يبدو حتى هذه اللحظة أن وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة متعذر، وذلك نظرًا إلى أن حكومة الحرب في تل أبيب مصمّمة على الدخول إلى رفح، مع ما يعنيه هذا الدخول من استكمال مخطّط تهجير فلسطينيي القطاع إلى صحراء سيناء، وفلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، ومن تبقّى من فلسطينيي 48 إلى لبنان.
ولكي تكتمل حلقات هذا المسلسل الجهنمي سيتمّ الدخول إلى رفح على ما يؤكده جنرالات العدو، مع ما سيرافق هذا الدخول من ارتكاب المزيد من المجازر، التي ستضاف إلى "مآثر" العدو على مدى السبعة أشهر الماضية.

وكذلك الأمر بالنسبة إلى الجبهة الشمالية من إسرائيل، التي ستبقى مشتعلة في مواجهة شرسة لـ "المقاومة الإسلامية" المتمركزة على طول الخط الأزرق من الناقورة حتى تلال كفرشوبا، مع احتمال الانتقال من تبادل "مضبوط" للقصف إلى توسيع رقعة الاعتداءات الإسرائيلية لتشمل قرى في العمقين الجنوبي والبقاع وصولًا ربما إلى الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى، وذلك تسهيلًا للمرامي، التي تسعى إليها تل أبيب.
في ظاهر الأمور فإن كلًا من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا تتنافسان ضمنًا على إدارة الملف اللبناني، إلّا أن ما يلاحظه زوّار واشنطن وباريس هو أن ثمة تنسيقًا في الأدوار بينهما، كلٌ من موقعه السياسي وشبكة علاقاته الديبلوماسية، في محاولة لتجنيب لبنان الانزلاق إلى حرب واسعة يُخشى ألا تكون مفاعيلها المتوقعة محصورة بالأراضي اللبنانية. وهذا الواقع ليس استنتاجًا، بل يستند إلى ما نتج من حالات قلق على أثر الردّين الإيراني والإسرائيلي، وهما ردّان قد يدخلان في حسابات البعض في إطار عرض العضلات ليس إلا، مع ما رسمته كل من طهران وتل أبيب لنفسيهما من خطوط حمر من غير المسموح دوليًا تجاوزها، وذلك خشية من وقوع واشنطن في المحظور، وهي المشغولة بأمور كثيرة في أكثر من منطقة من العالم، فضلًا عن انشغالاتها الداخلية.
ما يطمئن اللبنانيين هو أن الأميركيين، كما الفرنسيين، جادّون في إبعاد شبح الحرب الواسعة عن لبنان، ومنه عن المنطقة بأسرها. وهذا ما لمسه جميع الذين التقوا الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين قبل عودته إلى المنطقة، حيث كانت محطته الأولى في تل أبيب، من دون أن يُعرف إذا ما كان سيعرّج على لبنان. وهذا مرتبط، في رأي بعض الأوساط الديبلوماسية بمدى نجاح واشنطن في ممارسة الضغط الكافي على تل أبيب لوقف إطلاق النار في غزة والتراجع عن فكرة اجتياح رفح، مع ما تعنيه هذه المغامرة من فتح أبواب جحيم المعركة على مصراعيها، مع العلم أنّ الإدارة الأميركية ستدخل بعد أيام في شهر الاستعداد الفعلي للحملة الانتخابية تحضيراً للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل، ما سيجعل الملف اللبناني يتراجع من لائحة الأولويات.
واستتباعًا لما تطالب به واشنطن لجهة تخّلي "حزب الله" عن سلاحه كشرط لا بدّ منه لتطبيق كامل وعملي للقرار الدولي 1701   فإن ما سمعه زوار العاصمة الأميركية من طروحات يراها بعض المسؤولين الأميركيين ضرورية لاكتمال عقد أي صفقة ممكنة لتبريد الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية يصبّ في خانة التسويات، التي قد تخدم إسرائيل قبل أن تخدم لبنان. ومن بين هذه الطروحات أن الولايات المتحدة تودّ الحصول على ضمانات مؤكّدة، وفقاً لما تطالب به إسرائيل، عن عدم قيام "حزب الله" بـ 7 تشرين لبنانية انطلاقًا من الحدود الجنوبية اللبنانية، على غرار ما فعلت حركة "حماس" عند حدود قطاع غزّة. فهذا الأمر يقض مضاجع القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب، خصوصًا أن ثمة معلومات تشير إلى أن يحيى السنوار استبق "حزب الله" عندما قام بعملية "طوفان الأقصى"، وفق الرواية الإسرائيلية، التي تشير إلى أن الاستعدادات الإسرائيلية كانت تحاكي إمكانية قيام "حزب الله" بعملية واسعة في الجليل الأعلى، حيث كانت صفد وجهته الفعلية. إلا أن الإسرائيليين فوجئوا بقيام "حماس" بما قامت به في 7 تشرين الأول الماضي، وإن كان البعض يميل إلى الاعتقاد بأن تل أبيب كانت على علم مسبق بالعملية.
فما يهمّ اللبنانيين اليوم أكثر من أي أمر آخر هو نجاح المساعي الأميركية والفرنسية في تبريد الجبهة الجنوبية ونزع فتيل الانفجار الكبير. وهذا كان هدف وزير خارجية فرنسا في زيارته القصيرة لبيروت. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله تل أبیب

