ما أفسدوه، بالعودة إلى سماحة الإسلام وعظمته ورحمته، وتأصيل وسطيته الصحيحة ، وهداية الخلق وتعريفهم بصحيح الدين ، وجمال الشريعة.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

جمعة: "رسول الله ربّانا على القوة والمبادئ السامية"

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، أن سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أرشدنا إلى قيم القوة والسعي للارتقاء بالنفس والمجتمع، وشدد على أن العجز مرفوض في الإسلام، خاصة إذا كان مرتبطًا بالتقصير في عبادة الله أو عمارة الأرض، ورغم ذلك، فإن المؤمن العاجز خير عند الله من الفاجر القوي، لأن المؤمن يمتلك القيم والأخلاق التي تعزز الحضارة الحقيقية.

العجز والقوة: رؤية إسلامية متوازنة

أوضح جمعة أن الإسلام يدعو إلى الجمع بين الإنجاز والقيم، مشيرًا إلى أن الإنجاز الذي يخالف الأخلاق والقيم مرفوض تمامًا. وأضاف أن الإنجاز الحقيقي يتطلب الالتزام بالمبادئ والثوابت، وليس فقط تحقيق النجاح المادي أو الظاهري. وذكر أن الأمم السابقة، مثل قوم عاد، وقعوا في فخ الغرور بإنجازاتهم، كما ورد في القرآن الكريم.

قال الله تعالى:

(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ)،

مشيرًا إلى أن نبي الله هود عليه السلام حاول تذكيرهم بأن نعم الله تزيد بالإيمان والتقوى، لكنهم تمسكوا بباطلهم وقالوا:

(سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الوَاعِظِينَ).

التوازن بين الكم والكيف

أكد الدكتور جمعة أن الإسلام يُعلي من شأن الكيف على الكم، والقيم الإنسانية على الإنجازات المادية. وأوضح أن المسلم الحقيقي هو من يقدّم التقوى على الإنجاز، ويراعي حقوق الإنسان قبل بناء المنشآت.

وما ترك الله لنا طريقًا يبلغنا رضاه وجنته إلا وقد أرشدنا إليه، وحثنا عليه رسوله الكريم ﷺ ، وما ترك لنا طريقا يؤدي بنا إلى النار إلا وحذرنا منه وأحدث لنا منه ذكرا، وتركنا رسول الله ﷺ على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

فلما زاغ الناس عن المحجة البيضاء شاع الفساد، وفشت الفتن من حولنا، تلك الفتن التي وصفها سيدنا رسول الله ﷺ فقال : (يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم قلوب الذئاب، يقول الله عز وجل : أبي يغترون ؟ أم علي يجترئون ؟ فبي حلفت، لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانًا) [رواه الترمذي]. وفي ذلك تصديق لقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ) .

رسالة للمسلمين اليوم

اختتم جمعة حديثه بالدعاء أن يرزق الله المسلمين الرشد والصواب في أعمالهم، ويحقق التوازن بين الإنجاز المادي والروحي، مشددًا على أهمية تقديم القيم الإنسانية والدينية كمعيار أساسي للنجاح والتقدم.

مقالات مشابهة

  • لا تنسوا الدعاء فهو عبادة يحبها الله
  • خطبة الجمعة من المسجد النبوي: الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما سر ثبات الأمة في أقسى الأزمات
  • خطيب المسجد النبوي: الإيمان وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة وقت الأزمات
  •   قائد الثورة: المعركة مستمرة والحضور فيها يُعبر عن الإيمان والعطاء والجهاد المقدس
  • سر النور الخفي في بيوت المصلين أثناء الليل.. عبادة أوصى بها النبي
  • الإيمان والعلم
  • سورة البقرة.. المرأة في الإسلام بعد سجن الجاهلية وتطرف اليهود
  • جمعة: "رسول الله ربّانا على القوة والمبادئ السامية"
  • 4 أمور تعكر على الإنسان صفو توجهه إلى الله.. علي جمعة يكشف عنهم
  • مفتاح الجنة: عبادة بسيطة تقربك من رسول الله صلى الله عليه وسلم