علي جمعة: التصوف هو الإحسان في عبادة الله وأعلى درجات الإيمان
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ان التصوف منهج حياة، وهو درجة الإحسان في عبادة الله والتوجه إليه ، والإحسان هو أعلى درجات الإيمان والإسلام لله عز وجل ، إن التصوف هو تزكية النفس وتربيتها وفطمها عن الشهوات التي تعيق سلوك الروح وعروجها إلى الله عز وجل ، وابتناء التصوف يقوم على الزهد في الدنيا والإعراض عنها بالقلب بعد امتلاكها باليد والسيطرة عليها وتسخيرها في نفع الخلق وعمارة الأرض.
لقد صرنا نعيش في مجتمعات تسيطر عليها المادية وتحركها شهوات وأهواء، دفعت الإنسانية إلى ارتكاب أفظع الجرائم في حق الكون "الإنسان، والنبات ، والحيوان ، والجماد".
حتى صرنا مهددين بدمار العالم ، حيث إن طغيان المادة جعل الروح تنزوي وتضعف، وجعل العقل والفكر تتخبطه دوافع من المصالح الآنية والأغراض الذاتية.
وهنا يقوم التصوف بإصلاح ما فسد في حياتنا في العصر الحاضر، إنه يزيد فرصة التواصل مع الآخرين والتحاور والتعارف معهم من أجل خدمة الإنسان وتيسير سبل عيشه، وتبصرته بآخرته ومآله إلى ربه ومرجعه إليه، إن الإيمان بالله واليوم الآخر يدفع الإنسان إلى الإحسان إلى نفسه وتقويمها والمحافظة عليها ، وكذلك الإحسان إلى الخلق وتقديم النافع لهم وإبعاد الضار عنهم.
إن الجماعات الضالة التي نبذت التصوف؛ وحاربته ؛ واستقطبت شباب الأمة ورجالها ونساءها إلى ضلالها المبين؛ نشرت الخراب في بلاد الإسلام وغيرها، وشوهت صورة الإسلام في العالمين، بما ارتكبته من فظائع وجرائم، ولقد آن أن يتوقف هؤلاء النابتة الخوارج عما يفعلون، ويتركون فرصة لإصلاح ما أفسدوه، بالعودة إلى سماحة الإسلام وعظمته ورحمته، وتأصيل وسطيته الصحيحة ، وهداية الخلق وتعريفهم بصحيح الدين ، وجمال الشريعة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: كثرة التعلق بالدنيا تُنسي الآخرة كما هو حال الكفار
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يربي فينا نفسية المجاهد، التي تكتفي بلقيمات يقمن صلب الإنسان، فهو مستعد لأن يمتنع عن الطعام والشراب إذا كان الطعام والشراب ليس من حله، وهو مستعد أن يمتنع عن الطعام والشراب إذا كان في ذلك إغاظة للعدو، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : « انتضلوا واخشوشنوا» [ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد] ورواه ابن حبان موقوفا على عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان المسلم يكتفي بسد حاجته ولا يحزن إن سلبت منه الدنيا ومتاعها، وإذا فتحت عليه فلا يفرح، كما أرشدنا ربنا في كتابه حيث قال تعالى : ﴿لِّكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [آل عمران :153]. وقال سبحانه : ﴿لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ [الحديد :23] ودعاء الصالحين : اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا.
وضرب الله ربنا الأمثال لبيان حقيقة الدنيا، فقال تعالى : ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس :24]
وأكثر سبحانه من ذم من قصدها ونسي الآخرة ونسي ربه، قال تعالى : ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾ [البقرة :86]. وقال سبحانه: ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِى الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ﴾ [البقرة :200]. وقال سبحانه وتعالى : ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [البقرة :212]. وقال سبحانه : ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ المَآبِ﴾ [آل عمران :14]. وقال تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [يونس :7] .
وبين ربنا أن كثرة التعلق بالدنيا ينسي الآخرة كما هو حال الكفار والعياذ بالله، فقد قال ربنا حكاية عنهم : ﴿وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ [الأنعام :29].