إقرأ أيضاً:

تل أبيب في انتظار ويتكوف ورئيس الأركان يستدعي كبار الضباط

استدعى رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إيال زامير، كبار الضباط لاجتماع يوم الجمعة المقبل، في ظل تنصل إسرائيل من بنود الاتفاق وقرارها بقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني في غزة وتهديدها بالعودة إلى الحرب.

ويتوعد مسؤولون إسرائيليون باستئناف حرب الإبادة على غزة، ويرغبون بإطلاق مزيد من الأسرى، دون أن تلتزم تل أبيب باستحقاقات المرحلة الثانية، وخاصة إنهاء الحرب والانسحاب من القطاع بشكل كامل.

من جهتها، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن وزير الطاقة إيلي كوهين أن خيار العودة إلى الحرب لا يزال مطروحا، لكنه ليس الهدف الأساسي للحكومة.

وأضاف كوهين أن لدى إسرائيل عدة وسائل ضغط، من بينها وقف المساعدات، مؤكدا أن تل أبيب ستمنح المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف والوسطاء مهلة زمنية محددة لتقديم مقترح جديد.

ويواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وضع العراقيل، مؤكدا رفضه بدء المرحلة الثانية من الاتفاق، واعتماده سياسة التجويع وقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني في غزة للضغط من أجل إخراج الأسرى دون المضي قدما في الاتفاق.

وفي تبريره لقرار وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، قال نتنياهو "لن تكون هناك وجبات مجانية" حسب تعبيره، مشددا على أن حركة حماس مخطئة بشكل كبير إذا كانت تعتقد أن وقف إطلاق النار يمكن أن يستمر أو أن تظل شروط المرحلة الأولى سارية دون أن تحصل إسرائيل على الأسرى.

إعلان

وعرقل نتنياهو لأيام، إطلاق سراح نحو 620 أسيرا فلسطينيا كان مقررا الإفراج عنهم في الدفعة السابعة، رغم وفاء حماس بالتزاماتها.

في انتظار ويتكوف

في الأثناء، نقلت صحيفة هآرتس عن مصدر إسرائيلي مشارك في محادثات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قوله إن زيارة ويتكوف نهاية الأسبوع ربما تنقذ المفاوضات.

وقال المسؤول الإسرائيلي -الذي لم تسمه الصحيفة- إن الزيارة يمكن أن تحقق اختراقا خلال الأيام المقبلة، مشيرا إلى أنه بمجرد موافقة حركة حماس على المقترح الأميركي سيكون بالإمكان بدء المفاوضات، وأن المؤسسة الأمنية تستعد لاستئناف العمليات العسكرية إن فشلت المحادثات.

من جانبها، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أمنية قولها إن الوسطاء طلبوا الانتظار بضعة أيام أخرى قبل استئناف القتال.

وأضافت المصادر ذاتها للصحيفة أن القيادة السياسية في إسرائيل تراعي الزيارة المرتقبة لويتكوف علّها تسهم في إحراز تقدم.

تهرب من المفاوضات

في غضون ذلك، قال زعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي المعارض يائير غولان، إن حكومة نتنياهو تهربت من المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الصفقة، معتبرا أن نهاية الحرب كارثة سياسية بالنسبة لرئيس الوزراء.

وأكد غولان أمس الاثنين، أن إسرائيل وقّعت على اتفاق وكان من المفترض أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى، لكنها تهربت من ذلك.

وأضاف، أن ويتكوف، اقترح البحث عن طريقة للخروج من المأزق، قائلا "دعونا نرى كيف نخرج العربة من الوحل".

والد أسير يهاجم نتنياهو

وفي السياق، هاجم والد أسير إسرائيلي، حكومة نتنياهو، وحذرها من أن استئناف الحرب على قطاع غزة قد يتسبب بمقتل مزيد من الأسرى الإسرائيليين.

وقال ألون، والد الأسير تمير نمرودي لإذاعة الجيش الإسرائيلي "نحن في ذروة المفاوضات ونمارس قوة قد تكلفنا رهائن، لقد فعلنا هذا في الماضي وخسرنا عشرات الرهائن".

إعلان

وأضاف أنه من المؤسف للغاية أن يعلق الأسرى آمالهم على الأميركيين والحكومات الأجنبية وليس على الحكومة الإسرائيلية.

انقلاب على الاتفاق

يأتي ذلك في ظل اتهام حركة المقاومة الإسلامية (حماس) نتنياهو بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار باعتماده مقترحا أميركيا لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، داعية الوسطاء إلى التدخل للضغط من أجل بدء مفاوضات المرحلة الثانية.

بيان حماس جاء تعليقا على إعلان مكتب نتنياهو موافقته على خطة لتمديد المرحلة الأولى من اتفاق غزة ادعى أنها صادرة عن ويتكوف، غير أن الأخير لم يعلنها، كما أنه سبق وأن أجل زيارته إلى المنطقة عدة مرات في الأسبوعين الأخيرين.

ولم يصدر على الفور عن الوسيطين المصري والقطري أو ويتكوف تعليقات على الإعلان الإسرائيلي.

وانتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار رسميا والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

وعرقل نتنياهو ذلك، إذ كان يريد تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية.

بينما ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام الاحتلال بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب كاملا.

وتقدر تل أبيب وجود 62 أسيرا إسرائيليا بغزة (أحياء وأموات)، بحسب إعلام إسرائيلي، ولم تعلن المقاومة الفلسطينية عدد ما لديها من أسرى.

وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وتبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، يتضمن 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

إعلان

وبدعم أميركي، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025، إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 160 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • السفيرة الأميركية تُشيد بجهود وزارة الشؤون في مكافحة الإتجار بالبشر
  • صفورية التي كانت تسكن تلال الجليل مثل العصفور.. جزء من هوية فلسطين
  • تل أبيب في انتظار ويتكوف ورئيس الأركان يستدعي كبار الضباط
  • واشنطن وطهران على مفترق طرق.. هل تنجح الدبلوماسية أم تشتعل المواجهة؟
  • حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية على لبنان تلامس 6 آلاف شخص أفادت تقارير صحفية لبنانية بأن حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان مع استمرار عمليات رفع الانقاض، اقتربت من 6 آلاف شخص.
  • ستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامب
  • عن التطبيع بين لبنان وإسرائيل.. ماذا يُقال في تل أبيب؟
  • عبدالملك الحوثي يهدد إسرائيل ويتوعد باستهداف تل أبيب...في حال عودتها للحرب في غزة
  • زعيم الحوثيين يتوعد تل أبيب بوضعها تحت النار حال عودة الحرب على غزة
  • صحيفة: ضغوط تل أبيب على حماس مدروسة ومكثفة ومنسقة مع واشنطن